مأساة طفلة وحيدة!!
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا أنا أعترض على تسمية مشكلتي بهذا الاسم النموذج الفاشل!؟ لأن ليس في مضمون هذا العنوان ما يحويه مضمون صاحبة المشكلة بالمرة
فأنا والحمد لله طالبة بالمرحلة النهائية في الصف الثانوي والفشل لا يعرف لي طريق قطعا فأنا عمليه جدا ويمكن أن هذا هو العائق بيني وبين علاقاتي الاجتماعية فأنا إلى حد ما يطلق علي الطالبة المثالية وهذا من فضل الله عز وجل
فأنا كما ذكرت في أعلاه طالبة بالصف الثالث الثانوي وأعيش الآن أنا وماما وربنا*ربنا يخليها لي يا رب
أعرف أنني لم أستطع أن أجيد التعبير عن مشكلتي بالمعنى المطلوب وهذا لحساسيتها وسريتها في نفس الوقت فإن تلك المشاكل المشابهة لمشكلتي نادرا ما تنشر ولا يبوح أصحابها بها وذلك لموقفها الحساس جدا اجتماعيا بل إن تلك المشاكل لا يستطيع الأبناء الذين هم في مثل سني أن يضعوا أيديهم على المشكلة نفسها ويطرحوها في إطار من الوضوح وإنما هذا واجب الآباء (أحد الطرفين إن وجد) فهم الأكثر خبرة ودراية
ولكني أحمد الله أنه قد وفقني إلى حد كبير أن أستجمع قوايا وشجاعتي وأبوح بما يجول في خبايا نفسي المظلمة المحبطة التي أروح وأنفس عنها ما تعانيه ولو شيء قليل فأنا حساسة إلى درجة كبيرة لا أنكر ذلك كما تفضلت دكتورتي بالتشخيص وكل هذه الصفات التي ينبذها الناس وأنا أيضا لا أحبها ولكن أرى أنها قد فرضت علي عن غير إرادتي فقد اكتسبتها من واقع الحياة المريرة التي عشتها في طفولتي البائسة ولكني أختلف في رأيي مع د/ ( أن انفصال الوالدين أفضل من المشاحنات التي تحدث في ظلهما)
فأنا أشكرك على مواساتي وتيسير الأمر بالنسبة لى مع أن العكس هو صحيح والحقيقة ليست كذلك لأن تربية الأبناء في كنف والديهما في جو مليء بالمشاحنات هذا أفضل بكثير من أن تهدم أسرة كاملة على تفاهات فالبيوت لا تخلو من المشاكل ولكن سرعان ما تزول تلك الخلافات ويعم البيت الدفء والسعادة ويعود الحال كما هو عليه ولكن نظرة الرجل الشرقي المتخلف الحجري وسلوكه المستفز دائما للمرأة حتى ولو كانت تلك المرأة هي زوجته وأم ابنته الوحيدة بل بالعكس فإنه لا يراعي هذا ويقسو عليها هي بالذات أكثر من أي شخص!
ليس معنى هذا أنني أعترض على ما قسمه الله لى حاشا لله ولكن أريد من وقت لآخر تفريغ الشحنة التي بداخلي
*جزاكم الله كل خير إن شاء الله
18/12/2004
رد المستشار
ابنتي العزيزة أهلا وسهلا بك في كل مرة تفريغ، لأي شحنة، فكما تحبين الفضفضة معنا نحن أيضا نحب أن نسمعك عن قرب ولو لهمسات قلبك الصغير
ولم أكن أتصور أن يزعجك اسم المشكلة فمشاكلي على وجه الخصوص أتعمد فيها ألا يكون العنوان منبئا عما يحتويه مضمون الحل!! وأعتبر ذلك تميزا وليس تقصيرا هذا أولا
أما ثانيا: فهو أن ما قصدته بالنموذج الفاشل لم يكن إطلاقا نعتا لك، ولكن كنت أوضح لك أن هناك نماذج مشابهة لحالتك الاجتماعية واتخذت من آلامها وحرمانها قوة دافعة لها لتحقيق الذات أو للنجاح في شتي مجالات الحياة
وأن هناك نموذجا آخر فاشلا بدلا من أن يقف في مواجهة آلامه اتخذها أطلالا ليبكي عليها طوال حياته رغم فهمه للأمور ولكنه وجد أنها الطريق الأسهل لتفسير فشله أو اكتئابه فقلت لك لا تتخذيه قدوة.
ولقد اعترفت أنك كنت سببا في هذا اللبس بسبب عدم تعبيرك عن مشكلتك بشكل أكثر تفصيلا لأنك بالفعل من أصحاب العزم بدليل عدم وقوفك أمام تحديات حياتك ضعيفة، وإنما أنت من الطالبات المثاليات أيضا
ثالثا: ما زلت اختلف معك فيما يتعلق بتفضيلك لوجود الأبناء بين والدين غير متحابين غير متفاهمين على البقاء مع أحدهما في صورة أكثر هدوءا فما زلت صغيرة يا رحاب ولم تعي بعد أن حضن الوالدين هو النبع الأول الذي يشرب منه الطفل حتى تستقيم نفسه، فالوالدان يعنيان لأبنائهما الأمان فأين الأمان في مشاهد الخلاف المستمرة أو في ظل حضن بارد لا يسمن ولا يغني من جوع!!
فليس المهم أن تري بعينيك أباك وأمك سويا ولكن أن تري بقلبك وفكرك تواصلا صحيحا بينهما لأنهما منفذك على كل المعاني لكل الحياة فالمهم إذن كيف أراهما معا وليس أن أراهما معا.
ولو نظرت يا ابنتي إلى كل ما تسمعين أو تشاهدين من انحرافات نفسيه... خلقية... سلوكية سيكون أصلها واحد وهي نشأة الطفولة في مناخ غير صحي -طبعا بالإضافة إلى عوامل أخرى ثانوية- بين والدين لا يعلمان عن الوالدية إلا قليلا فالذي يحترم نفسه ويرى أنه بذلك لن يحقق رسالته المطلوبة منه كأم أو كأب يأخذ قرار الانفصال حتى تستمر الحياة بشكل أفضل وإذا كنت منصفة ستجدين أصدقاء لك يعانون الكثير بسبب ما بين والديهما حيث تختلف المعاناة في أسبابها حسب أطرافها-وبالمناسبة الأمان يتحقق للابن بين والدين منفصلين إذا تعهداه بالأبوة والأمومة له لأنهما فقط لا يصلحان معا كزوجين ولكنهما ما زالا وسيظلان والدين- فللأسف نحن نتحدث عن ملف ضخم جدا يبدأ من أول تأهيل الشاب والفتاة لمعنى الرجولة والأبوة والمسؤولية والرسالة والزواج والزوجة والأمومة ومن ثم الاختيار الصحيح في الزواج والتوافق وووو
يبقي أن أقول لك أننا هنا كمستشارين علاقتنا بالمشاكل التي ترسل إلينا عبر الموقع ما هي إلا قناة واحدة من قنوات الاتصال بيننا وبين المجتمع فهناك ندوات وهناك محاضرات وسفر للخارج وإعلام سواء مرئي أو مسموع أو مقروء أو خطوط ساخنة وهي التي تعطينا الخبرة التي نحاول بها أن نصل مع المجتمع ككل إلى أوضاع أفضل فليس رد المستشار نابعا فقط من رؤية شخصية محضة وإنما هي خبرة تراكمية نتيجة الاحتكاك المباشر بواقع البشر