عواصف الليل والنهار: غموض الصورة الناقصة
لا تبدو الحياة كما كانت بالنسبة لي...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شكراً على ردكم. لم يسبق لي أن ذهبت إلى طبيب نفسي ودواء أنتابرو الذي ذكرته أحضره لي والدي بعد أن سأل طبيبة عن حالتي مع أنه لم يسألني عما أشعر به. منذ عدة سنوات كان لي استشارة هنا ولكنني لا أتذكرها، أذكر فقط أنه تم تشخيصي بأني أعاني من نوبات الهلع والاكتئاب واختلال الآنية، لا أستطيع الذهاب إلى المشفى في الوقت الحالي مع أني منذ أشهر وأنا أخبر عائلتي بأني أريد الذهاب ويقولون لي في أقرب وقت، أشعر بأن حالتي ساءت جداً وأحتاج أن يساعدني أحد بشدة.
منذ سنوات وأنا أشعر بالاكتئاب والخوف وتعتريني رغبة بالبكاء كل يوم، أتوتر وأقلق من لا شيء وكل شيء، عانيت كثيراً من نوبات الهلع، وشعور كبير بالفراغ وأني غير موجودة وكل ما حولي يبدو غريباً، كنت أجرح نفسي منذ سنوات وتوقفت بعدها وأصبحت الآن إذا ما غضبت بشدة أعيد الأمر ذاته أو ألكم الجدار.
وفجأة منذ عدة أشهر زاد الأمر سوءاً ولا أعلم حتى سبب ما حدث، أشعر بالخوف من كل شيء ويصعب علي القيام بأصغر الأمور، لا أتناول الطعام إلا قليلاً جداً، وكلما تناولت شيئاً أشعر بضربات قلبي تتسارع كثيراً وكأنني كنت أجري في سباق، أشعر بالتعب والضعف طوال الوقت، وأحياناً بغصة في حلقي، أخاف من الليل ولا أعلم لماذا أشعر فيه بأني لست على طبيعتي وأشعر بالاختناق، تبدو الحياة غريبة في نظري، أبالغ في التفكير في كل شيء وأتعمق فيه، أخاف من الظلام ومع ذلك يُريحني إطفاء الضوء في الليل، أصاب بالدوار وأشعر بأنني سأسقط حينما أمشي في مكان واسع وأُفضّل أن أمشي على الجانب، وبقية ما ذكرته في الاستشارة الأولى.
وضعنا المادي سيء منذ سنين كما أن والدي زاد الطين بلة وجعل حياتنا جحيماً، لم أعد أستطيع احتمال شيء من هذا وخائفة من أني قد أقوم بفعل شيء سيء.
أرجو أن تساعدوني، وإن كان هناك طرقاً أخرى أو أدوية أخرى للعلاج أرجو إفادتي.
وشكراً لكم.
7/4/2020
رد المستشار
الابنة العزيزة :
تشغلني الجائحة وأمور مهنية وأسرية، وكانت تراودني شكوك عميقة ومتكررة حول جدوى سطور أكتبها، وقد أعتصر فيها خبرات، وأرسل معلومات، وأشارك بعض مشاعري، وكثيرا ما تساءلت : هل تجدي هذه السطور كثيرا في تخفيف آلام أو إيناس وحشة أو تبديد عزلة ؟؟
حتى جاءت كورونا لتعلمني أن التواصل عن بعد أفضل من الانقطاع الكامل، وأعود إليك وإلى كلماتك - معتذرا عن تأخري في الرد، راجيا ألا أكرر التأخير، بعون الله وتيسيره.
أنت تصفين أعراضا تصنفها كتب التخصص، وأدلة التشخيص بوصفها أعراض قلق، واكتئاب، واختلال أنية، وقد صار ثابتا عندي أن الأعراض النفسية ما هي إلا مظاهر لنظام نفسي داخلي مضطرب، ونظام خارجي مرتبك، وكلاهما حاصل في حالتك.
وصار ثابتا عندي أيضا أن دور المعالج أو الطبيب - أو أيا كانت التوصيفات - هو أن يصاحب إنسانا تعطّلت مسيرته، ويدعمه في استئناف رحلته، وهذه المساعدة تكون حضورا ومشاهدة ومواكبة، أما عن بعد فلا نملك غير تخمينات وتطمينات، ولا نملك تأكيد تشخيص، ولا وصف دواء
أعتقد أن استئناف دراستك الأكاديمية من حيث توقفت هو مطلب مهم، وإن اقتضى الأمر بعض إلحاح على الوالد، وكذلك الإصرار على العرض على طبيب أو طبيبة متخصصة، وتناول الدواء الذي سبق وذكرته يمكن أن يفيدك ولو مؤقتا وبخاصة إذا كانت حالتك قد تحسنت عليه من قبل.
وكذلك تفيدك بعض المكملات الغذائية مثل الفيتامينات وزيت الأوميجا، والانتظام في تناول وجبات -ولو صغيرة- من خضروات وفواكه طازجة سيجدد من نشاطك ويدعم صحتك البدنية، وبالتالي صحتك النفسية.
أشكال الدراسة كثيرة وبعضا يحصل أونلاين وكونك فتاة يساعدك في الحصول على منح دراسية يلزمك البحث عنها وفي هذا تنشط وتنشر مواقع عدة،
تحديد المساعدة التي تريدينها أو تتوقعينها منا يبدو مهما أيضا..... نحن معك في كل الأحوال..... ويلزمك أيضا اصطياد طاقم مساندة..... قد تحصلين عليه من منتديات أو مجموعات تشترك معك في اهتماماتك وهواياتك.
تحديد المصادر التي تشحنك وتحفزك للحياة هو أمر مهم آخر، وتواصلك مع هذه المصادر أساس من أسس قدرتك على الحركة، ولو قليلا.
الانقطاع الكامل عن كل ما يزعجنا، ويمكنك الانقطاع عنه، والتدرب على عدم التورط في مهاوي التفكير والقلق غير الصحي، ويكون هذا التدريب عبر أساليب الاسترخاء والتركيز في التنفس- مثلا، وتدريبات التأمل الأخرى التي تساعد على التحكم بالتركيز الإيجابي المقصود بدلا من الاستسلام للغرق في خواطر ومشاعر مقبضة.
تنظيم وقتك ونومك -هدف مهم ومؤثر جدا في صحتك النفسية والبدنية. والاستماع إلى الموسيقى الهادئة ومس الماء وضوءا بانتظام، وحماما دافئا قبل النوم، مع التقليل من استخدام الأجهزة الإليكترونية بشكل عام، والتقليل من المنبهات - وبخاصة..... قبل النوم.
أنت مسئولة عن نفسك وعن بؤسك، وإمساكك بزمام أمورك والمسؤولية عن مشاعرك وعن استجاباتك لما وقع ويقع عليك شرط من شروط استئناف رحلتك
وأخيرا..... أود أن تخبرينا في رسالة مستقلة في أية مدينة تسكنين، وهل تحبين أن تتصل بك معاونة تساعدك ؟؟
تابعينا بأخبارك، ودمت بخير