في الحقيقة لم يكن ببالي أن أبعث لكم بمشكلتي، ولكن بعد أن استعرضت حلولكم لمشكلات وردت للموقع أعجبت بأسلوب الحل، وأيقنت أن الذي يقوم عليه مختص وأمين؛ لذا قررت طرح مشكلتي وهي كما يلي: أنا متزوج منذ 3 سنوات من فتاة من بلدي فلسطين كانت تعمل معي، أعجبني جمالها وذكاؤها فحصل نصيب وتزوجنا بسرعة.
في بداية زواجي كنت مشغولا جدا في عملي ولم أعط كل انتباهي وتفكيري لزواجي وزوجتي، مما أثر سلبا على كلينا، ولا أخفيك أنني كنت عديم الخبرة بهذه المواضيع؛ حيث لم تكن لي أي تجربة سابقة رغم أنني درست في الخارج؛ لأنني ملتزم وكنت مع جماعة ملتزمين، وصبرت كثيرا جدا على المغريات مدخرا ذلك للزواج... منذ اليوم الأول كانت علاقتنا الجنسية غير مستقرة، وهناك تباين بيننا، خاصة من قبلها.
المهم أن ذلك أثر عليّ كثيرا وبدأت أنفر منها جنسيا رغم أني أحبها كثيرًا، وهي التي أنجبت لي قرة عيني ابني، ولم أحصل على ما صبرت عليه كثيرًا في غربتي، فكرت في المشكلة كثيرًا وقلت: ربما الأسباب هي: أولًا: المشاكل التي بيننا وتتلخص في أنها لا تلبس الحجاب، وعصبيتها الكبيرة ثانيا: أنني ملتزم وهي من بيت طيب، ولكن غير ملتزم، وليسوا أصحاب فكر إسلامي، مما عمل عندها ردة فعل، فهي كانت تظن أن زواجها يعني السفر والسهر والحفلات واللباس مثل أختها الكبرى المتزوجة من شخص عادي غير ملتزم، رغم أنني لم أشدد عليها كثيرا وأخذتها بسياسة التدرج.
المهم تصارحنا بالمشاكل وتجاوبت معي؛ حيث لبست الحجاب بعد سنتين زواج، ووعدت بأن تخفف من عصبيتها، وحاولنا من جديد وخفت المشاكل بيننا كثيرًا، ولكن علاقتنا الجنسية على حالها رغم أننا حاولنا تجاوزها، وعن نفسي حاولت جاهدا ولم نفلح، علاقتنا مع بعضنا طيبة جدا وأهلها جيدون جدًّا. وهي أيضا لديها برود وعدم مبادرة، وبدأت أسال نفسي: هل هذا هو طبيعتها أم تجاهي أنا فقط!!!
وبدأت كل الوساوس تراودني، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد بدأت أخاف على نفسي؛ حيث إنني أعمل في مؤسسة مختلطة وبدأت أُثار من قبل فتيات أقل منها جمالا بشكل كبير، وبدأت أشعر بتغير في سلوكياتي ولو قليلا، وبدأت لا أرى جمالها رغم أنها ساحرة الجمال، والكل يحسدني عليها.
في انتظار ردكم سريعًا
وشكرا لكم
26/5/2022
رد المستشار
أهلا بك على موقع مجانين للصحة النفسية يا "زياد"
من إفادتك وما حصل لك نعرف أهمية التوافق في القناعات الفكرية والدينية بين الأزواج، ومما ينبغي الحديث عنه ولا بد قبل أي خطوة جادة، لأنّ التطلعات المختلفة للزوجين اتجاه بعضهما تُنتج إحباطات متتالية يصعب التعامل معها فيما بعد وتترك ندوبا، بسبب أن التطلّع يعطينا إنسانا انتقاديا ساخطا ذو تقييم سلبيّ للشريك، ولا أحد سيشعر بالسعادة والارتياح مع شخص ينتقده في جوانب شخصيته المتعددة، من تفكير، وكلام، ولباس وسلوكات وأذواق وتصورات للحياة وكيف يجب أن نتمتع بها.
إلا أنّ الجانب المشرق يبقى في حبكما لبعض ومحاولتكما التغيير وقد حصل وتحسّنت علاقتكما بعض الشيء.
المشكل المتبقي حسب قولك هو علاقتكما الحميمية وتأثيرها عليك (وعليها بلا شك) ... أبدأ بالتنبيه على فكرة "الالتزام" وهنا يُقصد به المحافظة خصوصا، أي عدم القيام بعلاقات جنسية، إلى هنا يبقى مبدأ أخلاقيا طيبا، لكن المشكل في المحافظة وما يستتبعها من تصورات وليس في المحافظة نفسها، قلة الخبرة التي تتحدث عنها ليست نابعة فقط من تجنب عملية جنسية، بل من احتكاك مع الجنس الآخر وسماعه وفهمه وملاحظة ردود أفعاله، بكلمات أخرى صناعة تصورات واقعية عن الجنس الآخر الذي تريد أن ترتبط بواحدة منه بشدة.
هذا غائب للأسف في الأوساط المحافظة، والجهل بأمور معيّنة يأخذ شكل فضيلة وتورّع، إلا أنّ المعرفة وبناء التصورات عن المرأة شيء والارتماء في أحضانها شيء آخر. يبدو أن الأوساط الملتزمة تخلق نوعا من الانزعاج من أي مصدر يقلق شفافية الروح وينغّص عليها "حلاوة الإيمان" والنقاء الذي يرجوه الملتزم أو ترجوه الملتزمة. وها أنت اكتشفت أن الانغلاق ليس حلا لمواجهة الحياة، هذا قد حصل، لكنني دائما أجيب على أساس أنّ الكل سيقرأ الاستشارة، فإن لم يكن الكلام نافعا لك شخصيا (وأشك في ذلك) فهو نافع لآلاف القراء في الموقع.
أنت زوج محبّ وهذا واضح فيك، لكن تفتقر لمهارات التعامل مع المرأة وزوجتك خصوصا، طبيعة شخصية تبدو أنها بعيدة عن "الرومانسية" والكلام المعسول (قد أكون مخطئا) يبدو الأمر موهبة ومن سمات الشخصية، لكن يمكن بذل مجهود لاكتساب بعض المهارات، وتحتاج فعلا لمجاهدة عاداتك في التفاعل مع زوجتك، من الخطأ أن يؤدي نفور جنسي إلى نفور علائقي يزيد الهوّة بينكما، ويبدو أنّك حسّاس (وهذا مدح) فلما شعرت بالنفور تراجعت أيضا لأنك شعرت بأنك غير مرغوب ... لكن ينبغي لأحد أن يأخذ المبادرة لتكسير هذه اللعنة، أنت مثلا تراها ساحرة الجمال، امدح تفاصيلها، عبّر لها وكأنك تعرفها أول مرة، دون غرض التقرب جنسيا منها، اشكرها على ما تفعله من تعب في البيت والتربية والاهتمام بطفلك، يجب أن تغير "الأرشيف" معها من عدم التقبل والانتقاد ونظرة المتدين لغير المتدينة (والتي ستشعر ولا بد باستعلائها، فأنت القريب من الله المصيب، وهي المخطئة المُبعدة!)
أظهر بعض المرونة، بل الكثيرة منها لأنك اخترتها هكذا في الأول ولن تستطيع أن تغيرها ببساطة وينبغي أن تتحلى بالشهامة والشجاعة في تحمل هذا القرار وتقبل تبعاته، ففكرة "أتزوجها حسناء ثم أبدأ في إعادة برمجتها" أسطورة يتداولها الرجال بينهم، فالمرأة إنسان كامل ومعقد وله تاريخ وسمات شخصية ثابتة ورغبات قد تختلف تماما عن تطلعات زوجها، كما هو بالضبط بالنسبة لها، لكن نفترض أن المرأة لديها قدرة خارقة في اتباع أهواء ورغبات زوجها بسهولة .... لماذا هذه النقطة مهمة؟ لأن الجنس الذي نتحدث عنه شيء معقد بالنسبة لزوجتك أكثر منك، وهو متعلق بتفاعلكما معا، بمقدمات نفسية وعاطفية متشابكة، برودها ونفورها قد يأتي من الخلافات التي مرّت وعدم تقبّلها، الجنس عملية حيوية ورغبة عارمة قد تنطفئ بالإحباطات المتتالية بالحياة الرتيبة، بنمط الحياة الجدي أو الملتزم الذي لا تتقبله.
وهناك نقطة مهمة أخرى وهي تصورك عن العملية الجنسية نفسها، كيف تراها، ما الذي كنت تظن نفسك صابرا عنه في الغربة لتجده في زوجتك؟ هل كل فانتازماتك ستجدها في زوجتك؟ هل هي امرأة متصالحة تماما مع جنسانيّتها وتتقبل جسدها ومستعدة لتجرب كل ما يصب في متعتها ومتعتك؟ كيف تبادرها جنسيا؟ كيف تمر لحظات الحميمية بينكما؟ هل تنصت لرغباتها؟ هل تشعر بالأمان لرفض شيء ما أنت تريده؟ ...إلخ
وهنا أعود للمحافظة، انعدام التجارب الجنسية (بزواج أو غير زواج) تنتج نوع من ؟عالم المُثُل؟ بخصوص المرأة، وقد يشعر الرجل المحافظ أنّ زوجته المستقبلية يمكنها أن تفعل كل شيء يقع في باله ويشتهيه معها، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار الفجوة بين الواقع وبين ما قد يشاهده من مشاهد جنسية مبالغ فيها ولا تعكس إكراهات الجنس، كم من امرأة مثلا تحب هذا أو ذاك، كم من امرأة ترفض هذه الممارسة أو تلك، مما قد يعطي صورة أقل بريقا وإغراء مما هو منتشر.
بعد هذا لما يتزوج الرجل يُصدم كما تُصدم المرأة لاختلاف التطلعات الجنسية واختلاف التصور للعملية الجنسية نفسها ووتيرتها، وعموما المرأة تكون أقل حماسة لها، ووتيرتها أقل من الرجل، وإذا أضفنا عوامل مثل الانزعاج النفسي، الألم، الانشغال والتعب مع الأطفال والبيت ... ستزيد الفروقات.
بالنسبة للعمل وما تراه، أنت تفترض بأن الأخريات أكثر قدرة على إمتاعك وتقبلك جنسيا وأكثر "تفنّنا" لكن هذا مجرد توهم، وكما قد ظهرت لك زوجتك بجمالها وفتنتها في الأول، فلا يختلفن عنها كثيرا، كل النساء من بعيد يظهرن قادرات على الحب والرومانسية والذوبان في رغبات الرجل، لكن الحياة الواقعية شيء آخر... لذا انظر لهنّ بهذه العين، فالكل يخفي عيبا ونقصا، ولا شك أنك عندما ستحسن العلاقة الجنسية مع زوجتك، ستتلاشى تلك "الوساوس" كما سميتها، لأنها نابعة من رغبة لم تجد إشباعا.
تمنياتي لكما بالخير والسعادة ووفقك الله.
ويتبع>>>: مع الزوج عديم الخبرة .. الانطباعات الأولى تدوم م. مستشار