عجز كل من علم بالأمر عن الإجابة، فهل تساعدوني..!؟
بعثت إليكم برسالة في الأسبوع الماضي... وانتظرت رد حضرتكم طوال هذا الأسبوع، أعلم كم الرسائل الضخم الذي يصل إليكم... لكنني في أشد الحاجة إلى أن أستمع إلى رأيكم في أسئلتي الحائرة التي بعثت إليكم بها من قبل. قارب العام الدراسي على الانتهاء ولم يبق سوي قرابة أسبوع وأنا على وشك أن أتخذ خطوة ما، ولكن قبل أن أتخذ هذه الخطوة لابد أن أعرف رأيكم فيما احترت فيه، لعل أن يكون قد غاب عني شيء ما... فيدفعني جهلي وقلة خبرتي إلى ما لا تحمد عقباه.
أتمني ألا تكون رسالتي قد ضاعت وسط الكم الهائل من الرسائل الواصلة إليكم، لهذا أبعث إليكم برسالتي مرة أخرى، وشــــــــــــــــــاكراً لكم هذا الجهد الذي تبذلونه، والذي أتمنى أن يجزيكم الله عنه الثواب الكبير .
والسلام عليكم يا أسرتي العــــــزيـــــزة.
نص الرسالة:
السلام عليكم ورحمة الله؛
هذه هي أول مرة أبعث إليكم بمشكلتي... بعد تردد كثير، لا لعدم ثقتي فيكم -فأنا أثق فيكم وأثق في ردودكم الناضجة الواعية المتأقلمة مع طبيعة العصر- لكن لأنني كنت أهرب من نفسي وأهرب من التفكير في مشكلتي قدر ما أستطيع، حتى ضاق الخناق وشعرت أنه لابد من أجد إجابات لأسئلتي الحائرة.
لا أعرف من أين أبدأ مشكلتي حقيقةً لأنها مشكلة مركبة بالرغم من أنها قد تبدو للوهلة الأولى مشكلة مكررة.
تبدأ فصول قصتي منذ قرابة العامين والنصف... فترة طويلة وقاسية، مررت فيها بأسوأ حالاتي النفسية... تمنيت فيها الموت قبل أن أرى ما أراه، بالرغم من أن سنوات الكلية من المفترض أنها أجمل سنين العمر.
منذ عامين ونصف التحقت بإحدى الكليات العملية المرموقة...، جو ومناخ جديد منفتح وملئ بالاختلاط، انتقدته منذ الوهلة الأولى ولم آلفه ولكنني على قدر كبير من الذكاء والليونة مما جعلني أندمج في هذا الجو وتتسع شعبيتي لتشمل كل زملائي مِن مَن هم معي في دفعتي ليس هذا فقط بل مع من هم أكبر وأصغر مني.
كل هذا من دون أدنى تفريط في حدود الله... وبالحد الأدنى من العلاقات مع زميلاتي في الكلية.
من أول يوم لي في الكلية أدركت أنه لا يصح إلا الصحيح لي وأنه وإن امتد الخطأ ليشمل تقريبا كل زملائي وزميلاتي، فليس معنى هذا أنني على خطأ.
تمر أيام الكلية الأولى، سعيدة مبشرة فقد كانت هذه الكلية هي الكلية التي أحببتها واخترتها رغم مجموعي الكبير وكأي شاب كان هناك دائما صورة لفتاة أبحث عنها، رسمت صورتها في خيالي. صورة لفتاة ملتزمة من أسرة ملتزمة متدينة راقية، صورة لفتاة نظيفة بريئة، صورة لفتاة ليس لها ماضي، حتى وإن كان هذا الماضي مجرد تفريط أدني تفريط في الملبس أو حتى الخروج عن المطلوب في العلاقات مع الجنس الأخر، وتمنيت أن يكرمني الله بما أتمنى فقد صنت نفسي كثيرا ولم أكن يوماً عابثا مثل كل زملائي، حتى وإن كان ببعض الأشياء البسيطة.
لا أعرف تحديدا متى رأيتها ولكن كان هذا منذ عامين ونصف، إنها هي الصورة المكتملة لما ينبغي أن تكون عليه الفتاة المسلمة، دين وأخلاق والتزام، كانت جميلة وطاهرة في كل شيء وأقسم إليك يا الله أنني لم أر في حياتي من هو أكمل منها، فتاة من أسرة محترمة ملتزمة و والدتها أم فاضلة منتقبة تحتضن أبناءها وتربيهم كما ينبغي أن تكون التربية الإسلامية ووالدها - رحمه الله - أحسبه من الصالحين.
على قدر عالٍ من الجمال... و وجدت فيها تقاربا لا مثيل له لي ولنشأتي ولمستواي الاجتماعي والمادي، كانت كاملة في كل شيء... صحيحة في كل شئ... ملتزمة في كل شيء. حتى في أبسط الأشياء التي ربما لا يبالي بها الكثيرون... ولكنها تدل على مستوى عالٍ من الالتزام الديني والخلقي.، ولهذا أحببتها، أحببتها بكل ما استطاع قلبي أن يحب... ووضعتها في المرتبة الثالثة بعد حبي لله ورسوله ... فهي كما كنت أقول "تطبيق عملي لكتاب الله وسنة نبيه " وكانت مشاعري إليها مشاعر مركبة فكما أحبها لأنها حلمي الذي أبحث عنه شكلا ومضموناً بكل تفاصيله التي لم أتخيل أبداً أنني سوف أجدها مجتمعة في شخص واحد، كنت أحبها لأنها إنسانة وأخت ملتزمة قبل كل شيء، ولهذه النقطة أهمية خاصة في معاناتي التي ستعرفونها بعد ذلك.
ربما يكون هناك الكثير من الملتزمات... نعم هذا صحيح، فالصورة ليست سوداء تماما، لكن ما كان يميزها عن كل هؤلاء الملتزمات ليس فقط كونها ملتزمة ولكن أيضا كونها معتدلة بالطريقة التي تجعل الالتزام يصلح حقيقةً لأن يكون سلوك حياة بدون أن يكون عائقا أمام الاستمتاع بالدنيا كما يقول البعض. ،فهي ملتزمة رقيقة حساسة، تذاكر وتتفوق وعلى الجانب الآخر ترسم وتمرح...تؤدي فروض الله ولا تقصر في احتشامها..وكأن الالتزام والاحتشام لا يشكل أي عبأ بالنسبة لها، فحياتها تسير بسهوله ويسر رغم التحفظ في أمور كثيرة... لم يمنعها التزامها من أن يكون لها علاقات مع زميلاتها اللاتي ربما يري البعض الآخر من الملتزمات المتذمتات أنهن لا يصلحن أن يكن صديقات أو حتى زملاء... فهي تسايرهم وتندمج معهم ولكن لحدود لا تتعداها أبداً وضعتها هي ولم يجبرها أحد عليها... تألفهم ويألفوها دون أن تتشرب أيا من أفكارهم عن الانفتاح والاختلاط.
لن أطيل عليكم في وصف مكارم أخلاقها، ففي بعض الأحيان يعجز القلم عن وصف ما تراه العين، ولكني سأقول أن بعد كل ما لسمته فيها أدركت تماما أنها هي ما كنت أبحث عنها وأنها هي الصورة المكتملة، والكمال لله وحده، وكان علي أن أصل إليها، ولأنني لا أعرف الخطأ ولا تألفه نفسي ... فقد عاهدت الله على ألا أحاول التقرب إليها إلا عندما يحين الوقت المناسب – والذي رأيته مناسبا في السنة الأخيرة من الدراسة وكبت مشاعر الحب في قلبي، و ما أصعب الحب المكبوت في القلب، ولكن كان يخفف عني دعائي وتضرعي إلى الله كل يوم مرات ومرات طوال عامين ونصف موقناً بأن الله لن يخذلني، فما صنت نفسي إلا مرضاةً لله، وما صنت نفسي إلا لكي يوفقني الله لإنسانة مثلها... وأتذكر أنه منذ عامين ونصف لم يمر علي يوم إلا وصليت صلاة (قضاء الحاجة) سائلاً الله إياها حتى وأنا في أشد أيامي إرهاقاً... وأذكر أيضا أنني كنت دائم الدعاء إليها ناسياً أن أدعو إلى نفسي... فقد كنت أرى فيها الكثير والكثير، مما أفتقده في هذا العالم الذي أشعر فيه - بالرغم من اتساع علاقاتي – بالوحدة.
علقت عليها كثيرا من الآمال وأنصب جهدي على محاولة أن أكون مستعداً حينما يحين الوقت... وأيضا على محاولة أن أظهر بالمظهر المناسب لديها إلى هنا ينتهي الفصل الأول. يبتدىء الفصل الثاني من شقائي
يبتدىء الفصل الثاني مع بداية هذا العام ... وهو أسوأ عام مر علي طوال حياتي. يبتدىء هذا العام بمحاولة جدية لبناء مستقبلي الذي ارتبط كثيراً بها وبمحاولة أن أكون معروفا لديها في محيط الكلية، كإنسان محترم مهذب، فقد أدركت أنني بالرغم من أنني أحسب نفسي إنسانا ذا سمعة طيبة إلا أن هذه السمعة لم تصل إلى مسامعها.
تمر الأيام الأولى سراعا وفي هذا العام أتلقى ضربتين الواحدة تلو الأخرى... لينقسم ظهر البعير وليصبح البعير عاجزا تماما... مستلقيا يتمنى الموت.
كانت الضربة الأولى
عندما لاحظت أنها بالرغم من نجاحي في ما أسعى إليه من محاولة الظهور بمظهر حسن إلا أنها انصرفت عني تماما... هي ليست لها علاقات بأحد من الزملاء ولكن الله قد وهبني من الفراسة ما أقرأ به ما في أعين أي إنسان كأنها سطور وكلمات، لا أقول أنني قد وجدت في عينيها اهتمام بأحد معين ولكنني كنت أقرأ في عينيها الاهتمام الكثير، أما أنا فكما لو كان على عينيها غشاوة فهي لا تراني، ولا أري في عينيها حتى ولو الحد الأدني من الإعجاب... الإعجاب الذي تكنه أية فتاة لزميل محترم حتى ولو لم تفكر فيه كزوج، إنه أبسط درجات الإعجاب، فأُصبت بالإحباط واليأس من جدوى كل ما أفعله.
ووجدتني مندفعا لإعلامها بحبي، لا لأن أعيش قصة حب إلى أن يحين الوقت المناسب – فأنا لا أفعل أي شيء إلا في النور – ولكن حتى لا أكون قد أضعتها لمجرد أنني لم أصرح لها بمشاعري، فلو حدث هذا لما كففت عن لوم نفسي طيلة حياتي. ولأنني خجول ولأنني أحسبها خجولة... وجدت بيني وبينها حائلا من زجاج سميك أعجز عن تخطيه وشعرت أن وضعي ووضعها لن يسمح لي بأن أشرح لها مدى حبي وأنني لا أبغي بها سوء، فخفت أن تظن أنني عابث، فآثرت أن أكتب لها وأن أشرح لها مشاعري،
وأقسم بالله العظيم أن ما كتبته إليها لم يحمل كلمة حب صريحة، حتى لا أخدش حياءها وإن كان كلامي يشف عن مدى حبي لها وقبل كل شيء عن مدى احترامي لها... وتمنيت من الله أن يكرمني وأن يحرك خطابي هذا في قلبها مشاعر الحب.
التي لو كانت قد تحركت – والله العظيم – لما استغلٌتها استغلالاً خاطئا ولبقيت علي ما أنا فيه من الحفاظ على نفسي وقبل كل شيء الحفاظ عليها إلى أن يحين الميعاد.
بعثت إليها بالورقة – وهناك تفاصيل أتمني الاحتفاظ بها عن كيفية إرسالي الورقة لها – ويمر أسبوع ثقيل ولا أري في عينيها أية بادرة حتى ظننت أنها قد مزقت الورقة ولم تعرها أي اهتمام.
ثم يأتي يوم مشئوم لأتلقى فيه صدمتي الأولى وهذا هو الحوار الذي دار بيني وبينها بعد حب طويل من طرف واحد:
*******
يا ( ..... ) أنا متشكرة جداً على إللي في الورقة
بس أنا آسفة، أصل مش حينفع
الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها اتلف وما تنافر منها اختلف
أنا آسفة
ما تزعلشي
(وكان صوتها معي منخفض وحنون)
*******
ولم أتمالك نفسي وأنا أري حلمي ينهار وأعطتني الورقة و انصرفت.
وغبت عن الدراسة طيلة أسبوع وأنا مذهول من هول الصدمة لا أجد من يخفف عني أو على الأقل يبين لي سر رفضها الغامض، كنت خلال هذا الأسبوع أخرج كل يوم في الصباح الباكر أسير في الشوارع هاربا من الناس ومنها...
وكنت أسير مسافة تقارب العشرة كيلومترات في أشد ما تكون فيه الشمس قاسية، لا لشيء أكثر من مجرد الهروب من هذه الصدمة.
وحتى لا أُطيل عليكم في وصف حالتي في تلك الأيام، نعود إلى نقطة رفضها الغامض لي فهي لا تعرف عني الكثير، وفي نفس الوقت أنا لم أطلب منها أي شيء، سوى أن تعلم أنني أحبها وأن أنتظر الوقت المناسب لأتقدم... إذن فماذا رفضت؟
... لا أعرف؟!
كان بإمكانها أن تقول لي "إذا كنت جادا حقا... تفضل عندنا وتحدث إلى والدتي ثم ننظر في الأمر"
كان لابد أن تعطيني فرصة كهذه خاصة وأنني أحبها.
لكنها آثرت الرفض المبهم الذي تعجب له كل من عرف بالأمر.
وتمنيت أن أري في عينيها أية شفقة أو تعاطف على ما آل إليه حالي بعد أن حدثتني ولكن كانت دائما نظراتها قاسية حجرية، تجرحني وتؤلمني كالسياط، كأنما تعاقبني على حبي لها، وذادت الفجوة بيني وبينها، وأصبح حلمي... مجرد خيال بعيد أراه في منامي ليس له على أرض الواقع أي شيء.
وتغير حالي كثيرا بعد هذه الواقعة وخيم على حياتي الاكتئاب والحزن، وتحولت من إنسان محبوب مرح، لإنسان كئيب تدور علامات الاستفهام حول سر تغيره بين كل زملائه، ولم أعد آلف أيا من الزملاء وأصبحت أهجر أي تجمع لأي مكان بعيد لأجلس وحيدا أفكر في أمري وأبكي وأفوض أمري إلى الله، أو أنتظر في الكلية إلى أن تخلو تماما وأظل أجلس شاردا حتى لا أجد بداً من أن أنصرف. ولا أعرف لماذا أصبحت شديد الحساسية تجاه أي موقف، وخاصة وإن كان يتعلق بالحب والزواج... وأهملت كل شيء أهملت نفسي وأهملت دراستي...
وإن كان يراودني الأمل أنها ربما اندفعت في كلامها وأن الله كريم وربما تنظر في الأمر مرة أخرى... ولكن هيهات لأن تعيد التفكير فقد حسمت التفكير مع نفسها حسماً لا رجعة فيه .
تقولون أنني قد ظلمت نفسي بقصة حب من طرف واحد... وأقول وهل كل قصص الحب تبدأ بالطرفين معاً... كما أن لي من المؤهلات ما يجعل حلم الارتباط بها ليس صعباً وما يجعلني لست بعيداً كثيراً عن أحلامها وهي كالأتي:-
*أنني على قدر من الوسامة شكلاً وملبسا.ً
*أنني أتمتع بسمعة طيبة ومعروف عني حسن الخلق والالتزام.
*أن الله قد وضع في وجهي القبول، فما رآني أحد إلا وأحبني وامتلأ قلبه بالراحة إلي.
*أنني كما يقولون (عاقل ومليش في طيش الشباب)
*وأنني والذي أراه في أعين زميلاتي - وسمعته من أحد اصدقائها المقربين - لي الكثير من المعجبات اللاتي يتمنونني، وهن فتيات ملتزمات إلى حد بعيد.
*أنني ميسور الحال والحمد لله، ومن أسرة محترمة ومن أب وأم فاضلين.
*أن الكلية التي أنتمي إليها كلية مرموقة واعدة بمستقبل اجتماعي ومادي كبير وفي فترة قصيرة جداً.
– وهذا ما تأكدت منه من انخفاض سن الزواج بين خريجي هذه الكلية... نظراً لتحسن الظروف المادية سريعاً بعد التخرج.
وأخيــــــرا... أنها لا تمانع الارتباط بأحد من الزملاء أثناء سنوات الدراسة؛ مادام هو إنسان مناسب.
إذن ما الســـــر؟؟؟!!!
فلجأت لتوسيط إحدى الزميلات، وكانت وجهة نظري في ذلك أن عليها أن تعرفني وتعرف كم أنا أحبها وعلى ذلك فقد قررت أن أحكي لزميلتي هذه عن نفسي وعن كل ظروفي وأوضاعي لتبلغها إياها فربما تغير رأيها ولكن لم تسر الأمور كما خططت وفشلت هذه الفكرة ولم يزد ردها عليها أكثر مما قالته لي من قبل (إن مفيش قبول) فلم أجد بدا من الحديث إليها لأفهم علي أي أساس بنت حكمها علي وهي لا تعرف عني شيئا فإذ ربما أكون أنا من تمنته لكنها لا تعرفني فحكمت علي حكما خاطئا مع ملاحظة نقطة فرعية ومهمة وهي: أنني شخصية ذات أبعاد وجوانب أعمق بكثير مما يبدو لأي إنسان يعرفني معرفة سطحية وأنني لم يعرف مدي عمق أفكاري ومشاعري سوي المقربين جداً من الأصدقاء والذين هالهم ما عرفوه عن عقليتي، ولا أمدح في نفسي ولكن هذه هي شهادة الأصدقاء الذين عرفوني حقا حتى أن أحدهم قال لي يوما (يا فلان إنت إللي ما يعرفكشي ما يتخيلش إن ليك أبعاد كتيرة وعميقة بالشكل ده)
المهم... نعود للحوار الذي دار بيني وبينها؛
*******
أعلم ما قلته ل (.....) وإللي ماليش اعتراض عليه – الاختيار اختيارك بس أنا ليا تعليق وحيد: إنت ما تعرفيش عني حاجة، ما تعرفيش حاجة عن أحلامي عن شخصيتي، عن ظروفي... إزاي حكمت عليا؟
فقالت: أنا قلتلك قبل كده إن مفيش قبول وإن الأرواح جنود مجنده ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف.
فقلت: القبول إحساس أول بيتغير ومش هوا إللي نبني عليه أحكامنا،
وضربت لها أمثلة كان من بينها صديقي الذي أعتبره الآن في مرتبة أخي، والذي لم أكن أتخيل أبدا أنه إنسان بمعنى الكلمة، فقد ظننته عند أول معرفتي به إنسانا أنانيا، خبيثا ومعقدا ولكن الأيام أثبتت لي أن الحكم على الإنسان من النظرة الأولى ظلم وهذا ما أكدته لي الأيام مع الكثيرين،
فصمتت وسرحت بعيدا كأنما تفكر فيما أقوله
ثم قالت: أيوه صح وهنا تبادر إلى ذهني - ولا أعرف لماذا - أنها تحاول الهروب وأن فكرة أنه لا يوجد قبول هي كلمة لمجرد إنهاء الأمر ورفضي من دون إعطائي الفرصة للدخول في تفاصيل
فقلت: دا إنتي حتى ما سمعتنيش وأنا بتكلم ودي أول مرة أكلمك وإنتي متكلمتيش معايا قبل كده، ومتعرفنيش
فقالت: أيوه فعلا أنا مسمعتكشي قبل كده بس أنا كنت حاعرفك إزاي... وأنا ما بكلمشي ولاد
فقلت: أنا إنسان مستقيم مليش في الكلام ده وكل إللي كنت عاوزه إني آجي عندك في البيت أسمعك وتسمعيني وأتكلم مع والدتك
فصمتت ثم قالت: وأنت مش شايف إن إحنا لسه صغيرين
فقلت: أيوه بس أنا كنت حاجي الصيف ده عشان أثبتلك إني مش عاوز حاجة غلط
ثم قالت: أنا آسفه بس أنا مأدرشي أخدعك أنا فعلا مش حقدر أكمل معاك، ما أنا ممكن أقولك اتفضل عندنا... وأعلأك بأمل وبعدين تتصدم، أنا مفضلش كده ولازم أبقى واضحة معاك... أنا مش حأدر أستمر وحتى لو غيرت رائي، فحبأي مستغربة من نفسي أوي
فقلت: إنتي فكرتي كويس
فقالت: الموضوع ده بقاله أد إيه؟... بقاله كتير، وأكيد فكرت
فقلت: انت استخرتِ ربنا
فقالت: أنا مبعملشي حاجة من غير ما أستخير
فقلت: ولما استخرتي كان في قلبك كراهية منك ليا، مخلتشي الاستخارة واضحة
فقالت: أنا عمري ما كان في قلبي كراهية ليك... بالعكس دا أنا وفلانة – فلانة هي صديقتها المقربة جداً
– كنا دائما ومن زمان بنؤل عليك إنك إنسان محترم
فصمت ثم قالت: إحنا لسه صغيرين، ولسه حنشوف كتير وحنقابل كتير.... ثم صمتت وصمت...
*******
وكان هذا آخر ما دار بيني وبينها وقد كان كلامها أيضا هذه المرة بأسلوب هادئ، رقيق على عكس ما يوحيه الحوار،
وانصرفت وأنا حائر من غموض هذا الحوار.. حتي أن أحد الأصدقاء قال لي (إذا كانت بتحترمك وبتقدرك، أمال إيه تاني المطلوب عشان توافق عليك... وبعدين إيه " أنا مش حقدر أستمر ومش حقدر أكمل، ما يجوز تطلع كويس وتطلع إللي كانت بتحلم بيه) وصمت وتعجبت!!.
نعود مره أخرى فقد كانت هذه هي الصفعة الأولى التي وجهتها لي حبيبة قلبي؛ وكانت الصفعة الثانية علي أقسى من الأولى لأنها كانت فيها هي نفسها، حبيبتي التي أعتبرها أكثر شخصية ملتزمة في الكلية كلها.
مع بداية هذا العام وبعد مرور حوالي أسبوعين لاحظت فيها تغير، تغير غريب... اعتبرته في أول الأمر طيش، ولكن الأيام أكدت لي غير ذلك تماما
كما قلت من قبل أنها إنسانة ملتزمة أخلاقيا ودينيا... وكانت صورة من صور التزامها الديني ملابسها التي بالرغم من أناقتها ورقيها وتناسق ألوانها وكثرتها، كانت محتشمة كما ينبغي أن يكون، وهي في هذه النقطة بالتحديد كانت متميزة عن كل زميلاتها الملتزمات... وحتى عن كل الأخوات الملتزمات اللاتي رأيتهن في إطار الحياة العادية.
فقد كانت ملابسها من الأشياء التي أمتدحها فيها كثيراً... فالملابس هي أول صورة من صور الالتزام.
فالأكمام طويلة، والقميص طويل يقترب من الركبة، و(الجيبة) تمس الأرض من طولها، وكل ملابسها فضفاضة واسعة لا تشف ولا تصف أدنى وصف. حتى غطاء الرأس (الطرحة) كبيرة تغطي كل شعرها وصدرها كما أمر الله .
وكان كل شيء في ملابسها يفرض عليك احترامها وتبجيلها حتى وإن لم تكن تعرفها ولا تعرف شيئا عن سلوكها الملتزم .
وكانت المفاجأة الأولى لي -هذا العام- عندما رأيتها ترتدي جيبة، نعم هي طويلة وتمس الأرض... ولكن بها فتحة لا تبتعد عن الركبة أكثر من اثنين من السنتيمترات!!
وذهلت، وتعجبت... ثم استغفرت الله وقلت ربما طيش، فهذا ليس دليل على شيء... فربما أعجبتها، وأرادت ارتداءها... وأكدت لي ثقتي فيها أن هذا الطيش لن يدوم طويلا وأنها سرعان ما ستدرك أنه لا يصح أن ترتدي مثل هذه الجيبة .
وتمر الأيام ويتكرر ارتداؤها لنفس الجيبة مرات ومرات... ثم أفاجأ بارتدائها لجيبة أخرى لا تقل فتحتها عن الأولى بل ربما تظهر من ساقها أكثر ما تظهره الأولى.
ويتوالى التغير سريعاً... وتتوالى صدماتي فيها الواحدة تلو الأخرى، حتى أنني عندما أنظر إليها الآن... أشعر كما لو كنت لا أعرفها... فقد طال التغير كل شيء في ملابسها
فالجيبات مفتوحة فتحات غير مقبولة تقترب من الضيق أكثر من الاتساع وإن لم تكن ضيقة، والقمصان قصيرة بالدرجة التي ربما لا تستر ظهرها إذا انحنت أقل انحناءة فهي بالكاد أسفل الخصر بسنتيمتر واحد أو ثلاثة على الأكثر...حتى غطاء الرأس (الطرحة) لم تسلم من التغير، فبالرغم من كونها كبيرة تغطي الرأس والصدر، لكنه أصبح من المعتاد أن يبدو من شعرها القليل في إهمال واضح لضبطه مع العلم أنني طوال عام ونصف لم أر خصلة واحدة من شعرها!!
وفي كل مرة كنت أشكك في نواياها الحسنة فيما ترتديه، و أطرد عن نفسي وساوس الشيطان، حتى كان يوم لم أستطع بعده تصديق أنها ربما تكن حسنة النية فيما تفعل .
قد كان لديها (تايير) ترتديه منذ العام الماضي... هذا التايير به فتحة كبيرة لا تبتعد عن الركبة كثيراً، ولأنه لا يصح أن يبدو من ساقها ما يبدو الآن فقد حاكت هذه الفتحة تاركة منها حوالي خمسة سنيتمترات وتكرر ارتداؤها لها العام الماضي كثيرا... إلى هنا لا مشكلة
كانت المفاجأة هذا العام عندما وجدتها ترتدي هذا (التايير)... ولكن مع تعديل مؤسف، أنها قامت بفتح الفتحة التي كانت قد حاكتها من قبل العام الماضي... لتبدو ساقها في وضوح... ولأنني لا أريد أن أسيئ الظن بها، فقلت في نفسي أنه ربما تكون الفتحة قد فُكَت دون أن تدري، و اطمأننت إلى ذلك واطمأننت أنها ستدرك ذلك فتعيد إغلاق هذه الفتحة مرة أخرى... ولكن تستمر المفاجأت والمفاجأت فهي ترتديه وترتديه مرات ومرات دون أن تهتم بإغلاق هذه الفتحة كما كانت مغلقة العام الماضي!!
وعند هذه النقطة... انغلق صدري منها، وإن كنت أتشبث بأمل أن تكون حسنة النية فيما تفعل، وأن لا يكون قد امتلأ عقلها بالقاذورات التي تتدفع بأية فتاة أن تفعل ما تفعله هي
عند هنا يتبادر إلى ذهني العديد من الأسئلة التي أتمنى أن تعينوني أن أجد لها إجابة مقنعة... يقتنع بها قلبي وعقلي؛ *ماذا عن نيتها فيما تفعل ؟! لا يعلم ما يدور في النفوس إلا الله ولكن كل ما أستطيع أن أتوصل إليه هو التخمين...
أعلم أن البعض يفعل ما تفعله بدافع الزواج!! وهو دافع سليم بطريقة خاطئة، ولكن إن علِمتم أنه قد تقدم إليها عريسان ومن المفترض أنني ثالثهم قبل أن تتم العشرين من عمرها، فهذا يفسر لك أنه لا يوجد ما يدفعها لذلك... وإن كان هذا ما يدفعها... فما بال من قد بلغت السادسة والعشرين ولم يتقدم إليها أحد، ومازالت على طاعتها واحتشامها، منتظرة صابرة .
والسؤال الثاني ؛ *أين والدتها المنتقبة الملتزمة، وابنتها المتدنية المحتشمة ترتدي ما ترتديه؟! وهل من الممكن توافقها على هذا؟!
*وهل من الممكن أن تكون قد وقعت في حب شخص ما وقد أغمض هذا الحب عينيها عما تفعله ودفعها للتحرر من كل ملابسها المحتشمة... إرضاءً لمن تحبه، أو محاولةً منها للفت نظر شاب ما لا يشعر بحبها... لا أظلمها ولا أحب أن أسيء إليها كما أنني أخشى أكثر ما أخشى أن أرمي المحصنات بالباطل ولكنه مجرد ظن لا أعرف مدى صحته - فقط - لاحظوا تشابك الخيوط ما بين رفضها الغامض لي، وما بين تغيرها الغامض أيضا والذي مس جانبا واحدا فقط فيها.
وإن كانت هذه هي البداية فهل من الممكن أن يردعها التزامها عن الاستمرار فيما هو أسوأ من ذلك.
وماذا علي أن أفعل غير أن أبقى مكتوف اليدين... أدعو لها... هل أخبرها أنه لا يصح ما ترتديه وأنها بذلك ستفقد احترامنا لها وقبل كل شيء احترامها لنفسها؟ ... أنا لا أتخيل أن أراها أسوأ من ذلك، وإنني لأتمنى الموت على أن تتشوه الصورة الملائكية النظيفة الطاهرة التي كنت أراها فيها قبل ذلك... فقد كنت أراها كالجوهرة النقية اللامعة في عالم متسخ، وها قد خدشت هذه الجوهرة، فبعض الخدوش من الممكن إصلاحها، ولكن إن أصبح الخدش غائرا فكيف يمكن أن تعود الجوهرة كما لم يكن لها أي ماضيٍ في التفريط .
هناك الكثير من الهواجس والأسئلة في عقلي ولكن قبل أن تجيبوا على الأسئلة الماضية يجب أن تعرفوا بعض الأمور
* صديقتها المقربة إليها على قدر عالٍ من التدين، ولا أعرف كيف توافقها على ما ترتدي ؟! فأنا لا أري في عيني صديقتها أي اعتراض أو نقد.
* إنها شخصية منغلقة إلى حدٍ ما... وليس لها أية أصدقاء مقربين غير صديقة واحدة هي التي سبق ذكرها، فليس لها من الأصدقاء من يعتبر صديق سوء ... حتى باقي أصدقاءها ما بين من هم أعلى قليلاً أو أدنى قليلا من مستوى التزامها... ولم يرتدي أحد من أصدقائها الذين هم أقل منها دينيا ما ترتديه .
* إنها شخصية متزنة، مدركة تماماً ما تفعله، ومدركة أنها ملتزمة وأن التزامها ودينها يفرض عليها بعض الأمور التي لابد أن تسير عليها، فهي ليست شخصية طائشة، تارة محتشمة وتارة غير محتشمة
* والدتها مقربة إليها، وهي تحترم حدود الأصول وتعرف جيداً ما يصح وما لا يصح، فهي من بنات الأصول ومن بنات البيوت المحترمة، كما أن هذا التغير لم يطرأ كثيراً على الجوانب الأخرى من حياتها، فهي لازلت متفوقة، وغير مختلطة – تقريبا - مع الزملاء من الذكور في الكلية
* فكرة أن أكون قد خدعت فيها... فكرة مرفوضة تماما ليس فقط لما وصفته عنها من الالتزام، ولكن لشهادة زميلاتها وصديقاتها اللاتي يعرفونها منذ زمن... واللاتي أشعر من بعضهن بعض التعجب من هذا التغير... لكنهن لا يجرؤن على الخوض معها في هذه الأمور، باعتبار إنها ملتزمة وأنه لا يمكن أن تكون والدتها رافضة لما تراه... وهو ما أشك فيه.
أريد أن أذكر شيئا أخيرا وعجيبا في الأمر...
عندما انتهى العام الماضي، وأتى الصيف لم أرها تماماً وإن كانت تداعب خيالي صورتها المحتشمة الملائكية... لكن المفاجأة رؤيتي لها في المنام – وقد كانت رؤيا – حوالي خمس مرات، وفي كل مرة كان تفسير الحلم أنها ستفرط في احتشامها!! وكنت أتعجب، وأطرد عني ذكرى هذه الرؤية وأقول ربما لخوفي الشديد عليها... لكن ما رأيته في المنام رأيته بعيني بعد أربعة أشهر.
الصدمة التي أعيشها، هي صدمة مركبة... صدمتي في رفضها المبهم لي، وصدمتي فيها هي شخصيا،ً
لكن والله الذي لا إله إلا هو، إنني لم أحزن على حلمي ذي العامين والنصف الذي مات، قدر ما حزنت عليها، وأشهد إلى الله وإليكم أنني بعد رفضها لي قد تمنيت لها من قلبي أن تسعد بإنسان متدين يصونها ويحفظها، يحبها وتحبه... وكم بكيت وأنا أدعو هذا الدعاء... ولكنني أحب لها الخير حتى وإن كان على حساب سعادتي.
تفريطها قد مس في مبادئ ونظريات عشت مقتنعاً بها... وأقنع بها كل من يتحدث معي في أمور حول الالتزام والتدين،
لا أعرف ماذا أقول... ولا أعرف كم صورة من صور الاكتئاب أمر بها ولكنني مصاب بارتفاع دائم في ضغط الدم، وتخيم علي فكرة الانتحار وإن كنت أطردها بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وأصبحت أشعر بألم يشبه الطعنة في صدري كلما رأيت تفريطها، غير ما أشعر به من آلالام مبرحة في أمعائي مع ميل للقيء في كل مرة أراها تجاوزت ما لا يصح في ملابسها. يلازمني صداع دائم منذ أربعة شهور لم يفلح معه أي من المسكنات... غير أنني أشعر أنني مضطرب الحالة المزاجية حتى أن سمعت أحد الزملاء يقول "إنت متعرفهوش ده ساعة يبقى معاك وفي لحظة يكشر ومتلئهوش" ...
لا أقوى على التركيز ولا المذاكرة... لا أنام وإن نمت فأستيقظ عدة مرات... دائما شارد وحيد... أصبحت شديد التشاؤم لغدي، أشعر أن حيوية الشباب في قلبي قد ماتت... فأنا في الواحدة والعشرين من عمري، وبقلب رجل في الخمسين.
كل ما أريده هو أن تعينوني بإجابات عن الأسئلة الحائرة التي طرحتها من قبل، فقد عجز كل من علم بالأمر عن الإجابة عن أي من هذه الأسئلة وأكتفي بإبداء علامات التعجب والصمت، أرجوكم لا تطلبوا مني أن أطوي صفحة العامين والنصف... فليست كل الصفحات تطوي بسهولة، فقبل أن أطوي هذه الصفحة... أريد أن أفهم.. ماذا يحدث؟! وأريد أن أكشف الغموض في هذا الأمر!!!
أعلم أنني قد أطلت عليكم ولكنني اختصرت الكثير من التفاصيل التي لم أرد أن أرهقكم بها.
نقطة أخيرة أود أن أقولها لقد آثرت عدم مفاتحة أهلي في أمري هذا، لكن مما لا شك فيه إنني كنت سأفاتحهم فور إحساسي بأية بادرة حب من طرفها، فأنا أحب أنا أفعل كل شيء في النور، كما أنني أحب مباركة الأهل والوالدين حتى ينزل الله بركته علي وعليها.
أتمنى أن تعتبروني ابنكم الحائر الذي يبحث عن إجابات لأسئلة كثيرة تدور في عقله ليل نهار، ربما تؤدي به إلى الجنون أو الانتحار..
وشكرا ؛ على صبركم الذي أعلم أنه قد نفذ من طول رسالتي
04/06/2004
رد المستشار
أخي الكريم:
مازال الحب حتى الآن له قوته العجيبة، بها تتبدل الأحوال وتتغير المعاني فيتغير معها معنى كل شيء.
فلا تسأم من التعبير عنه أو من الحديث عن محبوبنا بما لذ لنا وطاب، فما أجمله!!!!
وهناك مثل مشهور يقول:
عندما تحب فهذا شيء جميل، وعندما يحبك شخص فهذا أجمل ولكن عندما تتبادل الحب مع من تحب فهو أجمل من كل جميل!!
أنت تتمتع بصفات رائعة ومتميزة يقبل عليها القلب وكذلك العقل..
لكن برغم ما تحمله مشاعرك من حب وطهر لفتاتك إلا أن للقلب حديث آخر!!
يجعل الرفض الغامض كما تقول ليس سببا للاندهاش أو التساؤل!!
فدعنى أوضح لك.. أن فتاتك لم تنسَقْ وراء ضغط حبك لها وآثرت أن تكون صادقة معك وأن تحترمك وتحترم مشاعرك رغم أن الفتاة بطبيعتها تحب أن تشعر أنها محبوبة مرغوبة.
.. تحب أن تعيش قصة حب رومانسية.. تحب أن ترتبط بشخص متميز.. تحب أن يتوفر لها مع هذا الشخص حياة كريمة لها... ولكنها كانت شديدة الصدق تجاه مشاعرها الحقيقية... ولا تقل لي أنها لم تعط لنفسها الفرصة لمعرفتك... وهذا يجعلني أعرض عليك عدة نقاط لتناقشها مع نفسك:-
• أن القبول ليس انطباعا أوليا يمكن أن يتغير بما نقدمه أو نمتلكه من مؤهلات معنوية ومادية فالقبول هو أدنى درجات الحب، والحب ليس له أسباب فهو ميل غير إرادي غير متعمد تجاه شخص آخر فإن وجد فإنه يزداد بما نقدمه أو نمتلكه ولكنه لا يوجده... ولعلك تعلم قصة الفتاة التي ذهب أبوها للرسول صلى الله عليه وسلم يشكوها له حين خطبها رجلان أحدهما موسر والآخر معسر وكان يميل أبوها للموسر لما يتمتع به من أموال وجاه وإمكانيات وما إلى ذلك... ولكن سأله النبي صلى الله عليه وسلم لمن يميل قلب الفتاة فقال له للمعسر فأقر لها النبي صلوات الله وسلامه عليه بالزواج منه!!
فهذا يجعلنا نتصور أن الفتاة قد ترتبط بمن هو أقل منك في بعض الأشياء أو جميعها إذا ما قبلته أو أحبتهوهنا دعني أسألك سؤالا:-
أنت تقول أن الكثيرات من زميلاتك معجبات بك بل ويتمنين أن يرتبطن بك فماذا سيكون رد فعلك إذا جاءتك إحداهن تعرض عليك حبها العميق وتود أن توضح لك مدي تعلقها بك وما تتمتع به من أخلاق وقدرة على تحمل المسئولية والعيش معك تحت أي ظروف وكنت أنت لا تشعر تجاهها بأي قبول؟!!
• كذلك يبدو أنه لأنك مرهف الحس، تملك مشاعر رقيقة، فإن هذا جعلك تبالغ في وصفك وشعورك وبالتالي استقبالك لعدم قبولها... فقد وصفتها بأنها كاملة في كل شيء.. صحيحة في كل شيء ملتزمة في كل شيء ولا يوجد بشر بتلك الصفات إنما لابد من وجود قصور ما عند أي شخص في مجال ما... وقد برهنت الأيام لك على ذلك ولا تنسى أنها ليست المرة الأولى التي تبالغ فيها في وصفك فأنت قد وصفت صديقك بأنه أناني معقد خبيث ثم وجدته في محنتك نعم الصديق المحب الوفي!!
• وكذلك شعورك، فقد جعلتها في قلبك بعد حب الله عز وجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك نظريا... أما عمليا فأعتقد أن مرتبتها كانت أعلى من ذلك فقد ظهرت الآلام النفسية وما أعقبها من أرق وعدم تركيز وأمراض عضوية وتأخر دراسي!!
وكذلك استقبالك لعدم قبولها فتقول بلسان حالك كيف يحدث ذلك معي رغم تمتعي بكل الصفات التي ترشحني بالمثالية في شتى المجالات وازدادت المسألة صعوبة عندما حدث ذلك مع من أحببت!!
• وكذلك أجد تقصيرا ما فيمن حولك من أصدقائك ولا أعلم لماذا لم يوضح لك أحدهم بعض الحقائق واكتفوا بعدم وجود رد لديهم أو مشاركتك في التعجب من شأن فتاتك هل لأنهم يتحيزون لك أم لأنهم لا يسمعون إلا صوتك!!
فكان عليهم أن يوضحوا لك أن من حقك أن تحب ومن حقها أن تختار!!
• كذلك.. لماذا لا تجعل ما حدث لك ضمن خبراتك في الحياة فدونه في ذاكرتك بما يجعلك أكثر قوة وأكثر وعيا في الحياة وليس بما يجعلك محبطا بائسا تفكر في الانتحار أو يؤدي بك إلى الجنون.
فلقد أخذت بالأسباب جميعها.... أسباب السماء من دعاء وتضرع مرة ومرات طوال عامين ونصف بإخلاص فلعل ما حدث هو رد السماء فقد قال تعالى "وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" وكل شيء يا أخي العزيز يبدأ صغيرا ثم يكبر إلا ما يكرهه الإنسان يبدأ كبيرا ثم يصغر وهذا من فضل الله علينا وقد أخذت أيضا بأسباب التوضيح ومحاولات التقرب إما مباشرة منك أو عن طريق صديقتها المقربة لها وأخيرا... أقترح عليك أن تعود إلى دائرتك الكبيرة من دراسة وأصدقاء وهوايات ولا تلهث بجراح قلبك وراء تصرفاتها اليومية وتساؤلاتك عن نيتها وملابسها وموقف والدتها.
فأنا أعلم أن جرح القلب يكون عميقا مؤلما ولكنه يلتئم بالوقت والصبر والرضا ولتستفيد من تجربتك لتصبح أكثر فهما لأمور الحب والحياة والعلاقات الإنسانية.. وأكثر نضجا وأكثر قدرة على مواجهة محن الحياة واجعل قوتك في يقينك بشخصك وروعة الإيمان في قلبك
وتابعني بأخبارك لأطمئن عليك.