السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أُعانِي مِن اكتئاب شديدٍ، تقريبًا أَبْكِي قبل النوم نهاية كل أسبوع، وأُحبُّ العُزلة وأخاف الوَحدة.
في الفترة الأخيرة تغيَّرتْ أمور كثيرة لدي، وأصبحتُ لا أَشْتَهِي الطعام كالمُعتَاد، بل أَحْرِمُ نفسي مِن الطعام، وأكتفي بوجبة واحدة فقط، مع شرب كثيرٍ مِن المشروبات المُنَبِّهَة.
للأسف ابْتَعَدتُ عن عائلتي أكثر مِن المُعتَاد، وتأَلَّمَتْ نفسِيَّتِي أكثر؛ لأنَّهم لا يسألون عَنِّي، ولا أَجِدُ أَحَدًا يَهْتَمُّ بصُحْبَتِي.
حتى مواعيد نَوْمِي تُخالِف مواعيد نوم إخوتي، وأستيقظ وحيدةً وأنام وحيدة، ووقت فَرَاغي أَمْلَؤُه بقراءة الروايات، أو مشاهدة المسلسلات، أو تَصَفُّح الشبكة العنكبوتية. وكأنَّ الاكتئاب أصبح جزءًا مِن حياتي!
حياتي الرُّوتِينِيَّة تَقْتُلُني، ولا أُكلِّم أَحَدًا، وصِحَّتي النفسية تتَدَهْوَر، وشعوري بالوحدة يتفاقم، ولا أعلم سبب كتابتي هذه الاستشارة، فربما سبب ما أنا فيه والداي. ولا أعلم ماذا يحدث لي، خاصَّةً أنَّ الشَّكَّ بدأ يُحِيطُنِي، فأُفَتِّشُ حَوْلِي، وأفتح الأَدْرَاج لِأُفَتِّشَ وأتأَكَّد مِن عدم وجود أي شيء!
أبي في العقد السادس من عمره، يعمل طبيبًا، وهو يُصَلِّي الصلوات في البيت أو في عيادته، ولا يُصلي في المسجد. مُنذُ مدة اكتشفتُ أنَّهُ يُشاهِدُ الأفلام الإباحية، فقد فتَحت جوَّالَه بإذنه لأَبحث عن أمرٍ ما، فصُعقت من عدد المواقع والفيديوهات الجنسية، وهو لا يعرف أن الجوال يُخزن كل ما تَمَّ فتْحُه؛ لأنَّ عِلْمَهُ بالإنترنت ضعيف، ومن ثَم نظَّفت الجوَّال وراقَبته، لكنه كل يوم يرجع من عيادته، فأفتَح جوَّاله فأَجِدُ عشرات الصفحات السيئة.
ثم وَجَدْتُه يُراسِلُ امرأةً على الواتساب، ولا أعرِف كيف تعرَّف عليها، فإنه بمجرد انتهائه من عمله يعود إلى البيت، لكنه الآن صار لا يَرْجِعُ إلى البيت إلَّا في الحادية عشرة ليلًا، فهو يتأخر ليكلم هذه المرأة.
لقد صار مشغولًا بجوَّاله جدًّا، ولا يَقْبَلُ أن يُمسِكَهُ أَحَد.
وأنا تعِبت من هذه المشكلة، فماذا أفعل؟
10/7/2021
رد المستشار
رغم أنَّ رسالتك مُقتَضَبَة ولا تحتوي على تفاصيل عن حالتك بشكل عام، وأنتِ من وَضَع التشخيص وهو الاكتئاب.
أنا أُحِسُّ بأَلَمِك ومعاناتك من خلال كلمات أُوجِزَت، لكنها ببساطة تُعبِّر عن مَكنُون نفسك التي تَعِبَت. ولرُبَّما حُزنُك وحَسْرِتُك ونبضات قلبك وتَسَارُعها، وخجلك وخوفك وعُزلَتُك ووحدتك، وابتعاد أُسرَتٌكِ عنك، وأنْ لا أحد بصُحْبَتِك، مُضافًا إلى ذالك ما سُطِّرَ من أعراض الاكتئاب، ليس هو سبب الاستشارة، بل السبب هو الطبيب والدك.
عليك أولا أن تعرفي أعراض الاكتئاب، والتي تختلف علاماته وأعراضه من شخص إلى آخر:
1- مشاعر الحزن، أو الانهيار في البكاء، أو انعدام القيمة، أو اليأس.
2- استمرار مشاعر الحزن أو الكآبَة والإحباط بشكل عام لفترة تطول لأكثر من أسبوعين.
3- الشعور بالحزن بشكل مُستَمرّ، وسهولة البكاء.
4- فقدان الثقة في النفس والشعور بالذنب باستمرار.
5- نوبات الغضب أو التَّهَيُّج أو الإحباط، ولو بسبب أشياء صغيرة.
6- فقدان الاهتمام أو المتعة في معظم الأنشطة العادية أو كلها، مثل الجنس أو الهوايات أو الرياضة.
7- الشعور بالذنب أو انعدام القيمة أو اسْتِجرَار الماضي، أو لَوْم النفس على الأشياء غير المسؤولة عنها.
8- الأَرَق أو كَثْرَةُ النوم.
9- التعب وفقدان الطاقة، حتى إنَّ المهام البسيطة تستهلك جُهدًا إضافيًّا.
10- تَغَيُّرات في الشَّهِيَّة، مثل انخفاض الشهية وفقدان الوزن، أو زيادة الرغبة الشديدة في تناول الطعام وزيادة الوزن.
11- القلق أو الهَيَاج أو التَمَلْمُل.
12- تباطُؤ التفكير أو التحدث أو حركات الجسم.
13- صعوبة التفكير والتركيز واتخاذ القرارات، وصعوبة تذَكُّر الأشياء.
14- النسيان وعدم القدرة على التفكير بوضوح، أو عدم القُدرَة على اتِّخَاذ القرارات.
15- تكرار التفكير في الموت، أو التفكير في الانتحار، أو محاولات الإقدام عليه، أو تنفِيذُه فعليًا.
16- استخدام العقاقير دون اللُّجُؤ إلى طبيب.
17- التَّشَاؤٌم والشعور بفقدان الأمل في الحياة أو في تحسُّن الأمور على أيِّ مستوى، وانعدام معنى كل شيء.
18- أعراض جسدية مثل آلام في الجسد، والشَّدّ العَضَلِي والصداع ومشاكل في الهضم.
19- الاكتئاب يُسَبِّبُ مشكلات مَلحُوظَةٍ في الأنشطة اليومية، مثل أنشطة العمل أو الدراسة أو الأنشطة الاجتماعية أو العلاقات مع الآخرين. وأمَّا البعض الآخر فقد يشعرون عامَّةً بالبُؤْسِ أو التَّعاسَة دون معرفة السبب. وعند الأطفال والمراهقين في صورة تَعَكُّر المِزَاج أو غَرَابَةِ الأطوار، وليس الحزن.
وليس بالضرورة أن تُوجَد الأعراض الاكتئابية المذكورة أعلاه كلها، بل يُكتَفَى بأربعة أو خمسة أعراض، مع استمرار مشاعر الحزن أو الكآبَة لمدة أسبوعبين أو أكثر.
وفي كثير من الأحيان، يشعر الأفراد بالخجل من مشاعرهم، ويعتقدون (خطأً) أنَّهُم قادرون على التَّغَلُّب عليها بقوة الإرادة وحدها، ولكن نادرًا ما تتحَسَّن مشاعرهم دون علاج.
إليكِ ما يمكنك فعله لتقديم المساعدة لكِ في حالة عدم الرغبة في زيارة طبيب أو اختصاصي:
1- أن يكون لديك وضوح بأنَّ الحالة التي لديك هي اكتئاب بسيط وليس ضَعْفًا شخصيًّا.
2- التَّحَدُّث أو الكتابة عَمَّا تُلاحِظِينه، وعن سبب شعورك بما تُعانِين.
3- احكي عن مشاعرك وأحاسيسك، وأيضًا عن مَخاوِفك.
4- التَّعبِير عن استعدادك لمواجهة واقعك.
5- اقترحي بأنَّ عليكِ مهامًا معينة يمكنك أداؤها.
فهنا أنتِ لستِ بحاجة لعلاج نفسي، وحتى الأعراض التي ذُكِرَت في رسالتك تستطيعين أنْ تُكافَحيها.
ابدئي بخطوة واحدة. لا تتجاهلي مشكلتك، ولا يتَمَلَّكُكِ الحزن والأَسَى واليأس.
أمَّا فيما يَخُصُّ والدك الطبيب: لعَلَّ الأمر يكون صعبًا إن تَمَّ مُكاشَفَتُه، ولكن لا بُدَّ من ذلك. وهنا قد يَنْجَلِي الأمر.
واقرئي أيضًا:
خطة علاج الاكتئاب الأولية
التعامل مع الاكتئاب (1-2)