الفصل السابع عشر
إن خذلان المسلم شيء عظيم، وإن حدث فتلك ذريعة لخذلان المسلمين جميعا، إذ سيقضي ذلك الخذلان على قيم الإباء والشهامة بينهم، وسيخنع المظلوم طوعا أو كرها لما وقع به من ضيم، ثم ينزوي بعيدا، وتنقطع عرى الأخوة بينه وبين من خذلوه، وللأسف فذلك هو الواقع الحاصل في معظم بلدان المسلمين، حيث نجد الشهامة والنجدة من الأخلاقيات التي أوشكت على الاندثار بين العديد من أبناء أمتنا.
أعتقد أن إدمان المخدرات لدى البعض من شبابنا لهو من أهم أسباب ذهاب النجدة والنخوة والشهامة من نفوس هؤلاء الشباب، فازدادت معدلات جرائم هتك الأعراض مثلا، والاعتداء الجنسي على المحارم (كالأم والابنة والأخت مثلا) وجرائم العنف والقتل والتمثيل بالجثث!، وتلك الجرائم كانت قليلة الانتشار في بلادنا الإسلامية قبل انتشار عادة إدمان المخدرات و الكحول في الكثير من بلادنا و بصورة غير شرعية وضد رغبة الحكومات أحيانا، ولكن إغراق الأسواق السوداء في بلادنا الإسلامية بالمواد المخدرة والمنشطة وبأسعار رخيصة نسبيا يؤكد لنا أن هناك مخططات ومؤامرات تهدف إلى تدمير شباب أمتنا؛ لذا كان لزاما علينا أن نكون واعين لمؤامرات أعداء أمتنا، وأن يكون شبابنا واعيا منتبها لتلك الحقائق.
و يبدأ إدمان المخدرات عادة بانغماس الشاب في عادة التدخين السيئة، فالتدخين هو المفتاح وبداية الطريق لإدمان غيره من المواد المخدرة والمنشطة، والمدمن كشخص غالبا ما يتم دعمه من خلال شبكته الاجتماعية؛ لذا كان من الهام جدا أن يكون أصدقاء شبابنا في جملتهم من الصالحين الطيبين، كما يجب على أولياء الأمور (وهم أفراد أساسيون في الشبكة الاجتماعية) أن يكونوا منتبهين لأصدقاء أبنائهم أو من يعولونهم وبالذات من المراهقين والشباب، وكما قيل: "الصاحِبُ سَاحِبٌ سواءَ للخيرِ أو الشر".
السائق المدمن
سيدة في الخامسة والعشرين من العمر – تعلمت الصلاة والتقوى، تزوجت من شاب مؤمن تقي يعمل مدرس بالجامعة، عاشا في سعادة غير كاملة نتيجة عدم الإنجاب. أجمع الأطباء على أنهما سليمان من الناحيـــة الطبية. رفض الزوج نصائح الجميع بالزواج من أخرى، في أحد الأيام ذهبت الزوجة لزيارة أمها المريضة وأخبرها زوجها بأن لديه ندوة بالجامعة وسوف يمر عليها بعد الانتهاء من الندوة، ولكنه اتصل بها وطلب منها إما الانتظار عند أمها أو الذهاب إلى منزلهما بسيارة أجرة.
ولكنها فضلت الذهاب إلى بيتهما وأوقفت سيارة أجرة، ولكن السائق بعد فترة غيَّرَ مسار الطريق، وعندما وجدت الطريق مظلما خاويا من المرور سألته إلى أين هو ذاهب؟ فأخرج من جيبه شيئا وشمه وطلب منها مشاركته، لقد كان ذلك السائق مدمنا لشم الغراء وكذلك الحشيش والكحول أحيانا، وقد يجمع بين استخدام تلك المواد في نفس الوقت، فرفضت فأوقف السيارة وهجم عليها، ولكنها قاومته وبشدة، وعندها وجدت أن ثيابها قطعت وأصبحت شبه عارية وكاد أن يُغمى عليها، وهي رغم ذلك لا تكف عن الصراخ والاستغاثة، ولكن من رحمة الله تعالى أنه تصادف مرور دورية للشرطة في ذلك الطريق المهجور، والذين قام أفرادها الثلاثة بمهاجمة ذلك الوحش الآدمي بعد أن استمعوا إلى صراخ تلك المسكينة، فاستنقذوها من بين يديه، واقتاده رجال الشرطة في الحديد إلى قسم الشرطة التابعة له الدورية لينال جزاءه.
وأما الضحية فقد اتصلوا بزوجها وأمها ليحضرا لأخذها من قسم الشرطة ومعهما ملابس لها بدلاً من التي تمزقت، وقد أخبر ضابط الدورية الأم والزوج بما حدث، وحمدوا جميعاً الله عز وجل أن هذا المجرم المدمن لم يتمكن من هتك عرض تلك السيدة الطيبة؛ فقد أنقذتها تلك الدورية من بين براثنه بالصدفة البحتة وفي الوقت المناسب، وأن ما حدث بالطبع كان نتيجة ضرر ومخاطر الخلوة بين سائق مدمن حيواني السلوك وزوجين لم يحسبا عواقب الأمور بحكمة وتعقل.
وقد هان المسلمون أفراداً، وهانوا أمماً يوم وهت أواصر الأخوة بينهم، ونظر أحدهم إلى الآخر نظرة استغراب وتنكر، وأصبح الأخ يُنتَقص أمام أخيه فيهز كتفاه ويمضي لشأنه، وكأن الأمر لا يعنيه.
إن هذا التخاذل جر على المسلمين الذل والعار، وقد حاربه الإسلام حربا شعواء، ولعن من يقبعون في ظلاله الداكنة الآسنة.
يتبع >>>>>>>>>>> الغيرة مشهد جانبي لطلب العدالة مشاركة