هل يمكن أن يكون شهر رمضان فرصة للتخلص من الملل الذي قد يصيب الحياة الزوجية؟ اكتشفنا أن هذا يمكن أن يحدث ونحن نستمع إلى حكايات زوجات وأزواج، استطاع رمضان أن يخلصهم من الروتين الذي قد يعتري حياتهم الزوجية اليومية، وجعلهم أكثر قدرة على التجديد واقتراب كل طرف أكثر إلى الطرف الآخر.
ليلة العمر
يحكي الزوج "محمود السعدوني": "مشكلتي أنني زوج عصبي وأقل شيء يثير غضبي، ولا أقتنع بشيء اسمه حوار هادئ، وكنت أتمنى من الله أن أتخلص من هذه المشكلة الذميمة، وحاولت زوجتي مساعدتي وتحملتني كثيرا حفاظا على حب يجمعنا" .. ويضيف محمود: "قبل سنتين تقريبا في نهاية شهر شعبان جلسنا في ليلة نتسامر ونتبادل الحديث الممزوج بالضحكات، وعند نهاية الجلسة وذهاب الحاضرين من أهلي إلى النوم اقتربت مني زوجتي بلطفها وحنانها، وأخذت تقول لي: لن نخرج بإذن الله من هذه الليلة إلا بفائدة تفيدنا في الدنيا والآخرة".
ومضى محمود يقول: "قلت لها: اقترحي علي هذا الخير، فقالت لي: يا زوجي الحبيب أنت رجل عصبي جدا، وهذا ضرر كبير بالنسبة لنا ولك؛ لذا فرمضان آتٍ وعليك أن تخفف من هذه العصبية التي تضرك دنيا وآخرة، وعندي لك طريقة لذلك، ولكن عدني أن تنفذها، واتفقنا على ذلك.
وقالت لي: عليك عندما ترى شيئا يثير غضبك في رمضان، قل: اللهم إني صائم ولا تفعل شيئا، وبالفعل جاء رمضان وفعلت ما اتفقنا عليه، وهكذا دربت نفسي على كظم الغيظ واتبعت طرق إطفاء نار الغضب والتفاهم بهدوء، فكانت نِعْم النصيحة من نِعْم الزوجة".
رمضان.. وحُمية!
تقول "أم عادل" من مدينة تبوك، وهي ربة بيت وأم لأربعة أبناء: "تأتي علينا لحظات في حياتنا الزوجية نشعر فيها بالملل والضيق، مما يجعل جوا من عدم الراحة النفسية في البيت" هذا ما كنت عليه أنا وزوجي.
وتتابع أم عادل: "حتى إنني سئمت تلك الحياة، ولكنني تساءلت: لماذا أصبحت حياتنا هكذا؟ لماذا أصبح زوجي يعاملني بهذه الطريقة القاسية، وكأنه ندم على الزواج مني، ويحاول الابتعاد عني بأي طريقة؟!".
وأردفت تقول: "جلست مليا بيني وبين نفسي واستعرضت شريط حياتنا، وتوقفت كثيرا عند بعض المحطات.. وعندها قررت أن أفعل شيئا، ولكنني لم أدرِ ماذا أفعل؟ وبماذا أبدأ؟ حتى قرب شهر رمضان، فقررت حينها أن أخفف من وزني الذي بلغ 90 كيلوجراما بعد أن كان في بداية زواجنا 60 كيلوجراما".
وتشير "أم عادل" إلى أنها قامت بالفعل بعملية تنظيم في طعامها، بحيث أصبحت لا تتناول على وجبات الإفطار سوى القليل من الطعام الخفيف كسلطة الخضار وبعضا من الفواكه، إضافة إلى ممارسة بعض الأنشطة الرياضية في المنزل.
وتقول عن نتيجة هذه الحمية: "بدأ قوامي يتحسن، واغتنمت فرصة شهر الصيام دون أن يشعر زوجي، فعاد إلي، وعدنا إلى ما كنا عليه في السابق.. بعد أن تخلصت مما يزيد عن 15 كيلوجراما تقريبا من وزني، وهأنذا اليوم أحرم نفسي بعضا من الطعام الذي أحبه حتى أستطيع إسعاد زوجي الذي أحبه ويحبني".
الإقلاع عن التدخين
أما "أحمد" -25 عاما- الذي تقدم لخطبة إحدى الفتيات مؤخرا، فيقول عن تأثير رمضان على تغيير عادة عجز عن الإقلاع عنها: "كنت من المدخنين بشراهة فلا أستطيع أن أمنع نفسي من تلك العادة الذميمة، وكثيرا ما نصحني الأصدقاء بالابتعاد عنه، وكم حاولوا إقناعي لكن رغبتي وولعي بالتدخين جعلاني أرفض ذلك تماما".
ويضيف: "اقترب شهر رمضان وعرض علي أهلي الخطوبة فوافقت، حيث ذهبت أمي لخطبة إحدى الفتيات ووافق أهلها وتمت الخطوبة، وعقد القران بحمد الله، وحين ذهبت عند خطيبتي واجتمعت بها في أول ليلة من ليالي رمضان أحضر أهلها لنا الشاي، وكالعادة أخرجت سيجارة من جيبي، وأخذت أدخن".
وأكمل: "فوجئت بأن خطيبتي تنظر إلي بدهشة، فقلت لها: ما بالك؟ فأخبرتني أنها لا تحب التدخين على الإطلاق، فأخذت بالابتعاد عنه أمامها، وبعد مضي أسبوع من رمضان قالت لي إنني بصراحة: لا أحتمل رائحة فمك المعبأ برائحة التدخين وآثاره، فقلت لها: ماذا أفعل فأنا لا أستطيع ترك الدخان؟ فقالت لي: لا أريدك أن تتركه إلا في شهر رمضان فقط، وبالفعل كان لها ما أرادت فقد جاهدت نفسي على ألا أضع السيجارة في فمي، وألا اقترب منه في رمضان، وأتمنى أن يعينني الله على التخلص منه نهائيا بعد رمضان".
خطر التلفزيون
ويعرض "أبو حمد" (أب لخمسة أبناء) صورة مختلفة عن التغيير في نمط حياة الأسر بفعل شهر رمضان، فيقول: "إن أولاده رغم تدينهم وحرصهم على الصلاة، لا يتركون مسلسلا أو فيلما إلا ويتابعونه، أو أغنية مصورة إلا ويشاهدونها بما تحتويه من مشاهد لا يصح مشاهدتها لمن هم في مثل سنهم.. مضيفا: كم كنت ساخطا عليهم في هذا الأمر".
ويمضي قائلا: "ظل الوضع كما كان عليه إلى أن جاء شهر رمضان، واتفقت معهم على ترك التلفاز في هذا الشهر، والالتفات إلى ما ينفعهم في دينهم، ووضعت جائزة قيمة لمن يبتعد عن مشاهدته، ووزعت عليهم جدولا للمحاسبة ليجعلوا هذا الشهر فرصة لتكفير الذنوب والخطايا ومحاسبة النفس، والحمد لله جميعهم يتنافسون، وأصبحنا لا نشاهد إلا ما يفيدنا فقط، ويحفظ علينا صيامنا وديننا وحياءنا".
صلاة التراويح
"فاطمة أبو سرحان" نموذج آخر استطاع رمضان تغييرها إلى الأفضل، حيث توضح أنها تزوجت وعمرها 19 عاما من شاب تقي يعرف حق الله تعالى ويؤدي فرائضه على أكمل وجه، إلا أنها كانت "مقصرة جدا في حق الله تعالى، وخاصة في أمور الصلاة"، وتتابع: "ولكن بعد أن مضى عام على زواجنا ومع الاقتراب من شهر رمضان، قال لي زوجي: الآن نحن في انتظار ضيف كريم علينا أن نستغل فرصة قدومه، فقلت له: من هو؟، فقال: شهر رمضان"، مضيفة: "كنت لا أصلي، وأخذ يلح علي زوجي بأن أرافقه في الذهاب إلى المسجد لكي نصلي صلاة التراويح، وهي فرصة كي نتجاذب أطراف الحديث معا ونغير من جو الرتابة، وفي نفس الوقت أقترب أكثر من الله".
وتصف "فاطمة" شعورها حينما شاهدت المصلين والأطفال وهم يصلون ويدعون ربهم ببكاء وترجٍ، فتقول بأن طمأنينة وسكينة قد نزلت على قلبها، لا سيما أن صلاة القيام كان يتخللها موعظة لأحد العلماء، ذكر فيها بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "رغم أنف امرئ أدرك رمضان ولم يغفر له".
وتضيف: "عندها لم أتمالك أعصابي وارتعدت فرائصي، وأخذت أجهش في البكاء وأقول: يا حسرة علي، سيذهب رمضان ولم يغفر لي.. أين سأذهب من ربي؟ وعندما عدت إلى المنزل أخبرت زوجي بالذي حصل معي، ففرح كثيرا وقال: بإذن الله قد غفر لك، وهكذا بقيت حتى هذه اللحظة متمسكة بديني وإيماني بفضل الله أولا، ومن ثَم زوجي وصلاة التراويح".
واقرأ أيضًا:
شهر رمضان والعادات السلوكية(1-3) / رمضان والحرب.......كل عام وأنتم بخير