من سبت الغفران إلى سبت الطوفان12
حرب الناس
انتهت الهدنة وعاد القصف المجنون.
كل يوم يدرك المزيد من الناس أن هجمات القصف والقتل والإبادة إنما هي موجهة ضد أناس عاديين: أطفال ونساء وعجائز ومرضى في مستشفيات ونازحين في مدارس وبشر يعبرون من موت إلى موت!!
ويدرك أي متأمل أنه بوصفه إنسانا عاديا يريد أن يعيش إنسانيته ويحقق معاني وجوده يعيش مأزقا وجوديا فارقا سواءا كان في بلد يسمح له بالتعبير أو يمنعه.
فمن يخرج متظاهرا متعاطفا ويعود لبيته سالما يمكن أن تلاحقه العصابات وجماعات الضغط في وظيفته، أو تحاول منعه من السفر بالطائرة لأنه يرتدي إشارة تدل على موقفه الداعم، أو يجد نفسه ملاحقا في جامعته على يد الإدارات العصابات على السواء.
إنها حرب تخوضها الأجهزة والمؤسسات والشركات الدولية وأنظمة الحكم المحلية والإقليمية والغربية دفاعا عن مصالحها ضد إرادة الناس.. كل الناس الناشطة في الدفاع عن إنسانيتها وحقوقها ووجودها!!
والحملان الوديعة في مراعي وادينا ما تزال تعتقد أن الشر يستهدف من يقاومه، ولا يرون استهداف كل بشر وحجر في غزة، ولا يرون القتل المعنوي لإرادات الناس، حتى في أوربا والدول المتقدمة، كما كان الفيلم المصري يتهكم!!
مصالح بعضها صار مكشوفا، والباقي يمكن أن يتكشف: بيزنس بالمليارات، وخطط اقتصادية، وثروات طبيعية يراد نهبها هي ما يحرك الدول والقرارات والجيوش والحكومات والزعامات السياسية والعمائم واللحى والقبعات وجهود الدعم للكيان الذي هو الوكيل عن هؤلاء جميعا يخوض حربهم على الناس، كما يخوض كل منهم حربه في مكانه وبلده وإدارته ضد كل من يعبر عن إنسانيته - مجرد تعبير.
وجوهر هذه المعركة أن نتحرك أفرادا وجماعات لنمارس إنسانيتنا بأكثر من مجرد البكاء والدعاء والمقاطعة.
أن نبدع في ممارسة حقنا في التعبير بما يناسب كل بيئة
أن نخوض معارك التصدي للشر في كل صوره وفي كل بقعة وكل دقيقة، حروب أكاذيب الإعلام والذباب الإليكتروني، وحروب الوعي والذاكرة، دعم الصامدين، وفضح المجرمين، والضغط على دوائر صناعة القرار، ودعم الإجرام.
الأنظمة والجيوش والحكومات وأجهزة الإعلام متواطئة بالصمت أو بالإجرام والحملان الوديعة تنتظر النصرة من مصدر العداوة!!
ننتظر النخب والنجوم والقيادات الشعبية والتنفيذية ويطول الانتظار..
وكأننا لسنا شيئا مذكورا، بينما يصرخ إخواننا في الإنسانية بكل ما تصل أصواتهم إليه، ورغم أن الناس أغلبية لكنها أغلبية غير فعالة بالقدر الذي يؤثر تأثيرا حاسما في وقف القتل.
أي فعل، ولو كان بسيطا يتراكم مع غيره ليصنع فارقا، والفرصة سانحة للاجتهاد والإبداع.. بلا حدود.
الفرصة سانحة للتخلص من بؤس الخيال، وعجز العقل المقهور، والاعتمادية القاتلة التي تربينا عليها.
إنها حرب الناس فيها يلتقون ويتضامنون ويتعاونون ويتعالجون.. إن شاؤوا.
إنها ليست فقط معركة غزة ولا معركة حماس ولكنها معركة الناس، كل الناس
لكل منا أسبابه لخوضها وأدوار ومهارات ينبغي أن نتدرب على إتقانها وتغيير شخصي ونمو ذاتي متاح في ملحمة تتحدى إرادتك وقدراتك وحس المغامرة والتضامن والفاعلية لديك.
ويتبع>>>>>: من سبت الغفران إلى سبت الطوفان14
د. أحمد عبد الله Facebook
اقرأ على مجانين:
من الانفعال إلى الفعل: كسر الحصار والعجز! / رد مجانين على بيان الـ APA الحزين