اضطرابات نفسية جنسية
بدايةً أرجو عدم نشر سؤالي مطلقًا.
لا أدري بداية هل أُوجِزُ الكلام مُلَخِّصًا أم أُسْهِبُ في الشرح، ولكن على العموم سأحاول جاهِدًا ذِكْرَ المُفِيد فيما يجعلكم مُطَّلِعَينَ على الحال لَعَلَّ الله يُلْهِمُكُم ويُسَدِّد بِكُم وينفع.
علاقتي مع أهلي جيدة جدًّا، ولكني لم أشعر أني أَخَذْتُ نَصِيبِي الكافي من علاقتي بوالدي. أنا عراقي مُقِيم في تركيا مع بعض الأقارب من أبناء العشيرة (أبناء العمومة). عمري في مَطْلَع الثلاثينيات.
في طفولتي تَعَرَّضْت للتحرش الجنسي من بعض الأولاد الذكور، وفي وقت لاحق من بعض البنات. تلك اللحظات تَفْتِك بقلبي فَتْكًا وتُسَبِّب لي المرارة المستمرة. أحاول جاهدًا التَّفَلُّتَ من تلك الذكريات، ولكن هَيْهَات لِجُرْحٍ لازَمَهُ الملح أن يَتَوَقَّف صاحبه عن التَّوَجُّع.
ومع نُمُوِّي ومَرِّ السنوات بدأت مَلَامِح البلوغ تظهر، وشعرت بالكُرْهِ لمن حولي، لم أَعُد أحب الناس، أكره الاختلاط، وأكره أن ألمس أحدًا أو يلمسني أحد، أكره التَّقْبِيل والمُعَانَقَة وكل ما له علاقة بالأمر.
شعرت بِغَرَابَة الحال وصعوبة الموقف ومِمَّا قد يظنه الناس، فلجأت إلى محاولة التظاهر بأن الوضع طبيعي. حياتي الجنسية في ذلك الوقت كانت في مُنْتَهَى السرية، إذ الأصدقاء كانوا يتكلمون فيها بِجَرْأة، وكيف أنَّ الشخص منهم يمارس الاستمناء، وكمية مَقْذُوفه وما شابه، فكنت أشعر بضَآلَتِهِم أمامي وقُبْحِ ما ينطقون به، بل شعرت بأني أكرههم، وخصوصًا أني أذكر أن بلوغي قد تأخر مقارنةً بأصدقائي.
من بعد الـ14 سنة، وفي بداية سن الـ15، إلى أن أصبحت في الثانوية (وفي سن السادسة عشر تحديدًا) بدأت مشاعر الجنس تَتَدَفَّق في نفسي ولا أعرف لها تَصْرِيفًا، إذ لا أشعر بأني على رغبة في إقامة علاقة جنسية مع أحد، فأنا كنت أكره مَمَاسَّة الشباب والبنات على حد سواء، ولكني كنت أكره الفتيات أكثر لرؤيتي الفتاة التي تحرشت بي عاريةً تمامًا، فاقْتَرَن مَنْظَرُها بالخوف عندي والقرف.
إلى أن جاءت لحظة عصيبة، وهي أن أَحَد الطلاب تَغَزَّل بي تَغَزُّل المُشْتَهِي، فلم أعرف كيف أَرُدُّ على ما تَكَلَّم به غير أَجْوِبَة غَبِيَّة لارْتِبَاكِي حِينَها. ثم في وقت آخر أعاد كلامه بصيغة أخرى أقرب إلى الإيحاء بشكل أوضح، فنصحته ألَّا يَعُود إلى مِثْلِهًا فاعتذر. ثم بعد فترة رأيته نظر نظرة غريبة باتجاه أَرْدَاف أحد الطلاب، فنظرت إلى تلك الأرداف فَسَرَى بي سَهْمُ الشيطان، وبدأت الفكرة تَخْطُر وتخطر وأنا أَرُدُّها، وتقاومني. أُحَدِّث نفسي بأن هذا خطأ جسيم، فأنا لا أحب هذا ولا أرغبه.
والآن أنا في حرب مع هذا الشعور ولا أُطِيقُه. مع أني أكره الاقتراب من الناس، ولكني أَجِدُهم يُحِبُّونَنِي مَحَبَّةً فريدة واستثنائية، كبيرهم وصغيرهم. بعضهم يقولون لي أن لدي براءة الأطفال في عيني، وتصرُّفاتي بريئة كالأطفال، فَيَحْتَضِنُني الكثير منهم، ويُقَبِّلُني الكثير منهم خصوصًا المُراهِقُون إن صَحَّ التعبير. وأنا بين صَدٍّ ومَنْعٍ بالمُزَاح تارة والغضب المُتَصَنَّع أحيانًا حتى لا يُكَرِّرُوها.
وإلى الآن لم أتزوج بسبب ما مررت به.
ما رأيكم ؟؟
3/4/2021
رد المستشار
صديقي، ما حدث في الطفولة هو أمر يجب أن يَظَلَّ في الماضي. الجرح يُلَازِمُه المَلْح _على حَدِّ تعبيرك_ لأنك أنت من يَضَع الملح فيه باستمرار، وليس هناك ما يُحَتِّم هذا عدا أنَّك تضع أهمية كبيرة على حدث تَغَيَّرْت أنت عِدَّة مَرَّات منذ أن حدث. كل ذرَّة في الجسد تتغير في خلال عامين. لو أن التَّحَرُّش حدث لك فى سن العاشرة، فهذا معناه أنك تغيَّرْتَ بالكامل بَدَنِيًّا عشر مرات كاملة. أنت من يحتفظ بالذكريات ويُعِيدُها، ولا قوة لها عليك إلا ما تعطيه أنت لها. عليك أن تفهم أن لديك اختيار في كيفية التفكير في أي شيء، لديك الحرية في الإيمان أو الكفر بأي فكرة، لديك اختيار أن تكون سَوِيًّا أو مِثْلِيًّا، لديك اختيار فِيمَا إذا كنت ستَتْبَع شهواتك وخيالاتك مع أي شخص أم تُوَجِّهُها التَّوْجِيه الصحيح مع من تحبها.
أنصحك بمراجعة معالج نفساني لمناقشة هذه الأمور والتَّدَرُّب على طريقة تفكير صحية.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.
واقرئي أيضًا:
سؤال مهم، تحرش وعواقب!
عواقب التحرش من ضحة إلى مجرم!
مضطربة: عواقب التحرش الجنسي!