مشاركة على التربية الجنسية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أشارك بتجربتي في التربية الجنسية, فربما استفاد منها من لا يعرف حتى الآن كيف يتصرف حيال هذا الموضوع.
تجربتي هي مع أخي الذي يصغرني ب 19عاما.. بدأت هذه التجربة عندما كان أخي في سن الخامسة أو السادسة.. لم أعد أذكر بالتحديد, المهم أنه حدث موقف وهو في هذا السن جعلني أبدأ معه رحلة "التثقيف الجنسي"..
صحيح أنني بدأته بشكل خاطئ ولكنني في النهاية -ولله الحمد- اهتديت للطريقة الصحيحة!
ما حدث أن أخي الصغير شاهد "فوطة نسائية" من التي أستعملها, فسألني -وهو في سنه هذا-: ما هذه "الحفاضة" الصغيرة؟؟ طبعا أسماها "حفاضة" لأنه كان حتى ذلك السن لا يزال يتعامل مع الحفائض لأنه لم يتخلص بعد من تبوله الليلي.
ارتبكت.. ولم أدر بماذا أجيبه.. لاحظ هو ارتباكي فقال مسرعا: آه عرفت, أنتم أيضا تتبولون في الليل!! ولكن والله لن أخبر أحدا بذلك..
فاجأني جوابه كثيرا, ولكنه في الحقيقة كان إخراجا لي من "مأزق سؤاله المحرج".. فقلت له نعم.. نحن أيضا نتبول في الليل.. وشكرا لأنك لن تخبر أحدا بذلك..
المسكين كان يعاني نفسيا من عدم قدرته على ضبط تبوله الليلي, وكان هذا الموضوع يشكل إحراجا بالغا له أمام الآخرين, فأحس بشعوري أنا التي بتصوره أعاني من نفس المشكلة. وقرر أن يحفظ هذا السر كي لا يحرجني أمام الناس..
ومر هذا الموقف بهذه الطريقة: الكاذبة..
في تلك الآونة لم أكن أعرف شيئا عن أصول التربية الصحيحة, ولم أكن أعرف كيف أجيب الأطفال عن أسئلتهم المحرجة إجابة صحيحة, لم أكن أعرف سوى طريقة الأهالي في أن كل من يمس هذا الموضوع هو قليل الأدب..
ولكن.. ولأنني شعرت بالظلم الكبير في طفولتي عندما اتهمت بأنني "قليلة أدب"حين سألت عن مواضيع "العيب", فقد قررت أن لا أوقع أخي الصغير بالظلم, فلم أتهمه بأن سؤاله عيبا مع أن سؤاله هذا منطقي جدا..
ولكنني في نفس الوقت لم أكن أعرف كيف أتصرف بشكل صحيح, فجاء تحليل الطفل بأن هذه الفوطة هي لأن البنات الكبيرات -كالأطفال الصغار- يتبولن ليلا خير إنقاذ لي!!!.. وعمدت بعدها إلى أن لا أدعه يرى أيا من هذه الفوط ثانية, ربما ينسى الموضوع من أصله..
ولكن.. لم يرتح ضميري لهذا الجواب لأنه: كذب, ولأن هذا الكذب سيحطم الثقة التي أحاول بناءها بيني وبين أخي في المستقبل, والكذب يظل كذبا مهما كان الدافع له.. فالغاية لا تبرر الوسيلة..
وجعلت أتساءل: لا بد من طريقة أخرى نعالج بها هذا الموضوع مع الأطفال دون أن تكون كذبا أو مليئة بالاتهام للطفل بأنه قليل الأدب.. مما يجرح شعوره كثيرا..
ومن ناحية أخرى.. فإن أخي أخذ يتساءل بغضب: لماذا أنا فقط بابا يجبرني على الصلاة, وأنتم يجوز أن لا تصلوا؟؟
موضوع الصلاة هذا قد شكّل عقدة كبيرة عند أخي لأنه كرهها بسبب أسلوب والدي المنفر مع أخي الصغير..
وبقيت أفكر في هذا الموضوع إلى أن اهتديت إلى هذا موقع إسلام أون لاين..
وقرأت المقالات والاستشارات الخاصة بموضوع التربية الجنسية..
وعندها عمدت إلى إصلاح خطئي..
ولكن أنا كذبت في البداية, إذا لابد من إصلاح هذه الكذبة أولا..
وعندها أردت أن أخلق جوا أنفذ من خلاله إلى فتح هذا الموضوع من جديد مع هذا الصغير,
فأخذت لا أتحرز أن لا يرى الفوطة.. والحقيقة أن عدم رؤية الأطفال لهذه الفوط أمر عسير للغاية, فالمكان الطبيعي لها هو خزانة الملابس, أو درج من الأدراج, والأطفال لهم صلاحية مطلقة في فتح ما يشاءون من الخزائن والأدراج..
ومن ناحية أخرى فإن الإعلانات التليفزيونية تثير التساؤلات كثيرا عند الأطفال.. فكثيرا ما سُئلت عن معنى عبارة: عيشي حياتك !! بعد إعلان عن هذه الفوط !!!!! المهم .. أصبح الجو مهيئا من جديد.. وخصوصا تحت إلحاح أخي ليعرف لماذا هو فقط مجبور على الصلاة وأنا لا..
وعندها بدأت حديثي معه بالاعتذار عن الكذبة التي كذبتها عليه في الماضي عندما سألني, وبررت له كذبتي بأنني أُحرجت قليلا من الجواب, ولكنني حين فكرت بعد ذلك وجدت أنه لا داعي للإحراج وأن الأمر لا يخجل, مادام الله عز وجل خلقنا بهذه الطريقة فلماذا نخجل من خلقة الله..
وشرحت له عن الرحم وكيف أنه يتجمع فيه الدم ليغذي الجنين إذا خلق الله فيه جنينا وإذا لم يخلق فيه جنينا فإن هذا الدم يفسد ويطرح خارج الجسم من فتحة خاصة هي بجوار فتحة البول.. وهكذا..
طبعا هذا الكلام عن الجنين قاده إلى سؤال: يعني أنت تستطيعين أن تلدي طفلا؟؟
قلت له الآن لا, لأنني غير متزوجة, ولكن إذا تزوجت فإن شاء الله نعم سأنجب،
وسهّل الموضوع أن لدينا أختين متزوجتين ولديهما أولاد.. والحمد لله أنه لم يسألني كيف يحدث الحمل..!!
كل هذا الكلام وأخي قد أصبح في الثامنة من عمره تقريبا..
المهم في الأمر هو ربط الجانب العلمي بالدين وبقدرة الله عز وجل.. ولفت نظر الطفل إلى بديع خلق الله.. وعلى فكرة يجب أن نحذر كثيرا خلال الإجابة حتى لا نوحي للطفل بأمور ونفتح عينيه على أشياء لم تخطر بباله بعد..
والمهم أيضا هو طريقة المربي في تعليم الطفل هذه المعلومات.. عدم الخجل أو الارتباك.. يجب التحدث ببساطة وطبيعية وتلقائية, كما لو كان يسأل عن أي موضوع آخر..
قد تتهيبون الموقف في البداية, وهذا ما حدث معي, فقد كنت أشعر بالإحراج الشديد من أخي ولكنني اتبعت النصائح الواردة فيما قرأته على هذه الصفحة المباركة, والحمد لله تبين لي أن الأمر أسهل بكثير مما كنت أتخيل..
وبعد ذلك بقيت مستعدة دائما لأي جواب بكل جدية وبساطة وبطابع علمي وديني في نفس الوقت.. إلى أن جاء موعد ولادة أختي منذ حوالي 5 أشهر.. وقد هيأت نفسي أنني سأخبره عن الولادة في هذه المناسبة, خصوصا أن أختي ستلد بعملية قيصرية,
وهذا سيثير في ذهن الطفل الكثير من التساؤلات.. تماما كما حدث معي عندما كنت صغيرة..
تجربتي هي أنني سألت: كيف يخرج الولد من بطن أمه؟؟
فجاءني الجواب المعهود: الطبيب يفتح بطن الأم في عملية جراحية ويخرج المولود..
طيب.. أقنعتني الإجابة.. إلى أن جاء موقف آخر تفجعت فيه أمي على حال إحدى قريباتنا التي قرر لها الطبيب أن ولادتها ستكون قيصرية, فسألت: كيف تكون الولادة القيصرية؟؟
فجاء الجواب المذهل: فتح بطن!
عندها دخل الشك في نفسي واستغربت فقلت لها: ألم تقولي أن الولادة هي فتح بطن, إذًا ما الفرق بينها وبين القيصرية؟؟
عندها جاء الجواب المعهود: عيب تحكي في هذه المواضيع يا بنت..
وطبعا هذا الموضوع بالنسبة للبنت حساس جدا بخلاف الصبي, لأن البنت ستكون يوما ما مكان تلك المرأة التي ستلد قيصرية أو لا قيصرية!!
ومهما كان السائل: بنت أم صبي فلا يجوز الاستهتار بقيمته كإنسان يسأل.. بل هو يستحق الاحترام لأنه يسأل لا التعنيف والاتهام بقلة الأدب..
المهم.. ولأنني تلقيت تربية جنسية سيئة في صغري, فقد قررت أن أتابع تربية أخي الجنسية وحتى النهاية..
وفعلا حدث ما توقعته.. سألني أخي: ماذا تعني قيصرية؟
فشرحت له الفرق بينها وبين الولادة العادية.. وأخبرته أن الله تعالى خلق فتحة طبيعية للرحم ليخرج منها الولد.. هي في الحالة العادية ضيقة ولكن الله تعالى بقدرته وحكمته جعل لها عضلات مطاطة تتوسع ليستطيع الطفل الخروج للحياة..
وسألني أين هي هذه الفتحة فأخبرته أنها بجانب فتحة البول..فلم يستوعب في بداية الأمر وجعل يشير إلى مكانها على جسده ليتأكد من المكان الذي عنيته له في كلامي..
بدأت أمارات الاستغراب على وجهه.. وعندها قلت له: لماذا أنت مستغرب. يجب أن تكون هذه الفتحة في مكان محمي وآمن وبعيد عن الصدمات, لو نفرض أن الله تعالى خلقها في الذراع أو في الساق أو حتى في البطن, فإنها ستكون في مكان مكشوف وبالتالي فإن فرصة المحافظة على الجنين ستكون ضعيفة لأن الذراع والساق كثيرا ما تتعرض للصدمات والخبطات.. وعند الخبطة ربما انفتحت هذه الفتحة فانزلق الجنين خارج الجسد ولم يكمل شهره وعندها سيموت..
إذاً كان لا بد أن يخلقها الله تعالى في مكان آمن.. أي أقل مكان عرضة للصدمات.. والحمد لله على حكمته البالغة..
الحقيقة أن هذا الجواب أقنعه جدا.. وأنا حتى الآن لا أدري من أين جئت بهذا التحليل المنطقي!!
ولكن الله تعالى هو الذي يسعفنا بالإجابة الصحيحة "وقت الزنقة" !! فالحمد لله على هذه النعمة..
إذاً: عرف أخي عن البلوغ عند البنت وعن الولادة والحمل..
أصبح أخي يعرف بأمور النساء أكثر مما يعرف بأمور الرجال!!
والآن جاء دور الثقافة الجنسية الذكورية.. خصوصا أنه يزحف نحو عامه الحادي عشر..
ولكن.. كيف سأدخل إلى الموضوع؟؟
أنا لا أحب أن أقحم الموضوع بصور مفضوحة وأحاول دائما أن تأخذ هذه المواضيع طابع التلقائية والعفوية.. فهذا أفضل وذلك حتى يكون رد فعل الطرف الآخر سليما..
وبقيت أتحين الفرصة.. وأخيرا حانت هذه الفرصة.
أنا لا أذكر هذه التجارب على طولها إلا لأخبر الآخرين بتجربتي وكيف كنت أوجد الموقف الذي أريده أو كيف ألهمني الله تعالى في المواقف الطارئة.. لأنني وكما لاحظت فإن كثيرا من الأمهات يتهيبن الدخول في هذا الموضوع ولا يعرفن كيف يبدأن مع أولادهن..
المهم..
خرجت أنا وأخي في نزهة: أنا أمشي وهو على دراجته الهوائية, فقلت له: مقاس الدراجة هذا العام أفضل من العام السابق, لأنك طولت قليلا, هل تذكر في العام الماضي كيف أنك كنت كلما نزلت عن كرسي القيادة اصطدمت "المناطق الحساسة" بالحديدة التي تصل الكرسي بالمقود؟؟
أنت الآن أطول ولهذا لم تعد تصطدم.. الحمد لله..
فقال لي نعم.. لم أعد اصطدم.. كانت الصدمة مؤلمة جدا، خصوصا على هذا الكيس الصغير الذي فيه كرة صغيرة.. أحيانا ألعب بهذه الكرة الصغيرة التي داخل الكيس فأمسكها من طرف فتهرب إلى الطرف الآخر, فأحاول إمساكها من الطرف الآخر فتهرب ثانية وهكذا..!!
- الفرصة رائعة الآن - فقلت له: هل تعرف ما هذا الكيس: فقال لي: هذا الكيس هو الذي يتجمع فيه البول..
- ثقافة جنسية أقصد بولية جديدة, لا أدري من الذي أكسبها لأخي الصغير أو ربما استنتجها بنفسه!! -فقلت له: لا.. هذا ليس الكيس الذي يتجمع فيه البول, لأن البول يتجمع في المثانة وهي داخل الجسم لا خارجه..
أما هذا الكيس ففيه كرتان لا كرة واحدة, و هما عبارة عن غدتين....
وأخذت أشرح له كيف تنضجان كما تنضج كل غدد الجسد.. وبنضجها تفرز مواد..
وهذه الغدد هي آخر الغدد نضجا في الجسم وعندها يصبح الإنسان مكلفا ومحاسبا عن أعماله, ويصبح الإنسان قادرا على التكاثر والإنجاب..
إذا لا بد أن يكون هناك جهاز في جسم الإنسان يضمن استمرارية نوعه في الأرض, وهذا الجهاز اسمه جهاز التكاثر أو التناسل, وإلا لانقرض الجنس البشري من على هذه الأرض, ولكن الله تعالى يريد لنا أن نظل هنا وأن نعمر الكون, ولهذا زودنا بجهاز تكاثر كما زود النباتات بذلك والحيوانات أيضا..
وإلا انقرض الجميع..
فسألني: كيف أعرف أنهما نضجتا؟؟
فقلت: فقلت عندما يخرج هذا السائل ويطرح خارج الجسم ربما خلال النوم أو في النهار..
ووقفت الأسئلة عند هذا الحد..ولله الحمد..
الموضوع الأخير الذي بقي علي أن أناقشه مع أخي هو: الجماع..
ادعوا لي أن ييسره الله علي..
هذه هي تجربتي مع أخي الصغير.. الذي أتمنى أن يغدو -بفضل الله تعالى ثم بفضل معونتكم في هذا الموقع- رجلا خاليا من آثار التربية الجنسية الخاطئة..
أتمنى أن يكتب الإخوة ويشاركونا بتجاربهم حول هذا الموضع..
ودمتم سالمين..
وجزاكم الله كل خير..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رد المستشار
الابنة الغالية: أشكرك على إيجابيتك وعلى ما تفضلت بكتابته من تجربة حقيقية وواقعية تعيننا جميعا على تلمس طريقنا ،وأعتقد أننا في أشد الاحتياج لتناقل هذه الخبرات غير المسبوقة في مجتمعاتنا والتي اعتمدت أسلوب التعتيم والتكتم في الأمور الجنسية ولسنوات طويلة حتى بات التعتيم والتكتم الأصل،
وفي هذه الظروف تصبح أي خبرة معاشة هي السبيل للتعرف على أساليب ووسائل مبتكرة؛
وفي هذا الصدد أرحب بخبرة كل مربي في هذا المجال، كما أرشح لك ولكل مربي وكل من يهتم بتعليم أبنائنا هذه الثقافة.. أرشح كتاب "من أين يأتي الطفل" الذي تصدره شركة سفير أو أي كتاب مشابه، كما أطلب من الأخ الكريم د.وائل أن يمدنا بالدليل الذي ذكرته في الاستشارة السابقة.