ها هم قادمون من الجبال والكهوف والجدران،
زحفاً،
جرياً،
مشياً،
في عيونهم سخط ومكر واحتيال، مدججين بالأسلحة والنيران، على جباههم علامات جرم وإجرام وانتقام، رايتهم مزينة بالدماء، أصواتهم نكرة تنفر منها الأسماع، غايتهم كسر الروابط وتلويث الأنهار وحجب الشمس.
ترفض الأرض أن تكون فراشاً لهم والسماء عرشاً لهم
نفوسهم مريضة ونيتهم خطيرة.
ساد الخوف قلوب الضعفاء، إنهم يتقدمون، أسمع ضجيج أقدامهم وأتحسس سواد قلوبهم وحفيف سيوفهم وسخرية قهقهاتهم...
إنهم يفلتون من بين أصابعي وتحت الأبواب وخلف الأسوار
إنهم يتقدمون
وضعت كل حبلى وليدها قبل ميعاده، سكتت الحركة وعمَّ السكون كل الأمكنة، غارت الابتسامات وابتلعت كل أم وليدها.
لقد اقتربوا
كسروا الأبواب
اغتصبوا النساء
قتلوا الأطفال
محوا الابتسامات
بددوا الرجولة
نفخوا في الجريمة فبدت روحاً مستوية تتحرك بإذنهم
صبغوا المكان بالأحمر
قطفوا الأزهار
وجرفوا الأوحال بأحذيتهم الهشة
دوى الرصاص وتلطخت سيوفهم بالدماء
أُغمي عليَّ وسبحت في أنهار من الدماء
خُيل لهم أنني أسبح في دمائي
هي في الأخير دماء أحبتي
دم فتاة كانت تحلم بفارس أحلامها يوماً
تُطل عليه من شرفة العمر
دم طفل يُعانق دمية
دم والدة أحبت الحياة من أجل مولودها
دم ودم ودم
رحلوا تُرافقهم قهقهاتهم
يضعون سيوفا تقطر دماً على أكتافهم
رحلوا ونفوسهم مفعمة بأمنية قتل وذبح
رحلوا يُغنون؛ غير مبالين بما خلفوا، معمدين بعتمة ظلمة جديدة مباركة عصر الجرم والجريمة، مؤيدة الشر والأشرار، الرهب والإرهاب وجميع من حمل السلاح في وجه المظلومين والأبرياء.
الآن يبدو العالم مظلماً أكثر من أي وقت مضى
كل ما بقي، طفلة شريدة تسبح في بحر من الدماء
والهواجس
والخوف
والرعب
هي اليوم شاهدة على ما حدث، تحكيه في بعض الأسطر لطبيب نفساني يُريد إخراجها من أزمتها، من غُبنها، من جرحها.
لقد أيقظ الطبيب ذاكرتها النائمة وآلاف من الأحاسيس الجارحة التي كانت غافية وفي نفسها يتردد سؤال واحد ووحيد هل سيعودون؟؟؟
من مذكرات غرفتي، يوم الاثنين 04 فيفري 2008
اقرأ أيضاً:
رجل بلا ظل / مأساة / المجنون / حفاظا على العرش / أنا تشهد موتها