نزلت الأسواق أشتري لأطفال الأسرة لعبة العيد… على الأرفف في المحلات وجدت الدب الدبدوب، وسلاحف النينجا، وميكي وميني، والقرد الآلي وطائر البنجوين، وسبيدرمان وبالطبع.. النحيفة الباردة: باربي! فمتى نجد في الأسواق لعبة عربية؟!!
فرس عائشة
لا يخفى علينا أهمية اللُعبة بالنسبة للأطفال، وقد أكد الإسلام على أهمية اللعب مع الأطفال، وكان عليه الصلاة والسلام القدوة والمثل الأعلى في ذلك عندما كان يُرى وهو يلاعب أحفاده الحسن والحسين ويداعبهما، وأحيانًا يجعلهما يمتطيان ظهره الشريف حتى أثناء الصلاة، وكذلك كان يفعل مع حفيدته "أُمامة" ابنة رقية رضى الله عنها - كما تذكر كتب الأحاديث الشريفة أنه صلى الله عليه وسلم - كان يسمح لعائشة رضي الله عنها - وكانت صغيرة السن وقتها -أن تلعب بعرائس ودمي، فيروي البخاري أنها قالت: كنت ألعب بالبنات (العرائس) عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يأتيني صواحب لي، وكان عليه السلام يسر لمجيئهن إليّ فيلعبن معي، وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها يوما: ما هذا؟ فقالت: بناتي، قال: فما هذا الذي في وسطهن؟ قالت: فرس، قال: ما هذا الذي عليه؟ قالت جناحان، قال: فرس له جناحان؟، قالت: أما سمعت أنه كان لسليمان بن داود عليه السلام خيل له أجنحة؟ قالت: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه" (النواجذ: الضروس).
السنوات الخمس الأولى
وقد أثبتت بعض الدراسات النفسية أن شخصية الإنسان تتشكل في السنوات الخمس الأولى من عمره، حتى أن بعض العلماء أطلقوا على طفل هذه المرحلة لقب "أبو الإنسان" من حيث إن الإنسان البالغ هو ابن السنوات الخمس الأولى من عمره بظروفها ومؤثراتها، وإن الحصيلة التي يخرج بها الطفل عند الخامسة هي التي تبقى معه إلى آخر العمر، وأثبتت دراسات نفسية أخرى أن 80% من شخصية الإنسان تتكون في السنوات الثماني الأولى من عمره، ويخضع هذا التكوين لاعتبارات تتصل بذات الطفل من جهة من حيث استعداداته وقدراته، ومن جهة أخرى تخضع لنوعية ودرجة هذه المؤثرات التي تحيط به، لذا تعتبر البيئة الثقافية التي يعيش فيها الطفل، والمصادر الثقافية التي يتعرض لها من العوامل المؤثرة في تكوينه الثقافي، وفي مجمل شخصية التي يشب عليها في الكبر وفي اتجاهاته ونسق انتماءاته، ولهذا هناك أهمية بالغة لوجود "لعبة" أو دمية عربية بأشكال ومسميات عربية تؤكد للطفل هويته العربية وتحقق له تقديره لذاته العربية.
صناعة لعبة عربية
وتشير الدراسة التي أعدتها الدكتورة "عبلة إبراهيم" مدير إدارة الطفولة بجامعة الدول العربية- إلى أنه لا يوجد مجتمع من المجتمعات إلا وله ألعابه التي تستمد أصولها من تراثه وخصائصه البيئية التي ترافق أطفاله منذ المهد وحتى المراحل المتأخرة من الطفولة، وتحمل في أشكالها وأنماطها وسماتها وأزيائها الخصائص المميزة والشائعة في هذا المجتمع. واهتمت مجتمعات كثيرة بتصنيع وإنتاج لعب وعرائس قومية لأطفالها؛ تحمل صفاتها المميزة مثل باربي وساندي... إلخ، وكان آخرها العروسة "سارة" الإيرانية التي لاقت رواجًا كبيرًا في كافة الأسواق، وربح منتجوها ملايين الدولارات، وأيضًا العروسة "أمينة" البوسنية.
هذا بينما الطفل العربي لا يجد أمامه سوى المنتج الغربي من تلك العرائس واللعب التي تنقل له القيم والمفاهيم التي يتناقض الكثير منها مع ما هو سائد في مجتمعه العربي، بل والتي قد تغرس في نفسه نزعات العنف والعدوانية، أو مشاعر النقص والدونية.
وتلفت الدكتورة "عبلة" الانتباه إلى أننا نجد أن إسرائيل برغم تعدد سكانها الضئيل قياسًا للعرب تهتم بصناعة لعب الأطفال وتجتهد في هذا المجال كي تتبوأ مركز الصدارة في منطقة الشرق الأوسط؛ مستهدفة في ذك المنطقة العربية، كي تغزوها بتلك الآلية الخطيرة المؤثرة في عقول وأفئدة الأطفال العرب، وفي ثقافاتهم واتجاهاتهم وانتماءاتهم، فنشطت فيها صناعة لعب الأطفال بجميع أشكالها من دمي ولعب، وألعاب إلكترونية، دون منافسة أو خوف من خطر منافسة متوقعة حتى الآن، مستغلة في ذلك توفر ورخص الأيدي العاملة الفلسطينية، ومعتمدة على مراكز بحوث لتقنين وتصميم أشكال ومضامين هذا المنتج الذي يتصل بصورة مباشرة ومؤثرة بصياغة عقول وأفئدة الأجيال الجديدة، واتجاهاتهم نحو الذات ونحو الآخر.
ويتبع>>>>>>>: متى يكون لأطفالنا لعبة عربية؟!..2
واقرأ أيضا:
هل من حقنا التجسس على أبنائنا؟!1 / أينشتاين الصغير.. كيف أكتشفه؟