قصة لا حل لها.. ولكنها محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه!
السلام عليكم.. أنا شاب عمري 29 عاما، متعلم، مثقف، ومغترب عن وطني، تعرفت على فتاة عبر النت في موقع سياسي دون أن أخطط لذلك، كوني لم أختلط بباقي الفتيات في الموقع، إلا أنها لفتت انتباهي، وتحاورنا أمام الجميع في أكثر من موضوع وفي إحدى المناسبات (العيد السنة الماضية) أرسلت لها رسالة أهنئها وأبارك لها فيه، وأرسلت لباقي الزملاء والإخوة أيضا نفس الرسالة، لم أقصد أو أهدف إلى أن تتطور العلاقة كوني لا أرتاح لهذه الطرق ولم أفكر بها يوما، مع العلم أنني أرفض الطريقة التقليدية التي كان أهلي يريدون تزويجي بها، وهي كانت بمثابة الحلم صعب المنال، في الموقع، حوار ونقاش في عدد من المواضيع أمام الجميع وبعدها على الخاص، كانت فيه أكثر من متميزة، سألتها أن أتعرف عليها، أن أعرف عمرها ودراستها وأين تسكن، بعد أن أبديت رغبتي صدقا في الزواج منها، تفاجأت بالموضوع كون علاقتنا رسمية جدا لا تتعدى النقاش في أمور الوطن.
المهم أنها استصعبت الموضوع وشعرت بتردد كبير، فكيف تبدأ علاقة عبر النت ولو كانت على مستوى أن أعرف عنها أي معلومة ولكنني أقنعتها بأن ما بيننا سيكون تعرفا كأي خاطب يريد أن يتعرف ولو كنت في نفس بلدها لذهبت إليها ولكنني في بلد آخر ولذلك لجأت لهذه الطريقة، ووعدتها أن أحافظ على مشاعرها حفاظي على مشاعري وأكثر، طلبت مني أن تخبر أهلها حتى يكون كل شيء في النور منذ البداية، ولكنني قلت لها أن نتريث قليلا فاستخارت، وأعطتني المعلومات التي أردت، وأخبرتها عني، وبعدها طلبت مني مباشرة أن تقطع علاقتها بي، إلى أن يحين وقت الخطبة، فقلت لها يجب أن أعرفك أكثر فأنا لا أعرفك سوى من الموقع وأحتاج أن أعرف عنك وعن عائلتك أكثر، حدثتها عن نفسي وحدثتني عن نفسها ودرسنا ظروفنا معا، وأدركنا أنها لا تستطيع العيش في فلسطين إن تزوجنا وأنهيت عقد عملي في الخليج، ولكنني هونت من ذلك وقلت لها إن ذلك سيكون بعد 20 أو 30 عاما ولن نضطر لذلك الآن!
واتفقنا على أن آتي في أقرب فرصة يسمح بها مديري في العمل، وأعطاني إجازة بعد شهرين تقريبا من أول كلام لنا في الموضوع. كانت دائما مترددة وخائفة من أن نتعلق ببعض، وألا يكتب لنا النصيب معا، وبالفعل، تعلقنا ببعض كثيرا، ولكننا لم نتعمق في كلامنا وكنت حريصا عليها كما أحرص على أختي، في بعض الأحيان كنت أشعر بحاجتي إلى الكلام الجميل منها، ولكنني لم أطلب ولم أستطع أن أقول لها أحبك إلا في مرات قليلة، لم أتمالك نفسي وقلتها ولكنني عدت واعترفت بخطئي الذي ضايقها وأسعدها بنفس الوقت، كنت مدخنا، وحينما عرفت أنها تكره التدخين ولا تقبل بمدخن (من أول أسبوع) حاولت ترك التدخين، ونجحت في ذلك فترة طويلة، بعد شهر من كلامنا معا، طلبت مني أن تخبر أهلها بالموضوع كونها تشعر بنفسها تخونهم وكونهم لا يعلمون ما سبب إعراضها عن الخاطبين، كنت أنا بمثابة الشخص المتوافق معها في أمور كثيرة، إلا أنها ملتزمة أكثر مني، أنا أسمع الأغاني وهي لا تسمعها، أحضر الأفلام ولا تحضرها، ولكنني كنت أريد من يعينني على ذكر الله وتقوية نفسي وديني، وشعرت بأنني وجدت كنزا ثمينا جدا معها.
بعثت لها صورتي، ورجوتها أن تبعث صورتها، ولكنها رفضت فأقنعتها بأن الحلقة المفقودة في علاقتنا -الشكل- لا بد أن تكتمل ولو مبدئيا، وبعد فترة وجدتها قد بعثت لي صورتها ورجتني أن ألغيها بسرعة ووجدتها: جميلة، وخلوقة، ومتدينة، ومن عائلة محترمة، ومتعلمة، ومثقفة، وقوية الشخصية، بعدها أخبرت أهلي بالموضوع ولكنهم أبدوا اعتراضا ولم يؤمنوا بالطريقة التي وجدت بها نصفي الثاني الحقيقي، وقالوا لي عندما تأتي إلى البلد نتفاهم، أعرف أبي وقسوته وجبروته علينا وعلى أمي وعذاباتنا معه التي جعلتني لا أتردد في السفر بعيدا عنه، فشعرت بأنني سأعذبها معي وسيطول بنا العذاب دون أن يتحقق حلمنا، فقلت لها إنني لا أستطيع أن أكمل معها، بكت كثيرا ونعتتني بالكاذب وأنني لم أفكر بها وبردة فعل أهلها وأنني استسلمت بسهولة.
ولكنني سرعان ما عدت إلى صوابي واعتذرت لها واعترفت بخطئي وأكدت لها أنني لن أتركها مرة أخرى فصدقتني، واتصلت بأهلها لطلبها (كوني في بلد وهي في بلد آخر وأهلي في ثالث) ووافق أهلها بعد أن سألوا عني في بلدي، ولكنها حلمت حلما غريبا فسروه لها ألا خيرة في الارتباط بي، ولكنني قلت لها ألا تأخذ بالحلم ووعدتها أن أجعلها أسعد من في العالم، تتابعت الأحداث مع أهلي إلى أن وافقوا، وقالوا لي إلى أن أطلب من بيت عمي (في نفس بلد حبيبتي) أن يذهبوا عند أهلها للتعرف عليهم وبعد شهرين سيأتون هم لخطبتها عندما تتحسن ظروفهم، أخبرتها ولكنها تصرفت بعصبية وبكت ورفضت وقالت لي لا لن نؤجل وإن أهلها ضاقوا ذرعا بحججي وحجج أهلي، وقالت لي أريد على الأقل أن تتصل أمك بنا كضمان لحسن النية.
ولكن أهلي رفضوا الاتصال! فأخبرتها أن تنسى الموضوع على الرغم من أنني متألم ولكنني لا أستطيع أن أطيل في عذابها.
فالحل إذن أن أتركها كوني لم أستطع التوفيق بينها وبين أهلي، بكت كثيرا وبكيت أنا أيضا وافترقنا مجددا، غابت 5 أيام كانت مريضة جدا والجميع افتقدها في الموقع بكتاباتها وحماسها، وتعبت نفسيتي أنا أيضا، وعدت إلى التدخين دون أن أخبرها، وبعدها عدت لأرسل لها وأخبرها أنني أطلب منها أن تبقى معي وتتحمل ظروفي، فوافقت على الفور، واتفقنا مجددا مع أهلي وأهلها أن أعود إليهم في إجازتي، أذهب عند أهلي أولا ثم عند أهلها وتتم الخطبة، وقضينا الفترة على نار، بين الالتزام الذي بدأ يخف تدريجيا عندها، هي في صراع وأنا في صراع وخوف.
دعونا الله كثيرا وصلينا كثيرا، سألتني أن عدت للتدخين فأخبرتها أنني لم أدخن سوى يومين وأخفيت الحقيقة عليها، ولكنها كانت كعادتها تشعر وتحس بي دون أن أتكلم ومهما أخفيت عنها، مع أنني كنت واضحا وصريحا معها إلى أبعد الحدود.
ولم ينل أحد مكانتها طيلة 29 عاما من حياتي، وعند اقتراب موعد نزولي، تمشكلت مع مديري الذي حجز جواز سفري ومنعني منه، ولم أستطع إخبارها أنني تأخرت، فكذبت عليها، وغبت عنها أسبوع لم أعرف كيف أخبرها وهي التي آلمها تأخري وتأجيلي -غصبا عني- مرات ومرات، فكيف لا وموضوعنا على شفا حفرة والتأجيل يؤجج النار والخوف لدينا أكثر، خافت علي، واتصلت ببيت عمي تسأل عني وقالوا لها إنني لم أصل بعد عند أهلي وإنني عدت إلى التدخين، أخذت رقم بيت أهلي من زوجة عمي واتصلت بي فاعترفت لها بأنني كذبت عليها ولكنني كذبت لمصلحتها حتى لا تغضب وتضايق من جديد، بكت وقالت لي لا أريدك، ولكنني رجوتها ووعدتها أن أكون صادقا معها من جديد وأخبرتها أنني أحاول إقناع أهلي الذين تفاجأت بهم يرفضون من جديد، أمي المريضة ترجوني أن أبقى وأتزوج من البلد (حبيبتي فلسطينية أيضا ولكنها تعيش في الأردن وأنا أحمل الجنسيتين الأردنية والفلسطينية) وأبي القاسي يجبرني على عدم الزواج منها وأنه سيتبرأ مني، مع أنني أؤمن بأخلاق البنت ودينها وأنها ربما أفضل مني بكثير، وكل شيء كان يدل على ذلك، وهي قد أعطتني رقم هاتف أهلها وعنوانها كي نسأل الجميع عنها وعن عائلتها ولكن أهلي رفضوا الأمر رفضا قاطعا، فاتصلت بحبيبتي وأخبرتها أنني عاجز عن فعل أي شيء ورجوتها أن تبقى معي حتى أقنعهم وأن تصبر عليّ ولكنها رفضت وبكت وقالت أن أنسى الموضوع، فـمدة 6 شهور كافية لإقناعهم أو حل الموضوع!
أهلها يضغطون عليها وهي لا تملك شيئا تدافع به عني، بعد أن أفقدتها ثقتها بي، قلت لها إذن أنت حرة، وبكيت وتألمت كثيرا بعد فترة اتصلت بي وقالت إنها مجبرة على مقابلة خاطب لم تجد فيه شيئا يعيبه (دين، أخلاق، مال، وكل شيء)، ولكنها لا تريده وتريدني أنا، ورجتني أن أعود إليها وأترك أهلي وآتي لأخطبها وحدي، فقلت لها لا، اخطبي أنت وخذي من يفي بوعوده ويستحقك، أنت لا تستحقين من يعذبك، كنت أتكلم وأنا أبكي وهي تبكي، ولم نجد حلا، رجتني ولكنني لم أستطع أن آتي وحدي، فقالت لي إنها فرصة أخيرة، وقلت لها الله معك وقلبي يتقطع عليها وعليّ وتعذبت كثيرا بعد ذلك فأمي مرضت أكثر ولم أستطع تركها وحبيبتي تضيع من يدي.
بعدها عاودت الاتصال بي وقالت لي إنها لم تخطب لأنها لم تستطع فعل ذلك، وإنها تريد فقط أن تفهم لماذا وكيف تخليت عنها؟
لم أجبها واكتفيت بالبكاء، بكينا وانتهينا عدت إلى عملي وفقدتها في الموقع، بعثت أسأل فلم تجب، بعثت لها في يوم ميلادها ولم تجب، ثم بعثت لها وقلت لها إنني أعتذر عما بدر مني ولكنها أيضا لم تجب، ثم بعثت لي تخبرني بأنها فقدت ثقة أهلها بها، وفقدت ثقة صديقاتها أيضا، وإنها متألمة ولكنها تفهمت موقفي وتدعو لي بالخير ولأهلي بالهداية، ورجتني أن أحاول من جديد ترك التدخين ليس من أجلها ولكن من أجلي أنا، ودعتني للاستعانة بالقرآن والصلاة على ما ابتلاني الله وعلى شعوري بفقدها، رجتني أن أحافظ على نفسي وأن أتقي الله وقالت لي إنها تسامحني ولا تريد لي إلا الخير كما أرادته لي دائما، وعدتها أن أحاول أن أسير في الطريق وحدي كما أرادت ووعدتها ألا أتزوج أبدا.
وانتهينا ثم استيقظت على نفسي ذات يوم وأنا أشعر بحاجتي الشديدة لها وبظلمي لها يكاد يقتلني فأرسلت لها أعدها من جديد أنني سآتي لها وسأخطبها وإن رفضتني فقالت لي إنها لم تعد تثق بكلامي وإنها استيقظت أيضا واستوعبت أن الخيرة فيما اختاره الله وأنها لا تريد أن تتحدى إرادة القدر، حتى وإن كانت تحبني وأفنت شهورا في وعود وأحلام كاذبة! أخبرتها أنني لا أطلب منها أن ترد عليّ الآن ولكنني أريدها أن توافق عليّ عندما آتي وتتحسن ظروفي، أريدها أن تنتظرني وأن لا ترتبط، وأن تتحملني وتصدقني من جديد، قررت هي أن تعود لدينها من جديد وتعلن توبتها من حبي وعلاقتها بي، مع أن علاقتنا شريفة جدا، ولم نتحدث أبدا بما يغضب الله وكنت حريصا عليها أشد الحرص كما أخاف على أختي وأكثر.
وهي خجولة وشعرت بالحب لأول مرة معي وكان واضحا من تصرفاتها وردات فعلها، خاصة عندما أخبرتها أنني أريدها زوجة لي بعد أن عرفت ثقافتها والتزامها وخلقها من الموقع، بريئة جدا وعفوية وصادقة، بعد مد وجزر قررنا أن نفترق على أمل أن أعود إليها بعد أن تتحسن ظروفي، ولكن ظروفي للأسف تزداد سوءا، فأمي زاد مرضها وقد تحتاج للسفر إلى بلد حبيبتي للعلاج وأفكر في مرافقة أمي -إن سافرت، والأمور لم تتضح بعد- كي أعود وأفتح موضوع الخطبة مع أهلي من جديد، ولكنني أخاف على صحة أمي وأخاف أن تتحطم حبيبتي من جديد إن سافرت وعدت إلى عملي دون أن أخطبها، أنا أريد حبيبتي بقوة وبكامل إرادتي، ولا أستطيع العيش بدونها أبدا، أحلم بها أراها في كل شيء، أدعو الله أن يجمعني بها ليل نهار، لا أتخيل أنني وعدتها وأخلفت، وخنت الثقة التي منحتني إياها.
أريد أن أعيد ثقة حبيبتي بي ولكنني لا أستطيع فما جاءها مني صعب جدا ورغما عني وهي متفهمة لي لأبعد حد، ولكن ضغط أهلها كبير جدا ومتقلبة بين تصديقي، تريد دليلا أو ضمانا على عدم إخلافي الوعد مجددا، تريد تأكيدا على أنني أسعى لها من جديد بصدق ولكنني لا أملك أن أقدم لها أي شيء، إلا أنني أخبرها بأنني أحاول أن أخبر أختي أنني ما زلت أريد حبيبتي ولن أتزوج غيرها، وأطلب مساعدة أختي في إقناع أهلي، ولكن حبيبتي تتمنى تصديقي ولكنها لا تستطيع، فهي في صراع بين تصديقي وأن تعيش حياتها من جديد بعيدا عني، تقول لا يلدغ المرء من جحر مرتين، ومرة تقول لي إنها ستبقى معي للأبد إلى أن تتحسن ظروفي، ولكنها تحتاج ضمانا بذلك وبعدها ستنتظرني طول العمر.
ولكن كيف وقد أخلفت وعدي أكثر من 5 مرات؟؟ ما سيدفعها للبقاء معي وهي ببعدها تشتاق كما أشتاق، ولكن كل يوم تزداد شكوكها بي وشكها يقتلني ولكنني لو كنت مكانها لشككت أكثر ولربما لم أصدق!! ماذا أقدم لها لتعيش على أمل من جديد؟؟
حبيبتي في منزل أهلها وحدها لم يبق غيرها دون زواج، تزوجت أختاها الأكبر والأصغر وهي باقية وسط التساؤلات! وتخطب كثيرا ولكنها ترفضهم لأجلي، مع أنهم يمتلكون بعضا من مواصفات لا أملكها ولكن التوافق العجيب بين روحينا يمنعها من تركي. توافق في الشكل والاهتمامات والتفكير... نحب نكره نفس الأمور... وأريدها لمعاونتي على ديني وهي تريدني؛ لأنها وجدت في ما لم تجده في الخاطبين الكسر، ولكن نقطة التزامي كانت تؤرقها فاسكّنها بوعودي ورغبتي القاطعة بالتحسن إن شاء الله وهذا ما أحاول فعله الآن فقد تركت الدخان من جديد وأفعل الأشياء التي تحبها بصدق وإخلاص، ولكنني لا أعرف ماذا أفعل، كيف أقنع أهلي وأترك أمي المريضة بالسرطان التي رجتني ألا أتزوج من بلد آخر!
كيف أقنع أبي أنني أريد وأؤمن باختياري وأثق به؟ كيف أرجوهم لإعطائها فرصة واحدة فقط ليتعرفوا عليها ويدرسوا اختياري ثم يقررون؟ كيف تصدقني حبيبتي من جديد؟ الآن ابتعدنا عن بعض مؤقتا بناء على اقتراحها، "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب"؛ لذلك الاتصال بيننا مقتصر على الضروري كالمباركة بالشهر الفضيل أو لغاية محددة وباختصار وجمود كبير، قلت لها في آخر مرة إن العيد فرصة أخيرة ولكنني لم أفلح ولم أجرؤ على النزول عندهم، وفشلت المحاولة قلت لها فأنت حرة لن أعذبك فيما لا تطيقين، ولن أعلق على كتفيك قلة حيلتي وهواني على الناس!
ولكنها هذه المرة صمتت ولم تعلق بشيء، فلم يعد للكلام حاجة! ولكنني عدت ورجوتها من جديد والآن قلت لها إنني أنتظر ذهابهم إلى الحج (دفعت أنا لهم تكاليف الحج وضيعت خطبتي) ولكنها أرادت أن تتركني لأن الأمل قتل لديها، ماذا أفعل لها وهي تضيع بين يدي والأمل يتلاشى مع ضعفي وقسوة أهلي؟
النصح أرجوكم ودعواتكم فالوقت يمر ونحن نتألم
اعذروني على الإطالة
9/4/2022
رد المستشار
أخي الكريم..
إن من يقرأ رسالتك الطويلة الممتلئة بتفاصيل علاقتك بالفتاة وحرارة المشاعر المتبادلة بينكما والبكاء والشوق قد يخدع لأول وهلة، ويتصور أنه أمام تجربة حب حقيقية كاملة.. وهذا غير صحيح في الحقيقة..
ويبدو أنك أنت أيضا يا أخي -وكذلك حبيبتك- قد وقعتما تحت تأثير هذه الخدعة.. "حقيقة" الحب ـ الذي من آجله ـ يحارب المرء ظروفه ويقف في وجه أهله ويغير مسار حياته ـ لا تتوقف على (قوته) أو (شدته) أو ما يسبب من بكاء أو شوق أو انشغال...
وإنما تتوقف "حقيقة" الحب على مدى اكتمال أركانه. كلما اكتملت أركان الحب استطعنا أن نقول إننا أمام حب (حقيقي) يستحق أن تبذل في سبيله التضحيات، وتخاض من أجله الحروب... وأهم هذه الأركان أن يكون هناك توافق (حقيقي) بين الطرفين، وهذا ليس متحققا بينكما رغم أنكما توهمان أنفسكما بوجوده... فأنت تقول مثلا: (التوافق العجيب بين روحينا يمنعها من تركي) أي توافق تتحدث عن؟!
أنت في سن تحتاج إلى حب وتواصل مع الجنس الآخر، فظهرت لك تلك الفتاة التي تتميز بالتدين وقوة الشخصية وعمق الآراء فرأيت فيها الفتاة المثالية التي يتمناها أي رجل زوجة له، وكذلك هي ـ تلك الفتاة التي تتعطش، والتي ضيعت مستقبلها، وتتمنى لو كانت تحكمت في مشاعرها واختارت الشخص المناسب.
وأنت كذلك ستندم على اليوم الذي ارتبطت فيه بهذه الفتاة المتكبرة ـ من وجهة نظرك ـ التي ترى نفسها أفضل منك، والتي تحتقرك لأنك لا تستطيع النهوض لصلاة الفجر ولا تساعدها على قيام الليل، ولأنك ستفسد أولادك بسبب تدخين السجائر، فتبدأ في التفتيش عن عيوبها لكي تضع نفسك ـ وتضعها ـ أنها ليست ملاكا طاهرا، وأنها لا تخلو من العيوب!!
(التعارف الحقيقي) و(التوافق الحقيقي) ليسا متوافرين بينكما، وهما ركنان أساسيان لا نستطيع الاعتراف بأن الحب (حقيقي) بدونهما مهما كانت قوته وشدته وعنفه، فهذه القوة تتفتت على صخرة التكافؤ والتوافق بعد الزواج بسنوات قليلة.
أحيانا لا تكون أركان الحب مكتملة، ومع ذلك فإننا نقول للعاشقين لا مانع من المحاولة، وذلك عندما تكون باقي الظروف مواتية، ولكن عندما بمشاعر الحب تجاه الجنس الآخر، والتي لا يوجد في حياتها إلا العمل أو الدراسة أو الالتزامات أو هموم؟ ... تلك الفتاة يظهر في حياتها شاب يقدم لها تلك المشاعر التي تتعطش بها طوال حياتها.
الحقيقة هي أنه لا يوجد بينكما أي توافق من أي نوع -اللهم إلا الاتفاق حول بعض القضايا الفكرية- ولكن الرباط الذي جمعكما هو (العطس المتبادل) لمشاعر الحب.. أؤكد لك أنه لا توافق؟ هل رأيتها؟ هل جلست معها؟ هل احتككت بها في مواقف الحياة المختلفة؟ أنت تقول إنها لا تسمع الأغاني ولا تشاهد الأفلام، وإنها ترفض التدخين، هل هذه هي فقط الأشياء التي ترفضها حبيبتك؟ أم أن هناك قائمة طويلة من الأشياء التي لا تتوافقان فيها؟
أنت لن تستطيع أن تغير نفسك من أجلها، بدليل أنك عدت للتدخين مع أول أزمة، ولأن أحدا لا يستطيع تغيير نفسه لأجل أحد... هل تستطيع أن تستنتج شكل العلاقة بينكما بعد خمس سنوات من الزواج؟ عندما تذهب السكرة وتأتي الفكرة، هي ستندم أشد الندم لأنها ربطت مصيرها بشخص جذبها لأسفل ـ من وجهة نظرهاـ وستندم على حبها لك تكون كل الظروف معاكسة فإن القتال من أجل هذا الحب يعني معركة خاسرة بكل تأكيد!!
الحب غير مكتمل الأركان، والأب القاسي يرفض، والأم المريضة ترجو عدم الزواج، وأنت في بلد وهي في بلد ثانية وأهلك في بلد ثالثة.. ما هذا التعقيد؟!
وكأني أريد أن أقول: حب غير مكتمل في الأركان + ظروف غير مساعدة = فشلا مؤكدا
لذلك فإن ما اقترحته عليك هو أن تكون أكثر شجاعة، وأن توفر على نفسك وعلى الفتاة المزيد من المعاناة والانتظار.
أخي الكريم...
أعلم أن الكلام قاسٍ، ولكن أعد التفكير فيه مرة أخرى، ولا تنس الدعاء والاستخارة.
واقرأ أيضًا:
الشات: الحب في الفضاء والزواج في الأرض
حتى 2018 العرب يقعون في الحب على النت
ليس حبا إلكترونيا بل تواصل واقعي
الحب من أول كليك