ماذا أفعل ؟
أنا سيدة لا أتعدى 25 عاما من عمري ذات دين وجمال وشهادة (ماجستير)، عشت عيشةً مستقرةً مع أهلي وفي بيت يُذكَر الله فيه دائمًا، لي 3 أخوات متزوجات وفي غاية السعادة مع أزواجهم، جاء دوري أنا فطلبتني عمتي لابنها الذي له أكثر من عشر سنوات بالغربة وعمره 35 عامًا ولا نعرف عنها (شكلاً) أو (مضمونًا) إلا أنه ابن عمتي، والتي كانت مشغولةً بحياتها وبأولادها ولم نكن نتبادل الزيارات إلا نادرًا؛ خاصةً وأنها كانت بمدينة أخرى. فوافق أبي حتى يقوي العلاقة أكثر مع أخته، وبناءً على ما سمعه من سمعة طيبة عن أولادها. ووافقتُ أنا كذلك ولم أشترط شيئًا وتم العقد وبالنيابة والتحقتُ بزوجي بعد سنة، فبدأت الصدمات:
أولاً: من حيث الشكل فهو قصير ونحيف جدًّا جدًّا.
ثانيًا: المسكن ضيق وينقصه الكثير، زيادةً على البعد عن وسائل النقل والمحلات التجارية.
ثالثًا: والأهم التهاون في الواجبات الدينية وسوء معاملته لي؛ حيث يقضي وقته كله في الحديث مع أصدقائه، إما عبر الهاتف أو يأتي بهم للبيت رغم ضيقه وأُحاصَر أنا في زاوية؛ فضلاً على ذلك أنه لا يعمل؛ فاضطررتُ أنا للعمل بأقل أجر لأستطيع أن أنفق على نفسي، وجاءت صدمة أخرى عندما علمت أنني حامل فاجتمعت عليَّ: الغربة، والزوج، والحمل، ولا أستطيع الشكوى لأهلي. كل هذه الأحداث ولم يمر على وجودي مع زوجي إلا 3 أشهر.
للملاحظة لقد شرحتُ لزوجي كل ما يضايقني لكني لم أرَ منه تجاوبًا.
أريد مخرجًا أرجوكم!!!
19/3/2022
رد المستشار
تدركين تمامًا أنكِ وأسرتكِ قد تسرعتم في اتخاذ قرار هذه الزيجة المتعجلة دون إعطاء الأمور وقتها وحقها من خطبة، ومن قبلها رؤية وقَبول للطرفين، ولا أدري كيف قبلتم أن يسير الموضوع هكذا دون أية خطوات أو إعداد مما يقتضيه الشرع والعقل؟!
على كل حال الندم على العجلة أصبح يؤلم، ولا يكاد يفيد فنحن الآن في مشهد آخر: حياة جديدة في غربة، وزوج لم تتعرفي عليه إلا بعد الزفاف فظهرت لكِ عيوبه ثم حملت منه؛ فاجتمعت عليكِ الغربة والزواج والحمل فلا تضمي إليهم سوء التقدير.
طبعًا هناك حل ثوري تقومين فيه بإسقاط هذا الجنين –غير المسئول حقيقةً عن تسرعكم في الزواج- وتعودين إلى بيت أبيك مطلقةً بعد شهور من زيجة لم تحصدي منها سوى المرارة كما تصفين.
وحل الانفصال مع الإجهاض يشوبه محاذير شرعية واجتماعية، والانفصال مع الإبقاء على الطفل تشوبه أيضًا مشاكل المطلقة، وأنتِ أدرى بها.
الاتجاه الآخر هو الإصلاح، وهو يقتضي أولاً تغيير نفسيتك السالبة هذه تجاه زوجك شكلاً وموضوعًا؛ لأن هذه النفسية تظهر بالتأكيد على تصرفاتك، وتؤدي إلى نفورك الظاهر أو الخفي؛ مما يبعث له بسيل من الرسائل أنه مرفوض، وغير مرغوب منكِ وهذا من شأنه أن يجعله تعيسًا يبحث عن الراحة والاحترام والتقدير مع أصدقائه، كما يجعله هذا غير مُؤهَّل للاستجابة إلى أية محاولات شكوى من جانبك؛ وبالتالي يتمادى في أخطائه وعيوبه فتحبطين أنتِ أكثر... وهكذا، وكأننا ندور في حلقة مفروغة.
إذا حزمتِ أمركِ، وقررت الانفصال بما يحمله من سلبيات؛ فليكن هذا بأسر ع ما يمكن فلا داعي للتعاسة المزدوجة التي تعيشان فيها.
أما إذا اخترتِ الإصلاح؛ فسيكون عليك أن تفكري بشكل مختلف وتسلكي طريقًا مختلفًا فيه من الصبر والحكمة ومهارة النساء وحسن التدبير ما فيه، ويمكن أن تتدخل أطراف أخرى للعون في هذا الإصلاح؛ شريطة تغير المناخ الذي خلقه نفوركِ الدائم من أحواله المرتبكة.
سبيل الإصلاح يعني أن تتجاوزي مرحلة التذمر إلى علاج نواحي القصور واحدةً تلو الأخرى بدأب وهدوء. فننظر مثلاً: لماذا هو عاطل عن العمل، وما هي البدائل لذلك؟! هل يمكنه الحصول على شهادة أعلى أو مهارات أخرى تلزم لوظيفة أفضل؟! كيف تنتقلون في أقرب فرصة إلى بيت أوسع؛ بما يمكنه معه أن يستقبل أصدقاءه بمواعيد معروفة سلفًا – نهاية الأسبوع مثلاً- في غرفة مستقلة دون أن يقيد هذا من حركتكِ في بيتكِ؟!
وأعتقد أنكِ ينبغي أن تتمسكي بعملك، وربما تفكرين في استكمال دراستكِ، ولا ينبغي أن يغيب عن ذهنكِ أن مستواه العلمي والمادي ينبغي أن يتطور جنبًا إلى جنب مع تطور مستواكِ، وإلا مهد هذا الفارق للمزيد من المشاكل. وقد تختارين أن تعطي الأمور مهلةً تلمين فيها شَعَثَ أفكارك، وشظايا مشاعرك، وتتأملين فيها، وتقلبين الأمور على كل الوجوه ثم تختارين الأنسب لكِ.
أُذكِّركِ فقط أنكِ حين تختارين الإصلاح؛ فإنه سيكون عليك التشمير عن ساعديكِ، والنزول إلى ميدان التفاعل والتدبير كزوجة تريد أن تحافظ على بيتها، مستخدمةً كل ما لديكِ من إمكانات ذهنية وعاطفية ومادية، تاركةً وراءكِ أساطير كثيرةً تعوق أداءكِ مثل: حياة أخواتكِ البنات حين تتصورين أنهن "في غاية السعادة" إذ لا تخلو أسرة من مشكلات، ومثل أنك ذات دين وجمال وشهادة ماجستير؛ فلا قيمة لهذا إلا بمقدار ما يفيدكِ في إنفاذ ما تريدينه من أهداف. وفقكِ الله للاختيار الأنسب.
واقرئي أيضا:
زواجي ينهار .. ماذا أفعل؟!