السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
نشكر جميع القائمين على هذا الموقع ونسأل الله لهم الأجر والثواب فيه. أساتذتي، مشكلتي بسيطة ولا أعتبرها مشكلة بحد ذاتها: بدأت قصتي بأنني قمت بالإشراف على أحد المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت كمساعد لصديقي وهو صاحب فكرة إنشاء هذا الموقع وسبب اختياره لي أنني -ولله الحمد- لدي خبرة بإنشاء المواقع وكذلك أنا زميلة بنفس الجامعة أيضا، إذ أن الموقع تم بناؤه على أسس عملية كمشاريع لتطبيقها على الواقع العملي وليس كأي موقع عادي.
والحمد لله أكرمنا الله بأشخاص ملتزمين تعرفت عليهم عن طريق هذا الموقع وكان من بعض هؤلاء الأشخاص فتيات، فقد أصبحنا جميعا أسرة واحدة يهم كل واحد منا أمر الآخر، ونشأ هذا الأمر على الإحترام المتبادل والموضوعية في الحوار وعدم التطرق إلى أمور شخصية أو ذاتية بحيث لا يوجد بيننا وبين الجنس الآخر إلا ردود على المواضيع والمشاريع التي كنا نعتمدها، ومثل ما ذكرت لك الموقع إسلامي عملي بكليته.
من بين الفتيات التي تعرفت عليهن بحكم إشرافي على الموقع فتاة من فلسطين، أيضا علاقتي معها مثل علاقتي مع باقي الأخوات، لكن شد انتباهي إليها أمران: الأول أنها على قدر كبير من العلم والفهم بحيث كلامها يتعدى عمرها بشكل ملحوظ وبشهادة الجميع، والثاني أنني رأيت أفكارها نفس أفكاري تماما حتى أصبحت أقرأ ذاتي من خلال ردودها على مقترحات المشاريع.
ففكرت بها على أنها هل ممكن أن تكون زوجة لي على ضوء ما لاحظت فيها من صفات تناسبني. ولكنني ولله الحمد أتمتع بشخصية متوازنة لا أصغي كثيرا إلى قلبي وأجعل عقلي هو من يتحكم في تصرفاتي، لذلك اتفقت مع نفسي أن أتعرف على تلك الفتاة أكثر على مدى طويل، فاستمررت في دراستها لمدة أقل من سنة حوالي 10 أشهر وليس بيننا إلا الإحترام والعمل الإسلامي، إذ أن الموقع هو تفاعلي مع الأعضاء مع العلم أننا لا نستخدم الماسنجر إلا للأمور الطارئة والضرورية.
من خلال فترة الدراسة هذه تيقنت أن هذه البنت فعلا هي البنت المناسبة لي لأنها تكملني وفيها صفات أحبها جدا، لذلك أحببت أن أحسسها بأنني محتاج إلى الخطبة والزواج بطريقة محترمة وشرعية إلى أن تجرأت وطلبت يدها حيث كان هناك طرف ثالث وهي بنت سورية تكبرنا عمرا وبيني وبينها قرابة، كانت بمثابة وسيط تنقل بعض وجهات النظر مني أو منها في هذا الموضوع وقامت بالتكلم معها كون الكلام المباشر ليس مسموحا معها على الأغلب.
ولم أطلبها إلا على يقين تام من أنها تناسبني فعلا وانظر أنني لم أقل إنني أحببتها أو أو أو، ممكن أن تقول إعجاب بطريقة معاملة وأفكار وتدين، في أول الأمر صدمت لأنها من عائلة محافظة والكلام بهذا الأمر بالنسبة لها يسبب إحراجا، ولم تتقبله أبدا في البداية، إلى أن تقبلت هذه الفكرة ولكن لم تظهر لي شيئا أو أنها معجبة بأسلوبي وفكري أو بأي شيء، ومع الأيام إزداد هذا الإعجاب إلى حب مختلف نوعا ما أو ممكن أن أقول ناقصا بسبب أن علاقتنا من خلال النت والكتابة حتى صورتها لا أعرفها ولا صوتها، والذي أعلمه منها بعض المعلومات السطحية عنها وعن عائلتها وعمرها مناسب لي جدا.
والحمد لله أنا تكلمت مع أهلي عن هذا الأمر وبحكم أن أهلي يعرفونني ومتأكدون أنني إخترت البنت التي سوف تسعدني فقد تقبلوا الأمر إذ أنني لست من الأشخاص الذين تنال إعجابهم أي بنت لأنني بصراحة أحب البنت الواعية وقلما تجدهم للأسف بمجتمعنا الحالي، وأيضاً الفتاة تكلمت مع أمها على القصة تحت طلبي لأنني خفت أن تنطبق علينا الآية ((وَلَـكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا)) وجاء رأي الأم عن كيفية السؤال عني وعن أخلاقي وتديني ومعها حق في ذلك
وأيضا لم تستوعب طريقة الطلب لأنها على الإنترنت ومعها الحق أيضا في ذلك، ففكرت أن آتي إلى فلسطين لطلب يدها رسميا من بيت أهلها ولكن لم يسمحوا لي بالسفر إلى فلسطين إذ يمنع نهائيا المواطن السوري من الدخول للأراضي الفلسطينية، ونحن في حيرة إلى الآن، إذ أنني ولله الحمد جاد بطلبي لكن مسدود الطريق للدخول إلى بلد الفتاة أما بالنسبة لها فبإمكانها الخروج من البلد والدخول متى شاءت. لكن ليس هناك حجة لسفرها أو أي داع مثل دراسة أو ما شابه.
والحمد لله أعمالنا بالموقع قائمة والمشاريع فعالة ولم ولن يؤثر هذا الأمر على همتنا لنشر الدعوة إن شاء الله، وقريبا بإذن الله سنصدر مشروعنا الأول على أرض الواقع وهو ثمرة لبعض المشاريع السابقة سائلين الله التوفيق، علما أنني والحمد لله أعمل وأدرس وبإمكاني الزواج ورعاية شئون بيت بأكمله ولا ينقصني سوى تلك الفتاة، وغير مستعد لتغيير تلك الفتاة؛ لأن عقلي وقلبي لن يغيروا قرار قد اتخذوه على مبدأ واع وتفكير منطقي بشأنها.
نريد منكم أن تتفضلوا علينا بنصائحكم ورأيكم السديد بإذن الله لحل مثل هذه المشكلة.
وجزاكم الله كل خير على مجهودكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
3/11/2021
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلا وسهلا بك على مجانين، سعدت بهذا العمل الجماعي الذي تشارك به لخدمة الإسلام، والحمد لله أنك توجه معلوماتك وخبرتك في المواقع فيما هو يفيد وينفع.
لا أعرف مدى عمق المشكلة بالنسبة لك فأجدك في بداية رسالتك تقول إنها بسيطة ولا تعتبرها مشكلة بحد ذاتها، ولكنك تختتم كلامك بأنك غير مستعد لتغيير تلك الفتاة! وحين وضعت نفسي مكانك أحسست بأن الجملة التي ذكرتها في نهاية رسالتك هي الأقرب إلى نفسي وأظن أن الأمر ليس بالسهل عليك، وأشعر بما تعانيه حين تفكر في أن هذه الفتاة بها المواصفات التي تريدها بالضبط!، ولكن حتى تستطيع أن تغير من مشاعر الألم التي قد تكون بداخلك أريدك أن تنظر إلى فكرة التعارف عبر الإنترنت عن قرب وبطريقة أكثر واقعية.
الحياة على الإنترنت يا سيدي تختلف كثيرا عن الحياة على أرض الواقع، وبالرغم أنك تعمل في هذا المجال إلا أنك جديد عليه!! نعم أنت مشرف على أحد المواقع ولديك خبرة في إنشاء المواقع على الشبكة إلا أن خبرتك بعيدة عن موضوع "التعارف عبر الإنترنت" والمشكلات المرتبطة به!! فحين بدأت تدرس الفتاة لم تضع في اعتبارك أول نقطة وهي مدى إمكانية الالتقاء بها على أرض الواقع!! فبدأت مشروعك في خيالك ووضعت خطة لتدرس تلك الفتاة دون أن تستعين بخبرات من حولك ممن خاضوا التجربة من قبل، ولا ألومك على هذا فالتعارف على الآخرين أمر ليس بالصعب وفي العادة لا يحتاج إلى استعانة بخبرات قبل البدء فيه، ولكن التعارف عبر الإنترنت له نظام مختلف!! والحقيقة أن مشكلتك متكررة.
يطلق على الإنترنت "العالم الافتراضي"! بمعنى أن الإنترنت يترك لمستخدميه فرصة واسعة جدا للتخيل وافتراض وجود أشخاص وعوالم أخرى بصفات معينة. وهذه المشكلة تقابلنا جميعا على الإنترنت!! بل إن الكثيرين لا يعبرون عن حقيقتهم كما يتضح في كثير من الحالات، وبافتراض أن كلا منكما لا يتقمص فقد تعرفت على تلك الفتاة عبر الإنترنت وأعجبت بطريقة تفكيرها من خلال العمل المشترك بينكما، ولكن هذا لا يكفي، ويتحدث د. أحمد عبد الله عن هذا الموضوع في رده على مشكلة رائع في كل شيء: أطياف الواقع الافتراضي بقوله:
"الوصف البسيط الدقيق لروعة الوجود الافتراضي للإنسان، وهي ظاهرة جديدة على الجنس البشري، فلدينا الآن نوع من الوجود مختلف عن الوجود الطبيعي التقليدي المعروف بالشحم واللحم، ومختلف عن الغياب المادي المعروف!! إنه حضور خفيف لطيف ورائع حقا حين يتواجد الناس عبر كلمات ومعاني مختارة بعناية، وصورة منتقاة لامعة هي مجرد لقطة للحظة في جزء من الثانية يحتشد فيها الإنسان روحيا وجسديا فتكون أروع ما فيه غالبا، وتجرى الاتصالات بين هذه الكائنات اللطيفة التي تتيح لها الأداة أن تتحرر من أثقالها وعيوبها، وكل سلبيات الوجود الإنساني الكلي فنكون أطيافا مجاملة حانية مؤدبة، طفولية أحيانا، حميمة غالبا".
وقد يكون العمل الجماعي عبر الشبكة مساعدا على مجرد بداية لتعارف يتلوه تعارف حقيقي على أرض الواقع، لكن لا يمكنك أن تتخذ القرار أبدا عن طريق مجرد التعارف عبر النت!! فالصفات التي وجدتها تتعلق بقدر كبير بالعمل، ولكنها لا تتعلق بالتعامل مع الزوج أو كيفية تربية الأبناء أو السمات الشخصية أو أو، إن الإنترنت مجرد وسيلة للاحتكاك بكم كبير من البشر لم نكن لنعرفهم من خلال الاحتكاك اليومي، والواقع أنه حتى الخدمات المتخصصة لاختيار شريك الحياة تجعلنا نواجه مشكلات حين نستخدمها ومن هذه الأخيرة ما تناولته مشكلة: خدمة شريك الحياة هل تناسبنا؟ ما أجمل الحياة عبر الإنترنت فكل شيء متاح وكل مشكلة يمكن حلها!! ولكن مع النزول على أرض الواقع تفجرت المشكلات الحقيقية المرتبطة بالتعارف عبر الإنترنت.
فأنت تقول: "بأول الأمر أنها صدمت لأنها من عائلة محافظة والكلام بهذا الأمر بالنسبة لها يسبب إحراجا، ولم تتقبله أبدا في البداية" فهذه البداية تشير إلى أن التقارب الفكري بينكما ليس كما تتصوره!! بل إن أفكارها مختلفة عنك وكذلك أسرتها أيضا مختلفة عن أسرتك، كما أنك لا تعلم عنها سوى بعض المعلومات السطحية عنها وعن عائلتها، ثم تتناول نقطة غاية في الأهمية وهي حاجتك إلى التعرف إليها وجها لوجه وأنت تشعر بهذه الحاجة وإن كنت لا تعطي لها أهميتها الحقيقية، فلا تعرف شكلها أو صوتها، وأجدك تقول: "درستها لمدة 10 أشهر" فبم تنفعك هذه الدراسة؟ (هناك بحث أجري بجامعة كاليفورنيا توصل إلى أن 7% فقط من معنى التواصل يكون في الكلام، و38% في نبرة الصوت وطريقة الكلام و55% في لغة الجسد، ولغة الجسد لا يمكن أن تعرفها بدون مشاهدة الشخص في الحياة اليومية وفي تعاملاته مع الناس الآخرين لمدة طويلة).
وهذا يعني أنك لم تعرف سوى الشيء القليل عنها، وأظن أنك تتخيل جزءا آخر ويعجبك هذا التخيل، وأول تعليق يذكره من هو في مثل موقفك –حين يشاهد فتاته- إنها شخص آخر غير الذي أعرفه!! وهناك بحث أجري على مجموعة من فاقدي البصر العاملين في مجال الطباعة على الآلة الكاتبة، وقد تمكن الأطباء من جعلهم قادرين على الرؤية لمدة ثواني فقط، وحين شاهدوا الآلة الكاتبة لمدة ثواني زاد إنتاجهم بنسبة 50%، وهذا يشير أن الرؤية لها وقع مختلف تماما، وبالرغم أنك قد اتخذت قرارك بناء على وعي وفهم –وأنا أقدر هذا الأمر وأحترمه- فإن هذا القرار قائم على معرفة نسبة ضئيلة جدا من شخصية تلك الفتاة، ولن يكون القرار صائبا إلا بعد مقابلتها والتحدث معها.
ثم تأتي المشكلات الكبرى فكل منكما من بلد وفرص الالتقاء –للأسف- غير متاحة، فالحل ليس بيدي أو بيدك ولكنه بيد الله سبحانه وتعالى، وليس أمامك سوى تجميد أمر الزواج، واستمرار العلاقة –كما كانت من قبل- أي حول مشاريع الإنترنت فحسب، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، فإما أن تكون من نصيبك الذي قدره الله لك، فيتاح لها مثلا فرصة عمل في بلدك ويأتي أهلها لزيارتها والتعرف على أسرتك وإتمام الزواج في حالة موافقتهم، أو يكون لك نصيب آخر قدره الله لك، ومن يدري لعل الله كتب لك من هي أنسب منها!
وما علينا في كل الأحوال سوى أن نترك أمرنا إلى الله سبحانه وتعالى فهو المدبر، وما دمت قد أخذت بكل الأسباب من حيث محاولة دراستها وإخبار أسرتك برغبتك في الزواج منها ومحاولة السفر إليها وطلب الاستشارة منا فلا تلم نفسك وارض بالقضاء والقدر، واعلم أن كلا منا كتب له رزقه قبل أن يخلق فأظن أن رزقك واسع فتأمل الأمر وتحدث مع أصدقائك الذين جربوا التعارف أو بحثوا عن شركاء حياتهم عبر الإنترنت فهذا سيفيدك كثيرا وتابعنا بأخبارك.