حين ينتشر وباء مرض معدي معين في المجتمع تتزايد حالات الخوف والهلع لدى الناس من احتمالات إصابتهم أو إصابة من يحبون بالمرض، خاصة إذا كان المرض مميتا حتى ولو في نسبة قليلة من المصابين، ويزداد الهلع إذا كان الوباءعابرا للقارات، وسريع الانتشار ولا يوجد له علاج نوعي حاسم. وهلع الأوبئة العالمية لا يتوقف عند الخوف من المرض أو الموت، وإنما يمتد للخوف من الانهيار الاقتصادي بسبب توقف حركة الطيران، وتوقف السياحة، وتوقف الاجتماعات والتجمعات، ووقف الكثير من الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية مما يهدد بخراب اقتصادي حاد يؤثر على قدرة الناس على الاستمرار في الحياة حيث سيعانون فقد الأحبة بالموت ويعانون الفقر والاحتياج، وربما لايجدون لقمة العيش لهم ولأبنائهم.
كما أن إجراءات العزل والحجر الصحي قد تخطف أشخاصا أعزاء من ذويهم وتغيبهم في غرفات أو خيام معزولة لأيام عديدة مع صعوبة التواصل معهم أو الاطمئنان عليهم، وهذا يشكل عازلا اجتماعيا مؤلما. وقد تعلن حالة الطوارئ في بعض البلدان حتى يتوقف انتشار العدوى، وقد تقل فرص الكسب والعمل، وقد يحدث نقص في بعض المواد الغذائية، وقد يصعب التواصل بين الأسر وبعضها، وتقل التجمعات الترفيهية كالأندية والمولات والحدائق، وتقل حتى التجمعات الدينية كصلاة الجماعة والجمع، وتقل التجمعات التعليمية حين تعلق الدراسة.
كل هذا ممكن أن يؤدي إلى حالة من الخوف أو القلق أو الهلع لدى بعض الناس، ويزيد من هذا الأمر انتشار الأخبار والشائعات المرعبة على وسائل التواصل الاجتماعي أو علبر وسائل الإعلام المختلفة، وهذا قد يؤدي إلى هلع عام لدى كثير من الناس، وقد يندفعون إلى المتاجر لتخزين مواد غذائية، وإلى الصيدليات لتخزين الأدوية، وتكون النتيجة ارتفاعات شديدة في الأسعار ونقص مفاجئ في المواد الغذائية والأدوية، وخسائر مادية فادحة تزيد من حدة الأزمة وتضاعف آثارها الضارة.
ولمواجهة هذا الأمر علينا بالتزام الخطوات التالية: 1– الحصول على المعلومات الصحيحية من مصادر موثوقة بخصوص المرض السائد وكيفية انتقال عدواه، وكيفية الوقاية منه أو علاجه، 2– التوقف عن نشر الإشاعات أو تداولها، 3– التكافل الاجتماعي لأقصى درجة، 4– الاحتفاظ بالهدوء ورباطة الجأش قدر الإمكان، 5– الإكثار من الصلوات والدعاء والعبادات المختلفة، 6– استمرار النشاطات الإنتاجية والتسويقية لتغطية احتياجات الناس، 7– اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية، ولكن دون مبالغة، 8– مواساة المصابين والمكلومين، 9– اليقين بأن الأوبئة والكوارث على قدر آلامها وخسائرها فإنها تحمل في طياتها جانبا آخر من الرحمة والعطاء الرباني، وتحمل أيضا فرصا للإبداع الإنساني في استكشاف طرق للعلاج والوقاية، وتغيير أنماط الحياة للأفضل، 10– اليقين بأن الله يساعد المجتهدين والمتعاونين مع إخوتهم بني البشر في رفع البلاء وجعل المحنة منحة، 11– الالتزام بنظام العزل الصحي للأشخاص والمجموعات المصابة، 12- يجب أن تكون احتياجات المرضى والمجتمعات المتأثرة في قلب أي استجابة للأوبئة حتى تكون فعالة، حيث أن الاستجابة السريعة يمكن أن يكون لها أثر كبير على عدد الأشخاص الذين يصابون بالمرض والذين يموتون بسبب المرض، 13- كثيراً ما يتطلب تفشي الوباء انتشارا سريعا وكبيرا للخدمات اللوجيستية، والتي يمكن أن تتراوح بين وضع مرافق مؤقتة لعلاج المرضى، أو تحسين المياه والصرف الصحي للمساعدة في منع انتشار المرض..
وكما استفدنا من المنهج العلمي في المواجهة الموضوعية دون تهويل أو تهوين، علينا أيضا أن نستفيد من المنهج النبوي في مواجهة الأوبئة الذي ورد في حديثين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله لم ينزل داءً، أو لم يخلق داءً، إلاّ أنزل، أو خلق له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله إلاّ السام، قالوا: يا رسول الله، وما السام؟ قال: الموت" وفي الحديث دعوة إلى استكشاف علاج المرض وفيه أمل بأن لكل داء دواء، ويقول صلى الله عليه وسلم : "إذا وقع الوباء بأرض أنتم فيها فلا تخرجوا منها فرارًا منه، وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تهبطوا عليها"، وفي هذا تأكيد على قواعد الحجر الصحي في زمن الأوبئة.
واقرأ أيضًا:
الإمام الأكبر .. الطيب / هلع الكورونا