أشعر بالموت
بالرغم من الذي سأقوله رغم صغر سني، وأنَّ ما أشعر به تافهٌ للغاية بالنسبة للآخرين، لكن أشعر أنني مجرد عالة وابتلاء لأمي وعائلتي والمجتمع، لا أستيطع الوصول إلى طموحاتي، كما أنني أشعر بوحدة غريبة تجعلني أموت ببطء، لست جميلة كما الفتيات، وليس لدي جسم مثالي كما هُنَّ، لدي أمراض كثيرة، بالإضافة إلى وفاة والدي حين بلغت 10 أشهر فقط.
كنا فقيرين (ولازلنا)، ولكن الحمد لله... أمي تعمل في البيوت، ولكن أنا وهي لسنا على توافق، دائمًا نغضب من بعضنا البعض، و نُعطِي ردَّات فعل غير محتملة ولاإرادية لبعضنا البعض، أرغب بفعل ما أرغب به لكنها لا تسمح لي، تريدني أن أدرس فقط، لدرجة أنني مَللَتُ وكَلَلت من هذه الدراسة، وأصبحت أتغيَّب يوميًّا فقط لإرضاء رغبتي.
أبقى وحدي طول اليوم، ليس لدي أصدقاء أستطيع الاعتماد عليهم، كما أن أمي طول الوقت غاضبة، وتشتمني بسوء خلقي وشكلي طول الوقت، وتُشعِرُني أنني ابتلاء، وتخبرني طول الوقت أنني نِقمَة ولست نعمة.
لم أعد أريد فعل أي شيء، كما أنني لا أستطيع وصف ما أشعر به تمامًا،
أرغب بالصراخ والبكاء لإخراج ما في قلبي ولكن هذا لا يفيد، أرغب في الموت.
29/1/2021
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا بك عزيزتي، تختصرين رغباتك من الحياة بالموت، فماذا بعد الموت، ولماذا الموت. الموت هو نهاية حتمية لكل كائن حي أي الفناء للماديات فهو ليس هدفا بحد ذاته هو مرحلة من مراحل النمو والتطور إن شئت لا معنى له بين الأهداف والرغبات. بالنسبة للبشر المسلمين فإن الموت يعني بداية المحاسبة على ما فعلناه في الدنيا في مقابل نعمة الحياة وإحقاقا لألوهية خالقنا، الموت يخافه العقلاء لأنهم يعلمون ما بعده، لا تستطيعين الوصول إلى مرحلة النتائج قبل وقتها، لذا يجب عليك أن تعيدي النظر في غايتك أو ما تظنين أن فيه راحتك، الموت ليس حلا لمشكلاتك.
ذكرت بأنك لست جميلة ومن قال أننا خلقنا زينة، أنت إنسانة خلقت لعمارة الأرض وعبادة الله وكل ما حباك الله به من جسد وعقل وباقي النعم هي وسائل لتساعدك في تحقيق هدف وجودك. تذكري لست زينة بل إنسانة سخر الله لها الكون كله. ثم نعود لنقول أن الجمال نسبي وأنه في عين الناظر وأنه يتغير من ثقافة لأخرى وأنه لا توجد امرأة غير جميلة ولكن هناك من تجهل الاهتمام بنفسها.
لست وبالا على أحد إلا من خلال سلوكك، عدلي سلوكك مع والدتك ولا تكوني عبئا عليها أكثر مما ينبغي. لا علاقة إطلاقا بين موعد ولادتك ووفاة والدك فوقت وفاته محدد في صحف جفت قبل خلق الأرض فلا يجوز أن تحملي وزر وقت وفاته فهي أمور خارجة عن حدود قدراتنا كبشر.
تطلب منك والدتك الاهتمام بدراستك كوسيلة للارتقاء بك في سلم الحياة، كي تعينك على اكتساب رزقك بطريقة أسهل من تلك التي لا تجد سواها بنفسها ولا تريدها لك. لا توجد مهنة مهينة بين المهن الشريفة ولكن بعضها أسهل من غيره وبعضها يوفر دخلا أفضل من غيره وهذا ما تريده لك والدتك. الدراسة لو تعلمين نعمة جاهدت النساء حول العالم كثيرا للحصول عليها فتمتعي بها. التعليم ليس شهادة جامعية بل تربية للنفس وتوجيه للعقل في التعامل مع صعاب الحياة، عن نفسي أحب التعليم وأحمد الله الذي أنعم علي بنعمة تعلم القراءة والكتابة بهما حققت أهدافي في الحياة. ليست الدراسة سهلة وليست الحياة بالسهلة، السهولة تسبب الخمول والضيق لكائن مخلوق للعمل، إن لم يجد ما يفرغ فيه طاقته النفسية والجسدية سكنته الأمراض والعلل.
لا بأس إن كنت لا ترغبين في إكمال دراستك يمكنك مناقشة والدتك في هذا والبدء في البحث عن عمل لتوفري معيشتك وتحققي أهدافك في الحياة، المهم أن يكون لك هدف في الحياة نقطة تريدين الوصول إليها ووسيلة تحملك إليها، أين تريدين أن تعيشي باقي حياتك وكيف، وما الطريقة التي تساعدك في تحقيقها اشغلي نفسك بهذا التفكير وقبل البدء في الاختيار تأكدي أن لا أسلوب حياة سهل، فكل طريق لها صعابها والتي لا بد من تجاوزها أو البدء من جديد في طريق جديد وصعوبات جديدة.
تحتاجين بنيتي لتربية نفسك نفسيا وفكريا بعد انشغال والدتك حفظها الله في رعايتك ماديا بتوفير السكن لك والطعام مما لم يترك لها كثيرا من الوقت والطاقة لتكمل جوانب تربيتك فساعديها، تستطيعين استخدام الإنترنت في الارتقاء بتفكيرك واختيار أهدافك وتحسين أسلوبك في التعامل مع والدتك ونفسك. لو كنت ذكرت طموحاتك التي تعارضك فيها والدتك كنت شاركت مناقشتها، لكن اتبعي أسلوب التفصيل السابق عليها، أستودعك أمانة الله الذي لا تضيع ودائعه وهو خير الحافظين.