هدية للقمة العربية في رحلة البحث عن "نا"
البحث عن "نا" يحتاج إلى مغامرة، أليس كذلك؟!!!
فهيا بنا نطير عبر البساط السحري ونعتليه لكي نخوض ونتعمق سويا في رحلة البحث عن"نا" للكينونة العربية وضمير المتكلم وإن كنت أخشى أن تتحقق "النا" بعد فوات الأوان.
فحتى الآن نا...مجهولة الهوية فكيف نقول أرضنا أو جامعتنا العربية؟!! ومن يعيد لكل وطن عربي وحدة في نائه؟!!
فنحن في مصر ناؤنا لا لون لها ولا طعم ولا رائحة، ولا نملك إلا أن نقول مصرنا، لكن حضارتنا أو عروبتنا فكأي دولة عربية لا يعلم إلا الله مصير "نا" فيها. فتعالي يا عروبتي وابحثي معي عن "نا" لنا جميعا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا "كتاب الله وسنتي" صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم.
أما نحن فلقد جرفنا التيار إلى كل ما هو غربي وكان في البداية باختيارنا، أما الآن فلم يعد كذلك!!! فلقد غرقنا في بحر من التغريب والاحتلال فنحن لم ننتبه إلى نائنا منذ البداية ولكن اتجهنا وبحثنا عن (هم) وليس عن "نا" حتى سُلب كل حق لنا في الاحتفاظ بالحضارة تدريجيا ليتطور إلى فقدان الأرض والسيطرة عليها ولقد بدأ الغرب مشواره للألف ميل منذ زمان بعيد واشتعل في عام 48 وحتى الآن نرى "نا العربية معهم" ولا نستطيع إنقاذها.
فلقد خططوا بحكمة عبر وسائل الإعلام والفضائيات وبدأت الحكاية بالرغبة الجدية في إصابة الشباب العربي بحالة "الأنومية"أي اختصار المجتمع إلى القيم الضرورية لتحقيق توازن الشباب مع المجتمع فقط إلى جانب نسبة معينة بتقديرهم كغرب من التوازن النفسي إلى حد ما، مع جعل الشباب أيضا بلا هوية ولا قضية تملؤه السلبية واللامبالاة، وليس هذا تعميما بل هو مع الاحتفاظ بكل حق وتقدير للعمليات الاستشهادية في فلسطين والعراق فليس هؤلاء هم كل الشباب طبعا، فعندما يفقد الشباب الإحساس بوطنه وكيانه فكيف نلتئم لنقول جميعا شبابنا، ولكن تاهت منا ناؤنا وهذا ما ابتغاه الغرب.
لن ننكر أن هناك الملايين من الشباب يبحثون عن "نا" العربية ولكن البلايين غارقة في متع الدنيا وهم (الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم) وذلك بإشاعة الفاحشة من قبل الغرب فترى الشباب سكارى وما هم بسكارى، لا يدركون مدى قوة الإسلام وعظمته وقدرته على تقديم فكر يوازن بين الروح والعقل والتماسك والترابط والوحدة المفقودة، والتي يمكن أن تبدأ بالاقتداء بالدين والوحدة بين الشعوب والتخلي تدريجيا عن الاعتماد على الغرب في المصادر الغذائية الهامة لكي لا يستخدم الغذاء كقوة ضاغطة على حرية الشعوب وحرية تعبيرها عن ذاتها والاحتفاظ بها وهذا نوع من الجهاد الوطني بأن نقاطع الغذاء الغربي ونعتمد على الدول العربية أي سياسة تكاملية عربية فيها ولو "نا" واحدة.
فلننظر إلى ما يحدث في فلسطين من إنكار للذات واستشهاد من قبل الكهل قبل الشاب والطفل أيضا لابد أن نفيق جميعا وندرك أن الخطر قادم فإذا كانت بعض الأنظمة العربية تقول إن لديها وحدة فهي واهمة فالوحدة لا توجد بدليل ما يحدث في كل اجتماع للجامعة العربية أو عقد قمة أنا معهم في أن هناك وحدة ولكنها هدامة مبدأها وشريعتها السامية ( أخطأ هذا في حق ذاك نشجب ونستنكر وبعد لحظات نختلف على نوعية الشجب والاستنكار وليس على الشجب في حد ذاته، ولا بأس من أن تتحول القمة إلى قمة شخصيات وليست دول ويكفيها فخرا الشجب والاستنكار لأنه إنجاز عظيم ورائع !!! أفيقوا يا أمة العرب ومرة واحدة لا تشجبوا ولا تستنكروا ولكن لابد أن تقروا شيئا مرة من أجل العروبة والوحدة والعزة والكرامة )
ولابد أن تعرفوا أن "نا" الشجب والاستنكار ستذهب بنا إلى الهاوية، ولا فرق أبدا بين "النا" إذا كانت في أول الكلمة أو آخرها!!!
فلنبحث جميعا عن وحدتنا وليس عن شجبنا واستنكارنا وأرجو أن تدركوا مكان "نا" جيدا في العبارة السابقة وتستبدلوه بشيء آخر يثور ضد الطغيان وينقذ فلسطين والعراق وما بعدها... وما بعدها.... وما بعدها، ابحثوا عن الوحدة (وحدتنا) وهذا هو مكان "نا" الطبيعي.
ومعذرة للقائل بأن الأفكار غير منظمة أعترف بهذا لأن المجتمع العربي غير منظم قلق غير مستقر تتزاحم فيه الأحداث كتزاحم الأسماك في أعماق البحار تماما، وأفكاري مثلها وهذا رد فعلها الطبيعي في إطار الإحباط والتفكير في أن الوحدة لم ولن تولد!!!
ولكن من يعلم؟ أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد.
وهذا واضح في اغتيال الشيخ ياسين الذي أشعل الحماس وطال بحثه عن"نا" واحدة للأمة العربية ولكن عندما أراد شيئا وأراد الله شيئا آخر له أعلى مكانة وشرفا استشهد الشيخ القعيد ونال شرف الشهادة ليقول يا صناع المروحيات التي تعبوا في صنعها هل عرفتم أن صوت شيخ قعيد لا حول له ولا قوة أعلى من أصوات مروحياتكم فسحقا لكم ولظلمكم ألهذا الحد كان يؤرقكم صوت الشيخ ياسين؟ الذي لم يكن؟!!
ألهذا الحد كان يستحق هذا الشيخ القعيد كل هذا التخطيط للحد من رحلته للبحث عن "نا العربية"؟!! وكينونته في وطنه، وأنا في ذلك الشأن أعزز ما أقوله بتلك الأبيات لعمرو بن عدي
لنا الدنيا ومن أمسى عليها ونبطش حين نبطش قادرينا
ملأنا البر حتى ضاق عنا وماء البحر نملؤه سفينا
إذا بلغ الرضيع لنا فطاما تخر له الجبابر ساجدينا
وهذه الأبيات من الشعر التي قالها الشاعر العربي البدوي يوما في الجاهلية، تصف اليوم ناء الغرب وغروره فإذا وصل رضيعهم للفطام توهموا أنه إذا خرت له جبابرة العالم ساجدين فهذا حقه الطبيعي في الحياة، فالغرب يعظم نفسه اسمحوا لي فإني أرى تطابق هذا البيت مع ما يفعله الغرب معنا كعرب فهم يرون رضيعهم يستحق السجود
أما نحن فماذا نرى حتى في عظمائنا وما هي ناؤنا؟ وما هي رؤيتهم لنا كغرب ينظر إلينا بنظريات متعددة؟!! ويا ليتنا نعمل بما ورد في القرآن الكريم في
قوله تعالي:- ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) سورة الصف الآية رقم (4)
وقوله تعالي:- ( يأيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسي بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ) صدق الله العظيم سورة الصف الآية رقم (14)
ولنضع أمامنا مسك الختام وهو قول الله تعالى (والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم) صدق الله العظيم
سورة الحج الآيات من (59:57)
فإذا جعلنا كلام الله نورا لطريقنا فسوف نجد نائنا ووحدتنا بإذن الله لأن قرآننا وديننا يدعو إلى الترابط والتراحم ووحدة الصف (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)
فوداعا للشهداء انتظارا لميلاد "نا" العربية لننال جميعا شرف الصف الواحد والجهاد في سبيل الله والوطن.....