زواج بلا جماع
أنا شاب مصري أعزب في العشرينات من عمري، تسببت مشكلة صحية لدى في فقداني للقدرة الجنسية فلست قادراً على المعاشرة الزوجية، ولا الإنجاب بالطبع. ولم تفلح زياراتي للأطباء المختلفين.
السؤال الأهم هو، هل يمكن لى أن أتزوج وأنا على تلك الحالة، أي لن أقدر على الإنجاب ولا حتى المعاشرة الزوجية؟ هل يمكن أن يكون هناك زواج بهذا الشكل، وهل يمكن له أن يستقر وأن يتم أصلاً؟ وهل هناك من ترضى بهذا الوضع؟
وإن كانت الإجابة هي الاقتصار على من تعانى مثل ظروفي، أي أن أتزوج بمن ليست لها قدرة أيضاً على الإنجاب ولا على المعاشرة الجنسية، ففي هذه الحالة كيف لى أن أجدها بشكل عملي؟
الخلاصة: هل لى أن أتزوج من الأصل؟
إذا كانت الإجابة نعم، فهل يجب أن أقصر زواجي فقط على من تعانى مثل ظروفي من عدم القدرة على الجماع والإنجاب؟ وإن كانت إجابة ذلك أيضاً بنعم، فكيف أجدها بطريقة عملية ويمكن تنفيذها؟
26/11/2004
رد المستشار
الأخ الفاضل:
أشكرك على سؤالك، فهو وإن كان يمس حياة نسبة قليلة من الناس، ولكنه من الأسئلة المسكوت عنها في كثير من الأحيان، وهي فرصة لأن نعيد النظر في طبيعة الحياة الزوجية، وفهمنا الخاطئ لما جاء في تراثنا عن وظيفة الزواج، مع الاستفادة من علم الاجتماع في بيان هذه الوظيفة.
وقد درج كثير من المفكرين والفقهاء على تعريف النكاح على أنه: (عقد يحل استمتاع رجل بفرج امرأة عن طريق مباح شرعا)،
وهذا الكلام في الحقيقة أحسب أنه يحتاج إلى إعادة نظر من جديد، فإن وظيفة الأسرة ليس مجرد الاستمتاع الجنسي، وإن كنا لا نقلل من أهمية العملية الجنسية في الحياة الزوجية، فالأسرة مؤسسة يجد فيها الإنسان راحته النفسية، ويقوم بأدوار متبادلة مع أفراد أسرته، حتى تساهم هذه الأسرة بدور فعال في المجتمع ككل.
وهذا يعني أنه يجب علينا أن ننظر نظرة شاملة محيطة بجزئيات الأسرة حتى لا نغلق واحدا منها، وحين ننظر للتعبير القرآني، وأنا أحب أن ألفت النظر إلى ما قاله أسلافنا الأوائل أن أية قضية نريد أن نعرفها بشكل عام يجب أن نجمع فيها الأدلة الشرعية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ولا نقصرها على بعض الأدلة التي يستشهد بها في الأحكام، ولكن نجمع إلى ذلك القصص القرآني، والتطبيق العملي لحياة النبي صلى الله عليه وسلم، حتى نخرج بصورة واضحة في هذا الأمر.
ومن أشهر ما نجد في القرآن الكريم في الحديث عن الزواج: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21)، فجعل الله تعالى الزواج نعمة منه، يجد فيه الإنسان راحته النفسية، والود والحب والسكن والرحمة، والسكن يشمل السكن النفسي، ويشمل السكن الجنسي، كما أن الود يشير حسب فهمي إلى طبيعة العلاقة العاطفية أيضا، والمعاملة الحسن، وحسن المعاشرة، ثم يأتي التعامل بالرحمة، إن لم يكن هناك معاملة بالود والحب، فليكن التعامل بالرحمة بين الزوجين.
ومن هذه المعاني نفهم أن الإشباع الجنسي هو أحد مقومات الحياة الزوجية، بل يعد من أهم أعمدتها، فهو يحفظ الإنسان من الانحراف والوقوع في الرذيلة، ويجد فيه الإنسان متعه من حلال
ولكن ماذا لو لم يكن عند الإنسان هذه الفطرة، هل يحرم من المعاني الأخرى من الزواج؟ كلا
فله أن يتزوج امرأة مثله، أو امرأة ترضى بطبيعة الحياة، لعلها لا تحتاج إلى هذا لسبب أو آخر
ولكن الأولى والأفضل أن يختار امرأة تشبهه في حالته، تؤانسه ويؤانسها، فالزوج قد يحتاج إلى حنان وحب، وقد تحتاج المرأة إلى هذا أيضا، قد يحتاج الزوج إلى بعض الوظائف التي تقوم بها له
وهي تحتاج إلى النفقة والبقاء مع زوج في بيت واحد، بل من تشردها أوعدم إحساسها ببيت الزوجية.
ويمكن لمن حرم الحاجة الجنسية أن يجلسا سويا، وأن يحددا الأهداف والأدوار التي يريدها كل طرف من الآخر، فإن رأى كل واحد حاجته عند الآخر فليتزوج
وحين تحدث الفقهاء عن حكم الزواج، جعله مندوبا في الأصل "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج"
ولكنه يأخذ الأحكام الشرعية الخمسة، من الوجوب والحرمة والكراهة والاستحباب والجوا،
كل حسب حالته، فيكون واجبا لمن تتوق إليه نفسه، وهو في حاجة إليه، بحيث يخشى على نفسه، ويدرك أنه سيقوم بأدوار الأسرة، في أيسر أشكالها، وهو حرام إن لم يكن به إليه حاجة، ويغلب على ظنه أنه سيظلم من سيتزوجها، وهو مكروه في حق من لا يحتاج إليه، ويظن أنه غير قادر على القيام بأدوار الزوجية، وهو مباح فيمن تساوى عند الأمران، أما الاستحباب فهو الأصل.
وفي حسبي أنه يمكن اعتماد الأصل هو الاستحباب حتى في الحالات التي لا تحتاج إلى علاقة جنسية، وكذلك الإنجاب فهو حق مشترك بين الزوجين، لو اتفقا على عدم الإنجاب، بشرط أن يكون ذلك بشكل خاص، وليس بشكل عام، كالتي تدعو إليه الدول، فإن الاتفاق الخاص لا حرج فيه، ومادام كل منهما له الحق في الإنجاب وتنازلا عنه، فلا بأس به، أما ما تقوم به الدول من حملات منظمة، فهذه لا تجوز شرعا، لأن فيها قضاء على مقصد من أهم مقاصد الزواج من إنجاب الذرية والتربية الجيدة لأفراد ينفعون أمتهم ومجتمعهم.
أما الطريقة العملية، فهذه ترجع لكل إنسان، يمكن أن تخبر من تثق به من جيرانك وأصحابك فيساعدونك في البحث عنها، ويمكن لك وضع اسمك في المواقع التي تقدم مثل هذه الخدمة، بشرط أن تثق فيها، مثل موقع إسلام أون لاين.نت مثلا،
فهو يقدم هذه الخدمة، أو غيره من المواقع الموثوق بها، أو من خلال مكاتب الزواج التي بدأت تنتشر في مجتمعنا العربي، لحل مشاكل العنوسة، ولن تعدم أن تجد ما يناسبك إن شاء الله تعالى.