الحكاية القديمة أحب أنوثتي، وأكره نقصي
السلام الله عليكم أسأل الله الكريم أن يعتق رؤوسكم من النار في هذه الأيام المباركة.
وأن يعيد عليكم رمضان أعواما عديدة وأنتم بأفضل الحال. أما بعد :
موقع مجانين بالنسبة لي إن صحَّ التعبير هو الشاطئ الذي أفر إليه من همومي وأقتبس منه النصائح لنفسي ولغيري على سبيل المثال, اليوم كنت على وشك ترك البيت إلى الأبد بسبب (أخي).
فكنت أعيش مع عمي بعد وفاة والدي رحمه الله ومن ثم انتقلت لأعيش مع أخي. فأنا يا دكتور أحمد بارك الله فيك فهمت قولتك جيدا حين قلت"أن الحرص علي البنت وحمايتها قد يزداد، بل غالبا ما يزداد، ويأخذ غالبا صورة التضييق علي حركتها، لا شكا في أخلاقها، ولكن مبالغة في الخوف عليها، وبخاصة مع انتشار الانحلال والمشاكل الاجتماعية، البنت عندنا مثل طائر الزينة، وأسماك الزينة نحافظ عليها في الأقفاص والأحواض لنحميها، ولا ندري أننا في الوقت ذاته نحبسها، وأنها قد تكون شاعرة بالاختناق من هذه "الحماية" الزائدة!!!
إذن تذكري أن تقييد الحركة أو مصادرة الحرية أو حرصنا الزائد علي الأنثى لا يعكس انتقاصا من قدرها بمقدار ما هو نابع من خليط الخوف عليها، والشعور بالمسئولية تجاهها"
فأعلم هذا جيدا من أخي وفي نفس الوقت أخي هو مرضي، فهو دائم الصراخ لا يتقبل المناقشة يصدر الأوامر فقط لا أبالغ إن قلت يكاد يتحكم حتى بنفَسي، أصاب بالصداع وغثيان وآلام في المفاصل وعدم النوم أو الأكل ليوم كامل وفي الآونة الأخيرة أجمع جميع قواي لكي أمشي ولا يغمى علي لأنني أحس أن الأرض تدور فأجلس ثم أقوم وهكذا وكل هذا يحدث حين يصرخ فيني أو في أي أحد في البيت.
بفضل الله ثم بفضل قراءتي لكم سواء هنا أو إسلام أون لاين تخلصت من أمراض نفسية كثيرة وأخذ هذا وقت طويل مني وفي النهاية تجاوزتها والحمد الله.
باقي نقطة أخي أريد أن أعلمه وقبله أن أتعلم أنا "على حد قولكم فنون تعامل مع الآخرين" أيا كان هذا الآخر ولكن يا دكتور هذا يحتاج إلى الصبر والصبر بدا يهرب مني. وهو ليس طفلا يسهل تعليمه. وكما درست في مادة المحادثة أن التعامل بين الأفراد يحتاج بذل الجهد من الطرفين.
لم يمنعني من الخروج سوى شفقةٌ عليه وعلى والدي رحمه الله فأنا أعلم أن كلام الناس كثير ولن يقولوا أن فلانة فعلت هذا بل يقولوا ابنة فلان وأخت فلان فعلت هذا وهذا ما لا أرضاه خاصة لوالدي رحمه الله.
والآن يا دكتور أحمد أرجو أن تجيبني على هذه الأسئلة:
إلى متى تستمر هذه "الحماية" الزائدة؟
ألا ترى أن هذه الحماية الزائدة تضر أكثر مما تنفع؟
كيف نجعل أفراد الأسرة المسلمة تتحاور فيما بينها؟
أين لمة العائلة الواحدة في هذا الزمن؟
من أين نشأ هذا البعد في المشاعر بين أفراد الأسرة الواحدة؟ وكيف تقضي عليه؟
قرأت كيف كان حال الأسرة المسلمة في تاريخنا وأرى حالها الآن وأقول لا حول ولا قوة إلا بالله وكما قال الأستاذ دكتور وائل في أحد ردوده ما الذي يجري للأسرة؟ أو ماذا دهى الأسرة العربية؟
ما حدود تحكم الأخ في أخته في الإسلام؟ وبصفة عامة أي ولي العم مثلا؟
ما هي نصيحتك لي شخصيا فأنا أحوج ما أكون إلي نصيحة؟
ولا تنسوني من دعائكم بارك الله فيكم وكل العام وأنتم بخير بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك جعلنا الله وإياكم وجميع المسلمين من الفائزين في الدنيا والآخرة.
والسلام عليكم
ابنتكم من أمريكا
أميمه
6-11-2004
رد المستشار
الأخت الكريمة: - قلبي معك في صداعك وآلامك من أخيك الصارخ الذي ربما يحقق وجهة نظر بعض النساء في بعض الرجال أي أنهم لا يجدون سوى الصراخ وإصدار الأوامر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والصراخ المستمر دون داع هو تعبير طفولي عن الرفض أو الطلب، وهو يعني غالبا إما أن صاحبه لا يجد غيره للتعبير أو التوجيه، وأما أنه يظن من حوله أطفالا سيرتعدون من صوت زئيره فيستقيم المعوج ويعتدل المائل!!!!
وطالما أنك في أمريكا فغالبا ما سيكون أخوك مضغوطا بما يرى ويسمع من حوله خائفا من التحديات والانحرافات والتيارات المتصارعة، والتصورات المتشابكة في مجتمع مثل الأمريكي، ولا ينفرد أخوك بموقفه أو ببدائيته في خوفه، أو في تعبيره عنه، فما زال خوفا في مواجهة ما يحيط بنا، وتعاملنا معه شديد السطحية والسذاجة والبدائية.
إذن.... هذا الصارخ ينبغي أن يستدعي من الإشفاق أكثر مما يستدعي من الغضب، وينبغي ألا تأخذيه هو أو صراخه على محمل الجد على النحو الذي يربكك ويصيبك بالدوار والغثيان، ولو كنت مكانك لفعلت مثلما يصنع المصريون المحدثون بمن يهرف أو يلغو بما لا يليق فأنشأوا فعلا جديدا بتصرفاته، وهو فعل ينفض، ومصدره عندهم التنفيض، ومعناه العبقري فيما فهمت: أن المستمع يظهر الإصغاء للكلام الفارغ بينما هو يعتبره مثل الرماد الخفيف المتساقط على أذنه فينفضه كأن لم يكن، وبهذا يريح المستمع نفسه دون أن يجرح القائل، "ويا دار ما دخلك شر" كما يقولون في أمثالهم العامية.
وأجيبك على أسئلتك: غالبا ما تستمر الحماية الزائدة في حياة الفتاة إلى حد ما تنتقل إلى بيت الزوجية أي بتسليم مفاتيح قيودها وخرائط حركتها، ومسئولية حمايتها من ذكر إلى ذكر، وأنت وحظك، فإما أن يكون حامي الحمى الجديد متفهما فتستمتعين بوجودك إلى جواره أو يكون الزواج بمثابة الانتقال من الرمضاء إلى النار، أي من صارخ إلى صارخ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وتسألين عن ضرر ونفع الحماية الزائدة وأنا لم أتطرق إلى هذه المساحة إنما حاولت فهم أو توصيف المسألة، ثم يمكننا الحوار حول الأضرار والمنافع مقارنة بنموذج "الحرية الفردية" المطلقة يضر وإن نفع، وطبعا الضرر والنفع المقصود يتعلق بالفتاة كما يتعلق بالمجتمع.
ونصيحتي لك شخصيا أن تبالغي في الإحسان لأخيك، وبنفس الوقت توضحي له بالتلميح قبل التصريح، وفي وقت الهدنة والصفاء أن الصراخ لا يليق، ولا يؤثر إلا بالسلب، وإن كانت لك وظيفة مستقلة تدر عليك دخلا يمكنك من إعالة نفسك بنفسك فلا بأس من تسريب فكرة عما دار بذهنك فعلا عن الخروج من المنزل، وما يمكن أن يصاحب هذا من مشاكل لكل الأطراف، ولكن المضطر يركب الصعب، وينبغي أن تتسع الطرق والاختيارات أمامنا، وأمام نساءنا تحديدا، بأكثر من القبول المتضرر بأوضاع مختلة وغير إنسانية أحينا، وما يصاحب ذلك من اكتئاب ومشاعر سلبية، أو اختيار هجر الأسرة بمشكلاته!!!
ولم تذكري أنت شيئا عن أمك أو بقية الأسرة، ويمكن استثمارهم في ترتيب الأخبار والضغط المعنوي على أخيك.
وبالجملة تحتاج إلى أساليب الحلول السليمة للصداعات والخلافات، وهو الاسم الحديث للتعامل بالمعروف، وأترك بقية أسئلتك للحوار مع القراء.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>>الحكاية القديمة: يوميات المصارخة والمصارحة مشاركة 2