كيف أتخذ قرار
أنا مهندسة والآن بدون عمل لمدة 3 سنوات ولكن أنمي مهاراتي في الكمبيوتر وما إلى ذلك وليس هذا ما كنت أنتظره لنفسي والآن جاءت وظيفة مدرسة بمدرسة صنايع والجميع يقولون لي أن اقبلها ولكني لا أستطيع اتخاذ قرار في ذلك.
أبعد حلمي بان أكون مهندسة وبعد جهدي المتواصل طوال 5 سنوات من الدراسة الشاقة والامتحانات المتواصلة والمجهود النفسي والتزامي وحلم واحد من أيام ما كنت في إعدادي وتحسيني لثانوية عامة لكي أصبح ما أريد والآن أبدأ مرحلة الماجستير لتحسين كفاءتي، أرضى لنفسي ما لم أرضَ به لغيري؟؟؟
وكنت دوما أثور وأقول ولما ما تكبدوه من تعب وكانوا دخلوا كلية تربية، ولكن يقولوا لي أحسن من القعدة في البيت وأنا فعلا حالتي النفسية أصبحت زفت وأصبحت التعاسة تلازمني مع محاولاتي لشغل أوقات الفراغ ولكني أشعر بأن لا قيمة لي وأني لو مت ماذا سأقول لله إذا ما سألني عما كنت أفعل في حياتي التعسة
ولكني في نفس الوقت لا أستطيع القبول بالتدريس على أنه عمل مؤقت وأشعر أني لو دخلت فيه ستأخذني دوامة الاحتياجات وسيكون من الصعب الخروج منها وتمسكي بالبيت يتيح لي فرصة للحفاظ على حلمي.
وليس هذا معناه احتقاري للتدريس ولكنه فقط ما لم يخطر لي علي بال ولا من اهتماماتي ولا قدراتي.
الحق أني لا أعرف ودوامة التردد لا تتركني وليس في هذا فقط ولكن أصبح في معظم أموري كيف أفكر؟؟؟؟
16/07/2004
رد المستشار
أختي المهندسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بداية أعتذر لك بسبب تأخري في الرد، ولكن لعل هذا أعطاك مزيدًا من الوقت للتفكير في جوانب معاناتك.
أحب أن ألفت انتباهك إلى كلمة وهي "حياتي التعيسة" وأطلب منك ألا تكرريها أبدا ولا حتى بينك وبين نفسك، فالحكم على طبيعة الأشياء بأنها جيدة أو سيئة لا يكون إلا في النهايةوحياتك ما زالت في بدايتها فلا تصفيها بسوء كي لا تؤمن الملائكة على كلامك ونكون كمن يدعو على نفسه بالسوء، ومن حيث أقف أرى أن حياتك سعيدة، كيف؟
أولا انعم الله عليك بنعمة العقل والقدرة على التعلم حتى تعلمت ما تحبين، ثانيا رزقك ويسر لك دراسة ما ترغبين، وثالثا حباك بأسرة متفهمة وظروف اجتماعية واقتصادية مرنة ومريحة تسمح لك بحرية اتخاذ قرار العمل آو عدمه وكثيرون لا يملكون مثل هذه الرفاهية،
فهم يعملون في ما يجدون دون تفكير للقيام بأعباء الحياة بعيدا عن قضايا الرضا وعدمه أي أن الواقع لا يعطيهم فرصة للاختيار، وهم جماعة نقف لهم بالتحية لمرونتهم وواقعيتهم وصلابتهم.
لا ألومك بالطبع على رغبتك في العيش كما حلمت وخططت وعملت بجد لتحقيقه، ولكن ألومك على افتقادك لشيء من المرونة في الحياة، والمرونة صفة أساسية للوقاية من الاضطرابات النفسية فهي التي تسمح لنا بالتوافق مع مطالب الحياة التي نادرا ما توافق هوانا.
تذكرت وأنا أقرأ كلماتك بيت شعر درسناه في المدرسة إذ يقول الشاعر بشار بن برد:
إذا أنت لم تشرب على القذى مرارا ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
بيت شعر واقعي يلخص لك ما أرغب في قوله، وهو أن استمرار الحياة يتطلب منا القيام بما لا نحب أحيانا وإن كان في مجال العمل، ولا بد للإنسان من أن يشرب الماء غير النقي أحيانا، وأن لا أحد يشرب الماء النقي طوال الوقت والمعنى أن لا أحد يعيش كما يرغب في كل المجالات وطوال الوقت، فهم كانوا يسعون مبكرا لتعليمنا المرونة ولم ندرك من الهدف في ذلك الوقت سوى حفظ الشعر!!.
أختي في الله لنبدأ بحمد الله الذي يسر لك تحقيق حلمك أو الجزء الأصعب من حلمك وهو دراسة موضوع تحبينه وتجدين نفسك فيه، وأحي فيك محاولاتك لتنمية قدراتك في مجال تخصصك وغيره على سبيل إشغال وقتك فيما يفيد، ولكن كلماتك تشير إلى أنك غير سعيدة، فهل تعرفين السبب؟
لابد للإنسان من العطاء كي يشعر بقيمته وبقيمة حياته ووقته حتى وإن لم يكن في مجال يحبه، فأحيانا يختارنا المجال ولا نختاره كما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام يؤجر المرء رغم أنفه، ولعلك بعملك في مجال التدريس تمدين الطلبة بما لديك من طموح وتثرينهم من خبرتك الشخصية بما يعود علينا كمجتمع وعليك كفرد (أجرٌ في الدنيا والآخرة) أكثر بكثير من عملك في مجال تخصصك، ولا تقرري أنك لا تستطيعين التدريس بل أعط نفسك والموضوع فرصة لعلك تكتشفين في ذاتك ما قد فاتك، وقريبا كان لي حديث مع إحدى مستشارات الموقع التي تعمل في غير الطب وكنت مع الطب وكانت مع العطاء حيث تستطيع.
تجدين صعوبة في اتخاذ القرار لأني ألمس شيئا من الاكتئاب في كلماتك، وهو طبيعي بل ومتوقع نتيجة حبسك لنفسك في بيتك وتعطيلك لطاقات العطاء في داخلك واندفاعك في اتجاه واحد مع أنه مغلق في الوقت الحالي، بخروجك للعمل في أي مجال تكونين أقرب لتحقيق أحلامك حيث من الثابت أن الحركة والتنقل داخل سوق العمل أسهل بكثير من اختراق مجال العمل عموما.
لا أستطيع اتخاذ القرار عنك ولكن أستطيع أن أقول لك من قال أن سعادتك هي في العمل في مجال دراستك؟ انظري حولك لتري أن كثير من المبدعين أبدعوا بعيدا عن مجال دراستهم، ومن قال أن قبولك أي عمل يعني نهاية حلمك بالعمل في مجالك؟ لنعيش بسعادة ينبغي أن نتجنب الأفكار الحدية التي تقسم الحياة نصفين جيد وسيء، فهناك جنة ونار وهناك أهل الأعراف!!
أي قد لا يكون التدريس حلمك ولكن قد يثري خبرتك الضرورية في الحياة، تنوع الخبرات يثري الشخصية ويوسع الأفاق. لا تجعلي من حكمك السابق على من يعملون في مجالات بعيدة يمنعك عن القيام بما هو صحيح في الوقت الحالي، فالمرونة تأتي مع النضج.
تمسكك بالبيت يضعف من قدرتك على التواصل مع الناس ويجعلك بعيدة عنهم وعن معاناتهم ويبعدهم عنك على أكثر من صعيد. قبولك بما هو متاح وممكن في سوق العمل وليس في التدريس بالضرورة لن يحول دون تحقيق حلمك ولكن سيعطيك فرصة لاختبار ذاتك كانسان راشد ومسئول عن ذاته وعن غيره.
تذكري أن الهندسة التطبيقية هي فن الإفادة من المبادئ والأصول العلمية في بناء الأشياء وتنظيمها وتقويمها، فما رأيك لو طبقنا التعريف عليك من حيث معطياتك ومن حيث ما هو ممكن، لنبني بما لدينا أفضل ما هو ممكن في حياتك.
أختي في الله استخيري الله، وأكثري من الدعاء اللهم اجعل خيرنا فيما نحب، وتابعينا بأخبارك.
ويضيف أ.د. وائل أبو هندي الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين، وشكرا جزيلا على ثقتك، ليست لدي إضافة هنا بعد ما تفضلت به مجيبتك الدكتورة حنان طقش غير إحالتك إلى بعض الإجابات السابقة على صفحتنا استشارات مجانين، والتي ستجدين فيها ما يفيدك إن شاء الله، فقط انقري بالفأرة ما يلي من عناوين :
اختيار مجال العمل .. السهل الممتنع !
متاعب شاب .أم تفكير نكدي؟ مشاركة
التفكير النكدي
البحث عن الهوية : هل البطالة هي السبب؟
وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين، فتابعينا بأخبارك.