أشكركم جزيل الشكر على الخدمات والتوجيهات النيرة التي تقدمونها للشباب العربي خصوصا أنه في أمس الحاجة إليها.
أنا شاب أبلغ من العمر 23 سنة، طالب جامعي، في فترة من حياتي كنت من المدمنين على غرف الشات، وخلال هذه الفترة تعرفت على فتاة أقل ما يمكن أنها متخلقة وملتزمة ومن عائلة محترمة، ورقيقة جدا، ومع مرور الوقت تطورت علاقتنا فصارت حبا نتيجة الساعات الطوال التي أمضيناها في التحدث، سواء في النت أو من خلال الهاتف، إذ إننا تحدثنا وخططنا لكل شيء، خططنا للزواج، حتى اخترنا الأسماء لأطفالنا، لكن كما يقولون: تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن؛ إذ تقدم شخص لخطبتها، ونتيجة ضغط العائلة وافقت عليه، لكن بعد مرور شهور فسخت الخطوبة وأخبرتني بذلك.
المشكلة هي أني عانيت -وهي أيضا- من جراء هذه الخطوبة، سهرت الليالي الطوال وأنا أفكر في الحل فلم أجد شيئا، أدركت أني أخطأت حين قدمت لها الوعد بالزواج، ولم أقدر على الوفاء بهذا الوعد، لأني ما زلت أدرس، وتلزمني سنوات لكي أكوّن نفسي، وهذا ما قالته لي هي أيضا، وقالت لي: إنه يستحيل أن نكون معا.
المشكلة الحقيقية هي أنني حساس جدا، وأخشى عليها كثيرا، إذ أعرف أن مجرد ابتعادي عنها يعني الانهيار بالنسبة لها، وأنا أحس بالذنب، وأحس كأني السبب في معاناتها رغم أني –والله- أحببتها بصدق، وكنت صادقا في كل ما قلته لها، وكنت فعلا أحلم باليوم الذي سنكون فيه في بيت واحد وتحت سقف واحد.
أنا الآن اتخذت قرارا بالابتعاد عنها؛ لأني أدركت أن هذا لصالحها لكي تنساني وأنساها، ولكي تتمكن من أن تبدأ حياتها مع الشخص الذي سيكون من نصيبها، أنا لا أدري إن كان تصرفي هذا صائبا ولصالحها أم لا؟
أنا حائر، وأرجو منكم أن تعينوني، وأتمنى أن تكونوا فهمتم مشكلتي نظرا لركاكة تعبيري، والسلام عليكم.
أضيف: إنها لم تكن من نفس بلدتي، والتقينا مرة واحدة، ولمدة ساعة فقط.
20/06/2022
رد المستشار
أعجبتني شجاعتك وأمانتك يا أخي..
أنت (شجاع) لأنك واجهت نفسك بالحقيقة، وهي أن هذا (الحب) تلك البذرة الصغيرة عندما لا تجد أرضا لتنبت فيها، ولا ماء ليرويها، ولا هواء ليحييها، يكون القرار الصحيح عندئذ هو الانسحاب بروح رياضية وشجاعة.
وأنت (أمين) لأنك تتقي الله في الفتاة، ولا تستبيح لنفسك أن تسرق المزيد من شبابها ومشاعرها؛ ليزداد تعلقها بك ثم تفاجئها في النهاية بنفس المصير بعد أن تصل في تعلقها بك لدرجة يصعب الشفاء منها.
والآن أرجو أن تتحلى –بعد (الشجاعة) و(الأمانة)- بصفتين أخريين، وهما:
-الثبات على موقفك: فلا تضعف تحت ضغط مشاعرها أو مشاعرك.
-التعلم من أخطاء الماضي وعدم تكرارها حتى لا تؤدي لنفس النتيجة: فهناك سلسلة من الأخطاء بداية بإدمان الشات، ومرورا بإقامة علاقة مع فتاة على النت أو الهاتف مع تجاهل مصير هذه العلاقة الذي كان واضحًا من اللحظة الأولى، ثم الكذب على النفس وتقديم وعود بالزواج لا تستند إلى حقائق في الواقع.
سلسلة من الأخطاء إذا تكررت فإنها ستؤدي لنفس الخاتمة مع (ضحية) أخرى، وإن كنت في الحقيقة غير متحمسة لكلمة ضحية؛ لأني أؤمن أن الفتاة (شريكة) وليست (ضحية)؛ لأنها تعامت عن الواقع، وصدقت الخيال الذي جاء موافقا لمشاعرها واحتياجها.
-لذلك لا تنشغل كثيرًا بأنها خطبت ثم فسخت خطبتها، فهي أيضا قد أخطأت، وطبيعي أن تتحمل نتيجة خطئها.
أخي الكريم..
القصة انتهت بكل ما فيها من أخطاء وتجاوزات، وبكل ما فيها من وقفات ومراجعات مع النفس، وعندما تنتهي القصص، فتذكر الجملة الخالدة التي قالتها امرأة العزيز في نهاية قصتها بكل الصدق والتأمل: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (يوسف:53).