الانطوائية الحادة تدمر حياتي
السلام عليكم... أنا إنسان شديد الخجل والانطوائية والعزلة الاجتماعية، وهذا الأمر ظاهر بوضوح لنفسي ولكل من حولي.
أنا أُفَضِّل تحمل الجوع الشديد على الخروج من المنزل وشراء الطعام، وإذا أجبرتني أمي على الخروج من أجل شراء المواد الغذائية من المحل فإني طول طريقي إلى المحل أفكر في رأسي بجميع السيناريوهات التي قد تحدث معي، وأفكر في جميع الردود التي قد أحتاجها عند مقابلة صاحب المحل، وفي حال حصول موقف محرج حتى لو كان بسيطاً أبقى أفكر في الأمر لمدة شهر كامل، وقد أقرر عدم الذهاب مجددآ لهذا المحل أبدآ.
وقبل أن أصبح ربوبياً كنت كل مرة أخرج من المنزل أقرأ عشرات الأدعية والأحاديث عن إبعاد الأذى حتى لو كانت وجهتي لا تبعد عن منزلي شارعين، ولم يقتصر الأمر على خروحي من المنزل بل وحتى في البيت عند استيقاظي من النوم.
أنا أصرف طاقة كبيرة في التفكير "متى وكيف أسلم على والداي" فأغلب الوقت أنا في غرفتي، نادرآ ما أجلس مع العائلة في الصالة (آخر مرة جلست معهم كانت قبل سنتين).
وأنا أيضآ أتلعثم بالكلام بشكل محرج جدآ عند مبادرة الغرباء بالحديث معي، بل وحتى مع والداي يحدث نفس الشيء.
أغلب الشباب الذين هم في مثل عمري يخافون من فكرة موت أحد الوالدين أو المقربين، أما أنا أخاف من فكرة الذهاب إلى مجالس العزاء وتعزية الناس لي أكثر من خوفي من افتقادهم، بل وحتى قد قررت مسبقآ عدم الزواج أبدآ (على الرغم من شهوتي العالية) لأني أخاف من يوم العرس، أخاف من فكرة جعل يوم كامل يدور حولي أنا فقط.
تمر شهور وأنا لا أرى مدخل المنزل، وأصبح هذا الأمر أسلوب حياة، فحتى لو خرجت قد أصاب بحكة قوية في الجلد إذا بقيت مدة ولو قليلة تحت أشعة الشمس.
أتذكر أني كنت انطوائيآ منذ الصغر، لكن لم أكن هكذا أبدآ، وأظن أن من المواقف التي جعلتتي أصل إلى هذه الحالة السيئة وأثَّرت على نفسيتي هي تعرضي للتنمر قبل ثلاث سنوات، وأيضآ غربتي في بلاد أجنبية لمدة ثلاث سنين، واستهزاء الأصدقاء والأقارب من طريقة مشيي وطريقة تكلمي.
أنا انطوائي ليس فقط في الحياة الواقعية، بل وحتى في "السوشل ميديا" لا أتجرأ على وضع اسمي الحقيقي ولا صورتي في جميع حساباتي، دائمآ ما أستخدم حسابات وهمية، حتى وأنا في حساب وهمي أمسح تعليقاتي بعد مدة من تعليقها خوفآ من رأي الناس في تعليقي، وإذا تشجعت ونشرت منشوراً أبقى أفكر في المنشور "هل كتبته بصورة صحيحة؟؟ هل سوف يستهزء الناس بي بسبب منشوري؟؟".
وأيضآ عندما أسمع أن هناك أحد من الأقارب سوف يأتون لزيارتنا فإن هذا اليوم يضيع وأنا أتلوَّى من الألم في فراشي خوفآ من القيام بمواقف محرجة، وفي الغالب أتجنب لقائهم عن طريق الذهاب للغسيل أو التمثيل أني نائم.
أنا لم أتحدث مع أي أنثى في حياتي (لا في الحياة الواقعية، ولا في السوشيل ميديا) باستثناء أمي طبعاً.
يوجد الكثير والكثير من المواقف الأخرى، لكني سوف أكتفى بهذا القدر.
11/11/2020
رد المستشار
صديقي
لقد قلت في خطابك: "اخاف من فكرة جعل يوم كامل يدور حولي أنا فقط".... للأسف أنه من الواضح تماما لي كما هو واضح لكل من يقرأ رسالتك أن حياتك اليومية تدور حولك أنت فقط.... أفكارك، مخاوفك، خجلك، انطواءك، كلها أشياء وأفكار متمحورة حولك أنت.... أنت الوحيد الذي لا يدري أنك قد خلقت مشكلة لنفسك من لا شيء لأنك تأخذ نفسك ومخاوفك على محمل الجدية أكثر من اللازم.... لا أعتقد أن هناك واحدا من البشر لم يتعرض للتنمر أو السخرية أو المواقف المحرجة.... هناك من يستمرون في الحياة ويكتشفون كيفية التعامل مع هذه الأحداث، وهناك من ينعزلون عن الحياة مثلك.... انعزالك لن يغير من الأمر شيئا.... خوفك الشديد هو اختراع لا أساس له من الصحة أو المنطق أو العقل ولكنه خوف معتاد ونراه كثيرا في المراهقين ويسمى بالرهاب الاجتماعي.
الرهاب الإجتماعي أو الخوف الشديد من التعامل مع الآخرين في أساسه مبني على علاقة غير جيدة مع نفسك مع تضخيم وقع العواقب أو النتائج المترتبة على التعامل مع الآخرين..... هل تتعرض للتنمر والإهانة والإحراج في كل مرة تذهب لشراء المواد الغذائية من المحلات؟ كم مرة حدث لك هذا؟ لماذا حدث (إن كان قد حدث)؟
خوفك من رأي الآخرين هو بسبب خوفك من أن يكتشفوا رأيك السلبي في نفسك.... ولكن كيف كونت هذه العلاقة السيئة مع نفسك؟ لماذا تعتقد أنك سوف تكون مرفوضا أو أن يستهزأ بك بصفة دائمة؟ (ليس هناك شيء دائم في هذه الحياة ولكن حالنا يستمر على ما هو عليه بسبب اعتيادنا على أفكار وتصرفات معينة)
يجب أن تعلم أن كل منا يقف في مكان ما بين من هم أفضل منا ومن هم أسوأ منا (في أي شيء أو أي مجال)... يمكنك أن تغير من تفكيرك وتصرفاتك للأحسن أو للأسوأ.... الأمر كله يعود إلى اختياراتك.... لقد اخترت أن تكون إبراهيميا ربوبيا ومن الممكن أيضا أن تختار أن تكون إبراهيميا ربوبيا شجاعا أو جبانا.... الشجاعة ليست اختفاء الخوف ولكنها الإقدام بالرغم من الخوف وفي النهاية كلنا نكتشف أن مخاوفنا ممكن تخطيها ببساطة.
إحصائيا، ستة وتسعون ونصف بالمائة من كل مخاوف البشر لا تحدث.... الباقي هو ثلاثة ونصف بالمائة ولكن عشرة بالمائة فقط هي التي من الممكن التعامل معها عن طريق تجنبها أو الاستعداد لها.... إذا أخذنا أيام السنة، فمن حقنا أن نخاف من أشياء حقيقية مثل الكوارث الطبيعية والحوادث وما شابه لمدة ثلاثة عشر يوما من العام.... يوم وثلث فقط هو ما يمكننا التحكم فيه عن طريق التفكير والاستعداد.... فيما عدا ذلك مخاوفنا هي مجرد أوهام.... مثلما اخترت ديانتك وهو شيء يتطلب قدرا لا بأس به من الشجاعة، يمكنك أن تختار أن تعيش حياة حقيقية واقعية، تخاف فيها من أشياء منطقية وتتعلم كيف تتغلب عليها وتحمي نفسك منها.
أنصحك بمراجعة معالج نفساني لمناقشة هذه الأمور وقراءة ما يمكنك قراءته عن الرهاب الاجتماعي وكيفيات وتقنيات التخلص منه ومن المخاوف اللامنطقية.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب
واقرأ أيضًا:
نفسي عصابي رهاب اجتماعي Social Phobia