"نبوءة" أمريكية: الكيان الصهيوني يختفي بعد 40 عامًا
اهتزت محافل الكيان الصهيوني، من ساسة ومؤرخين وخبراء، واحتدم الجدل بينهم إلى الحد الذي تحسّر بعضهم على عدم إقامة ذلك الكيان في غينيا الأفريقية بدل فلسطين، وذلك بعد نشر «نبوءة» الصحافي الأمريكي المخضرم (بنيامين شفارتس)، بشأن اختفاء الكيان خلال 40 عاماً جراء الضغط السكاني الفلسطيني، إذ شبّه أرحام الأمهات الفلسطينيات بقنبلة ستنسف الجدار الفاصل.
يُعد (شفارتس)، أحد أكبر محرري مجلة "أتلانتيك" الأمريكية الصادرة في بوسطن، من الخبراء القلائل المطلين بعمق على النزاع في فلسطين. وكتب مقاله لعدد أيار/ مايو تحت عنوان: «هل ستبقى (إسرائيل) قائمة بعد مئة عام؟».
وكتبت صحيفة "معاريف" في تعليقها على مقاله: "إذا تحققت، لا سمح الله، نبوءة (شفارتس)، فهذا يعني أن حزم الحقائب لن يقتصر على (غوش قطيف) ـ في قطاع غزة ـ وشمالي "السامرة" ـ الضفة الغربية ـ. بإمكاننا جميعًا أن نبدأ في حزم أمتعتنا."
يقول (شفارتس)، مستندًا إلى محادثات مع جهات مختلفة في الكيان الصهيوني وبالأساس على التوقعات الديموغرافية أن الرحم الفلسطيني هو «قنبلة موقوتة فعلاً»، وستُؤدي في نهاية المطاف إلى ترجيح كفة الميزان ومنع الكيان من الحفاظ على التوازن في أيار/ مايو 2048.
ويُضيف: "المشـروع الصهيوني لم ينجح أبدًا في التغلب على العقبـة الديموغرافيـة التي تُقلقـه منذ تأسـيسـه. الاحتياجات الوجوديـة للسـكان الفلسـطينيين ذوي الخصوبـة العاليـة التي تفوق (إسـرائيل) بعدة مرات، سـتُلزم أي دولة فلسـطينيـة مسـتقبليـة بأن تحاول توسـيع حدودها، الأمر الذي سـيكون على حسـاب (إسـرائيل)، وربما على حسـاب الأردن أيضًا."
«الواقع الديموغرافي فاض من الوعاء» حسب الصحافي الأمريكي، و«على آباء الصهيونية الذين آمنوا بفكرة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، أن يعوا أنه خلال عام واحد فقط سيتحول اليهود إلى أقلية في المساحة الممتدة بين البحر وحدود الأردن كدولة. وخلال 15 عامًا ستصل نسبتهم إلى 42 في المائة من السكان فقط».
ويُتابع «العملية الديموغرافية ستُؤدي إلى أن يتخلى الفلسطينيون عن فكرة الدولة المستقلة، وأن يتبنوا فكرة الدولة ثنائية القومية حسب مبدأ: صوت واحد للشخص الواحد، الأمر الذي يضمن لهم أغلبية في الدولة العربية اليهودية».
ويُشير إلى أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني (آرييل شارون)، "يُدرك الخطر الديموغرافي جيدًا، وخطته للفصل الأحادي وتترسه خلف الجدار الفاصل، هما نتيجتان اثنتان من إدراكه هذا، ولكن الديموغرافيا الفلسطينية ستقوم بتفجير هذا الجدار."
والدولة الفلسطينية أيضًا لن تستطيع الصمود في المناطق بسبب التكاثر الطبيعي الفلسطيني الهائل، حيث سيبحثون، طبقًا (لشفارتس)، عن كل طريقة ممكنة ومتوفرة نحو سوق العمل والاقتصاد القوي في الكيان الصهيوني: «(إسرائيل) لن تستطيع إغلاق الثغرات إلا إذا حاولت حماية نفسها بوسائل مشابهة لتلك التي استخدمتها جنوب أفريقيا العنصرية، ولكنها ستفقد في هذه الحال دعم الولايات المتحدة والغرب، ولن تستطيع البقاء».
وتشير صحيفة "معاريف" إلى أن هذه «النبوءة» تجد التعزيز لدى (شفارتس) من خلال مشاعر اليأس المتزايدة التي يلمسها في الآونة الأخيرة عند «الوطنيين الإسرائيليين» الذين يُكررون على مسامعه عبارة: «لماذا لم نأخذ أوغندا؟!»، في إشارة إلى المشروع الصهيوني الأول بإقامة دولة للكيان الصهيوني في إحدى الدول الأفريقية. قال (شفارتس) هذا الأسبوع في مقابلة أُجريت معه: "إن التفاؤل الذي يظهر في (إسرائيل) من خلال الصحف والتصريحات هذه الأيام، سطحي، ولكن المشاكل الحقيقية لا تجد طريقها إلى الحل."
(شفارتس) في الثانية والأربعين من عمره، من مواليد مدينة نيويورك، ويقطن في بوسطن مع تجربة غنية في الصحافة والعلاقات الدولية سواء لكونه باحثاً في معهد (راند) أو من خلال تحريره للصحيفة الأكاديمية الفصلية «سياسة العالم». (شـفارتـس) على قناعـة بأن كل شـيء يكمن في التاريخ، وهو لا يعرف إذا كانت الأجيال المقبلة من الفلسـطينيين سـتقبل الاتفاقات التي سـيُوقع عليها قادتهم. اتفاق السـلام مع الكيان الصهيوني سـيبقى قائمًا حسـب رأيـه طالما لم يتمكن الفلسـطينيون من تغيير الواقع.
ويتسـاءل «ما الحل؟» قبل أن يُجيب: «التاريخ يُعلمنا، أن هناك مشـاكل كثيرة بقيت بلا حل، وكل المؤشـرات تدل على أن الصراع الصهيوني ـ الفلسـطيني ليـس قابلاً للحل. إذًا ليـس من الممكن إلا الوصول إلى اسـتنتاج واحد: التطلع القومي اليهودي والفلسـطيني لتحقيق الذات على نفـس قطعـة الأرض الصغيرة، لا يُمكن أن يتحقق، و(إسـرائيل) لن تسـتطيع البقاء حتى عيد ميلادها المئـة».
ولم يُفاجأ (أفيغدور ليبرمان) رئيس حركة "إسرائيل بيتنا" والاتحاد الوطني، من استنتاجات (شفارتس) وقال: "لقد حذرت قبل ثلاث سـنوات من أن دولة (إسـرائيل) تسـير نحو الخراب، وأنه ليـس مضمونًا بالمرة أن تبقى بعد عشـرين عامًا، عندئذ قالوا عني أنني مجنون ومهووس، ولكن يبدو أن هناك أشـخاصًا مثلي ينظرون إلى الأمام."
واستغل (ليبرمان) ذلك لتجديد دعوته إلى طرد فلسطينيي 48 من الكيان الصهيوني. بيد أن رئيس حركة "ياحد" اليسارية الصهيونية، (يوسي بيلين)، يقول أن "(شفارتس) يقع في خطأ كبير. صحيح أن استمرار السيطرة على المناطق سيُدخلنا في مشكلة ديموغرافية صعبة، ولكن خلافي الأكبر معه هو أنه يقول بعدم وجود إمكانية لبقاء دولة فلسطينية مستقلة اقتصاديًا، وأن هذه الدولة ستنفجر باتجاه (إسرائيل). هذه توقعات بلا أساس في الواقع. هناك بالتأكيد إمكانية لإدخال عدد كبير من السكان إلى منطقة صغيرة إذا قمنا بتوفير فرص العمل لهم. الدول الصغيرة أيضًا تستطيع البقاء، وسنغافورة هي مثال على ذلك."
كبير الديموغرافيين المختص في ديموغرافيا الشعب اليهودي، البروفيسور (سيرغي ديلا فرغولا)، يقول، من جانبه، أن (شفارتس) لم يطرح أي شيء جديد باستثناء إدخاله للرؤية التدميرية. أبحاث (ديلا فرغولا) تعطي صورة واضحة للوضع: خلال سنوات معدودات سيتحول اليهود إلى أقلية في المساحة الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الأردن. «لدينا اليوم أغلبية 51 في المائة يهود بصعوبة. وكل ما تبقى هم فلسطينيون، و3 في المائة مهاجرون جدد غير يهود من الاتحاد السوفييتي سابقًا. الفجوة بيننا وبين الفلسطينيين آخذة في التناقص. حتى عام 2010 سنصل إلى التكافؤ المطلق، ومن بعد ذلك سنفقد صفة الأغلبية».
ويتابع "التاريخ يُعلمنا أن الدول تختفي عن الوجود أحيانًا ببساطة شديدة. هل يذكر أحد ما اليوم أن دولة البابا كانت قائمة على ثلث مساحة ايطاليا حتى عام 1861؟ الظروف الداخلية والخارجية قررت أنها لا تملك حقًا في الوجود. وهذا الأمر حدث أيضا مع الاتحاد السوفييتي، وهو، -خلافًا لنا-، كان دولة عظمى عالمية. ولذلك يتوجب علينا أن ننظر إلى الأمام، وأن نراقب المجريات التي تحدث".
الأشد من ذلك هو كلام الديموغرافي البروفيسور (أمنون سوفير)، الذي يُحذر منذ سنوات من الخطر الديموغرافي. وهو يقول أن (شفارتس) قد استند في نبوءاته على أبحاثه، ويؤيده في توقعاته، وأن الكيان الصهيوني يسير نحو الانتحار. ولكنه يُخالفه الرأي في عدم وجود حل للمعضلة. والحل في نظره، مثل (ديلا فرغولا)، يكمن في التخلي عن المناطق ومبادلة السكان وإقامة الجدار.
يقول سوفير بأنه لا يوجد أي منطق في إبقاء السيطرة على شرقي القدس. "هذه المواقع ليست أماكن مقدسة ويعيش فيها ربع مليون عربي، ولذلك يتوجب على الكيان الصهيوني التخلص منها، حسب قوله. «قلت ذلك (لشارون) ولم يسقط عن كرسيه. نحن سنضم ذات يوم (آريئيل) و(معاليه أدوميم) و(الكنا) و(ألفيه منشه). هيا نتخلص من النزعة الخلاصية ومن الجنون. فقد آن الأوان لاتخاذ قرارات قاطعة. في اللحظة التي سيُدرك فيها الفلسطينيون أنهم لا يستطيعون التغلب علينا من خلال الديموغرافيا، سيبدءون بالتفاوض معنا لأنه لن يكون لديهم خيار آخر".
المصدر : صحيفة"البيان"
اقرأ أيضا:
انتصارات إسرائيل قد ولّت/ ما بعد إسرائيل: بداية التوراة ونهاية الصهيونية/ فلسطيني يروي حقائق عن التعذيب في سجون إسرائيل