ترك الصلاة عرض أم تكاسل
قررت أن أرسل إليكم بعد أن تصفحت بعض الصفحات الدينية واستعرضت بعض الفيديوهات لمن يسأل نفس سؤالي: (لماذا لا أصلي رغم أن لا أنكر الصلاة؟) وهو سؤال أبحث له عن إجابة منذ فترة طويلة.
التزمت بالصلاة ما بين ٢٠٠٣ إلى ٢٠١٧ ولم أنقطع عنها في تلك الفترة إلا لفترات قصيرة كان يصيبني فيها اكتئاب حاد يلزمني السرير وعادة تتسلط علي الوساوس الدينية خلال فترات الاكتئاب ثم ينقشعان وكأن شيئا لم يكن.
في ٢٠١٧ تعرضت لأزمة نفسية شديدة وضعتني على حافة هاوية الانتحار أخذت على إثرها بعض القرارات التي غيرت من أوضاعي الحياتية لأخرج من دائرة مسببات الاكتئاب إلا أن تلك الأزمة أشعرتني بخذلان شديد وشعرت أن الله قد تركني رغم التزامي بما يرضيه فتركت الصلاة.
ظننت أن ترك الصلاة سيكون مؤقتا كما حدث مرات ومرات في الماضي إلا أني فقدت ذلك الشيء الداخلي الذي كان يحثني على الصلاة ولم يعد لنداء الصلاة أي تأثير علي (عندما أسمع أصوات المؤذنين التي غالبا ما تكون نكراء -للأسف- أجدني أفكر أفكار متعلقة بفساد المجتمع وانتشار الفساد والتحرش (مثلا) في بلادنا كأني أبرر لنفسي أني أنقطع عن الصلاة لأنها صارت بلا معنى عند معظم الناس)
أرى الحياة عبثية ولا أفهم مراد الله من خلق الإنسان وتظل هذه عقبة ما بيني وبينه رغم إيماني به وبصفاته العلى.
من دون الأدوية النفسية تنهشني الأفكار الكفرية وتلتهمني التهاما فأبكي بكاء مرا أنام بعده من شدة التعب وأصحو بعده لأدور في نفس الدوامة. كنت أشاهد فيديوهات لشيوخ أجانب (أنفر بشدة من كل مظاهر التدين عندنا نحن العرب-باستثناء شخصيات معدودة من علماء الأزهر- وتملئوني بإحساس عميق بالظلم والقهر لا أعرف مصدره) وأثناء مشاهدتها أظل أبكي من خشية الله وأذوب شوقا لرسوله الكريم وأصحابه الصالحين مع استمراري في ترك الصلاة!
أذكر أني كنت في بلد أسيوي وطوال اليوم تنقلنا ما بين المعابد الأثرية الجميلة فلم أستمتع بشيء وإنما امتلأت خجلا من الله أن يعبد سواه في أرضه وظللت أستغفر الله وأعظمه إلا أني انهرت فتركت الفوج السياحي الذي كنت معه واتخذت مكانا قصيا بكيت فيه حتى انقطعت أنفاسي. ما بين فعلي هذا وعجزي عن أداء الصلاة تناقض عجزت عن تفسيره، إن كنت أخشى الله وأحبه فلما الوساوس وترك الصلاة.
ذهبت لطبيبة نفسية -لم تكن الأولى- أخبرتها بالرغبة المسيطرة علي أن أقتل نفسي ونوبات البكاء بسبب طاحونة الأفكار المتعلقة بالله وبالخلق. كتبت لي Quitcool 150mg & Efefxor مع استعمال الأدوية توقفت الأفكار الدينية ونوبات البكاء وقلت الأفكار الانتحارية بدرجة كبيرة. وقفت الأدوية فعادت الأعراض فعدت إلى الدواء.
الآن رغم تعاطيّ للأدوية بانتظام فما زالت الأفكار تطفو للسطح من وقت لآخر ومعها الرغبة في الانتحار أو بالعكس أتوتر وأرغب في الانتحار فتبدأ طاحونة الأفكار. أريد أن أصلي ولا أجد في نفسي ما يحركني، حاولت ولم ينفع لا الخوف ولا الرجاء في أن أعود للصلاة. أحيانا أتساءل ما إذا كنت أستخف بالله وأن ربما كان انقطاعي عن الصلاة لاعتقادي أنه لا يستحق أن أصلي له! الشيخ قال لي أن أصلي على أية حال لكني عاجزة.
بشكل عام أنا أعتقد والله أعلم أني ألتزم بتعاليم الدين وبحدود الله قدر استطاعتي وأتجنب الكبائر.
هل لشخص مثلي نجاة من هذا الوضع؟ هل أنا متكاسلة؟ جاحدة؟ شكرا لكم
8/1/2022
رد المستشار
الابنة الفاضلة "Shams" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك خدمة الاستشارات بالموقع.
مبدئيا دعينا نضع فرقا بين الإيمان بوجود الله عز وجل ووحدانيته ورسله وكتبه وما أنزل على رسله، وبين الإيمان بدين الإسلام وأركانه الخمس (والصلاة هي الركن الثاني)... هذه منطقة لا علاقة لها بالمشكلة التي تعانين والتي تنحصر فعليا في تطبيق الصلاة التي لا تنكرين وجوبها ... ولا يرضيك البقاء بهذا الشكل وتبحثين عن نجاة.
الوساوس لا تأثير لها على الإيمان لأن إيمانك يبقى على حالتك الإيمانية قبل بدء الوساوس الكفرية... لكن للوساوس تأثيرا بالتأكيد على قدرتك على الشعور بالإيمان في نفسك بسبب الحائل الوسواسي الذي يحجبك كليا أو جزئيا عن حالاتك الداخلية... وهو ما قد يفسر جزئيا عدم قدرتك على مغالبة الكسل والقيام للصلاة.
(التزمت بالصلاة ما بين ٢٠٠٣ إلى ٢٠١٧) وهذا معناه أنك لم تلتزمي بالصلاة منذ الطفولة، (37-19= 18) أي أنك لم تصلي إلا بعد اقتناع ... وتكملين (ولم أنقطع عنها في تلك الفترة إلا لفترات قصيرة كان يصيبني فيها اكتئاب حاد يلزمني السرير وعادة تتسلط علي الوساوس الدينية خلال فترات الاكتئاب ثم ينقشعان وكأن شيئا لم يكن) ماذا تعنين بالقصيرة؟ كم مدتها أيام أسابيع أم شهور؟ وهل لا توجد وسوسة إلا في وجود الاكتئاب؟ أي هل الوسوسة جزء من اضطراب مزاج؟
تقولين أيضًا: (أحيانا أتساءل ما إذا كنت أستخف بالله وأن ربما كان انقطاعي عن الصلاة لاعتقادي أنه لا يستحق أن أصلي له!) وهذه ليست إلا محاولات من الوسواس لتشكيكك في إيمانك واحدة من حيل وسواس العقيدة.... لعله يثبط محاولاتك لمقاومة الكسل بعدما (الشيخ قال لي أن أصلي على أية حال)... ويبقيك عاجزة... عن تذوق نعمة الصلاة!
جميل أنك تحسنت على مزيج العقاقير أعلاه... لكن يبدو أن بعضا من سماتك الفكرية تضعك في تنافر معرفي Cognitive Dissonance مع ميولك الإيمانية مثلا (أرى الحياة عبثية ولا أفهم مراد الله من خلق الإنسان وتظل هذه عقبة ما بيني وبينه رغم إيماني به وبصفاته العلى) وهذا بالطبع يبقيك دون المقدرة الكاملة على مغالبة الكسل والفتور الذي تحسين، وأحسب أن واحدا من الردود المقنعة على ما تسألين عنه موجودٌ في كتاب سيصدر غالبا في معرض القاهرة القادم للكتاب أي نسخة المعرض 2022 تحت اسم نبضات اليقين للكاتبة المبدعة شيماء العزازي... دار الزيات للنشر والتوزيع... فقد قرأت فيه كثيرا مما يلزمك أن تقرئيه.
وردا على عبارتك (إن كنت أخشى الله وأحبه فلما الوساوس وترك الصلاة...) وهل تأتي مثل وساوسك إلا لمن كان يخشى الله ويحبه؟ وأما لماذا ترك الصلاة فسببه عندك إلا أن تصري على أدائها .. علما بأن إصرارك هذا هو أهم دعائم العلاج .. إصرارك على أداء الصلاة دون اعتبار للكسل ودون أي شروط إلا الطهر والوضوء مع الإصرار على تجاهل كل الوساوس بما فيها الكفرية والتشكيكية كأنك القطار حتى تسلمي ثم لا تسجدي سهوا لأنه لا يسن سجود السهو للموسوس، ولا تفكري في صلاتك التي صليتها.
أعرف أن مشكلتك هي الشعور بالكسل .. وأقول لك طبقي مثلا قاعدة العدد 5.. قبل أن تبدئي أي عمل تشعرين بالكسل أو التردد حياله عليك بالعد 1، 2، 3، 4، 5 وتبدئين مباشرة... الغالبية العظمى من المرضى يستطيعون أن يهزموا الكسل بهذه الطريقة أو غيرها ... والمفرح بصدق هو أن أغلبهم يشعرون بأن الشعور بالكسل سريعا ما يزول ... وأغلبهم ينجح في التوقف عن استعمال القاعدة خلال أسابيع ... ومسألة التوقف عن استعمال قاعدة العدد 5 بعد التخلص من الكسل مهمة كي لا يتحول العد حتى 5 إلى فعل قهري.
وأما الأهم والأولى بالفعل فهو أن تراجعي طبيبتك النفسانية فربما رفع جرعة ما تتناولين من مضاد الاكتئاب قد يساعدك على دفع الكسل أيضًا ... كما أن عليك السؤال عن إتاحة العلاج السلوكي المعرفي ... وفي كل الأحوال لا يصح أن تتركي نفسك بلا علاج.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.
ويتبع>>>>: وسواس قهري : ترك الصلاة عرض وتكاسل م