كلما تحدثوا عن الانتخابات في مجتمعاتنا، يلوح في الأفق شفق أحمر، وتبدو عيون السماء وكأنها تقطر دما، ذلك أن عقب أي انتخابات تتدهور الأحوال وتسوء الحياة وتتأزم الأوضاع، وكأن لكل دورة انتخابية حفلة دموية أو ناعور ويلات يدور، وكأن للقادمين أدوارا عليهم أن يؤدوها فيكنزون من ورائها ثروات كبيرة ويغادرون مقاعدهم، ليأتي غيرهم فيقومون بتنفيذ ما هو مرسوم ومعلوم ومختوم بكرسي، الجالس عليه رهينة ومرهون.
فالانتخابات العربية منذ تكرارها الخلاق بعد ألفين وثلاثة وحتى اليوم لا تأتي بما ينفع الناس، وإنما هي محطات انقضاض على وجودهم واغتيال لأحلامهم وطموحاتهم، وهجمة قاصمة على مدنهم وديارهم، فينجز المنتخبون مشاريع أوليائهم القادرين على إزاحتهم من الكراسي بلمحة بصر.
فما هي قيمة الانتخابات؟
وماذا حصد العرب منها؟
هل وجدتم ما هو نافع وصالح للمجتمع قد تمخض من الانتخابات المتكررة في الواقع العربي، انظروا اليمن وليبيا والعراق ولبنان وفلسطين وقبلها بسنين الجزائر، وما يحصل في سوريا وما ستؤول إليه العديد من الدول الأخرى، وفقا لآليات الانتخابات الفجائعية العاصفة في الواقع المنكوب بأنظمته السياسية والمقبوض على مصيره وسيادته. فالقانون الفاعل ينص على أن ما يخدم أعداء العرب يدوم ويتطور، وما يخدم العرب يموت ويُباد عن بكرة أبيه، والعرب المُستعبدون يساهمون بتطبيق هذا القانون الأثيم.
فهل ستأتي الانتخابات في أي بلد عربي بما ينفع العرب؟!
علينا أن ننتظر، لكن السلوك يمكن تقديره بالمقارنة بسوابقه، وما سبق أليم ومرير، ويُخشى أن يكون الآتي أشد إيلاما ومرارة وقسوة، فالانتخابات عبارة عن انتحابات متعاظمة القوة والتدفق على وجنات الوجود العربي بأسره، الذي يبدو بعيون دامعة حمراء أوجعها البكاء على أطلال الخوالي والأجداث الغوابر التي أضحت حية في واقع يموت ما فيه، ويتحول البشر إلى دمى تحركها قوى متنوعة النوازع والدوافع والمخبوءات السيئة.
ووفقا لذلك غاب العقل وطفح كيل النفوس الأمارة بالسوء والبغضاء والكراهية النكراء!!
فهل سننتخب أم سننتحب؟!!
أللهم إستر!!
واقرأ أيضاً:
القِوى التي تفترس البلدان تسلط عليها أذلتها!! / الانفتاحية!! / إرادة الحرب وإرادة السلام!! / الانقطاعية!! / الانحرافية!!