أيهما أختار ..بيتي أم طموحي؟!!!!
شكرا لكم على مساعدتكم لنا وحل مشكلاتنا نحن الشباب؛
أنا فتاة مصرية أعيش مع والدي في دولة عربية فأنا وحيدة لدى والدي، المهم إني متفوقة في دراستي ولله الحمد وأرغب في أن أكون طبيبة صيدلانية، ولكن خوفي في أن يكون نجاحي في دراستي على حساب حياتي الشخصية فأنا ألاحظ ذلك كثيرا في واقع الحياة وفي المسلسلات فمن ينجح في عمله لا ينجح في زواجه أو يكون أولاده فاشلين أو يكون فاشل في مجال معين.
فأنا مؤمنة بأن الكمال لله وحده فلا يوجد إنسان كامل فإذا ما كان نجاحي في دراستي سوف يؤثر على حياتي الشخصية فأنا متنازلة عن ذلك النجاح لأن حياتي الشخصية أهم من أي شيء أخر، فلحياتي الشخصية الأولوية،
فماذا رأيكم أفيدوني يرحمكم الله فأنا في حيرة من أمري
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتمنى أن يصلني الرد من حضراتكم سريعا على إيميلي هذا
ولكم مني جزيل الشكر والاحترام
ابنتكم
ن.ف.شـي
16/6/2004
رد المستشار
الابنة الكريمة: أهلا ومرحبا بك فكم يسعدنا أن نتواصل مع فتيات مثلك... فتيات يدركن دورهن الحقيقي في دعم استقرار الأسرة وفي بناء الأجيال،
وفي البداية أحب أن أؤكد أن التفوق في المجالات العملية لا يتعارض مع النجاح في الحياة الشخصية، وفي تقديري الشخصي أن التفوق في الحياة العملية يمكن أن يكون مقدمة هامة وداعمة للاستقرار الأسرى، ولكن هذه المعادلة لن تتحقق إلا بضوابط وشروط وتوازنات.* وأول هذه الضوابط هي شخصية من ترتبطين به ومدى قناعته بأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة في الحياة العملية وفي المجتمع، لأن هذه القناعة ستمكنه من التغاضي عن بعض التقصير المقبول.
* وتلعب شخصية الزوجة وقدراتها دورا هاما في تحقيق التوازن بين طرفي هذه المعادلة، فمن الضروري أن تكون المرأة قادرة علي إدارة شئون الأسرة والمنزل (وإدارة شئون الأسرة والمنزل لا يعنى بالطبع أنها لابد أن تقوم بكل الأعمال المنزلية ولكن يمكنها أن تستعين بعاملة أو تدرب أولادها علي مساعدتها كل حسب سنه وقدراته وكذلك يمكن أن يشاركها زوجها فيما يمكنه القيام به من مسئوليات الأبناء والأبناء) أي أن المقصود أنها هي التي تدبر وتنظم وتدير شئون الأسرة، ولابد أن تكون قادرة على القيام بهذا الدور مع اضطلاعها بمهام عملها أو دراستها، والتدريب يفيد جدا في هذه الأحوال ولذلك أنصحك من الآن أن تشاركي والدتك في المهام الأسرية حتى أثناء الدراسة، ونجاحك في إدارة وقتك وجهدك بصورة مرضية ولو بعد محاولات متعددة يضمن لك النجاح في إدارة حياتك المستقبلية.
* والضابط التالي هو قدرة الزوجة بالتعاون مع زوجها المتفهم على خلق التوازن المطلوب بين الطموحات والواجبات، بحيث يمكن ترتيب الطموحات حسب الأولوية، ويمكن تأجيل بعض الطموحات حتى تتيسر الأحوال أو يصبح الأطفال أكثر اعتمادا علي أنفسهم.
* ضعي في اعتبارك من البداية أن تربي في أطفالك قدرتهم على الاعتماد على النفس والمشاركة في تحمل مسئوليات الأسرة، وهذه المهمة وإن استهلكت الكثير من الجهد والوقت في البداية إلا أنها توفر الجهد والوقت لك عندما يشب الأطفال، فالطفل يمكن أن يأكل بمفرده وأن يرتب لعبه وكتبه ويمكنه أن يعتمد علي نفسه في استذكار دروسه مع بعض المتابعة منك أو من الوالد، ويمكن للكبير منهم أن يساعد في تدبير شئون الأخوة الأصغر، وهذه الاستراتيجية تجنبك خلق شخصيات اتكالية لا يمكن الاعتماد عليها.
وأنت وإن كنت تتحدثين عن التفوق الدراسي والعمل المهني إلا أنني أجد أن للمرأة دورا هاما نحو المجتمع، فأمراض مجتمعاتنا كثيرة والثغور التي تحتاج لمن يقف عليها أكثر من أن تعد وتحصي، وفي العصر الذي سادت فيه الميكنة أصبح أداء المهام المنزلية أيسر ولا يحتاج للكثير من الجهد والوقت، والمرأة بعد أن يشب أطفالها عن الطوق ويدخلون المدارس يصبح عندها الكثير من الوقت الذي لا تحسن استغلاله في الأغلب الأعم (فهو يضيع في الثرثرة أو النوم أو في ملاحقة الزوج والتضييق علي الأولاد) والأولى بالمرأة أن تبحث لها عن دور تؤديه للمجتمع حتى ولو كانت ربة منزل ولا تعمل، علي الأقل يمكنها أن تتعلم فنون تربية الأبناء من مصادرها الصحيحة وتعلمها لمن حولها من النساء بدلا من المآسي الأسرية التي نراها من حولنا.
بنيتي الكريمة: أدعو الله أن ينعم عليك بالتوفيق والنجاح وأن يبارك لك في جهدك وفي وقتك وأن يرزقك بالزوج الذي يعلم قدرك.