سقوط القدس في مثل هذا اليوم بيد يهود قبل 51 عاما كان سقوطاً للأيدلوجيات والأحزاب التي سادت ديار المسلمين لتكون بديلاً للإسلام منذ الحرب العالمية الأولى حين سقطت الدولة العثمانية وسقطت القدس حينها في يد الصليبية العالمية... وكان سقوط القدس سقوطاً لكل الزعامات التي ظهرت على المسرح فجأة وصنعتها الصليبية العالمية على عينها ولنفسها، والتي عملت على تدمير الأمة وتهيئة الواقع لنجاح المشروع اليهود الصليبي في فلسطين والعالم الإسلامي...
وكان سقوط القدس سقوطاً للإسلام المُبدل المُزورالذي قام بتبديله جنود الغزو الفكري والثقافي من علمانيين ومشايخ متنورين ومفكرين وكتاب وصحفين... هؤلاء الذين جعلوا الأمة تعيش في فراغ فكري وسياسي وقيادي هائل تحول فيها المسلمون إلى غثاء كغثاء السيل، لا وزن لهم ولا قيمة ولا اعتبار، تتفاذفهم العواصف والزوابع والأمواج دون أن يملكوا أن يردوا عن أنفسهم العاديات، فأمرهم كله بيد عدوهم، بيد اليهودية والصليبية العالمية، وكل من يحاول أن يخرج عن هذا الحال والواقع تُفتح عليه أبواب جهنم ويُتهم بالتطرف والإرهاب والخوارج، وبأنه يُسيء للإسلام ويُشوهه ويعطي للغرب الصليبي انطباعا سيئا عن الإسلام.
وكأن الغرب الصليبي يُحب الإسلام والمسلمين ويعترف بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ولا يعلن حربا عليه حربا عقائدية منذ الحروب الصليبية الأولى قبل 900 عام عندما احتلوا القدس وارتكبوا فيها أفظع الجرائم وأكثرها وحشية في التاريخ حتى أن خيلهم غاصت إلى ركبها في دماء المسلمين حيث أبادوا جميع أهل القدس المسلمين وأكلوا لحم الأطفال وعندما دخلت جيوش الصليبيين بقياد الجنرال اللنبي الصليبي الإنجليزي قائد قوات التحالف الصليبي مدينة القدس عام1917 قبل مائة عام صرح تصريحاً مدويا وهو يستعرض قواته المنتصرة تحت أسوار القدس (الآن انتهت الحرب الصليبية) أي أنه اعتبر بأن الحرب الصليبية لم تنتهي بهزيمة الصليبيين وتحرير القدس على يد صلاح الدين الأيوبي الكردي بل استمرت منذ ذلك الحين وإنما انتهت الآن عندما سقطت الدولة العثمانية ودخول القوات البريطانية الصليبية القدس واحتلالها من جديد.
وبعد احتلال القوات البريطانية الصليبية القدس عملت فوراً على تهيئة الواقع لإقامة كيان يهودي في فلسطين ليكون خنجراً في ظهر المسلمين وحتى لا ينهضوا من جديد فيعود صلاح الدين ليُحرر القدس من دنسهم من جديد، فغرست بريطانيا الصليبية هذه الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار في أرضنا المباركة فلسطيننا الحبيبة، ولقد أقامت بريطانيا الصليبية هذا الكيان على مرحلتين الأولى عام 1948 حيث منحت اليهود 78 % من مساحة فلسطين حيث أوعزت للجيوش العربية التي كانت تسيطرعليها سيطرة مباشرة الدخول إلى فلسطين تحت حُجة إنقاذ فلسطين من اليهود لتقوم هذه الجيوش بتسليم هذه المساحة إلى اليهود وتهجير أهل فلسطين من مدنهم وقراهم وبيوتهم،وقد فعلت ذلك بنجاح منقطع النظير،وبعد 19 عاما قامت الجيوش العربية بتسليم ما تبقى من فلسطين التي تُعرف بالضفة الغربية والتي من ضمنها القدس وجوهرتها المسجد الأقصى القبلة الأولى للمسلمين ومسرى نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وثالث مساجدهم وبتسليم سيناء والجولان ودون قتال...
وبذلك اكتمل المخطط الصليبي الذي يستهدف الإسلام والمسلمين، ولقد صرح بن غوريون أول رئيس لوزراء الكيان اليهودي بعد قيام هذا الكيان مباشرة قائلاً
((لا معنى لإسرائيل بدون القدس ولا معنى للقدس بدون الهيكل))
وفي مثل هذا اليوم قبل 51 عاما استولى اليهود على القدس وكنت يومها طفلاً في العاشرة من عمري وكنت أعيش في القدس الحبيبة التي نشأت وترعرعت فيها وكان ذلك اليوم يوما أسوداً حتى أن الدنيا اظلمت في عز النهار، وتملكني شعور بالكأبة والقهر حتى أني شعرت بأني ما عُدت طفلاً ونضجت دفعة واحدة عشرين عاما، ولا زال هذا الشعور يتملكني في كل عام في ذكرى ىسقوط القدس في مثل هذا اليوم... وعندما خرجت مع أهلي من القدس مجبرين ومكرهين كدت أن أصاب بانهيار عصبي..
وها هي الذكرى الواحد وخمسين لذلك اليوم المشؤوم تأتي ولا زالت القدس تأن تحت وطأة ظلم اليهود وقهرهم ودنسهم وشرهم وتستنجد ولا منجد... فمليار ونصف ينتسبون للإسلام انتسابا صُم بُكم عُمي غُثاء كغثاء السيل وكأن القدس لا تعنيهم وليست من مدنهم المقدسة وتوأم مكة والمدينة، فسلام على القدس وسلام على أهلها الصامدين المرابطين المدافعين عن المسجد الأقصى لوحدهم...
وإننا في هذه الذكرى المشؤومة الأليمة نقول ليهود
لا يغرنكم تقلبكم في البلاد ودعم الصليبية العالمية لكم وواقع الأمة المجهض، فأنتم تعلمون الحقيقة، فاغتصابكم للقدس وفلسطين لم يكن بشجاعتكم وبطولاتكم وذراعكم، بل بحبل ودعم من الصليبية العالمية التي تحقد عينا وعلى ديننا فجاؤوا بكم لفلسطيننا وقدسنا لينتقموا منا بكم...
فيا يهود قدركم مرسوم ومصيركيانكم محتوم ووعد الله قادم وسندخل المسجد كما دخلناه أول مرة على يد عباد الله أولي البأس الشديد والذين قال الله سبحانه عنهم
((فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا))
فها هي كل المبشرات والإرهاصات تدل على أن هذا اليوم قد اقترب بأمر الله.
5/6/2018
واقرأ أيضًا:
ركائز استراتيجية المشروع الغربي في العالم الإسلامي / ذكرى النكبة: النكبة نكبات تتجدد يومياً / في ذكرى النكبة انهزم العرب فانتكب الفلسطينيون