السلام عليكم
ولدي محمد البالغ من العمر ثماني سنوات سألني في أحد الأيام سؤالا عرفت منه المشكلة، سألني: ماما لو أن أحدا أرى عورته للآخر ثم استغفر هل يغفر الله له أم لابد من أن تسامحه أمه على فعلته؟ أجبته أنا بأن الله يغفر له لأن الله يغفر الذنوب التي بينه وبين العبد، أما الذنوب التي بين العبد والآخرين فلا بد من مسامحة الآخرين له لكي يغفر له المولى، ثم سألته: "لماذا هل تعرف أحدا فعل ذلك؟" .. أجابني: "نعم ابن عمي فلان" .. -ابن عمه في نفس عمره معه في الصف وهو أحد أصدقائه وهو أحد توأمين كليهما صديق ابني يرتاد ابني منزلهما ويرتادان منزلنا باستمرار- سألته: "وما الذي حدث بالضبط؟" .. أجابني أنه عندما كنت في بيتهم وعندما كانت أمه نائمة فسخ ابن عمي سرواله وأخذ بإدخال قلم في عورته وقال لي إن هذا الفعل ممتع، وقال لي انظر لكنني امتنعت وقلت له هذا حرام لكنه استمر في الممارسة وقال لولدي: "لو أن أمي عرفت ذلك لأحرقتني بالولاعة".
طبعا أنا شكرت ولدي على صراحته وكافأته على ذلك وقلت له لابد أن يخبر الولد والديه بكل شيء لأنهما أخبر الناس بمصلحته وجلست معه وتحدثنا حول حرمة هذا الفعل، وقلت له قل لابن عمك أنه إذا لم يرتدع فإنك ستمتنع عن صداقته وعن زيارة بيتهم لكن ولدي قال: لكن يا أمي ابن عمي الآخر لم يفعل ذلك -التوءم الآخر- ومنذ عرفت للآن لم يلتق بهما أبدا.
الآن أنا محتارة كيف أتصرف أريد أن أحصن ابني من أي انحراف جنسي، كما أشعر بالمسؤولية بأن علي أن أصلح ابن عمه، كما أن ولدي غالبا يشتكي الملل ويريد إما أن يزور الآخرين في بيوتهم أو أن يزوره الآخرين، وعندما يكون أصدقاؤه في بيتنا يكونون تحت رقابتي لكن لا أضمن ذلك عند زيارته للآخرين، كما أنه أحيانا يطلب النوم في بيوت أقاربه.
الآن لا أدري هو دائما يشكو الملل، وأنا أحيانا انشغل في شغل البيت وتنظيفه ولست متفرغة دوما للعب معه، فهل أمنعه من زيارة الآخرين، وما رأيكم بالنوم في بيوت الأقارب وبالأخص بيت الجد، وكيف أتصرف مع ملله؟؟
أجيبوني على أسئلتي رحمكم الله،
وفي أمان الله.
24/2/2022
رد المستشار
قبل البدء في الرد على استشارتك لا يمكن أن تفوتني هذه الفرصة لإبداء إعجابي بأسلوبك في التربية، والذي يتجلى في صداقتك لطفلك التي بدت واضحة في صراحته معك.
لفت نظري وعيك والهدوء والحكمة في معالجة الأمور، فأنت تتريثين قبل اتخاذ القرار، ولا تنفعلين في وجه طفلك وتصدرين الأمر مثلا بقطع علاقته بابن عمه، ولم تتفوهي بكلمات التهديد والوعيد التي قد تصدر عن الوالدين متى أصابهما القلق حيال الأمور التربوية التي تتعلق بالخوف من انحراف الأولاد، ولعل ما أنت عليه نابع من التزامك الديني وتربيتك لطفلك على أساس خشية الله.
بارك الله فيك وبارك لك في ولدك، وجعله صالحا بإذن الله، فأنت مثل يحتذى به في الأساليب التربوية.
أما بالنسبة لمشكلة طفلك، فهناك عدد من النقاط لابد أن نتناولها:
- الإثارة الجنسية الشرجية عند الأطفال.
- التربية الجنسية للطفل وماذا تفعلين مع طفلك الآن بما في ذلك دور والده أيضا، والذي يجب أن يشاركك في التربية في كل الأمور وأيضا دوره حيال هذه المشكلة.
- مسؤوليتك أمام الله تجاه ابن عم طفلك.
أولا: الإثارة الجنسية الشرجية عند الأطفال:
وهي تحدث بالتجربة؛ حيث إن هذه المنطقة محاطة بنهايات أعصاب من شأنها أن تحدث إثارة وشعورا بالارتياح مثل ما يحدث حينما يداعب الطفل أعضاءه الجنسية، أي إنها مجرد شعور جسدي لا ينطوي على معانٍ جنسية مثل تلك التي تحدث في المراهقة مع النضج البيولوجي للأعضاء والمشاعر التي تصاحب التطور الناتج عن الهرمونات الجنسية وتسمى هذه بالعادة السرية الشرجية.
لكن ماذا يلفت نظر الطفل لهذه المنطقة؟
كما ذكرت بالتجربة كاستعمال اللبوس الشرجي أو الترمومتر لقياس الحرارة وتصادف شعورا بالراحة والمتعة لدى الطفل فيكررها وبطرق مختلفة بإدخال شيء مثل القلم. أما عن الاحتمالات الأخرى التي تؤدي إلى لفت نظر الطفل لهذه المنطقة فقد تكون المشاهدة لأفلام أو صور على مواقع إباحية أو قنوات تليفزيونية أو التعرض للتحرش الجنسي.
وماذا عن تأثير تكرار هذه العادة؟
التأثير العضوي والناتج عن تكرار إدخال أجسام غريبة، قد ينتج عن ذلك ضعف في العضلة العاصرة بنهاية المستقيم، وينتج عن ذلك عدم القدرة على التحكم في البراز، ومثل هذه الحالات نواجهها في عيادة الطب النفسي للأطفال ظنا من الأهل أن عدم القدرة على التحكم في البراز ناتج عن اضطراب نفسي.
أما عن التأثير النفسي لإدمان هذه العادة فيتمثل في كونها نواة للشذوذ الجنسي فيما بعد، والثبات على الشرج كمصدر للمتعة الجنسية.
ثانيا: التربية الجنسية للطفل:
حقيقة كما ذكرت لك أنت بدأت مشوار التربية بالصداقة وهذا بإذن الله يسهل لك الكثير من الأمور، لكن عليك أيضا بمعرفة الكثير عن التربية الجنسية والتي تبدأ من الطفولة وبالتدريج حتى المراهقة بحيث لا نخطئ مثلما يفعل كثير من الناس بأن يعطوا المعلومات دفعة واحدة عند المراهقة أو يتهربوا من الأسئلة والحوار عن الجنس مع أولادهم، بالرغم من أننا نعيش في زمن محفوف بمخاطر المعلومات الخاطئة من وسائل الإعلام المختلفة من قنوات فضائية وإنترنت، لكن كيف نفعل ذلك في هذه السن؟.
هذه المهمة لابد أن تكون مشتركة بينك وبين والد الطفل، وأتمنى أن يكون الوالد صديقا له مثلما فعلت أنت.
لابد من البدء تدريجيا مع الطفل في الحوار عن الأعضاء التناسلية مع التوضيح برسوم علمية والحديث دائما يتوج بالكلام عن حكمة الله وقدرته في أن تتكاثر المخلوقات حتى لا تفنى ويستمر الكون، وهكذا نكون وضعنا حجر الأساس للسمو بمفهوم الجنس في مرحلة لم تشتعل فيها الغريزة بعد، وبالتدريج يتحتم علينا الإجابة على أسئلة الطفل وعدم الهروب منها بأساليب مبسطة على أن يكون للحديث دائما طابع علمي وديني.
وهناك بعض المحاذير التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار:
ملاحظة الطفل باستمرار للتأكد من عدم مشاهدته لقنوات تلفزيونية إباحية، ولا تسمحي له بالبقاء أمام الكمبيوتر منفردا دون مراقبة، ولا ارتياد منزل ابن عمه وتركهما في خلوة دون مراقبة، ولا الخلوة بالأصدقاء عموما في أماكن مغلقة.
ولا تسمحي له بالنوم خارج المنزل عند الأقارب دون مراقبة، ويمكن أن تشغلي وقت فراغه وتعويضه عن ذلك باصطحابه في نزهة من وقت لآخر ودعوة أصدقائه أو أقاربه للنزهة معكم وفى جو أسرى، واحرصي على التنشئة الدينية وتعميق معنى الحلال والحرام وخشية الله وحب الله الذي يحول بيننا وبين المعاصي
ثالثا: مسئوليتك أمام الله تجاه ابن عمه:
لابد من إخبار والديه حتى يتمكنا من إنقاذ الطفل من إدمان هذه العادة.
وإخبار والديه يتطلب الحكمة والمهارة حتى لا يستشيطا غضبا ويعاقبا الطفل بالضرب والعنف، لكن أفضل أن تتعاوني مع والدة الطفل بحكمتك ومهارتك في علاج هذه المشكلة، فلابد أن نعرف من أين عرف هذه العادة؟
فقد يكون تعرض للتحرش من أحد الأشخاص وعلينا أن نبدأ معه في الحوار عن الحلال والحرام وشغل وقت فراغه وعدم تركه منفردا، مع العلم بأن ممارسة العادة السرية في الأطفال قد يكمن وراءها أسباب نفسية كالوسواس القهري والقلق، خاصة أنني ألمح العنف في معاملة هذا الطفل الذي قال: "لو علمت أمي لأحرقتني بالولاعة"!. فربما يعانى هذا الطفل من بعض الاضطرابات النفسية، ويفضل عرض هذا الطفل على طبيب نفسي لاتخاذ أسلوب علاج مناسب لحالته.
وفقك الله..