السلام عليكم
سيدي الطبيب، كيف يتسنى لي أنا أكون معتدلة في حبي للآخرين؟ بمعنى أنني عندما أحب صديقة لي أتعلق بها كثيرا وأخاف عليها بصورة تزيد عن الطبيعي، وعندما تغيب عني أقلق عليها جدا وأبحث عنها في كل مكان حتى أجدها ثم ألومها لماذا اختفت دون أن تخبرني.
ومثال على ذلك أني حدثت صديقة لي على تليفونها ولم ترد عليَّ وكررت الاتصال بها كثيرا؛ لأني قلقت عليها جدا، ثم خطر ببالي أن أتصل بها في مكان عملها وبالفعل وجدتها وعاتبتها على هذا الفعل، ولكنها بررت موقفها بأنها لا تعرف رقم تليفون منزلي حتى تخبرني أن التليفون لن يكون معها.
أشعر أنني أحبها وأخاف عليها بطريقة تزيد عن الطبيعي؛ حتى إنها تعجبت لهذا القلق الزائد، وأنا أشعر أن خوفي على الآخر بهذه الطريقة يتعبني جدا؛ لأني عندما أقلق على أي صديقة أشعر بتوتر نفسي، ولا أطيق أن أحدث أحدا ممن حولي حتى أطمئن عليه، كما أني أشعر أن هذا الخوف والقلق الزائد على الأصدقاء قد يضايقهم ويشعرون أنهم محاصرون.
بالإضافة أني أتأثر كثيرا بمشاكل صديقاتي، بمعنى أني عندما حكت لي صديقتي عن مشكلتها مع أهلها وأنها لا تحبهم وأنهم يضيقون عليها حياتها وهي لا تشعر بالسعادة معهم تأثرت بكلامها جدا، وعندما أكون بمفردي وأتذكر ما دار بيني وبينها أتضايق عليها جدا وأتمنى أن أحدثها في الهاتف حتى ولو كنت حدثتها في الصباح، ولكن كما قلت أخشى أن تتضايق من إلحاحي بالسؤال عليها بهذه الطريقة.
سيدي الطبيب، كيف عليَّ أن أعتدل في حبي ولا أفرط به بهذه الطريقة؟؟ لأني أخشى أن يتقدم أحد لخطبتي وأتعلق به وأحبه ويكون هو غير مناسب لي ثم أصدم في مشاعري؛ فأنا عندما أحب صديقة وأخاف عليها بهذه الطريقة ولا أجد مقابل هذا الحب سوى الجفاء أصاب بخيبة أمل كبيرة.
أما عن طفولتي فأنا أعترف أنني لم أتلق الحب والحنان الكافيين؛ لذا كلما قابلت أحدا أحببته وتعلقت به جدا؛
فأبي وأمي كانا في طفولتي يتقاتلان كثيرا فهما لم يكن عندهما وقت لإعطائي الحنان الكافي!!
14/11/2021
رد المستشار
عليكم السلام ورحمة الله "زاهدة"
في الحقيقة حب الآخرين والتعلق بهم أمر له جانبان، الأول أنها مشاعر فائضة ومركزة نحو أشخاص محدودة لذا تبدو زائدة عن الطبيعي في المقابل لها جانب آخر وهو التعلق والانشغال المرهق لك وللآخرين، هذا التعلق ربما يمنحك الشعور بالأمان أو الحب أو الاكتفاء، أو القوة، فمن المهم اكتشاف ذلك داخلك، ربما تجدين صعوبة في إيجاد شخص يعاملك بعاطفة ومشاعر كما تحبين وعندما تجدينه تعتبرينه عملة نادرة، ربما يعوضك ذلك بشيء.
ما تقومين به كتصرفات وسلوكيات (اتصال متكرر – محاولات للاطمئنان – البحث عن حلول لمشكلات الآخرين أنت غير مسؤولة عنها أو ليس بيدك حل لها – إظهار الحب أو الخوف على الطرف الآخر بكلمات كثيرة...) في مقابل ذلك تجنبك لبعض الناس المختلفين عنك أو من تجدي تنافرا معهم.
حاولي تقليل سلوكيات الأمان والطمأنة وطريقة التعبير عن المشاعر، راقبي توقعاتك وخفضي منها في العلاقات، العلاقات كمحطات في طريقك فأي علاقة جيدة قد تأخذ وقتا وتنقطع نتيجة ظروف الحياة وانشغالاتها وليس لها علاقة كبيرة بطبيعة شخصيتك أو الآخرين وحين تنتهي علاقة تبدأ أخرى وتتزامن مع آخرين وهكذا.
احترمي المساحة الشخصية للآخرين وكذلك لك، حاولي تقليل تجنب الآخرين وانفتحي أكثر على آخرين، وعيك بأن هذ التعلق غير طبيعي أمر جيد وحاولي ملاحظة نمط العلاقات الطبيعي واقتربي منه.
بالتوفيق "زاهدة"