مساء الخير
أنا وصديقاتي نريد أن نرتب جلسة صلح بيننا وبين بناتنا المراهقات حتى نصلح ما بيننا.
ونبدأ معهن صفحة جديدة نرجو منكم نصائح تساعدنا..!
28/2/2022
رد المستشار
سيدتي الفاضلة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يتضح لي من رسالة سيادتك أن ابنتك هي الثانية في الترتيب، وأعتقد أن الأكبر ولد وأنك تخوضين تجربة المراهقة مع البنات مع هذه الابنة.
ورسالتك توحي لي بأنه فاض بك الكيل، وسئمت المعركة ورفعت الراية البيضاء، لكن أخبريني هل رفعتها استسلاما؟ أم إيمانا بأن هذه المعركة خسارة للطرفين على حد سواء؟
لكن هل طلبك بعقد جلسة صلح كناية عن الرغبة في تغيير أساليب التواصل بينكما أم أنك تقصدين جلسة تصالح يذكر فيها كل طرف ما يضايقه، ونعقد اتفاقًا على أن كلا الطرفين سيفعل كذا ويقلع عن كذا؛ لأنه يضايق الطرف الآخر.. لا أظنك تقصدين هذا؛ لأن الأمر لو رأيته كذلك فنحن بمنأى عن سبل الإصلاح.
عزيزتي... إن العلاقة بالأبناء هي مثل كل العلاقات الإنسانية تعتمد في التواصل على حوار لفظي متفق عليه فيما يقال، وما لا يجب أن يقال، ولكن بين البشر لغة في التواصل تثري العلاقات بأسمى المعاني، تؤثرين بها الآخرين، إنه التواصل غير اللفظي كنظرة العين ومسحة حانية على الكتف وملامح الوجه التي توحي بالإعجاب، وهكذا فلغة الجسد لها دور محوري في نجاح العلاقات بين البشر.
إذن متفقون أن الصلح لن يكون بجلسة، والآن ماذا تفعلين؟
أولا: اهدئي تمامًا.. استدعي شعورك أن هذه ابنتك وأنك تحبينها حتى لو لم تمتثل لأوامرك، وأشعريها بذلك ويا حبذا لو نقلت شعورك بالخوف عليها لا الخوف من تصرفاتها وعواقبها.. امتنعي عن التهديد.. اذكري المحاسن وأظهري إعجابك بها.
ثانيًا: بعد فترة من الهدوء وقدرتك على تنفيذ ما سبق من تصالح وهدنة غير معلنة دعينا ننتقل للخطوة التالية: هيا نعد العدة للصداقة.. نعد العدة؟؟!! نعم إنه أمر يحتاج إلى حنكة وذكاء ومهارة في إخفاء مشاعر الغضب كلما صارت الأمور على غير توقعاتك.. وكيف نصادق ابنتنا؟
انسي للحظات أنها ابنتك، وأن علاقتك بها يحكمها الواجب والمسؤولية، تخيلي أنها واحدة تودين أن تتخذيها صديقة لك لشيء أعجبك فيها، وأعتقد أن هناك ما يعجبك في شخصية ابنتك، تخيلي أنك رأيت فيها ما لا يعجبك هل ستوبخينها وتنتقدينها؟ لا أعتقد؛ لأنها حتما سترفض تلك الصداقة التي تؤذي مشاعرها.
إذن ماذا نفعل لكسب الصداقة؟
1- ندرك سمات المراهقة ونقتنع أنها ظواهر طبيعية.. مثل ماذا؟
رفض السلطة المتمثلة في الوالدين، والتمرد والرغبة في إثبات الذات، ورفض النصيحة والإصغاء إلى الأصدقاء دون الأهل، فيا حبذا لو نجحنا في أن نكون أول من يصادقون.
2- نتعلم فن الحوار بالإصغاء دون خوف وقلق ينفر من يتكلم بإكمال حواره، فسعة الصدر مطلوبة والتوقع دائما بأننا قد نسمع ما لا يعجبنا.. إذن تعلمي إخفاء مشاعر القلق والرفض، وتعلمي أن يكون الحوار من القلب إلى القلب دون المبالغة في إسداء النصائح المجردة (مثل المفروض تعملي كذا ولا تفعلي كذا وده غلط وما تعمليش ده تاني..) وهكذا.
وتجنبي الحوار معها إذا كانت لديك مشكلة تشغل بالك أو مهتمة بأمر ما يؤرقك؛ لأنك عندئذ سيكون من السهل استثارتك، وإذا طلبت هي الحوار في هذا الوقت اطلبي منها التأجيل بلطف مثل-عذرا حبيبتي لا أستطيع أن أتكلم الآن؛ لأن هناك أمرا يشغل بالي دعينا نؤجل الكلام الآن.
تجنبي الأسئلة التي يبدو منها أنك تظهرين ذكاءك، وأنك توجهين سؤالا ملتويا لتعرفي أمرًا ما لا تود أن تخبرك به، فأنت هنا أشبه بالمحقق الذي يتحرى عن جريمة، فعظمْتِ أمرًا قد يكون هينًا، واقتحمت ذاتها وخصوصيتها، وربما جعلها ذلك تتوخى دائمًا الحذر في الحوار معك؛ لأن السؤال بالنسبة لها لم يعد بريئًا، وهكذا سيكون الحديث دائمًا مقتضبًا.
3- تعرفي على اهتماماتها واشتركي معها فيها بقلب وحب: كمبيوتر -برامج تلفزيونية- قراءة كتب.
4- افتخري بها وزيدي من ثقتها بنفسها.
5- أشركيها في أمور الحياة دون تحمليها أعباء كثيرة فالهدف هو مساعدتها على النضج.
6- ساعديها في التعرف على أهدافها لمساعدتها في تكوين الهوية (من أكون - ماذا أحب - ماذا عساي أن أفعل لأصل لأهدافي - بمن أحب أن ارتبط فيما بعد).
7- اقرئي كثيرًا عن هذه المرحلة.
8- اعرفي أن مرور مرحلة المراهقة بسلام هو الجسر الآمن للصحة النفسية فيما بعد.
وفقك الله.
واقرئي أيضًا:
مرحلة المراهقة وماتحمله من تقلبات
صراعات المراهقة والذكاء العاطفي
ابنتي المراهقة وتصرفاتها.. ماذا أفعل؟