معاناة إيمانية مع مرضٍ مزمن!
أنا فتاة أعاني من مرض مزمن منذ طفولتي، عمري الآن 23 سنة... أريد أن أعرف مكانتي عند الله لأن كل من يعرف بمرضي يقول لي "الله يحبك" لا أدري أهي وسيلة تخفيف؟ أم فعلاً كما يقولون؟ وما معنى ذلك؟ ولماذا يقولونه؟
كما أريد أن أعرف ما هي الأشياء التي يمكن أن أفعلها لكي تخفف عني فأنا محرومة من أشياء كثيرة أولها بالنسبة للعبادات الصوم، حتى صوم التطوع أتمنى لو أستطيع القيام به حيث أن أسرتي من النوع المداوم عليه كل اثنين وخميس، وأنا الوحيدة التي لا تستطيع ذلك... ثاني شيء أني حرمت من الحج بسبب مرضي، فعندما تم الكشف عليَّ منعت منه مما أبكاني كثيراً، فأنا أريد أشياء أقوم بعملها تجاه ربي لتعوضني عن هذه العبادات.
كذلك بالنسبة لي كفتاة فأنا محرومة من الزواج... وحتى العمل تم رفضي أكثر من مرة أولا لشكلي الذي لا يتقبلونه حيث أنني لا تظهر بي علامات الأنوثة الطبيعية، وثانياً عند علمهم بمرضي رغم أنني أنهيت تعليمي والحمد لله وبتفوق.
كما أنني فعلاً لم أبلغ كأي فتاة تبلغ، وذلك بسبب المرض، وأشار عليَّ طبيبي بأخذ علاج يقوم بتنشيط الهرمونات حتى يحدث البلوغ لديّ، وقال لي أني إذا كنت راغبة في ذلك وأخبرني على حد قوله "سبحان الله قد تكون سبباً في شفائك إذا حدث البلوغ، وقد تزيد من حالتك المرضية" مع العلم أنه أشار إلى أن بعض الفتيات الذين يقوم بمعالجتهن أخذن العلاج وأصبحن بالغات، ولكن الدورة الشهرية تأتيهن بطريقة غير منتظمة وتطول معهم، فتكون المدة بدلاً من 6 أيام (الطبيعي) تصل لديهن إلى 14 يوماً، فرفضتها لهذه الأسباب وكذلك لأني أعتقد أنه ما من فائدة فلن يكون هناك زواج حتى لو شفيت، وبما أن الله قدر عدم بلوغي فأنا أفضل قدر الله.
أريد أن أعرف كيف يحاسبني الله، هل على أني بالغة لأنني تعديت سن البلوغ؟ أم لا لأنني لم أبلغ مثل الفتيات؟ وهل مطلوب مني الحجاب؟ أو كيف أحاسب عليه؟وكذلك البنطال هل أحاسب عليه كفتاة بالغة أم لا؟ كذلك هل أقوم بأخذ العلاج أم أنه ليس بالضروري؟
وأحب أن أنوه على أمور ألا وهي أن المرض هذا كل فترة يسبب لي أمراض أخرى جديدة، والأمراض من أمراض العصر، فالأطباء المعالجون لي أخبروني أن الحالة مستقرة بشكل عام لكن غير مضمونة إلى متى ستظل مستقرة أو ما قد تفعله بي فيما بعد، لذلك أصبحت أخاف من الموت ومن الطريقة التي سأموت عليها والتي لا يعلمها إلا الله.
كما أنني أشعر أنني مقصرة تجاه ربي، وأشعر أنه يجب عليَّ ألَّا أترك ثانية من عمري إلا وفيها سجود أو ركوع، وأنه يجب عليَّ منع نفسي من أبسط الأشياء في الدنيا حتى أحظى بها في الجنة إن كنت من أهلها، وما يقلقني هو أنني لا أحفظ القرآن الكريم، فهل في ذلك إثم؟ ولكنني مواظبة على تلاوته فقط، وكذلك مواظبة على الصلاة ولا أترك فرضاً أبداً.
كما أنني أشعر أنني سبب في تعاسة إخوتي، فغير أنهم يتعبون لتوفير العلاج لي وأخذي للمستشفى للعلاج كل يوم تقريباً فإنني سبب في تعاستهم، فكلما تقدم لأخواتي البنات أولاد الحلال وتتم الموافقة فإنهم عندما يخبرهم والدي بما بي من باب الصراحة والوضوح بين العائلتين نجد أنهم فروا خشية أن يكون مرض وراثي، مع العلم أن الأطباء جميعهم أكدوا أنه ليس بالوراثي، وكذلك إخواني الشباب حينما يتقدمون لبنات وتتم الموافقة عندما يعلمون ما بي يفرون ويأتون بأسباب لم يذكروها قبل معرفتهم بحالتي.
أضيف إلى ذلك أنه حتى السفر للترفيه لا نقوم به أيضاً بسببي لأنني بحاجة إلى متابعة العلاج في البلد الذي أعيش فيه، وأي انقطاع للعلاج يضر بي كثيراً، لذلك أشعر بتعاسة إخوتي رغم أنه لم يحدث أن أحداً قال لي ذلك.
أخيراً أريد أن أعلمكم بشخصيتي فأنا صابرة ومتحملة وطموحة، كما أنني نشيطة رغم ما يسببه لي المرض من تعب وإرهاق، حتى أن كل من يعرفني يصفني بالنشاط والذكاء والحيوية والمر،ح كما أنني أحب الخير وأحب الناس وأدعو ربي دائماً لبنات وأبناء أمتي بالسعادة وألا يتعرضوا لما بي من ألم ومرض.
أرسلت هذه الشكوى أولاً لأعرف ما يجب علي فعله، وثانيا لأنني أشعر أنني على بدايات نفاد صبري وتحملي، فسألتكم لعل الله يوفقني ويوفقكم في إنقاذي قبل أن تقع الفأس بالرأس وأفقد ما أملكه من صبر وتحمل... كما أنني أريد أن أسأل يقولون الشكوى لغير الله مذلة، فأنا عندما أردت كتابة شكوتي أصابتني الحيرة، فهل هو فعلاً مذلة وأنني فقط يجب عليَّ أن أشكو لله فقط دون طلب المساعدة من أحد مثل موقعكم أو مثل إخوتي أو صديقاتي المقربات مثلاً... أرجو التوضيح، وجزاكم الله خيراً، وأرجو المعذرة على الإطالة.
ملاحظات
1_ هل يمكن ارسال الحل على الايميل دون عرضه بالموقع اذا تفضلتم ولكم جزيل الشكر.
2_ المرض هو مرض في الدم.
20/10/2020
رد المستشار
الابنة العزيزة، أهلا وسهلا بك على الموقع، وشكرا على ثقتك.
أبدأ بعد الدعاء لك بالشفاء الذي لا يغادر سقماً (وهو شفاءُ الله لعبده مما ابتلاه سبحانه وتعالى به، شفاءً متجاوزاً لكل قوانين الطب المادية، ذلك هو الشفاء الذي طلبه سيد الخلق عليه الصلاة والسلام من ربه سبحانه)، ونطلبه نحنُ لك من الله...... وبعد ذلك يهمني أن أبدأ بالتفاهم معك حول معنى الشكوى لغير الله الذي تشيرين إليه بقولك "الشكوى لغير الله مذلة؟" هل أنت تشتكين لنا؟ أم تسألين ربما أكثر مما تشتكين؟ هل هي شكوى تلك التي وردت في كلماتك فقط؟ أم هي توضيح منك لأعراض معاناتك مع المرض، وأسئلةٌ ممَّا يجول بعقلك الناضج الصغير؟ فهل ستقولين لي كذلك أن السؤال لغير الله مذلة؟
إن الطب يا ابنتي من الفطرة، والإنسانُ مجبولٌ على صيانة نفسه كما قال أطباء المسلمين، والإسلام يا بنيتي يحضُّ على التداوي ويأمرُ به، وتذكري قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله" وقال صلى الله عليه وسلم "عباد الله تداووا، ولا تداووا بحرام" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأنت يا ابنتي تعانين مع مرضٍ مبهمٍ بشكلٍ عام وخطيرٌ في نفس الوقت، وبعثت تعرضين علينا مشكلتك وتوضحين أعراضك التي تشتكين منها كإنسان، وهذا العرضُ والتوضيحُ من جانبك، والتلقي ثم التعليق والرد من جانبنا هو تفاعلٌ بين الناس يأمرنا به شرعنا، ويأجرنا عليه ربنا، فهل في ذلك مذلة؟
أُسمِّي معاناتك في حدود ما وصلني يا ابنتي أنها "معاناةً إيمانية" صحيحٌ أن لديك شعورًا بالذنب، لكنني أراك قبل ذلك مؤمنة رضيت بقضاء الله، وتشعر بالتقصير في عباداتها رغم أن الشرع رخص لها في ذلك، وتريدين الخلاص من شعورك بالذنب وبأنك حملٌ على الآخرين؟
وكذلك تتساءلين عما يجبُ أن تفعليه لتخففي عن نفسك في الوقت الذي لا تجدين فيه عملاً رغم تخرجك بتفوق، ولا تستطيعين فيه استمتاعاً أو سياحةً لأنك مضطرة للبقاء قريبةً من مكان يتوفر فيه العلاج، وأنا ألتقط الخيط هنا لأقول لك لمَ لا تحاولين العمل في مكانك من خلال ما يوفره الإنترنت؟ ما هو نوع دراستك؟ ولماذا لا تحاولين إكمال الدراسة والعمل أيضًا على الإنترنت؟
تقولين في وصفك لنفسك "صابرةً ومتحملةً وطموحةً، كما أنني نشيطة رغم ما يسببه لي المرض من تعب وإرهاق، حتى أن كل من يعرفني يصفني بالنشاط والذكاء والحيوية والمرح، كما أنني أحب الخير وأحب الناس وأدعو ربي دائما لبنات وأبناء أمتي بالسعادة وألَّا يتعرضوا لما بي من ألم ومرض" وهنا مفتاح ما سيسري عنك _إن شاء الله_ كما سأبين لك، ومفتاح ما سيخلصك _إن شاء الله_ من فقد القدرة على الصبر التي تخافين منها _لا قدرها عليك الله_.
وأكرر قبل ما أشير عليك بالمفتاح أن ما أراه في وصف معاناتك، وما وصلني من انطباع أسأل الله أن يكونَ صحيحاً، خاصة وأنا لا أعرف شيئا محددا عن التأثيرات العضوية النفسية لما ابتليت به من مرض لأنني لم أستطع تخمينه، ما أراه هو أن معاناتك معاناة إيمانية بالدرجة الأولى، وأعضد ذلك بما يراه فيك الناس من أنك محبوبة من الله، وهو الحنان المنان سبحانه، أقترح عليك أن تستغلي الشبكة العنكبوتية في الخلاص من معاناتك النفسية الإيمانية.
إنك تستطيعين إن تجدي سبيلك إلى الجهاد المدني وإلى الجهاد في سبيل فلسطين من خلال الإنترنت، فهل تستطيعين استبدال أفكارك المتضخمة حول الذنب الذي لم تذنبيه، وشعورك بالتقصير بينما إسلامك يعطيك الرخصة، والله يحبُّ أن تؤتى رخصه كما تؤتي عزائمه كما ورد في الحديث الشريف: قال صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه" صدق رسول الله (رواه ابن حبان) فهل تستطيعين استبدال ذلك بفريضة الجهاد؟
أنت تستطيعين تنمية مهارتك في الإنترنت، وتستطيعين المساهمة بتوسيع دائرة معارفك من خلال الإنترنت أيضًا، وتستطيعين أن تشاركينا على موقع مجانين، وتستطيعين اختيار ما تشائين من المواقع التي تجاهدين من خلالها جهاداً إليكترونياً، هل تصدقين نفسك أنك قادرة على هذا بفضل الله وحده؟... فكري وتابعينا.