السلام عليكم
أنا فتاة أبلغ من العمر 24 عامًا.. تعرضت لاعتداء جنسي في طفولتي لم يفقدني عذريتي، ولكن أفقدني الرغبة في أي رجل، وقد تعرّفت على فتاة منذ عامين وأحببتها كثيرًا حتى أصبح حبِّي لها غير سوي، وبدأت أنظر إليها نظرات أخرى أكثر من كونها مجرد صديقة، وتملكني حبها بشدة وأصبح لديَّ ميل جنسي نحوها، ولا أدري إن كانت قد شعرت هي بما أنا فيه، ولكنها كانت كريمة معي وتقابلني بحفاوة، وكنت أنا إذا سلمت عليها قبلتها ولامستها بشهوة، ولم أعد أستطيع السيطرة على نفسي، إلا أن ضميري كان يفيق من وقت لآخر فكنت أبحث عن شيء يرشدني وأفهم منه ما أنا فاعلة بنفسي، وكيف أواجه هذا الشعور!!!
وأحمد الله كثيرًا أنني وجدت موقعكم، ووجدت في مشاكلكم ما يشبه مشكلتي، ورأيت في ردِّكم وإرشادكم ما كنت أريده، وقد كان ردكم في مثل حالتي أن أمتنع تمامًا عن الوجود مع هذه الصديقة حتى أجنب نفسي هذا الشعور الآثم، وحقًّا لقد جاهدت نفسي كثيرًا وامتنعت عن الحديث إليها أو مقابلتها، وعانيت كثيرًا لمدة شهرين وحقًّا أشعر بتحسن كبير في نفسي.. أشعر أنني تغيرت، ولكن ما يقلقني أن صديقتي هذه حدثتني تعاتبني؛ لأنني لم أحدثها طوال هذه الفترة، ولم أجد ما أقوله أو يبرر انقطاعي المفاجئ عنها.
أنا لا أريد أن أخسرها نهائيًّا أو أؤذيها، ولكن في نفس الوقت أخشى إذا عدت أحدثها أعود لما كنت فيه.
فماذا أفعل؟؟ جزاكم الله خيرًا. وشكرًا.
19/2/2022
رد المستشار
لا يفوتني في غمرة ما تعرضينه -وكأنه هو المحور الأساسي لمشكلتك- أن أذكرك بأن علاج الأسباب الماضية أو البعيدة، وأقصد بها هنا مسألة الاعتداء في الطفولة وآثاره النفسية يبدو مهمًّا، وبخاصة أنك أصبحت في سن الزواج، ومن شأن إصلاح ميولك الفطرية لتعود إلى طبيعتها الأصلية أن يساعدك في التغلب على ميولك المثلية التي تقولين إنها تحسنت.
لا بد من إعادة الأمور إلى نصابها فيما يخص مشاعرك تجاه الرجال؛ حتى تستطيعي مواصلة الصمود باستمرار ونجاح أكبر فيما يخص ميولك تجاه النساء، وهذا هو الأصل حتى لا ننسى.
أما بالنسبة إلى صديقتك فلا بأس أن تبدي لها أنك منشغلة ببعض أمورك، فتكون اللقاءات بينكما متباعدة -قدر الإمكان-، وأن تتجنبي عند لقائها أن يكون السلام والتحية وطقوس الترحيب من النوع الزائد أو الحار الذي نراه لدى الكثيرات، وهو منهي عنه في الشرع، فلا داعي للأحضان، وكثرة القبلات، وغير ذلك مما تعرفين ومما يوقظ الشعور القديم الذي تقاومينه.. تكفي المصافحة وقبلتان خفيفتان على الخدين في أقصى الأحوال، وحبَّذا لو كان اللقاء ضمن مجموعة، ولغرض عام غير مجرد الالتقاء، والحديث في سيرة الناس "كما يقول المصريون".
وحبذا لو تشتركين مع صديقتك هذه -ولو تدريجيًّا- في الاهتمام بهواية أو فكرة أو نشاط يكون سببًا للقاء بينكما، وداعمًا إيجابيًّا للمحبة السليمة بينكما، وفتحًا لكما على دوائر أوسع.
والاقتصار على صديقة واحدة سيجعل مقاومتك أصعب، وعدم انشغالك الحقيقي باهتمامات دراسية أو علمية أو اجتماعية أو ثقافية عامة سيجعل حججك عندها أضعف، فالسؤال الطبيعي عندما تقولين لها إنك مشغولة أن تسألك هي: مشغولة بماذا؟؟؟
أذكرك بأهمية فتح ملف الماضي وإصلاحه بالعلاج الذي يمكن أن يستغرق وقتًا، ويحتاج إلى بعض الجهد، وقد يحتاج إلى عون متخصص على النحو الذي كرَّرناه من قبل، وأرجو أن تكوني على اطلاع بما قلناه فيه، ومن شأن نمو المشاعر الطبيعية، واحتكاكك بالمجال العام أن يضعك في المكان الصحيح لاستقبال رزقك الذي كتبه الله لك من عالم الرجال.
أدعو الله –عز وجل- أن يكون إنسانًا متفهمًا عطوفًا وأمينًا وقويًّا في غير عنيف؛ حتى تستكملي معه الخروج من هذه العثرة التي تورطت فيها، وحين تذوقي طعم الماء الزلال الذي جعل الله منه كل شيء حيا ستذكرين الطريق الجانبية الوعرة التي سرت بها زمنًا، ويومها أرجو أن تحمدي الله تعالى على نعمته، وتتذكرينا بصالح الدعاء.