الثورة تعني التغيير الجذري نحو آفاق جديدة ذات قيمة حضارية وطنية إنسانية فاعلة في حياة الأجيال، وهي خطوة إيجابية في بناء الصيرورة الاجتماعية الأفضل.
والعرب انطلقوا بثوراتهم بعد تأسيس دولهم منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين، ولا تزال مسيرة الثورة ونيرانها تستعر في أرجاء وجودهم، وتطورت الحالة بعد النكسات والانهيارات والهزائم إلى تظاهرات يتساقط فيها المئات من الأبرياء دون نتائج نافعة للوطن والمواطنين. وعندما نضع الثورات العربية في ميزان التقييم وتقدير النتائج يتبين أنها كانت عدواناً على العرب وتسببت بخسائر حضارية مروعة، ويأتي في مقدمة ثوراتهم الثورة المصرية والعراقية اللّتان ما قدمتا ما هو جدير بالتواصل مع الأجيال، فالثورة المصرية مالت للفردية والشعارات الّرنّانة والتصريحات الفتّانة، والعراقية افتتحت مشروعها الثوري بجرائم بشعة ضد الإنسانية فسفكت الدماء وقتلت الأبرياء ومضت على سكة الوعيد والتهديد إلى يومنا هذا حتى وصل العراق إلى ما هو عليه من الدمار والخراب الشامل والفساد المُشرعَن بالفتاوى.
وهذا ليس تقليلاً من شأن الثورات، وإنما قراءة لمآلاتها بموضوعية وبعلمية رصينة، فلا يمكن للذين يدّعون بأن الثورات العربية قدمت خيراً للعرب أن يدافعوا عن رأيهم ويستحضروا الأدلة والبراهين الجديرة بالإقناع.
وأكثرهم ينطلق من قوانين الإصلاح الزراعي، والعرب بعد أكثر من ستة عقود على ثوراتهم تجدهم لا يستطيعون إطعام أنفسهم فيعتمدون على غيرهم لتوفير ما يحتاجونه من الطعام. والبعض يتحدث عن الصناعة، وما وجدنا مصنوعاً عربياً أصيلا في أسواق الدنيا، فأنظمتهم تتراوح ما بين الذي يبني والذي يُدمّر، ومشهد العراق واضح بتفاصيله التي لا تحتاج إلى برهان.
فالثورات العربية يصلح تسميتها بالثؤرات، أي أنها حركات ثأرية انتقامية دموية عدوانية على الوطن والمواطن، ولهذا تمعنت في سلوكياتها المنفعلة الخالية من الرؤية الوطنية والإنسانية، وقد اجتهدت جميعها ببناء السجون القاسية ومعتقلات التعذيب الشرسة المتوحشة، وقتلت من العرب ما لم يقتله أي نظام حكم قبلها، وأعدمت مئات الآلاف منهم بسبب المعارضة السياسية.
قد يقول قائل أن هذه قراءة سلبية واعتداء سافر على الثورات، لكن الواقع المرير الذي ناءت منه الأجيال منذ انطلاق ثوراتها لا يمكن إغفاله وإنكاره والتغنّي بالسرابات والأوهام والتصورات الهذيانية الباهتة.
فاسطروا إيجابيات الثورات ومحاسنها على الأجيال بموضوعية ولا انفعالية إن كنتم تعارضون!!
واقرأ أيضاً:
الطائفية والعنصرية \ واقعٌ منخور / الماضي المُستعمِر لوجودنا