السلام عليكم
أنا البنت الثانية في العائلة ولدت في جو من الصراع والمشاكل العائلية توفي والدي عندما كنت في العاشرة ،عانيت كثيرا لا أستطيع الحديث عنه أبدا منذ وفاته لم أتحدث عنه، أنا حساسة وأشعر بتأنيب الضمير رغم أنه خف مؤخرا أدرس بجد لكني أشعر أنني لا أبذل أي مجهود يذكر.
عندما يعاملني أحد بلطف أستغرب لأنني أشعر أنني لا أستحق ذلك ... أحب العزلة والوحدة وعدم الخروج أو التعرف على أناس جدد ... لا أحب التجمعات ولا تبادل الأسرار أنا كتومة جدا منذ صغري... لا أعانق أمي أبدا ولا أخبرها عن مشاكلي ... أشعر بالوحدة وأريد أن أموت أريد أن أنتحر لكن لا أملك الشجاعة لذلك ولا أرى معنى للحياة ... أسعى للنجاح فقط لأنني مجبرة على ذلك أشعر بحزن دائم لا أفهمه ... لا شيء يسعدني لكن اعتدت على كل هذا...
ما يؤلمني أكثر هو شعوري بأنني أبالغ فقط وأن هناك من يعاني من حروب وأمراض ولا يشتكون
وأنا أبالغ فقط عندما أشعر أنني لست بخير
6/5/2022
رد المستشار
صديقتي
من المفيد أن تتحدثي عن والدك إن كان هناك ما يستدعي الحديث عنه... لا فائدة من تجنب الحديث عنه لمجرد أنه توفي .. بالعكس، الحديث عنه يبقي ذكراه حية وكلنا يستحق أن تبقى ذكراه حية مهما كانت أخطاؤه أو نواقصه فلابد أن هناك ما يمكن لنا وللآخرين الاستفادة منه من ذكر من رحلوا والحديث عنهم.
يبدو لسبب ما أنك أيضا تريدين التقليل من نفسك ... لماذا تشعرين أنك لا تبذلين مجهودا يذكر في الدراسة؟ ربما لأنك ذكية وتحصلين العلم والمعلومات بسرعة ويسر ... ربما يمكنك أن تعلمي الآخرين كيف يفعلون ذلك.
تحبين العزلة ... لماذا؟ ليس هناك ما يستدعي الخوف من التعامل مع الآخرين لأنه يعطينا فرصة أفضل لفهم أنفسنا والحياة والآخرين وربما لتبادل النافع معهم ..... الوحدة لا تنتج من أن يكون الإنسان منعزلا عن الناس وإنما تنتج من انعزال الإنسان عن نفسه وعدم معاملة النفس بصداقة وحب ... نحن نشعر بالوحدة عندما نكون على علاقة سيئة بأنفسنا ... شعورك بالوحدة ينتج من أنك تصرين على أن تنظري لنفسك بمنظور دوني أو أنك مفترضة أنك لا تستحقين السعادة والتفاعل مع الحياة ... انعزالك عن الحياة وعن الناس هو من أكبر الأسباب في إحساسك بعدم وجود معنى للحياة.
الحياة هي لعبة تعليمية نمارس فيها حرية الاختيار والتفاعل مع الآخرين والظروف لكي نتعلم وننضج ونتأهل لوظيفة "خليفة الله في الأرض"... التفكر والتجربة يؤديان إلى الحكمة ... بدون تفاعل وتجارب مع الحياة يبقى الإنسان حبيسا في أفكار محدودة وسطحية ... معنى الحياة هو المعنى الذي نصنعه نحن للعبة الحياة ولك حرية الاختيار في هذا ... ولكن بدون الممارسة العميقة لأي شيء فلا سبيل إلى إدراك معنى أو جدوى أي شيء .... بدون الممارسة لا يمكن الوصول للمهارة أو مبادئها وبدون هذا ليس هناك متعة ... المتعة تكمن في ممارسة وتطوير المهارات ... وهذا يعني المحاولات المستمرة والتعامل مع التحديات أوالصعوبات وتخطيها.
لماذا تبخلين على نفسك وعلى أمك بالعناق؟؟؟ ما الخطورة في العناق؟ ما هو الشيء المخيف فيه؟ ما الذي يغضبك إلى درجة أنك ترفضين ممارسة المحبة أو الحنان مع أمك؟ ماذا يغضبك لدرجة أنك ترفضين الحياة وتقنعين نفسك أنك مرغمة عليها أو على النجاح... لست في الحقيقة مرغمة على أي شيء ... يمكنك الانتحار ولكن الانتحار هو فعل في منتهى الغباء ولا يؤدي إلى أي شيء عدا العنف نحو من سيعيشون بعدها ... اليأس من الحياة في الحقيقة ينتج عن جهل وغرور ... جهل بالدنيا وما فيها وغرور يفترض أننا نرى كل ما في الحياة وأنه ليس هناك شيء مجدي أو ذو فائدة أو جديد.
الحزن ينتج عن مواجهة أن ما نأمل فيه لن يحدث ... ما هو أملك الذي اكتشفت أنه فقد أو لن يحدث؟
ما هو دليلك على أن الحياة بلا معنى؟ إذا كان الله الذي يعرف كل شيء رأى أن لها معنى فلماذا تفترضين عدم وجود المعنى لمجرد جهلك به بسبب اختيارك للجهل الناتج عن عدم الممارسة .... كيف نحكم على ما لا نعرف ما ليس لنا به خبرة شخصية؟؟ ما هذا الغرور الذي يجعلنا نعتقد أن انطباعنا هو الحقيقة المطلقة؟؟ .. أسأل بصيغة الجمع لأن كل البشر مذنبون في هذا على الأقل من حين لآخر.
نحن ننام ثلث اليوم ... هذا معناه أن ثلث عمرك (سبع سنوات تقريبا) كان نوما ... لا شك أن هناك سبعة أخرى قضيتيها في معرفة مبادئ وأساسيات بسيطة مثل كيف نستعمل الملعقة أو المفتاح أو ما هي بعض أصول وتقاليد المجتمع ... بالتالي، فإن وعيك ومعلوماتك عن الحياة ومعناها والفوائد من الخبرات والاستنتاجات المبنية عليها منذ ولادتك حتى الآن تقدر بحوالي سبع سنوات ... أتعتقدين أن هذا يكفي لتكوين فكرة عن الحياة نحكم بها على قيمة الحياة ورغبتنا فيها؟؟
ما هي هواياتك واهتماماتك عدا الحزن أو الشفقة على نفسك؟ ماذا لوعاملت نفسك بمحبة؟ ماذا لو أقبلت على الحياة؟
لقد جربت ومارست عكس هذا ... الحزن، العزلة، افتراض اللامعنى ... ماذا لو بدأت في تجربة العكس حتى تتكامل فكرتك.
أنصحك بمراجعة معالج نفساني لمناقشة هذه الأمور ورسم خطة لحياة جديدة
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب