العرب بعروبتهم مثلما اليابانيون بيابانيتهم, والصينيون بصينيتهم, والهنود بهنديتهم, والأتراك بتركيتهم والإيرانيون بإيرانيتهم, والألمان بألمانيتهم والفرنسيون بفرنسيتهم والأمريكان بأمريكيتهم, وهكذا الأمم والشعوب على مر العصور والأزمان. وفي زمن تتأكد فيه هوية الأمم وتتبرعم وتورق وتتنامى, يخلع العرب جوهر وجودهم ويقطعون أغصانهم, ويحرقون جذوع كينونتهم ويحاربون جذور ذاتهم, ويعوقون مسارات نسغهم الذي يمنحهم الحياة والقوة والقدرة على التواصل والبقاء وذلك بتنكرهم لعروبتهم, فأصبحوا بلا ملامح مميزة أو علامات فارقة, تشير إليهم وتعزز قيمتهم ودورهم في الحياة, التي يمضون في دروبها بانكسارات متلاحقة ونكسات عاصفة لا ترحمهم, ولا تساهم في تنمية قدراتهم وبناء حاضرهم ومستقبلهم.
العرب بلا عروبة, ولهذا فهم بلا إرادة ولا قابلية على التحدي والمواجهة والصمود والتفاعل الإيجابي مع بعضهم, وبغياب العروبة افترستهم وحوش الفئويات والمذهبيات والطائفيات والتحزبات والسلوكيات المناقضة للقوة والنماء والبناء. العرب الذين أضاعوا عروبتهم في متاهات التلاحي والتصارعات, ودخان الحروب والهدر المروع للثروات, تجدهم اليوم يتخبطون في عالم يتّحد فيه الأقوياء ضدهم, وتتكاتف الوحوش السابغة لتصول عليهم, فتتقاسمهم وتأكلهم على موائد النصر الكبير. العرب بلا عروبة فتحولوا إلى مجاميع تقاتل بعضها, وتحقق أهداف ومصالح الطامع بالعرب, والمستنزف لثرواتهم, والمدمر لمصيرهم, والسارق لأحلامهم, والوائد لتطلعاتهم.
العرب إن لم يعودوا إلى عروبتهم فإنهم سيحفرون خنادق اندثارهم, وسيتساقطون في جحيمات سقر المعدة لهم.
فهل سيدرك العرب أن العروبة قوتهم وعزتهم وكرامتهم؟!!
واقرأ أيضاً:
نواعير الكراسي ودوّامات المآسي!! / مفيش سياسة!! / عندما تفقد مالك يضيع حالك؟!! / هل ما كان يكون؟!! / التكريه بالعرب!! / حيتان كبيرة وأسماك صغيرة!! / الحياة تحكمنا!!