لكي تصنع تحتاج لمواد أولية، قد تملكها أو تستوردها، فاليابان لا يوجد فيها حديد لكنها تستورده وتصنّعه، وكذلك غيرها من الدول الصناعية التي تعلمت مهارات التصنيع، أما المجتمعات الأخرى الفاقدة لقدرات التصنيع فإنها تصدّر ما عندها من المواد الأولية والخامات، لتشتريها بعد ذلك مصنّعة بأبهض الأثمان. ومن المعروف أن مجتمعاتنا لا هي زراعية ولا صناعية، فصارت تعتمد في حياتها على الآخرين فتستورد منهم كل شيء.
والتصنيع لا يختلف سوى بالمهارات والتقنيات، لكنه يحتاج إلى مادة خام أو عناصر لازمة للتصنيع، وجميع العناصر الموجودة في الجدول الدوري يمكنها أن تُصنّع وتتحول إلى ما يشاء الصانع. وكل حالة في الوجود يمكنها أن تكون مادة خام مؤهلة للتصنيع، ومن هذه الموجودات البشر الذي يمكن تصنيعه إلى أي حالة يرغب بها المُصنّع وفقا لتقنيات البرمجة السلوكية المعاصرة، وعندما يكون البشر مسحوقا ومحروما وممنوعا من التعبير عما فيه، ويمتلئ شعورا بأنه رقم لا غير، فإنه يكون مادة أولية مؤهلة للتصنيع والتحول إلى أي حالة يرتئيها الصانع الحاذق المتمرس الخبير.
ومجتمعاتنا يغلب فيها البشر الخام الجاهز للتصنيع والتعليب والتسويق والاستهلاك المحلي والعالمي، ولهذا تجد المنطقة مستهدفة لوفرة الخامات البشرية فيها. وهذا يجيب على سؤال مَن يصنع مَن؟!
فما دام البشر الخام جاهزا ومستعدا للدخول في خطوط التصنيع والتعليب والتصدير والاستهلاك، فإن المصانع في عمل دائب ومنتوجاتها وفيرة ومنتشرة في أرجاء الدنيا الشاسعة.
وبشرنا على أهبة الاستعداد للتصنيع والقفز في أحواض التشذيب والتقنين والفرز اللازم للمنتوجات المصنعة، ويتم تعليبه وتغليفه بأغلفة جذابة وتساهم في التسويق الناجح المنافس الشديد.
فهل أن القول بهذا صحيح؟!!
واقرأ أيضاً:
كأنّ الرؤوسَ حاوياتُ نفايات!! / خيارك يقرر مصيرك!! / العروبة ياعرب!! / الأكرشة!! / شعوب حكيمة وأخرى سقيمة!! / أمة بلا دولة!!