الشخص السيكوباتي يمثل الشيء ونقيضه، فهو في الظاهر شيء وفي الباطن شيء آخر، هو الطيبة الظاهرة والقسوة الكامنة، هو الرحمة فوق السطح والقسوة الكامنة المتربصة، هو العدل الظاهر والظلم الرابض في الأعماق، هو الحنان البادي للأنظار والشراسة المتخفية في أحراش نفسه، هو الحرباء المتلونة والثعبان المتلوي، هو الحمامة اللطيفة في الظاهر والنسر الجارح في الجوهر. لا تستطيع بسهولة أن تفهمه (أو تفهمها)، فتقلباته وتناقضاته أسرع من محاولات فهمه واستيعاب حركاته ومواقفه. قد يكون رجلا أو امرأة ، قد يكون زوجا أو زوجة، قد يكون زميلك أو رئيسك في العمل، قد يكون في منصب مرموق، وقد يكون زعيما تاريخيا .
الشخصية السيكوباتية تعني الشخصية المعتلة، وهي من أصعب الشخصيات وأكثرها تعقيدا، وهي وراء معاناة البشر على مر التاريخ، وصعوبتها تكمن في قدرة صاحبها (أو صاحبتها) على التلون والتقلب واللعب بالأفكار والمشاعر، والإيهام بالدفء الإنساني، والتلويح بالمكاسب، وإبداء المروءة والشهامة في لقطات قصيرة، وسحر الكلام ، ومعسول الحديث، ثم الانقضاض على الفريسة التي صدقت ووثقت وانبهرت واستسلمت. فالشخص السيكوباتي أحيانا يلين كالحرير ويرق كنسيم ويطيب ويحن كالأم الرؤوم، ثم في لحظة الانقضاض يهيج كالموج ويعصف كالريح العقيم، ويفتك كالوحش . تبدو منه طبقة كلها احتواء ووعود وحنان تخفي طبقة مليئة بالأنانية والانتهازية والطمع والعدوانية.
والسيكوباتي يبدي اهتماما زائدا (وزائفا) بمن يتعامل معه، ولكنه في الحقيقة متمركزا حول ذاته، ولا يفكر إلا في تحقيق مصالحه ورغباته وإشباع احتياجاته الذاتية، ويقوم باستغلال الآخرين ليحققوا له كل ما يهفو إليه، دونما أدنى إحساس بالمسؤولية أو الندم أو الذنب، وهذه الحالة من انعدام الشعور بالندم والذنب تتيح للسيكوباتي معاودة سلوكياته التي تنتهك حقوق الآخرين وتعتدي على أموالهم أو أجسادهم أو كرامتهم أو شرفهم.
والسيكوباتي لا يتعلم أبدا من تجاربه وأخطائه، فالبوصلة لديه موجهة نحو تحقيق الملذات والاستمتاعات والمكاسب، وذاكرته ضعيفة جدا لما تعرض له من عقوبات أو مساءلات أو إهانات بسبب سلوكياته المنحرفة، ولهذا يحتفظ بقدرته على معاودة الكذب والخداع واللف والدوران والمراوغة بلا نهاية.
الشخصية السيكوباتية هي أحد أنماط اضطرابات الشخصية، تلك الأنماط التي تتسم بوجه عام بوجود نمط دائم من الخبرة الداخلية والسلوك الذي ينحرف بشكل ملحوظ عما هو متوقع من ثقافة الفرد ويتجلى في اثنين أو أكثر من المجالات التالية :
1 – الإدراك (أي سبل إدراك وتفسير الذات، والآخرين، والأحداث).
2 – الوجدانية (أي نطاق، وشدة، وتغير، ومدى ملاءمة الاستجابة العاطفية).
3 – الأداء في العلاقات الشخصية.
4 – السيطرة على الاندفاعات.
وهذا النمط يكون غير مرن وممتد عبر مجموعة واسعة من العلاقات الشخصية والمواقف الاجتماعية ويؤدي إلى مشكلات اجتماعية أو أخلاقية أو مهنية، ويمكن تتبع بداياته إلى مرحلة الطفولة والمراهقة.
أنماط من السيكوباتية :
السيكوباتي العدواني الفج (الشخصية المعادية للمجتمع) : ويكون ذكاؤه محدودا ولذلك تظهر عدوانيته أغلب الأوقات، وتفشل رسيعا محاولاته للكذب والخداع والمراوغة والاستغلال، ولهذا يكتشف سريعا، ويتعرض لعمليات انتقامية من الناس، أو يقع تحت طائلة القانون إذا تم ضبطه متلبسا بسرقة أو سلوك عدواني. وهذا النوع تجده في الأحياء الفقيرة والطبقات الاجتماعية الدنيا، وغالبا ما يأخذ شكل البلطجي، أو اللص، أو الديلر (موزع المخدرات)..... الخ. وقد ورد في الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات النفسية (DSM-5) توصيفا لما يسمى بالشخصية المعادية للمجتمع كالتالي :
أ- نمط شامل من الاستهانة بحقوق الآخرين وانتهاكها يحدث منذ سن الخامسة عشرة، كما يستدل عليه بثلاثة أو أكثر ممايلي :
(1) الفشل في الامتثال للمعايير الاجتماعية فيما يتعلق بالسلوكيات المشروعة كما يستدل على ذلك من تكرار القيام بأفعال تكون أساسا للاحتجاز القانوني.
(2) الخداع، كما يستدل عليه بالكذب المتكرر، أو استخدام الأسماء المستعارة، أو الاحتيال على الآخرين بهدف المنفعة الشخصية أو المتعة.
(3) الاندفاعية أو الإخفاق في التخطيط للمستقبل.
(4) التململ والعدوانية كما يستدل عليها بالمشاجرات المتكررة والتعديات.
(5) الاستهتار المتهور بسلامة الذات والآخرين
(6) اللامسؤولية الدائمة كما يستدل عليها من الإخفاق في المحافظة على عمل دائم أو في الالتزامات المالية الشريفة.
(7) الافتقار إلى الشعور بالندم، كما يستدل عليه باللامبالاة عند إلحاق الأذى أو تبريره، أو عندما يسيء معاملة أو يسرق شخصا آخر.
ب – عمر الفرد 18 سنة على الأقل.
ج – ثمة دليل عاى اضطراب سلوك بدأ قبل سن 15 سنة.
السيكوباتي المهذب (أصحاب الياقات البيضاء): يتسم بالحديث الجميل وينتقي كلماته وتعبيراته، تجده متأنقا في ملبسه (شيك جدا)، وربما يركب سيارة أحدث موديل، ويعطي انطباعا جيدا لكل من يراه، وهو ذو جاذبية عالية (اجتماعية أو عاطفية)، هادئا، منظما، يعرف جيدا كيف يدخل إلى عالم من يحدثه، ويعرف جيدا احتياجات ضحاياه، فيلعب على هذه الاحتياجات، فمثلا ينتقي الباحثون عن المال والمكسب السريع فيغريهم بمشروعات تدر عليهم ربحا هائلا وبفرص للكسب السريع فيقعون في شباكه مهما كانت درجة ذكائهم وكأنه قام بتخديرهم، ويتعجب الناس: كيف استطاع هذا الشخص أن يجمع الأموال من رجال أعمال وأطباء ومهندسين ومستشارين ومثقفين بحجة عمل شركة أو أي مشروع فسلموا له دون أن يطلبوا أو يأخذوا ضمانات كافية وهم من هم في الذكاء والخبرة، وينتقي الفتاة أو المرأة التي تبحث عن الحب فيغريها بالحب والاهتمام ويغمرها بالمشاعر الفياضة فتسلم له نفسها وربما تعطيه أغلى ماتملك وكأنها في حالة غيبوبة، وينتقي الباحثين عن الأمان فيعطيهم الإحساس بقدرته على حمايتهم وتأمينهم مما يحيط بهم من أخطار فيسلمونه قيادهم وإرادتهم فيفعل بهم ما يشاء ويستغلهم أسوأ استغلال. والسيكوباتي المهذب ربما تجده يحتل مركزا وظيفيا مرموقا، أو ينحدر من طبقة اجتماعية عليا، أو يحمل شهادة علمية متميزة، أو يتمتع بثقافة عالية، أو يكون مفكرا أو سياسيا أو قائدا اجتماعيا مرموقا ويشار إليه بالبنان. ونظرا لما يتمتع به السيكوباتي المهذب من مكانة ومن درجة ذكاء عالية ومن ملكات شخصية، فإنه يفعل كل ما يريد دون أن يقع تحت طائلة القانون أو العقاب، إذ لديه قدرة هائلة على التلون والمراوغة، والهروب من مسؤوليته عن أفعاله، وربما يخدع من حوله بأن مافعله هو الصواب بعينه، وأنه لصالح من يعتبرون ضحاياه، وقد يصدق ضحاياه ذلك وينساقون خلفه وكأنهم مغمضين الأعين أو مخدرين الوعي أو مسلوبي الإرادة.
وتشير الأبحاث إلى أن واحداً من كل خمسة من الذين يتبوأون مواقع في مجالس الإدارة والمناصب العليا في الشركات يخفون ميولاً للعنف الاجتماعي المتخفي والقسوة المغلفة برقة ظاهرية مستخدمين صفات شخصية معينة ليحافظوا على سحرهم الشخصي ويشقون طريقهم في مكان العمل. وتوصل بحث أجراه عالم النفس بول بابياك من نيويورك إلى أن أربعة في المائة من قادة الأعمال في الولايات المتحدة يمكن أن يكونوا من أصحاب الشخصيات السيكوباتية ذات السلوك الاجتماعي المضطرب .. وتوصل بحث آخر أجري على مديري بعض الشركات أن ما بين ثلاثة في المائة و21 في المائة منهم لديهم شخصيات سيكوباتية بصورة واضحة، مقارنة بواحد في المائة من عامة الشعب، هذه الأرقام ترسم صورة لقادة الأعمال الذين يقدمون الطموحات التي لا تعرف الرحمة على كل شيء آخر، ولا يتورعون عن استخدام الناس لتحقيق مصالحهم..
السيكوباتي المبدع : ولكونه مبدعا في أي مجال من المجالات فهو يبهر الناس ويسلبهم عقولهم وبالتالي يسهل عليه أن يسلبهم كل شيء، وهو قادر على تزييف كل الحقائق أمام أعين ضحاياه، ويأتي بالأعاجيب التي تجعلهم يسلمون له وهم في حالة رضا لذيذ، وحتى حين يكتشفون خداعه لهم واستغلاله إياهم ربما يغفرون له كل ذلك. وهذا السيكوباتي المبدع قد تجده في القيادات التاريخية العليا في المجالات الفكرية أو الاجتماعية أو الثقافية أو الفنية أو الاجتماعية أو السياسية، وتكون لديه القدرة على خداع الجموع الغفيرة وعلى التلاعب بعقولهم ووجدانهم ووعيهم.
السيكوباتي الزعيم : وقد استدلوا على هذا النوع من شيوع الصفات السيكوباتية في عدد غير قليل من زعماء العالم التاريخيين والحاليين، إلى درجة دفعت الجمعية العالمية للطب النفسي World Psychiatric Association إلى التوصية بفحص المتقدمين للترشح للمناصب القيادية والرئاسية للفحص الطبي النفسي لاستبعاد المرض النفسي واضطرابات الشخصية، حيث ينجح السيكوباتيون كثيرا في الوصول إلى مناصب عليا نظرا لقدراتهم على الكذب والخداع والمناورة ونظرا لما يتمتعون به أحيانا من كاريزما حقيقية أو زائفة (يصنعها الإعلام) فيخدعون شعوبهم وربما يتسببون في حروب وكوارث وأزمات عالمية (لوحظ وجود اضطرابات نفسية أو اضطرابات في الشخصية لدى هتلر وموسيليني ونيرون والقذافي وصدام حسين وغيرهم). والسيكوباتي الزعيم يسحر الجماهير بطلعته، أو كاريزمته، أو وعوده، أو أكاذيبه، أو عنصريته، أو لعبه على الأوتار القومية أو الطائفية، فتنجذب له الجماهير وتفقد قدرتها على التفكير النقدي وتسلم له قيادها، فيأخذها إلى حيث الهلكة، فلا تفيق إلا لحظة الارتطام بقاع حفرة تاريخية عميقة وموحشة يأخذها لها الزعيم الكاريزمي أو السيكوباتي المحبوب.
السيكوباتي المتقلب العاجز: وهو كثير الشبه بالشخصية السلبية الاعتمادية، ولكنه يزيد عليها بالأنانية المفرطة، فهو لا يستقر في عمل، ويتخلل أعماله المشاجرات والمشاحنات، وقد تتعدد زوجاته دون أن يتحمل أي مسؤولية لرعايتهن، أو الإخلاص لأحد غير نفسه ولذته، وعلى الرغم من الحماس والعاطفة التي يظهرها إلا أنها سرعان ما تتبخر مع قضاء مراده، وهذا النوع حين يعجز عن الكسب المشروع والحياة الشريفة يتجه إلى النصب والاحتيال لكي يحصل على ما يريد.
السيكوباتي المتدين: وهو يكتشف أن المجتمع يثق بالمتدينين ويعلي من مكانتهم ويأمنهم على مايملك، لذلك يلجأ السيكوباتي إلى نوع من الكذب المتدين أو التدين الكاذب لكي يسهل عليه الإيقاع بضحاياه، فيبدي مظهرا متدينا ويمارس طقوسا دينية خالية من أي روح، وقد ينخدع به البسطاء من الناس لفترات متفاوتة، ولكن إن آجلا أو عاجلا تنكشف سوءاته وتظهر انتهازيته وأنانيته وسوء طويته، وهنا قد يبرر ذلك لنفسه وللآخرين بأنه مستهدف لتدينه وورعه .
السيكوباتي الزوج: هو شخص ساحر في مراحل التعارف الأولى، فهو قادر على إعطاء صورة المحب المتيم والمهتم، ويعطي صورة الشهم صاحب المروءة في اللقطات القصيرة، ويستطيع أن يرفع حبيبته أو خطيبته إلى السماء بكلمات معسولة، وهو باحث عن اللذة والمتعة الشخصية فقط، لذلك فهو ينظر لزوجته على أنها أداة لتلبية احتياجاته البيولوجية من مأكل ومشرب ومأوى وجنس، ولا يعطي أي اعتبار لاحتياجاتها، وهو غالبا مايعدد علاقاته كما يعدد فناجين قهوته وعلب سجائره وزجاجات خمره وما يتعاطاه من مخدرات، فهو ذواقة للمتع الحسية بكل أشكالها، والمرأة بالنسبة له ماهي إلا متعة حسية، ولذلك يستنزفها حتى إذا نفد رصيدها الإمتاعي عنده استبدلها بغيرها، وهو لا يعطي اعتبارا للعشرة أو لتضحياتها من أجله، ولا يشعر بالندم حين يلقي بها على قارعة الطريق ويبحث عن غيرها، ولا يهمه تصدع الأسرة أو حرمان الأولاد.
المرأة السيكوباتية : في الأغلب تكون سيكوباتية متلونة ومتخفية، تصنع المكائد وتتفنن في الإيقاع بالضحايا خاصة من الرجال تستنزف مشاعرهم وأموالهم بعد أن توقعهم في حبالها ثم تلقيهم في أقرب سلة مهملات حين لا يصبح لديهم شيء تستنزفه، وهي امرأة مثل الحية أو مثل الحرباء، تعد ولا تفي، تغوي ولا تشبع، والويل لمن يتعامل معها.
المجتمع السيكوباتي: ويعني مجتمع انتشرت فيه المفاسد والقيم السلبية بدرجة كبيرة، وفشلت محاولات الإصلاح في تنقيته منها، فسلم الناس بهذه القيم السلبية، وهنا تتفشى السمات السيكوباتية في غالبية الناس، ويصبح المنكر معروفا والمعروف منكرا، ويتقبل الناس الكذب والمراوغة والخداع وانتهاك الحقوق على أنها أشياء عادية لا تشين صاحبها، بل على العكس يستنكر غالبية هذا المجتمع السلوكيات القويمة والمستقيمة ويعتبرون أصحابها معقدين ومتصلبين ومتشددين ومثاليين أكثر من اللازم ويفتقرون للمرونة والواقعية. وتقوم نخبة هذا المجتمع بتبرير وتسويق القيم السلبية السائدة تحت مظلة الواقعية أو الضرورات الاجتماعية والحياتية أو مواكبة الظروف الطارئة، وهكذا تخون النخبة مجتمعها حيث تزين له مزيدا من الانحدار بحثا عن مكاسبها الوقتية وإرضائها لرموز الفساد المنتشرين في المجتمع والممسكين بمقاليد الأمور.
والسؤال الآن : ما هي أسباب تكون الشخصية السيكوباتية؟...
وهذا أمر يطول شرحه، ولكننا نوجز القول بوجود أسباب بيولوجية جينية (وراثية)، وأسباب بيولوجية كيميائية (تتصل بالهورمونات والناقلات العصبية في المخ)، وأسباب تشريحية فسيولوجية (تتصل بتركيبات مراكز المخ وطرق عملها)، وأسباب بيئية (تتصل بما يتعرض له الشخص من ضغوط وصدمات في مراحل طفولته المبكرة)، وأسباب اجتماعية (تتصل بما رأى من نماذج سلوكية تؤثر بها في مراحل حياته المختلفة، وما يعيشه من قيم اجتماعية تنشط السمات السيكوباتية، كأن يكون المجتمع الذي يعيش فيه يعلي من قيمة الانتهازية والاستغلال والخداع والفهلوة والسيطرة والتحكم والبلطجة وغيرها من القيم السلبية).
إذن كيف نتعرف على الشخص السيكوباتي حتى لا نكون ضحايا له؟
الأمر صعب وسهل في نفس الوقت، وصعوبته تكمن في كون السيكوباتي لديه خبرة هائلة في إخفاء وجهه القبيح، وسماته الشريرة، إذ يبدو في لقطات قصيرة منفردة حنونا دافئ المشاعر محتويا لمن يتعامل معه واعدا بكل ما يجعل الآخرين يثقون به ويتأملون منه الخير، ولكن مع تكرار التعامل، أو مع استمرار التعامل تتكشف عيوبه وعاهاته وأطماعه وانتهازيته وقسوته وأنانيته المفرطة واندفاعاته وتهوره وبلادة حسه، والتعرف عليه سهل لمن يفتح عينيه وهو يتعامل معه فيرى كذبه ولفه ودورانه ومراوغاته ومبالغاته وتناقضاته. وقد يفلت السيكوباتي من انكشاف أمره في اللقطات القصيرة والسريعة وقد ينخدع فيه حتى أذكى الناس، ولكن إذا داومنا متابعته لفترة كافية أو في مواقف متعددة تتكشف خباياه، وأهم صفة تميز السيكوباتي هي الكذب، والكذب صفة مركزية في شخصيته تتفرع منها بقية صفاته السيئة.
والسؤال الأهم هو كيف يمكن أن نحمي أنفسنا من الشخص السيكوباتي؟
إذا أمكنا أن نتفادى التعامل معه فهذا هو الطريق الأمثل، أما إذا كنا مرغمين على التعامل معه كأن يكون زوجا أو زوجة أو زميل أو رئيس في عمل، فإننا نحتاج لليقظة الكاملة له، وأن لا نسلم له بما يقول بل نتأكد بطرق مختلفة مما يقوله، وأن يقتصر تعاملنا معه على الضرورة فقط، ولا نوسع معه دوائر التعامل، وأن نحافظ على ممتلكاتنا، وعلى طاقاتنا حتى لا يستنزفها لصالحه، وأن لا ندخل معه في مساجلات أو صراعات تستنزف قوانا وتغريه بالكذب واللف والدوران أو تدفعه للعدوان علينا وانتهاك حقوقنا. ونسعى جاهدين أن نكون خارج دائرة نفوذه وتأثيره في أقرب فرصة ممكنة، فالحياة معه أو بقربه هي الجحيم بعينه.
وأخيرا: هل لاضطراب الشخصية السيكوباتية علاج؟
في الماضي كانوا يقولون بأن اضطرابات الشخصية ليس لها علاج، ولكن في العقدين الآخيرين بينت بعض الأبحاث أن الشخصيات السيكوباتية يمكن أن تستفيد من التدخلات العلاجية المختلفة، فمثلا هناك استجابات متفاوتة لجرعات صغيرة من مضادات الذهان (التي تقلل من السلوك العدواني)، ومن مثبتات المزاج (التي تقلل من تقلبات المزاج وتقلل من السلوكيات الاندفاعية والمتهورة)، ومن مضادات الاكتئاب (التي تحسن الحالة المزاجية وتحسن استجابات الشخص للإحباطات والآلام)، ومن مضادات القلق (التي تمنح الشخص شعورا بالطمأنينة والسكينة). كما يستفيد السيكوباتيون من العلاجات النفسية المختلفة، ومن التدعيمات الاجتماعية، ومن الرعاية الإنسانية، وإتاحة الفرصة لهم للعيش الكريم المدعوم من أشخاص ومؤسسات يتقبلونهم ويتحملون بعض جنوحهم ويأخذون بأيديهم للعيش الكريم.
واقرأ أيضًا:
وسواس الخيانة الزوجية / يعني إيه سيكوباتي؟؟ (1) / استشارات عن الشخصية السيكوباثية