غشاء البكارة والوسواس بشأن عذريتي
السلام عليكم. أنا فتاة مُلتَزِمَة والحمد لله. قبل فترة وقَعَت في شِبَاك الوسواس بشأن عُذرِيَّتِي، وقرَّرت أن أذهب إلى الطبيبة لِفَحْصِ العُذْرِيَّة والاطمئنان قبل زواجي، فذهبت وقالت الطبيبة أن غِشَائي حَلْقِي واسع، ويمكن ألَّا يَنزِف عند الإيلاج، فصُدِمت لأنني لم أُدخِلَ شيئًا بحياتي إلى المهبل، ولذلك من شِدَّة خوفي قررت أن أجرح نفسي ليلة الزفاف، وجرحت مهبلي، وعند الإيلاج نَزَلت قطرتين دم قليلة، والحمد لله تمَّت ليلة دُخلَتِي.
ولكن ما يُؤَرِّقُني الآن أنني أشعر بالأسف من نفسي لعدم إخبار زوجي لأن الله هو خلقني هكذا ولم يكن ذنبي.
هل الذي فعلته صحيح؟ والله يشهد أنَّنِي إنسانة عفيفة ولم يلمسني أحد في حياتي.
2/5/2021
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم، الإبنة الفاضلة / حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد،،،
أيتها العروس العزيزة، بارك الله لكِ، وبارك عليكِ، وجمع بينكما في خيرٍ، وستر علينا وعليكِ وعلى بنات المسلمين في الدنيا والآخرة، آمين.
الابنة الكريمة: "العُذرة تذهب مِن غير ريبةٍ؛ تُذهبها الوثبة، وكثرة الحيضِ، والتعنيس، والحِملُ الثقيل"؛ "سنن سعيد بن منصور"، عن الشعبي. ففي فقه الدماء ثمَّة ضروبٌ للدم الخارج مِن فَرْج المرأة، منها:
1- دم الحيض.
2- دم الاستحاضة.
3- دم القُرُوح والجروح.
4- دم البكارة.
5- دم النفاس.
ولعلَّ الدم الذي نزل ليس دم جرحٍك للمهبل كما وقع في وهمكِ، فيحتمل أيضا أن يكون بسبب وقوع تهتك –ولو بسيط– في الغشاء بسبب الإيلاج، فالطبيبة لم تؤكد لك عدم نزول الدم وإنما اعتبرت هذا الأمر احتمالا قد يقع وقد لا يقع، ويبقى الجزمُ في هذه المسألة في علم الغيب، أقول ذلك لأوضح لبسة هذا الأمر في عقلكِ، فلا تُزعجي نفسكِ بالتفكير في أمرٍ قدَّره الله -تعالى- وأمضاه، ولا تُتلفي أعصابكِ بالوساوس والمخاوف، فمن الطبيعي أن يخرجَ دم البكارة تلك الليلة، وإن لم يخرجْ، فليس ذلك بدليل على عدم العذرة ذلك لأن غشاء البكارة يحوي ثقبًا طبيعيًّا بسعة طرف الأصبع، يخرج منه دمُ الحيض (وأحيانًا لا يكون ثقبًا واحدًا، بل مجموعة من الثُّقوب الصغيرة إذا كان الغشاءُ مِن نوع الغشاء الغربالي!)، ولولا وجود هذا الثقبُ لتعذَّرَ خُرُوج دم الحيض، واحتبس داخل الرحم، ولتعذَّر تمزيق الغشاء، وهذا يعني أن غشاء البكارة الطبيعي هو غشاء مثقوب في الأصل (بغض النظر عن اتساعه)، وليس كما يتوَهَّم عامَّة الناس ! فإن لم يوجدْ هذا الثقب، سُمِّيَ الغشاء ساعتئذٍ بـ: الغشاء الأرتق، وتسمى المرأة حينئذ "رتقاء"، "أي لم تُنَل؛ ولا يُستطاع جماعها، وفي تعريف أبو الهيثم: الرتقاء المرأة المنضمة الفرج التي لا يكاد الذكَر يجوز فرْجَها؛ لشدة انضمامِه"؛ "لسان العرب"، لابن منظور.
نصيحتي لك أن تدعي الأمر للذي قدَّر الأمر، وتتركي عنك القلق والوساوس بشأن غشاء البكارة، ثقي في نفسكِ، واعتني بها كعروسٍ تستحق منكِ الرِّعاية والاهتمام والاسترخاء، والعفيفة هي التي تحصن قلبها وعقلها، ودينها وسمعها وبصرها عما حرَّم الله.
وبالنسبة لزوجك وعدم إخبارك له بالأمر فهناك مقولة لأحد الصالحين يقول فيها "عجبا لعبد يستره الله ويفضح نفسه"، فقد سترك الله ومرت الليلة بسلام فلماذا تريدين زرع الشكوك في نفسه من جانبك خاصة وأنك غير متأكده إن كان مصدر الدم بسبب الجرح أو بسبب الإيلاج أو لأي سبب آخر تجهلينه، كما أن الدم لم ينزل إلا بعد الإيلاج ونزل قطرتان فقط كما ذكرت، إذن فكل الأسباب محتملة ولا يوجد سبب مؤكد بعينه، فلا تعكري صفو حياتك، وتزرعي الشكوك في عقل زوجك، دعيك من الماضي، واشكري الله على جميل ستره لك.
لكِ مني صادقُ الدعوات بالستر، والسعادة، والتوفيق، والله يكلؤك بعينه التي لا تنام، والله -سبحانه وتعالى- أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم