هكذا دخل على "س" يكاد أن يصرع من هول ما به وانفجر ناطقا مستغيثا "أنجدوني" أكاد أموت إن لم تنجدوني فسوف أشق رأسي لكي أنهي معاناتي بنفسي، إنه لست أنا؟!! من هذا القابع برأسي؟!..... يتحكم فيها مثلما شاء!! وما هذه التي تعلو عنقي؟!... أهذه رأسي أنا؟!! أم رأسُ آخر؟!
أطلق زفيرا طويلا ليقول: سيل من الأفكار يغرقني إنه سيل جارف ينزل علي من كل الاتجاهات وما يقتلني إنها أفكار غير منطقية أبدا أبدا، تتدفق دون مبرر.... دون موعد.... دون أسباب، كادت حياتي تقتصر علي ما تمليه علي هذه الأفكار من أفعال تقهرني وتقهر إرادتي.... إني لأحس بالعجز التام.
هنا جاء دوري في الحديث لأسأله: ما نوعية هذه الأفكار وما شكل هذه الأفعال؟!! أجاب كوكتيل يا فندم!!! من كل نوع ومن كل شكل وأني لأعترف لك بسخافتها واستحالتها.
أعاود أسأله: مثل؟!
يبتسم ابتسامة "أسىً"! ليقول مستنكرا: أحيانا تنتابني أفكار جنسيه بالرغم من أني لا أكون مشتهي لأي رغبة فعندما أجلس بقرب فتاة جميلة أشعر وكأني سوف أقوم بتقبيلها وضمها، أضاف ضاحكا هذه المرة وكأنه علي وشك إطلاق مزحة عندما أسير علي قدمي في الشارع أعتقد أن سروالي سوف يسقط مني وتنكشف عورتي لذا أقوم بالإتمام والتأكد من الحزام أو أن الأزرار مغلقة كل ثانية..... فأنا لا أكف عن فعل الشيء سواء رضيت أم أبيت فإني أفعله، لا أثق في أفعالي أو بأني أتممتها علي أكمل وجه فأعود لتكرار ما فعلت مرة أخري ودائما ما أشك أني أغفلت الباب أو صنبور المياه أو الغاز أو أني لا أحمل نقودا مع العلم أني متأكد أني فعلت ذلك، إذا ما قاومت هذه الأفكار تصبح كالبركان الثائر وتزداد قوة بمقاومتها لأفاجأ بشيء قوي وبفكر أفظع.
هنا سكت "س" ليعاود ويقول: لقد خربت هذه الأفكار رأسي وطالت أحب الناس عندي فأحيانا وأنا أنظر لطفلي أجد صوتا بعقلي قائلا: لماذا لا يمرض؟؟؟ وكأني أحسده ثم ما لبث أن يطل الصوت مرة أخري لاعبا برأسي سوف يمرض ويموت ليس فقط طفلك بل سوف يموت كل أحبائك، فأنهض فازعا لغرفة طفلي أو مهرولا لبيوت أحبائي للاطمئنان عليهم والويل لو كان أحدهم مريضا أو حزينا أو به علة، لا أصف لك إحساسي بالمرارة والألم مع إيماني التام بأن الموت قضاء وقدر وإن كان مقدورا لهم الموت فلن أفعل شيئا حيال ذلك لقد أصبحت هذه الوساوس هذه شغلي الشاغل، حتى أني لأهز رأسي شمالا ويمينا محاولا طردها حتى اعتقد الناس أن هناك خلل في أعصاب عنقي ورأسي، يا إلهي ماذا حل بي.
ويصمت "س" فإذا بي أقول هـ..... فقاطعني محدثا: لا زال في جعبتي ما هو ألعن وأضل ألم أقل لك أنه كوكتيل!!
لقد بدأت بالسهل علي حديثا.... سكت برهة ثم استطرد قائلا: هذا من غضب الله علي أستحق ذلك... هذا عقابي... بالرغم من يقيني بوجود إله واحد إلا أنني أشك في يقيني... دائم التفكير في هذه الذات الإلهية وكأني أريد سبها أو ألحن في أسماء الله الحسني وأظل أقاوم وأقاوم حتى أنهكتني المقاومة وأقسم بالله الذي لا إله إلا هو أني لا أتعمد مثل هذا وأقسم أني لا أدري لماذا أيضا؟؟
فأنا أصلي وأقوم بواجباتي كمسلم ودائما ما تأتني هذه الأفكار وأنا أصلي أو استمع لدرس ديني حتى أنني كففت عن الاستماع لمثل هذه الدروس حتى أرحم عقلي المنهك، وعندما أصلي تداهمني هذي الأفكار فأقطع صلاتي مستغفرا لأعيدها من جديد لتداهمني مرة أخري فأعيدها مرة أخري وهكذا حتى أصبح معدل التكرار في تنامي مستمر فهل ساعدتموني حتى أوقف التكرار ولو عند الرقم خمسة!!!
لقد أصبحت عبدا لهذه الأفكار أصبحت تطاردني حتى في أجمل لحظات سعادتي أجدها تطل من رأسي مخرجة لي لسانها وكأنها تقول لي لن تستطيع وقفي أو منعي فأنا أقوي منك أنك لتعترف بأنه لا أساس لا أساس لي أو منطق ولكنك عاجز عن مقاومتي.
وهنا نظر لي "س" قائلا: أعينيني بالله بحق من أتاك هذا العلم إني لأمد يدي لتساعديني، وتبسمت في وجهه قائلة: وهذه يدي تمتد إليك بالعون.
واقرأ أيضًا:
الوسوسة في المذاكرة: علاج سلوكي/ موسوس من فرنسا/ نعم وسواس قهري ومباشرةً/ في علاج الوسواس: لا سحر يا ناس