الفصل التاسع عشر
اصبر على مر الجفا من معلم فإن رسوخ العلم في نفراته
ومن لم يذق مر التعلم ساعة تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعليم وقت شبابه فكبر عليه أربعا لوفاته
وذات الفتى والله بالعلم والتقى إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته
أولاً: دعنا نوسع من مفهوم أو تعريف كلمة "نجاح"
نحن كأولياء أمور نود أن ينجح أبناؤنا، وهذا شيء طبيعي وظاهرة صحية أما الشيء غير الصحي أو غير السليم هو أننا نميل إلى تعريف مفهوم نجاح أطفالنا في معنى ضيق جداً؛ أي الدرجات والتقديرات الممتازة، وأنا أسألكم كأولياء أمور, هل هذا فقط هو النجاح؟!!، وإذا طبقنا هذه المعايير فان بيتهوفن وألبرت أينشتاين وأديسون كانوا من الطلبة الأقل من الجيدين, بل يمكن أن نعتبرهم غير ناجحين، إن تقدير "ممتاز" في الطفولة لا يعني بالضرورة النجاح في المستقبل.
ماذا عن الطفل الذي يهوى الطبخ ويتقنه جيداً؟، ماذا عن الشخص الذي يتمتع بتركيبة مزاجية طيبة وحب من الآخرين؟ ماذا عن الطفل أو الطالب الذي ينشئ علاقة طيبة مع خالقه؟ أليست هذه نماذج مختلفة من النجاح؟!.
أنا لا أقول أنه ينبغي ألا ندفع أطفالنا نحو النجاح بالمدرسة، ما أقوله هو أن المدرسة هي فقط جزء من حياتنا (البيت جزء مهم) وأن النجاح ممكن أن يتخذ أشكالاً كثيرة، حاول تنمية نقاط القوة في طفلك، ولنتقبل بعض نقاط الضعف فيه، ولنشجعه على تحقيق إمكاناته في كل جانب من جوانب الحياة، وليس فقط في المدرسة، لا تجعله يشعر مطلقاً وتحت أي ظرف أن حبك له يعتمد على إحرازه العلامات أو الدرجات الجيدة بالمدرسة (هذا الكلام هام جداً).
ثانياً: العقل السليم في الجسم السليم
راقب العادات الغذائية لطفلك، ركز على الإفطار إنه أهم وجبة في اليوم, ولكنها للأسف أكثر الوجبات المحتمل تجاوزها أو نسيانها!، شجع طفلك على تناول الطعام الصحي مثل الفواكه والخضراوات والعصائر الطازجة والنشويات المركبة كالبطاطس المطبوخة أو المسلوقة، قلل من تناول طفلك للأطعمة المقلية والوجبات الخفيفة ذات السعرات الحرارية العالية أو الغنية بالسكر أو طعام يحتوي على الكافيين (بما في ذلك الشكولاته)، قلل ذلك إلى الحد الأدنى.
أوجد الفرص لممارسة التدريبات الرياضية المناسبة له؛ لأنها تساعد على زيادة مستويات الطاقة لدى الطفل المصاب بالإجهاد بينما تسمح باستهلاك الطاقة الزائدة لدى الطفل الذي يتمتع بالطاقة والحركة الزائدة، وهي أيضاً تزيد من التركيز وتقلل من التوتر الذي من الممكن أن يعيق الدراسة أو التحصيل.
قم بتنظيم وقت محدد لنوم طفلك وتأكد من حصوله على وقت كاف للنوم. أثبتت الدراسات أن الطلبة الذين لا يحصلون على قدر كاف من النوم معرضين لفقدان 30% من تحصيلهم العلمي. ومن الطبيعي أن احتياجات الأفراد تختلف, وأنت فقط تستطيع تحديد مقدار النوم الذي يحتاجه طفلك، وبصورة عامة إذا كان طفلك يستيقظ بصعوبة أو تبدو عليه علامات النكد أو الضجر بصورة غير طبيعية في الصبح, فهذه علامة على احتياجه إلى المزيد من الراحة، يوصي الأطباء الأطفال بفترة نوم تتراوح بين 9 – 11 ساعة من النوم يومياً للأطفال الصغار (ما بين الصف الأول والثالث)، وما بين 8 – 10 ساعات نوم يومياً للطفل الأكبر عمراً (ما بين الصف الرابع والثامن) وما بين 7 – 9 ساعات نوم يومياً للشباب الصغار، وهذا كله ضروري جداً خلال أوقات الاختبارات عندما يحتاج الطفل إلى الراحة الكافية لمساعدته على التركيز وتذكر المعلومات بصورة طيبة.
مما لاشك فيه أن التوتر بالمنزل يؤثر على قدرات التركيز لدى طفلك. تعامل مع المشكلات الزوجية بعيداً عن مسامع طفلك. لا تشرك طفلك في المشكلات الزوجية إطلاقاً, أو توجه الإهانات إلى شريك حياتك أمامه أو على مسامعه.
ثالثاً: خصص وقتاً للنشاطات غير المرتبطة بالمدرسة
خصص بانتظام وقتاً للجوانب المختلفة من الحياة وغير المتعلقة بالدراسة مثل الأسرة والأصدقاء والصلاة والاسترخاء والقراءة الحرة (التي لا تتصل بالمدرسة) والرياضة والهوايات الخ.. هذا سوف يساعد طفلك على أن يظل متشجعاً ولديه الحافز باستمرار للدراسة، ويقلل من الملل والضجر الذي يشعر به نتيجة الجلوس لساعات طوية بالمقعد الدراسي.
رابعاً: ضع نصب عينيك أهدافا واضحة معقولة، ثم تمسك بها!
عند ترتيب خزانة الملابس لأطفالك تعطين الطفل الطويل الرف الأعلى ثم تعطي الرف الأسفل للطفل القصير، أليس كذلك؟!؛ لأنك تدركين أن أحدهما يستطيع الوصول إلى مستوى لا يستطيع الوصول إليه الآخر, لماذا لا يكون نفس الشيء بالنسبة للمدرسة؟ إذا كنت تدرك أن طفلك من النوع الذي يحصل على تقدير "ب" يجب أن تقبل بهذا، إذا كنت تدرك أن طفلك لا يتمتع بقدرة حسابية أو رياضية عالية فلا تنتظر تقدير "أ" في هذه المادة, ومن ناحية أخرى إذا كنت واثقاً من أنه يستطيع الحصول على تقدير "أ" يجب أن تصر على حصوله على "أ"، شجع طفلك على التفوق في المواد التي يحبها، ولكن تأكد أن توقعاتك معقولة وأنها واضحة بالنسبة لطفلك. واحذر من مقارنة طفلك بآخر أكثر منه تفوقاً لأن ذلك يورث طفلك الحقد والغل على الآخرين، يجب أن يكون العقاب على كسر هذه القواعد معقول ومنطقي.
على سبيل المثال: فالعقوبة المعقولة بالنسبة لعدم الانتهاء من الواجب المنزلي خلال نهاية الأسبوع يمكن أن تكون إلغاء نزهة أو عدم حكي قصة قبل النوم, أو تقليل فترة مشاهدة التلفزيون أو الحرمان من اللعب ب "البلاي ستيشن"، أما الصراخ أو الصفع على الوجه أو الحرمان من العشاء فهي عقوبات غير منطقية، ويجب أن يتم الاتفاق على هذه العقوبات ثم تطبيقها في صمت وسرعة، لا تتحدث ولا تهدد بما سوف تفعله بل أفعل وفي الحال، ولا تتكلم كثيراً، إن الآباء والأمهات الذين يتكلمون ويهددون كثيراً من الممكن ألا يسمع لتعليماتهم فيما بعد.
خامساً: كن ثابتاً على المبدأ
يجب أن تكون ما تطلبه أو تتوقعه من طفلك اليوم هو نفس ما تطلبه بالأمس, وما ستطلبه غداً سواء داخل المنزل أو خارجه مع الأصدقاء أو بدونهم.
كما يجب أن تكون عواقب عدم تحقيق هذه التوقعات أيضاً ثابتة؛ فلا تجعل الطفل يمر بدون عقاب على فعل خطأ ما, ثم تعاقبه على نفس الشيء في المرة التالية، وبنفس المنطق, لا تعاقبه بطرق مختلفة في أوقات مختلفة أو في مواقف مختلفة.
والصورة المثالية هي يجب أن يكون كلام الأب والأم لديهما نفس التوقعات أو المطالب وأن يطبقا نفس العقوبات؛ فعدم الثبات على المبدأ يسبب الارتباك لدى الطفل, ويشجعه على تجربة فعل الأشياء أو خرق القواعد الموضوعة على أمل أن تمر فعلته دون عقاب في بعض الحالات. إن الأطفال يتعلمون بسرعة, وبمجرد أن يدركوا أنك جاد بالنسبة لطاعة أو تنفيذ أوامر معينة سوف يجعلهم يطيعون على الفور، إن ثباتنا في تطبيق القواعد يعلم أطفالنا الثبات في اتباعها.
يتبع >>>>>>>>>>> دور الأسرة في مساعدة أبنائها على تحقيق النجاح1