الفصل التاسع عشر
حقيقة إن الأولاد زهرة الحياة، وزينة الدنيا، ولكن كم من أولاد جروا على آبائهم الويل وجزوهم بالعقوق والكفران بدل البر والإحسان، بل كم من آباء ذاقوا حتفهم على يد أولادهم طمعاً في ثرواتهم، أو لوقوفهم في سبيل شهواتهم، لقد وجدنا من الآباء من يقول لولده آسفاً آسياً:
غــذوتك مولوداً وعلتــــك يافعاً تعل بما أسدى إليـــك وتنهـل
إذا ليلة تابتك بالشجو لم أبت لبلواك إلا ســـــاهراً أتملمــل
فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما كنت فيك أؤمل
جعلت جزائي غلظة وفظــاظة كــأنك أنت المنعم المتفضــل
وكم رأينا في الحياة صور غريبة، وسمعنا أحاديث أغرب، عن عقوق الأبناء وتعاسة الآباء، وهذا ما جعل الآباء ما برحوا على مر العصور، يشدون شعرهم حنقاً من جحود أبنائهم، حتى أن الملك "لير" صرخ -على لسان شكسبير- قائلاً: "ليس أشد إيلاماً من ناب حية رقطاء، غير ابن جحود".
وما جعل شاعراً في الشوق يصرخ ويقول:
أرى ولد الفتى ضرراً عليه لقد سعد الذي أمسى عقيماً
فــإمـــا أن يربيـــه عــــدواً وإمـــــــــا أن يخلفـــــه يتيمـــاً
وإمـــا أن يوافيــه حمــــام فيتــــرك حـــزنه أبــداً مقيمـــاً
نصوص لإغلاق باب الجدال
الأطفال العنيدون مغرمون كثيرا بالجدال، وهم يستخدمونه للمماطلة أو لمنعك من عقابهم أو حتى كشكل من أشكال السيطرة فهم يعرفون أنهم إذا استطاعوا أن يقولوا شيئا يثيرك فإنهم بذلك يسيطرون عليك حتى ولو لوقت قصير.
إن أفضل دفاع ضد هذه الاعتداءات هو: ألا تشاركهم الجدال وتذكر أن الجدال يحتاج إلى شخصين.
هل القول أسهل من الفعل؟ لا أبدا، إنك تحتاج فقط إلى اتخاذ بعض الخطوات البسيطة لإعداد نفسك أولا: يجب أن تتوقع مجادلات الطفل وتستعد للرد عليه دون أن تفقد هدوئك أو أعصابك وبهذه الطريقة لن تكون أعزل عندما تبدأ المجادلات.
إن التوقع في الحقيقة يعد تخطيطا جيدا يمكن استخدامه في كل تفاعلاتك مع الطفل إن والدي الطفل العنيد يتوقعون من الطفل الأفضل، ثم يصابا بالإحباط عندما يواجهان الأسوأ أما إذا توقعوا فقط ما يمكن حدوثه فلن يصيبهم الإحباط بل أنهم سيتمكنون أيضا من الرد بطريقة تساعد الأطفال على التعلم.
الطريقة الثانية لقطع المجادلات: عندما يحاول الطفل الوصول إلى صراع شفهي فيجب أن ترد بتعبيرات مملة حتى تغلق المناقشة، وإليك عددا من المواقف الشائعة ومعها نصوصا يمكنك استخدامها للرد على كل موقف بطريقة مناسبة.
السيناريو الأول: رفض الطفل ترتيب ما سببه من فوضى في حجرة نومه
لقد أظهر الطفل نموذجا لتجاهل أوامرك أو المجادلة معك حول أي شيء تطلبه منه، والموقف يأتي بعد العشاء، فالطفل يشاهد التلفاز مع أحد أصدقائه على فيلم كرتون، وأنت تستعد للاسترخاء ولكن لسوء الحظ لا تستطيع ذلك لأنه قد ترك أكواما من اللعب في جميع أنحاء المنزل، وأنت تخبره بأنه قد حان وقت ترتيب هذه اللعب حتى تستطيع أن تسترخي دون النظر إليها.
الطفل: هذا ليس عدلا أن يضيع مني مشاهدة الكرتون.
أنت: (مستخدما التعبيرات المملة وتقول بهدوء): ربما تكون على حق.
الطفل: لماذا يجب علي أن أرتب اللعب، ولكن "ريم" تشاهد التلفاز، على الرغم من أنها تسببت أيضا في تلك الفوضى.
أنت: ربما تكون على صواب أنني أرى الكثير من اللعب الملقاة على الأرض!، لو سمحت اجمعها الآن.
الطفل: (يستمر في مشاهدة التلفاز ويتجاهلك كليا) حسنا.
أنت: إن ما توحي به إلى هو أنك تريدني أن أحل المشكلة، أنا سأكون سعيدا إذا فعلت ذلك.
الطفل (محاولا أن يجعل أحد الوالدين يشعر بالذنب) قلت لك: إنني سوف أفعل، لماذا تريد أن تعاقبني؟!.
أنت: دون الرد على ما قاله الطفل: لا توجد مشكلة سأحلها أنا.
النتيجة النهائية: أنت تقوم بترتيب اللعب، وأنت تخطط متى ستعاقب الطفل على بعثرة لعبه في حجرته، (يجب أن تحدث في الوقت الذي يريد فيه أن يفعل شيئا آخر مثل الخروج واللعب مع أصدقائه).
إن ردك بهذه الطريقة قد أغلق باب الجدال المباشر، وأعطى طفلك وقتا كي ينتقل من حالته الانفعالية إلى حالة التفكير. وعندما يكمل فيلم الكرتون الشيق سيتعلم بعد ذلك فأنه سوف يتعلم أن هناك عواقب ونتائج لمماطلته وجداله.
يتبع >>>>>>>>>>> عقوق الأبناء: السيناريو الثاني