مساء الخير عليكم
أنا سيدة متزوجة منذ عدة سنوات عمري35 سنة، لدي 5 أطفال، عشت الفترة السابقة من زواجي في إحدى الدول العربية ثم عدنا منذ عام، كانت حياتي أحسب أنها كانت مستقرة فأنا أحب زوجي كثيرا وهو يحبني، ونحن على قدر عال من التعليم والالتزام (نحسب كذلك) متفاهمين نتبادل المشاعر الرومانسية بدرجة كبيرة.
ما يكدر علي حياتي هو أن زوجي ويكبرني بعامين، منذ زواجنا وحتى في فترة العقد كان يحدثني عن التعدد والزواج الثاني وكنا نتجادل كثيرا فأثور وأغضب وهو يدافع عن أن ذلك حقه الشرعي وينتهي الموضوع بأنه ليس في نيته شيء الآن ولكنه يريد إقناعي، ومرت الأيام فكان الموضوع يظهر على شكل احتياج جنسي، فأحيانا يخبرني بأنني لا أكفيه جنسيا بسبب ما تمرين به من ظروف حمل وولادة وأنه يتعب نفسيا ويشعر أنه غير محصن ولا يستطيع غض بصره عن الحرام، والحل في الزواج الثاني.
كنت أخبره بأني سأحاول جاهدة أن ألبي كل احتياجاته وقد حاولت كثيرا منذ فترة وجدته يعمل شات مع امرأة يدعوها للإسلام وقال إن أسلمت سأتزوجها، غضبت كثيرا وقد انتهى الأمر سريعا أما المشكلة الأكبر هو ما يحدث هذه الأيام فقد لاحظت عليه تغيرا فسألته عن السبب -ومن عادة زوجي أنه صريح معي جدا- فقال أنه عنده فراغ عاطفي، توقعت الموضوع وعندها ولأول مرة نحيت مشاعري وعواطفي جانبا وقلت له وأنا احترق بداخلي إن أردت الزواج ورأيت أنك ستعدل فتوكل واستخير حتى لا تفعل حرام أو تتعب نفسيا.
المفاجأة عندما حكي لي ما بداخله وأنه يحب فتاة على النت تكبره بـ10 أعوام من جنسية أخرى، وقد تحدث معها بالصوت ولم ير صورتها فأعجبته روحها وأسلوبها المريح في الكلام وهذا كله خلال أسبوع فأحبها حب مراهق فهو يريد الزواج منها على الرغم من أنها أخبرته بأن ذلك لا ينفع لفارق السن إلا أنه متعلق بها جدا. وعندما قلت له إن هذه العلاقة محكوم عليها بالفشل لفارق السن وأنك حتى لم تر صورتها وأنت كما أعرفك تعشق الجمال فأي حب هذا فهي تجربة لا تستحق التضحية (إن كان لابد من ذلك) لكنه للأسف لأول مرة أراه منساقا وراء عاطفته بهذه الدرجة فيقول أنه مستعد أن يضحي في سبيل الزواج منها.
كلمته باللين مرة وكأنني صديقته وأنا احترق بداخلي، وبالشدة تارة وذكرته بالله وأن ما يفعله هو حرام أصلا أي إقامة علاقة مع امرأة أجنبية وأن هذه العلاقة ستؤثر على بيتنا وأولادنا، لكنه غير مقتنع ويقول أن هذا الأمر يخصه هو وأنه يريد الحلال أي الزواج وأنه هو المسئول عن الأولاد وأن هذا لن يؤثر عليهم، احترت كثيرا وأنا لا أستطيع أن أخبر أحدا فزوجي عنيد لا يقتنع برأي أي أحد حتى والده وهو أيضا شديد عليه ولن يتفاهم معه فهو كان قريب من أمه وأمه قد توفت ولن أستطيع أن أخبر أهلي لأن الموضوع سيكبر وممكن يؤدي إلى مشاكل أكبر، لقد شل عقلي عن التفكير.
أصبحت لا أنام ولا آكل ونقص وزني كثيرا، هل أترك بيتي يهدم؟.. وأنا أثق بموقعكم.. وأريد أن أعرف.. هل هناك مشكلة عند زوجي؟
وما دوري أنا في حلها؟
أفيدوني أفادكم الله.
1/1/2022
رد المستشار
لقد أفصح لك زوجك عن نواياه في التعدد بشكل مبكر منذ بداية الزواج، وحتى في فترة العقد -كما ذكرت- وهذا يفصح عن شراهة عاطفية وربما جنسية لديه (لا نعرف على وجه اليقين دوافعها وجذورها النفسية؛ حيث يحتاج هذا دراسة نفسية لحالته وتاريخه الشخصي), وهذه الشراهة تلح عليه منذ زمن, ولكن ربما كان يؤجلها بسبب الانشغال بالبحث عن لقمة العيش والسعي في الحياة.
أما الآن وقد وصل إلى نهاية الثلاثينيات (وهي ما نسميها منتصف العمر)، ولديه بعض الاستقرار المادي والاجتماعي, وقد حقق من الزواج الأول مبتغاه, فهو يتطلع الآن (احتياجا أو طمعا) إلى مزيد من الإشباع العاطفي والجنسي الذي يتخيله أو يتمناه, وهو في هذه المرحلة يكون متعجلا؛ حيث يشعر بأن العمر يتقدم، وأن عليه أن يغتنم الفرصة قبل فوات الأوان, وقد وجد في وسائل الاتصال الحديثة ضالته؛ حيث قام بعمل "شات" مع فتاة عربية وتعلق بها على مستوى الصوت دون أن يعرف عن حقيقتها شيئا؛ فهو لم يرها، ولم يعرف عنها إلا ما باحت هي به عن نفسها,
وهذا يعكس مدى الأزمة التي يمر بها الزوج (أزمة منتصف العمر), فهو لا يبحث عن الزواج الثاني بشروطه الشرعية المنضبطة, ولا يتبع الأصول المرعية في الاختيار, وإنما تحركه رغباته وغرائزه؛ فيتعلق بصوت ما، ويرسم في مخيلته صورة لصاحبة الصوت قد تكون هي مختلفة عنها تماما, وهذا لا نسميه حبا بل "افتتانا", وهو حالة يغيب فيها العقل أو يتنحى لتتحكم الغرائز في تحريك الإنسان بلا وعي.
وربما يعود الخطأ منذ البداية إلى استحلال الشات وغيره من وسائل العلاقات الإلكترونية وقضاء ساعات للمحادثة مع فتاة أجنبية وما ترسبه تلك الساعات في النفس من رغبات وتخيلات تضعف أمامها ملكات العقل والتحكم ويصبح الشخص ريشة في مهب شهواته واحتياجاته الدنيا.
لقد أحسنت حين أعلنت عدم معارضتك له في الزواج الثاني (خاصة أنه قد أخبرك بنواياه في هذا الأمر منذ فترة العقد), ولكن الزواج الثاني لرجل لديه بيت وأربعة أطفال يجب أن تحكمه ضوابط العقل والشرع لا ضوابط الشهوات والغرائز وحدها, وفي هذه الحالة يستحسن أن تنصحيه وتوضحي له، ثم تتركيه لبعض الوقت؛ لأن الإلحاح عليه قد يدفعه للعناد والإصرار.
وأذكرك بأن بعض الأزواج تكون لديهم ميول استعراضية فيرغبون دائما في الحديث أمام زوجاتهم عن فرط احتياجاتهم العاطفية والجنسية, بل وربما يشعرون بالسعادة وهم يتحدثون عن مشاريعهم الزواجية أو عن علاقاتهم بنساء أخريات, هؤلاء الرجال يكون لديهم إحساس دفين بالنقص في بعض الجوانب يقومون بتعويضها من خلال محاولة إظهار فحولتهم وقدراتهم الذكورية، فإذا كان زوجك من هذا النوع فلا تعطي اهتماما كثيرا لأحاديثه في هذه الموضوعات، بل شجعيه ليحقق ذاته في مجالات أخرى حقيقية في الحياة؛ كأن يتفوق في عمله, أو يهتم بمستقبل أبنائه, أو يطور في شخصيته أو يحمل هموم أمته ويساهم بإيجابية في حلها, وعندئذ ينال رضاك وإعجابك به كرجل مكتمل الرجولة, وليس فقط كذكر يبحث عن إشباعات جسدية عابرة وغير متعقلة.
وأقول للزوج الكريم, حاول أن ترضى بما لديك، وتحمد الله عليه, وأن توجه فائض الجهد والطاقة إلى جوانب أخرى في حياتك تحتاج لكل ذلك, وأن تضن بوقتك أن تضيعه في محادثات مع فتيات من هنا أو هناك, وأن تجعل هذا الوقت الثمين لأبنائك وبناتك وزوجتك التي تحبك, ولعملك الذي يوفر لك ولأسرتك الأمان والسعادة, ولدينك الذي يوصلك إلى آخرة سعيدة.
وإذا كان ولابد من الزواج الثاني فليكن بضوابطه الشرعية كي لا يكون الأمر مجرد تذوق لنساء أخريات، فقد ذمت النصوص الدينية الذواقين والذواقات, نرجو أن لا تكون منهم.