انتقال النجاسة
السلام عليكم ورحمة الله. أتمنَّى أن تُجِيبَ على سؤالي د. رفيف الصَّبَّاغ، وأعتذر جِدًّا مُسبقًا عن دِقَّة وحَرَج السؤال، وأتمَنَّى لو إذا السؤال نُشِرَ ألَّا يكون هناك معلومات شخصية؛ لأنَّ الأمر مُؤذِيٍ جِدًّا لي.
مُشكِلَتِي أنِّي بالخطأ قُمْتُ بِغَسْلِ فُوطَة صِحِّيَّة ذات الاستعمال الواحد في الغَسَّالة مع ملابسي، وهذه الفوطه كانت:
1- بها دَمُ حَيض كثير وتجَلُّطات دَمّ.
2- كان دَمًا يابِسًا.
3- كانت مَلْفُوفة بإِحْكَام عَدَا جَوَانِبُها، والتي قَدْ تَسْمَحُ بِمُرُور الماء إِلَيْهَا، إلَّا أنَّ خارِجَها أصلًا مادَّة لاصِقَة لا تسمح بعبور الماء.
4- إنَّها تَمْتَصُّ الدَّمَ بِفَاعِلِيَّة، وبالتالي تَمْتَصُّ الماء، وغالبًا لا يخرج منها الدم.
كُنْتُ خطأً نَسِيتُها في جَيْبِ إحدى قِطَعِ ملابسي، وعندما انتَهَت دَوْرَةُ الغسيل وجدتها، فَرَمَيْتُها مباشرةً دون أن أفتحها وأَتحَقَّق مِن زَوَال الدَّم (أقصد الجُرْم أو الدم اليابس). وأَرَدْتُ أن أُعِيد غَسْل الملابس، لكن شقيقتي قالت أنَّها غَسَلت وانتهى الأمر، وأنا تشَتَّتُّ فَلَم أَعِد غُسْلَها.
الآن وبعد عام، وبعد عِلْمِي الأحكام الفقهية للنجاسة، لا أعلم هل تنَجَّسَت أم لا، ويَغْلُبُ على ظَنِّي أنَّها تنَجَّسَت؛ وذلك لأنَّ الفُوطَة ليست كالثِّيَاب، فهي لها قدره عاليه على امتصاص الماء، وأغلب الظَّنِّ أنَّ الدَّم لا يخرج منها أصلًا، فالأَوْلَى ألَّا يخرج منها التَّجَلُّطَات الدَّمَوِيَّه اليابِسَة، وبالتالي أغلب الظَّن أنَّ الماء تنَجَّس؛ لأنَّ ماء الغَسَّالة قليل لا يَبْلُغُ القُلَّتَيْنِ، ووجود هذه الكميَّة من الدم لا بُدَّ وأنَّها غَيَّرَتْهُ وأنَّ ملابسي وقتها تنَجَّسَت، وبالتالي تنَجَّسَ مَنْشَرُ الغسيل والمشابك، ولكني لم أَكُن أعرف، فَكُنْتُ أَنْشُر ثِيابِي التي أغسلها على مَدَارِ العام على نفس المَنْشَر وبنفس المشابك، فتَنْتَقِل النجاسة منهم إلى ملابسي.
ثُمَّ إنِّي أتوَضَّأ فَتَبْتَلُّ ملابسي، وأجلس على الفِراشِ أو أَلْمِسُ مَقابِضَ الباب بَعْدَ لَمْس ثيابي ويَدِي مُبْتَلََة، فتنتقل النجاسة إلى يدي، ثُمَّ إلى مَقْبَضِ الباب. أو أُجَفِّفُ شَعْري بمِنْشَفَة انتقلت إليها النجاسه من المَنْشَر، فتنتقل النجاسة إلى شعري، ثم إلى الوِسَادَة التي أنام عليها؛ لأنَّ شَعْرَي يبقَى مُبْتَلًّا.
أشعُر أنَّ البيت تنَجَّسَ بأَكْمَلِه. أصبحت لا أستطيع لَمْسَ شيء إلَّا وغسلت يدي بعدها. وعلاقتي مع عائلتي تَسُوء؛ فهم يقولون أنِّي مُوَسْوِسَة، ولكنِّي لست كذلك، أنا فقط لم أَكُن أعلم بالأحكام، وعندما عَرِفْتُها وَقَعْتُ في هذه المشكلة، فَرَجاءً ماذا علَيَّ أن أفعل؟
15/7/2021
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا عزيزتي، نورت مجانين
هوني عليك، فلكل مشكلة حلّ. لا داعي لأن نطبق أحكام الشافعية أو الحنابلة على هذه المسألة، لأن الحياة ستنقلب إلى جحيم كما ترين.
هناك مخرج عند المالكية، ورحم الله الإمام مالك الذي اشتهر بتيسير مسائل الطهارات.
الماء يا عزيزتي عند المالكية يدفع النجاسة عن نفسه وإن كان قليلًا، أي أنه لا يتنجس بها، إلا إن تغيرت إحدى أوصافه ولو تغيرًا يسيرًا. والذي يظهر بوضوح أن الدم لم يتحلل في الماء لأنه لو خرج من الفوطة لوجدت أثره على الثوب الذي كان في جيبه لا محالة. وباعتبار أنك لم تجدي أثرًا على الثوب، فهذا يعني أنه لم يغير الماء.
والغسّالة تكرر أخذ الماء والتنشيف ولابد أن آخر غسلة على الأقل لم يتغير الماء فيها.
وعليه فالثياب كلها خرجت طاهرة من الغسالة، فنامي قريرة العين.
ولنفرض أن الوسواس أبقاك قلقة، فإننا حتى لو قلنا إن الثياب نجسة، ونجست المنشر والملاقط، فإن النجاسة لا تنتقل من المنشر والملاقط المتنجسة، كما صرح الحنفية في كتبهم، فعندهم لا تنتقل النجاسة الجافة إذا لامست طاهرًا رطبًا. وعليه: تبقى النجاسة منحصرة بالثياب التي غسلتِها مع الفوطة.
حتى لو نزل ماء الوضوء على الثوب المتنجس، أو عرقت عليه، فهذه الرطوبة لا تنقل النجاسة إلى الأشياء الجافة، عند الحنفية أيضًا.
وإذا بقيت النجاسة منحصرة في الثياب التي غسلتها مع الفوطة، فإنها ستطهر بغسيلها في الغسالة في المرة القادمة، على مذهب المالكية على الأقل، وأعرف من علماء الشافعية من قال إن الغسالة الآلية تطهر الثياب المتنجسة.
انظري كم مذهبًا وكم مخرجًا يمكن أن تعملي به، وكل هذه الأقوال يقوي بعضها بعضًا، ويجعلنا نطمئن إلى العمل بها رغم وجود أقوال مخالفة. ويريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، رخصٌ تصدق الله بها علينا فاقبلي صدقته
رعاك الله وأعانك.
ويتبع >>>: وسواس النجاسة : زكية والفوطة المنسية ! م