طفلي عبد الرحمن
عمره عامان ويتمتع بصحة جيدة وذكاء ممتاز، كثير الحركة يفهم الصح والخطأ والآن صار مؤذيا كثيرا وبشكل دائم، ويستمتع بذلك، حيث يتعمد التخريب في البيت وإيذاء إخوانه وهو عنادي بشكل كبير، حاولت تنبيه بأكثر من طريقة ويفهم ذلك لكن لا يستجيب، ولا أريد استخدام الضرب معه.
لذا استخدمت حبسه في سريره لمدة من 5 إلى 10 دقائق وأثمرت معه فترة، الآن عاد مثل أول وأكثر، زدت فترة الحبس إلى ساعة أو أكثر ولم تعط أي نتيجة، بمجرد خروجه من السرير يعود من جديد ويتعمد تكسير السرير في فترة حبسه، ولا أدري ما أفعله له وهو في هذه السن الصغيرة.
علما بأن الوضع لا يحتمل نهائيا، ودرجة شقاوته تزداد يوما بعد يوم!!
عنده الكثير من الألعاب ومستقر العاطفة ومحط اهتمام من الجميع، وشكرا لكم.
14/3/2022
رد المستشار
قبل أن أبدأ الكلام عن مشكلة "عبد الرحمن" تحديدا اسمحي لي بأن أصطحبك في رحلة إلى عالم طفل العامين.. هي رحلة مرهقة بعض الشيء لكن نستمتع بها متى عرفنا أين يكمن الجمال في هذه الرحلة.
ماذا يعنى سن العامين؟ يشير البعض إلى أنها فترة السنتين الرهيبتين، لكن البعض أسماها الاثنتين الرائعتين، إنها الفترة التي يبدأ الطفل فيها تكوين الذات ويتعلم كيف يكون إنسانا مستقلا، وهي الفترة التي تتطور فيها قدراته اللغوية والتخيل، لكن مازال فهمه للعالم من حوله محدودا، لذلك كثير من الأشياء قد يبدو له مخيفا.
إنها فترة متناقضات فهو يرغب في الاستقلال، لكنه اعتمادي مازال يخشى أن تبتعد أمه عنه، إنها الفترة التي يبدأ الطفل فيها التعلم بالتقليد؛ فيبدو ذلك ممتعا لمن حوله، إنها فترة نمو اللغة مع التخيل، فيبدأ الطفل الحوار مع لعبه، وما أن يكتشف أن أحدا يراقبه حتى يخجل ويضحك؛ فهو مدرك أن له أصدقاء خياليين هو فقط من يراهم.
إنها فترة لم يتعلم فيها بعض اللعب بالمشاركة، لكن يحب ما يسمى باللعب الموازي، أي يستمتع باللعب جنبا إلى جنب مع الآخرين، ونظرا لأنه لم يتعلم بعد اللعب بالمشاركة فهو لم يتعلم بعد أن له ما يخصه وللآخرين أشياء تخصهم؛ لذا قد يأخذ لعبة لطفل آخر ويرفض ردها إليه، فهو يريدها؛ إذن لابد أن يمتلكها.. هكذا مفهومه.. ومثل هذه السلوكيات تعالج بحزم دون عنف، والآن ما أكثر مشاكل سن العامين التي تعتبر عبئا في رحلة سن العامين الممتعة؟
1- مخاوف الانفصال:
وتظهر في شكل الميل الشديد للالتصاق بالأبوين، وقد يتصور الطفل في هذه السن أن الأم أو الأب متى ابتعدا عنه ربما لا يراهما ثانية، حيث إن ديمومة بقاء الآخر مازالت في مرحلة التكوين والنضج، وتزيد مخاوف الانفصال كلما كانت هناك لحظات ضيق وامتعاض من الطفل حيال أبويه، فهو يشعر بالذنب لأنه يتصور أن هذا الشعور بالضيق قد يلحق يهما الأذى، وقد تتجلى مخاوف الانفصال أيضا في رفض الطفل الانفصال عن أبويه وقت النوم.
2- سلوكيات التحدي:
وتظهر في قول كلمة لا قبل التفكير في أن يقول نعم، إنه يود أن يقول أنا هنا ولي رأي ولي كيان، ومتى تظهر المشكلة مع الأبوين؟
عندما لا يدركون معنى سلوك التحدي في هذه السن ويتصورون أن هذا الطفل عنيد ولا ينصاع للأوامر، وبالتالي يكثفون الأوامر أكثر وأكثر، ويخططون ويشحذون الهمة لأنواع التنكيل والعقاب... والنتيجة: قد يفرز هذا السلوك طفلا عنيدا أو طفلا لا يثق بنفسه مع ما يترتب على ذلك من صفات سلبية في شخصية الطفل فيما بعد، والتي قد تلازمه مدى الحياة.
والحقيقة التي أود أن أذكرها هنا أن بعض الآباء أنفسهم قد تربوا بنفس الطريقة، ويرفضون رغبة الطفل في إثبات ذاته لأنهم هم أنفسهم لا يثقون بنفسهم، ويجدونها فرصة لإثبات ذواتهم مع ذلك المشاكس الصغير؛ فيفرضون الأوامر وينتظرون التنفيذ، ورفض الطفل الانصياع يذكرهم بالنقص في الشعور بالذات، فتثور ثورتهم ويتفننون في ألوان العقاب لأنهم هم أنفسهم يدافعون عن كيانهم أمام ذلك الكائن الضعيف الذي يبدو مشاكسا.
إذن لماذا طفلك عنيف؟ إنه يلفت النظر ويقول أنا موجود، حقيقة ذكرت أنه لا ينقصه شيء، لكن الطفل العنيف إما أنه يعامل بعنف فيتعلمه كأسلوب حياة أو أنه يصرخ صرخة استغاثة لأن له مطلبا عاطفيا لا ندركه؛ فالطفل الحزين الغاضب ممن يحبهم يحطم أشياءهم.
أما عن أسلوب العقاب حقيقة أنت لا تضربينه لكنك تحبسينه في سريره وتنكرين تحطيمه إياه...! أليس من حقه أن يحطم قيوده؟ إذا كنت تقصدين بالحبس تقنية الإبعاد المؤقت لتعديل السلوك فهذا غير مناسب لسنه، وخلاف ذلك فالمدة الزمنية للإبعاد المؤقت يجب ألا تتعدى دقائق معدودة، ونشرح للطفل معناها، وهو في هذه السن قد لا يدرك معنى الإبعاد وبالتالي فهذا لا يستخدم لسنه، عزيزتي الطفل في هذه المرحلة يحتاج للآتي لتعديل سلوكه:
1- الفهم والإدراك لسلوكه.
2- الحب والحنان وألا نجعله يشعر بأنه دائما مرفوض.
3- اقتناص الفرص لمدح سلوكياته المحمودة والمكافآت المادية من الحلوى واللعب لأن تعزيز السلوك الجيد يثبته ويقويه ويقلل من تكرار السلوكيات السلبية.
4- تجاهل السلوكيات السلبية وجذب انتباهه لشيء أخر متى بدأ في فعل أشياء مرفوضة.
5- التوجيه بالحب والنمذجة بأن نعلم الطفل السلوك الجيد ويمكن هذا أيضا من خلال سرد القصص والكف عن الأوامر والتهديد لأنها تزيد من سلوك التحدي في هذا السن.
6- إذا كنت بدأت تدريب المرحاض معه فلابد أن يكون هذا بهدوء واحذري المعركة في هذا الأمر لأنها تزيد من حدة العناد.
وفقك الله
واقرأ أيضًا:
ضد التربية العشوائية.. هدف أو لا هدف!
نصائح حول تربية الأطفال