أختي وبنت خالي وزوج خالتي والسكوت الحرام

رد المستشار

أهلا بك على موقع مجانين للصحة النفسية.
 
التحرش الجنسي أو الاعتداء حتى وسط العائلات من الطابوهات التي لا يتحدث عنها أحد، للاعتبارات التي ذكرتِ وغيرها؛ الفضيحة، تفكيك الأسرة، الخوف على السمعة....إلخ
 
لكن المشكلة في هذا المنطق أنّه يساهم في خلق جوّ ملائم جدا للاعتداء على الأطفال واستغلالهم جنسيا!
أعرف أنّه مأزق أخلاقي ويصعب الاختيار فيه بسهولة، لكني سأقول لك شيئا، الذي يؤمّن الوضع للمعتدين على الأطفال هو نفسه يدخل ضمن المعتدين !! فالساكت عن الجريمة مجرم بشكل آخر!!
 
ولاحظي أنّ السكوت عنه في الأوّل جعله يعاود الكرّة مع أختك الصغرى ومن يدري مع من فعلها أيضا.... إنه قنبلة موقوتة تتغذى على الخوف والصمت والأجواء المحافظة، تتغذى على خيارات أخلاقية مريحة في بادئها لكنها مدمرة على المدى البعيد. وأقول لك شيئا آخر التعامل بشكل "رخو" في هذه القضايا نابع من عدم اعتباراها جريمة كبيرة للغاية، ويحق لنا بعدها أن نضع اعتبارات الفضيحة وتفكك الأسر وغير ذلك من التبريرات مما لن نضعه مثلا في جريمة قتل لأنني نعتبرها شيئا لا يمكن التغاضي عنه.... لكن تخيلي معي السكوت عن هذا يجعله يتمادى فكم من نفس وروح سيحطّمها ونحن نقول "الفضيحة والتفكك ووو"؟. هل تظنين أنّ الدول الصارمة مع قضية الاعتداء الجنسي بالأطفال لا تدفع ثمن تلك الصرامة؟ السجن لأب كان يعيل أسرته، فضيحة الأسر، التبعات النفسية على أسرة المعتدي والمعتدى عليه معا، التبعات الإعلامية... ببساطة لأن معالجة تلك الحالات في جوهرها لا يمكن أن يترافق مع الطابو والسكوت واعتبارات أخلاقية مريحة.
 
ماذا ستقولون لمن اعتُدي عليهنّ وعرفن ذلك وعرفن أنّ الأسرة آثرت الستر ولُحمة الأسرة على كرامتهن وصحتهن النفسية؟ كيف ستجيبونهنّ؟ هذا موقف يجب أن تفكروا فيه أيضا.
 
بالنسبة للحل، غالبا عند المواجهة في هذه الحالات يكون الإنكار سهلا خصوصا أنّ المعتدى عليه طفل والأطفال يكذبون ولا يوثق بهم ويمكن تلفيق التّهم لهم بسهولة، ولا يملكون "عقلية المحامي" للدفاع عن أنفسهم بذكاء. الإنكار سيكون سهلا دون دليل، لذا قبل أي خطوة يُفضّل لو كان دليل ما، وكلما كان ماديا كتسجيل صوتي أو فيديو كان أكثر حسما (مع صعوبة الحصول عليه). من جهة أخرى وجود الخالة مع أربع بنات لا يبرر تحطيم حياة بنات أخريات من أجلهنّ أيضا؟ على الأقل هن سيصرن بناتا لأبوين مطلّقين، وليس بناتا انتُهكت كرامتهما وحُرمتها سيعشنَ مع الخزي والمذلة ويضطرون للنظر للمعتدي يمشي أمامهم والكل يسلم عليه ويجامله ولا أحد يتحدث عن الموضوع! بنات خالتك حالهنّ أفضل من حالتهن هنّ في نهاية المطاف إن تأملتِ !
 
هذا كله على افتراض أن سيتمّ الطلاق، نعم ستنهار صورة الأب الوقور المحترم في نظر البنات والأمّ خصوصا سيكون طلاقا معنويّا، لكنه في نظري لا يمكن أن يكون مبررا للسكوت عن جرائمه وخلق جو آمن له ليكرّرها.
 
بالنسبة للأخوال يمكنهم الاختلاء به والحديث معه بلهجة شديدة وتهديده بفضحه عند أدنى حركة مشبوهة وطبعا مع تحريم أي زيارات عنده دون رقابة (أو بلاش الزيارات من الأساس) ولا يطأ بيوت الآخرين. كما قلت هنا احتمالية أن يُنكر أفعاله، أو يقدم تبريرات ساذجة وبريئة عن محاولة التقرب والتلمس كما يفعل بعض المعتدين (لا، لم أقصد إيذائها أو الاعتداء عليها هي مثل ابنتي...) مثل هذا الكلام الذي يحاولون به فصل دوافعهم الحقيقية عن الوقائع التي حدثت وكأنه يقنع نفسه بعكس ما فعل من جريمة.
 
وأخيرا لا يمكنكم السكوت عن هذه الجريمة وخلق جو من الأمان لمعتدٍ سيكرّر اعتداءاته متى سنحت الفرصة، وأي جريمة أو اعتداء نريد أن نوقفه سيكون له تبعات، هذا على مرّ التاريخ على مستوى الأفراد والأسر إلى مستوى المجتمع والدول.
 
وإن خفتم من الفضيحة والتفكك فستخلقون جحيما من التخوف وعدم الأمان وضياع الكرامة لبنات أخريات يعرفن أنّ حقهنّ ضائع لا محالة في جو "التخوف هذا" الذي خلقتموه ليحمي المجرم ويهدر حق الضحايا. إضافة إلى الوضع الاجتماعي الذي ستحافظون له عليه، أي سيبقى زوج الخالة المحترم الذي لا يعرف عنه الناس شيئا ويمشي هو بينكم ولا يشعر حتى بالخزي !على الأقل إن لم يدخل السجن ينبغي أن يشعر بالحقارة والخزي يمشي ذليلا بينكم. هذا أقل شيء في نظري.

وتحياتي

واقرئي أيضًا:
التحرش بالمحارم.. السكوت أخطر من الفعل
جني التحرش السكوت حرام! مشاركة
  

المستشار: أ‌. حسن خالدي