العقل العربي مفعول به بالعواطف والانفعالات، ولا يعرف معنى الفعل الحر، فنحن لا نفكر ونستلطف تعطيل عقولنا ونستسهل التبعية والرضوخ وعدم التمعن والنظر، لأن في ذلك عواقب وخيمة ورثناها من النمطيات التي قبضت على مصيرنا وتحكمت بسلوكنا. فالعقل ممنوع من الصرف، والرأس عليه أن لا ينتج بل يستهلك، والإنسان مرهون بالببغاوية والاستكانة لمن يحشوه بما يريد من الضلال والبهتان.
ويلعب المعتقد دوره في هذا الشأن، بما يتصل به ويدور حوله من الآليات والثوابت والدواعي والممنوعات والمحرمات وغيرها من المصدات والرادعات، التي تضع العقول في قوالب وأشكال خالية من التفاعل الحي مع واقعها الذي تكون فيه، فتتحول إلى موجودات معتقة في صناديق ظلام ممنوعة من الضوء.
ويبدو أن الأجيال قد تعودت على ذلك وتوارثت سلوك تمويت العقل، حتى صار من الممكن القول أن الموروثات تحمل ما يؤكد ويعزز ذلك ويرهن الإنسان به فلا يستطيع الخروج منه، أو أن يمتلك الهمة والقدرة على استعمال عقله.
وبسبب الانعدام الجماعي لدور العقل في الحياة، فإن الواقع يعكس حالات تعطله وفقدان البصيرة، ويبين كيفيات التدحرج العبثي الفاقد لقدرات وعي المسارات وتحديد مواضع الخطوات، ورؤية الأهداف بوضوح وإصرار.
وعليه فإن الواقع يخلو من آليات التماسك والتفاعل الإيجابي، لأن ذلك يتطلب إعمال عقول حرة واعية متبصرة تمتلك إرادة التعبير عن رأيها، وتساهم في رسم خارطة كينونتها ومسارات صيرورتها الجماعية. وبما أن العقل محكوم بالانفعالية وملجوم بالتبعية ومسحوق بالببغاوية فإن الإنتاجية ستكون سلبية، والإقرار بخروجه من الخدمة مؤكد ومرير، وهذا واضح فيما يتحقق ويكون.
ولن تقوم قائمة لأي مجتمع، ما دام العقل مُستعبدا والإنسان محنطا ومجمدا في ثلاجات العمائم، ومسجور في جحيمات الفتاوى والتأويلات التجارية بعلاماتها الدينية المتنوعة.
فهل من تحرير للعقل من الاستعباد النوعي المهين؟!!
فالأمم بعقولها لا بعمائمها!!
واقرأ أيضاً:
مَن يغتصب إرادة الحياة تنال منه الحياة!! / أمية الأجيال / تصير لهم ﭽارة لو ما تصير؟!! / القائد بحاجة إلى نقدٍ ومعارضة!!