حب من أول نظرة
أنا طالبة جامعية، مشكلتي هي أنني في حيرة من أمري؛ حيث إنني أواجه مشكلة معقدة جدًّا ، وهي: منذ شهر تقريبًا شاهدني شاب وأنا مع إخوتي في أحد الأسواق، لم يكتف هذا الشاب بالنظر إليّ، بل تبعنا؛ حتى علم بمكان المنزل، ومنذ ذلك اليوم وهو يتصل بي ويحلف لي أنه أحبني منذ شاهدني للمرة الأولى ، وهو يرغب بالزواج بي، وهو صادق في رغبته ... ولكن المشكلة تكمن في كونه طالبًا جامعيًّا في السنة الأولى، ولا يعمل، بل يعتمد على أمه، ووالده شبه مُتوفَّى؛ إذ تركهم منذ كانوا صغارًا.
وقد تكلم مع والدته عني، وبالفعل اتصلت أمه بي، وأخذت تكلمني في الموضوع، ولكنها قالت لي: سأكلمك بصراحة يا ابنتي، تعلمين أن ابني لا يعمل وليس له أي مصدر دخل، وأنا- بصراحة شديدة- لا أملك ما يُسمى بتكاليف الزواج، وأود أن أسألك بصراحة شديدة: هل أنت على استعداد لانتظار ابني لمدة 5 أو 4 سنوات حتى ينهي دراسته الجامعية ثم يعمل ويتزوجك؟ وهل تضمنين يا ابنتي ألا تتغير مشاعر ابني تجاهك طوال هذه الفترة، وكذلك بالنسبة لمشاعرك؟ أنت حرة يا ابنتي...
المشكلة تكمن في حيرتي بين كلام الأم والابن؛ حيث يؤكد لي هذا الشاب مدى حبه وتمسكه بي، ويحلف مرارًا بذلك، ويؤكد أنه من المستحيل أن يجد غيري، فما الحل؟
أنا في حيره شديدة.
أفيدوني أفادكم الله.
12/3/2022
رد المستشار
الأخت الكريمة، مشكلتك ليست معقدة جدًا كما تتصورين، ولا تدعو إلى كل هذه الحيرة الشديدة؛ فكلمات والدة الشاب وضعت- فعلاً- النقاط فوق الحروف، فأين الغموض؟! وما معنى أن والده شبه متوفى؟! جديدة هذه!!!
أنت مأخوذة بهذا الشاب الذي وقع في حبك -كما يقول - من النظرة الأولى، ولا نعرف كيف حصل على رقم هاتفك ليتصل بك!! ويحلف لك...إلخ، ولا ندري كيف علمت بصدق رغبته في الزواج منك؟!
هل الكلام يكفي لإثبات حسن النوايا، وجدية الطلب؟! وإذا افترضنا معك أن رغبته فيك صادقة، و"غرضه شريف"- كما يقول المصريون- فما هو المطلوب منك مقابل ذلك، إذا كان لا يزال طالبًا يتقاضى مصروفه من والدته، وليس لديه أو لدى والدته استعداد لتقديم خطة محددة لارتباط رسمي بمعرفة أهلك؟!
ما الذي يريده شاب جامعي ما زال في سن المراهقة، لا يملك ما يعول به نفسه، ثم هو يقتحم على عذراء خدرها، أو يتسلل إلى عقلها وقلبها عبر الهاتف، أو الإنترنت، أو معاكسات الشوارع ليقول لها: أحبك وأريدك؟! ما الذي يمكن أن يترتب على هذه المشاعر في الوقت الحالي، غير الانشغال الذهني، والمشاعر المتدفقة التي تتردد حائرة بين الرغبة، وعدم القدرة لانتفاء الإمكانيات الأساسية للارتباط؟!
والذي لم تذكره والدة الشاب أن مشاعرك أنت أيضًا يمكن أن تتغير تجاه هذا الذي يتصل بك، ويحلف لك، فتتعلقين به دون أن تعرفيه حقًّا.
نحن في هذه الصفحة- منذ البداية- نحاول أن نتشاور ونتحاور حول مفهوم الحب؛ لأنه صار غائمًا وغامضًا ومغلوطًا ومختلطًا بالأوهام والأساطير. كيف نطلق كلمة "حب" على عاطفة كل منطلقاتها هي مجرد نظرة أو نظرات عابرة، ثم أحاديث ومكالمات هاتفية؟! وكيف يمكن أن نربط على هذا وعودًا وعهودًا، أو حتى مشاريع ارتباط؟!
أختي، الذي بينكما لا يمكن تسميته بالحب أصلاً، والزواج ليس لعبة، ما بينكما هو مجرد ميل عاطفي لشكل أو هيئة من ناحيته صادف بحثك عن ميل من الجنس الآخر، وهو طبيعي في مثل سنك، والحب الحقيقي هو شيء آخر تمامًا.
أما أن يكون هذا الخيط الرفيع، والأساس الهش، منطلقًا لزواج ومسئوليات وحياة ممتدة، فلا ينبغي أن تتورطي في هذا العبث، ولا ينبغي أن تخدعي نفسك بأمنيات وخيالات رومانسية لا يوجد لها أي رصيد في الواقع، وأرجوك ألا تنسبي هذا الوهم للحب الحقيقي.
إذا كنت تبحثين عن بعض التسلية أو تضييع وقت الفراغ؛ فعليك أن تصارحي نفسك بذلك، واحذري؛ لأن الهزل في هذه التسلية ينقلب إلى جد يسبب مشكلات كثيرة، حين تتطور هذه العلاقة بعيدًا عن العيون. أما إن كنت باحثة حقًا عن الحب، فليس هذا هو الحب يا آنستي، إنه "سراب الحب"، وشتان بين هذا وذاك.
فإما أن يتقدم هذا الشاب "رسميًّا" هو ووالدته إلى أهلك، ويضع تصورًا لخطة سير ارتباطكما، ولو بعد سنوات، وعند ذلك نقول حقًا إنه جاد، وننظر كيف تُدار علاقة كهذه، أو أنه يريد أن يتلاعب بك، ويتسلى تحت غطاء وعود وهمية، وهو ما ينتظر الرد الحاسم منك.