يتميز المجتمع الفلسطيني عن غيره من المجتمعات بالتعرض المستمر للأزمات والأحداث الصادمة منذ سبعين عاما على الأقل بسبب سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على أراضيه حيث يسعى الاحتلال إلى قتل وتشريد السكان الفلسطينيين بشتى الطرق والوسائل وهذا ما يجعل الأسر عرضة للفقدان المستمر لأحد أفرادها أو أكثر سواء بالاستشهاد أو السجن لسنوات طويلة جدا, أو حتى الإبعاد القسري عن العائلة والوطن.
ولكن ما يميز الشخصية الفلسطينية هو النمو الإيجابي بالرغم من كل ما تتعرض له, حيث يمكن تعريف النمو الايجابي بأنه "تطور دائم ومستمر في سلوك وشخصية الفرد يؤدي إلى نتائج تعزز مستوى صلابته وقدرته على التكيف مع الظروف والأحداث".
ويمكن القول بأن أهم العوامل التي تساهم في تعزيز النمو الإيجابي لدى أسر الشهداء هي :
1. العامل الديني : حيث يتفق جميع سكان فلسطين وأهالي الشهداء تحديدا بأنهم في أرض رباط مقدس إلى يوم الدين ويعزز هذا الشعور العديد من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة.
2. العامل الاجتماعي : يرتبط العامل الاجتماعي بالنمو الإيجابي عند أهالي الشهداء ارتباطا وثيقا يتمثل في تماسك الأسر الفلسطينية في حال استشهاد أحد أفرادها ويسارع الأهل والجيران وجميع شرائح المجتمع لتعزية أسرة الشهيد والوقوف إلى جانبهم والمشاركة في مراسم الدفن والجنازة وزيارة أهالي الشهداء في المناسبات الدينية والوطنية ويعزز هذا العامل المقولة الفلسطينية الشهيرة "الشهداء الأكرم منا جميعا".
3. العامل النفسي : حيث نجد أن أسرة الشهيد برغم مرارة الفقد إلا أنه يتكون لديها شعور بالفخر والتميز والانتماء الأصيل والرضا النفسي بأنها قدمت شيئا غاليا من أجل الوطن وهو فلذة كبدها.
ويعزز أهمية العوامل السابقة بعض الشهادات الحية لأمهات وآباء استشهد أبنائهم حيث قالت والدة شهيد: "بأن ابنها خرج من حضنها لحضن أبيه" وهي تقصد أن ابنها التحق شهيدا بوالده الذي استشهد قبله بحوالي عشر سنوات تقريبا.
في حين قالت والدة شهيد آخر بأنها تحتسب ابنها شهيدا عند الله فداء للوطن والقدس.
وقال والد شهيد بأنه وباقي أبنائه ينتظرون الشهادة للالتحاق ببعضهم البعض.
وبالرغم من أن النمو الإيجابي والتماسك المجتمعي لدى أهالي الشهداء هو إحدى مقومات الصمود في وجه مخططات الاحتلال إلا أنه من المهم العمل دائما على رفع مستوى دعم أسر الشهداء والاطلاع على أوضاعهم النفسية والاجتماعية والسعي الدائم لتوفير حياة كريمة لهم قد تخفف عنهم مرارة فقدانهم لأبنائهم.
واقرأ أيضًا:
نماء ما بعد الصدمة في المجال الطبي والنفسي / العواطف والذكريات والصدمات / نماء ما بعد الرضح (الصدمة)