أمر تافه سبب لي العديد من العقد والمشاكل النفسية
السلام عليكم.. في الحقيقة لا أعرف كيف أبدأ بعرض مشكلتي لأني أعتبرها محرجة لي وقد تجدها مقززة وأسخف وأتفه من أن أعرضها عليكم، وقد يصعب عليكم فهمها لشدة سخافتها لكن ضاقت نفسي بي ذرعاً ولم أعد أستطيع احتمال المشكلة رغم تفاهتها.
أنا طالب في المرحلة الثانوية ومن طبيعتي أني خجول وحساس ولا أحب أن أكون موضع سخرية الآخرين أو شفقتهم بدأت مشكلتي قبل سنتين في فترة الامتحانات عندما كنت في الصف الأول ثانوي، كنت في المدرسة في قاعة الاختبار أختبر المادة المقررة علينا لهذا اليوم قاعة الاختبار كانت هادئة وكل طالب في القاعة مشغول بورقة اختباره وفي هذا الهدوء الذي يعمر القاعة بدأت معدتي تصدر بعض الأصوات شبيهة بالأصوات التي تصدر أثناء الجوع وفراغ المعدة لم تكن الأصوات مرتفعة كثيراً لكنها كانت مرتفعة بما يكفي ليسمعها الطلاب الذين يجلسون بالقرب مني ثم تكررت هذه الأصوات في فترات متقاربة أثناء هذا الاختبار، والذين حولي اتجهوا بأنظارهم إلي ما بين ساخر ومستهزئ ومابين مستغرب، وأنا كنت في غاية الحرج في اليوم التالي كان لدينا اختبار آخر وتكررت هذه الأصوات التي تصدر من بطني (اكتشفت أن شرب الشاي على فراغ المعدة يسبب هذه الأصوات)
ثم أحرجت مرة أخرى أصبحت مصاباً بعقدة من هذه الأصوات وأخذت تستحوذ على تفكيري أثناء فترة الاختبارات، لكني تعايشت مع هذا الأمر لأنها لم تكن تتكرر معي كثيراً رغم أنها تسبب لي إحراجا شديداً إذا تكررت وفي أحد المرات اكتشفت أن بلع الريق أو اللعاب يسبب إصدار بعض الأصوات من المعدة فأصبت بعقدة من هذا الأمر أيضا وخصوصاً أنه في بعض الأحيان تكون الأصوات التي تصدر نتيجة كثرة بلعي للعاب شبيهة بأصوات الضراط أو إخراج الريح (أكرمكم الله) ورغم أني حاولت أن أطرده من تفكيري إلا أني لم أستطع بل سيطر على كل تفكيري لأن خوفي من أن أفكر بهذا الأمر جعلني أفكر فيه طوال الوقت، حتى أني أظل أبلع لعابي لفترة طويلة وتزداد الأصوات التي تصدر من معدتي وكلما ازداد خوفي وقلقي من هذا التفكير بهذا الأمر ازداد انشغالي بالتفكير فيه.
بل حتى أني إذا كنت لوحدي لا أستطيع التوقف عن بلع اللعاب رغم أني لا أخشى من أن يسمع أحد أصوات بطني حتى أني أتقيأ في بعض المرات بسبب كثرة بلعي للعاب عرفت بين طلاب الفصل بإصدار بطني لبعض الأصوات وأصبحت موضع سخرية لكثير من الطلاب أصبحت وحيداً ومنعزلاً عن الناس والطلاب بشكل خاص بعد أن كان لدي العديد من الصداقات حتى أن بعضهم أصبح يتجنب مصادقتي لاعتقاده أني شخص مقزز بسبب تكرر خروج الأصوات من بطني
أصبحت نفسي ضعيفة وكثيرة الشك وشديد الحساسية من آراء الناس فيَّ بعد أن كنت واثقاً من نفسي انخفض مستواي الدراسي وكرهت المدرسة بعد أن كنت من المتميزين والمتفوقين دراسياً وكرهت الأماكن الهادئة التي يسمع فيها من حولي أصوات بطني حتى المسجد لم أعد أذهب إليه في بعض الفترات
ثم أصبت بالاكتئاب نعم والله أني أصبت بالاكتئاب وتواجدت فيني جميع أعراضه وكان يملأ صدري ضيق شديد وهم كبير لا ينقطع كيف أستطيع أن أوجد حلاً لأصوات تصدر من بطني؟ كيف أستطيع أن أوقف التفكير ببلع اللعاب الذي يسبب إصدار هذه الأصوات؟ بل كيف أشكو مشكلة تافهة وغريبة مثل هذه لشخص ما وأطلب منه حلها؟
كل هذه الأمور كانت سبباً لإصابتي بالاكتئاب بعد أن فقدت الأمل أصبت به في البداية لمدة ثلاثة شهور ولم أكن أظن بأن هناك علاجاً لهذا الأمر لكني تعالجت من الاكتئاب بالقرآن والصلاة والدعاء واللجوء إلى الله، لكني لم أشفَ كلياً فالاكتئاب يعاودني مابين فترة وأخرى وأنا أحاربه بالقرآن واللجوء إلى الله قد تقول: هل كل هذه الأمور سببتها أصوات تصدر من بطنك؟
أقول نعم للأسف تضخم الموضوع رغم سخافته ولم يعد يمر يوم دون أن أفكر فيه ولا أستطيع أن أمحوه من رأسي وأمنع نفسي من التفكير فيه اتصلت على أحد الاستشاريين النفسيين في أحد المرات وما إن رد على الهاتف حتى أنهيت المكالمة لأني لم أجد الشجاعة لعرض مشكلة مثل هذه حتى أني ظللت أفكر لأيام لكي أعرض هذه المشكلة عليكم وأنا متردد الآن في طرحها
لكن ما يدعوني بشدة لطرح المشكلة عليكم هو أني الآن في الصف الثالث ثانوي وفي الأسبوع المقبل سيكون هناك اختبار لقبول الطلاب في الجامعات وأعرف أن المكان سيكون هادئاً وأخشى أن يؤثر هذا الأمر علي وأصاب بالقلق والانشغال ببلع اللعاب ومنع نفسي من التفكير فيه وبالتالي لا أستطيع الإجابة بطريقة جيدة مثل ما يحصل معي الاختبارات الدراسية وعندها لن أتمكن من الدخول إلى الجامعة بالإضافة إلى أني لم أعد أحتمل أكثر لأني أصبحت معقداً وشكاكاً ولا أتواجد في مكان هادئ دون أن يطغى على تفكيري بلع اللعاب ثم تصدر بطني أصواتاً تحرجني سواء في المسجد أو في المدرسة أو في الجامعة مستقبلاً أو حتى في البيت لا أبقى مع إخواني وأهلي في مكان واحد إذا كانت بطني تصدر بعض الأصوات لدرجة يمكنهم سماعها حتى لو لم يكن المكان هادئاً
وإني في الكثير من الأحيان لا أنقطع عن التفكير بهذه الأمور الغبية اختبارات قبول الجامعة الأسبوع المقبل لذلك أرجو أن تسرعوا في الرد علي ثم يعقبها الاختبارات الدراسية التي تسبب لي التعقيد والاكتئاب أكثر من غيرها أفكر في أن أشترك في أحد الدورات لكني رفضت ذلك لأني أعرف أنه في مكان إلقاء الدورة سيكون المكان هادئاً وسيسمع من حولي أصوات بطني لا أصاب بالرهاب من الأماكن الهادئة لكني أصاب بقلق شديد وإحراج كبير إذا أصدرت بطني بعض الأصوات وكان من حولي يمكنهم سماعها
أعلم مدى تفاهة المشكلة لكني أقسم بالله أنها حقيقية وأني لست شخصاً مستهزأ أو متهكم ولم أطرح هذه المشكلة للتسلية بل أني والله العظيم أعاني وأتعذب من هذه المشكلة التافهة
وشكراً لكم على تحمل أفكاري الغريبة وقراءتها واعذروني إن بدر مني أي كلام مقزز
وشكراً لكم على ما تقدمونه للناس من مساعدات وحلول لمشاكلهم وجعله الله في ميزان حسناتكم .
24/02/2005
رد المستشار
أخي العزيز، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حين كنت تجلس في قاعة الاختبار الهادئة أصابك شعور طبيعي بالقلق فازدادت حركة المعدة والأمعاء (وهذا أيضا أمر طبيعي) وصدر عنها أصوات استقبلتها أنت بشكل كبير نظرا لليقظة الشديدة للجهاز العصبي في مثل هذه الظروف، وأحسست أن المحيطين بك سمعوها كما سمعتها فازداد قلقك وازدادت حركة أمعائك ومعدتك ودخلت في دائرة مغلقة ازداد معها انشغالك بهذا الموضوع حتى وصل إلى درجة وسواسية، ففكرة الغازات والأصوات تلح عليك طول الوقت فتقوم بمحاولة التوقف عن بلع اللعاب لتقليل الأصوات وتقاوم هذا البلع فيزداد قلقك وتزداد الحالة، وتسيطر الرغبة في البلع والمقاومة له وتتصاعد حدة القلق مع الوقت... وهكذا.
ونظرا لحساسيتك الشديدة لهذا الأمر بدأت تنسحب من المواقف التي تتخيل أنها سوف تسبب لك حرجا فانطويت على نفسك وأحسست أنك لا تستطيع أن تمارس حياتك بشكل طبيعي فاكتأبت، أي أن الأمر سار بهذا التسلسل: قلق سبب أعراضا نفسجسدية (تقلصات في البطن) نتج عنها مزيدا من القلق والذي أدى إلى مزيد من التقلصات أدت إلى سلوك تجنبي وسواسي قهري أدى إلى الاكتئاب.
والعلاج يستلزم كسر هذه الدائرة وهو يتلخص في علاج دوائي يصاحبه علاج معرفي سلوكي، والعلاج الدوائي عبارة عن مضادات قلق واكتئاب وهى نفسها مضادات للوسواس القهري، أما العلاج المعرفي فيتمثل في تصحيح بعض الأفكار حول الموضوع مثل المبالغة في تقييم أثر هذه الأصوات والاعتقاد بأن الناس يسمعونها وأنهم مهتمين بها بمثل درجة اهتمام صاحبها، وهذا في الغالب غير صحيح فالناس غالبا لا يسمعون هذه الأصوات بسهولة وحتى لو سمعوها فهم لا يعيرونها كل هذا الاهتمام لأنها تحدث لهم أيضا بدرجات متفاوتة فهي ظاهرة طبيعية في حقيقتها ولكن حدثت مبالغة في استقبالها وتقييمها نتج عنها مزيد من القلق فمزيد من التقلصات.
وتحتاج أن تعرف من خلال هذا العلاج الارتباط بين النواحي النفسية والنواحي الفسيولوجية وهو ارتباط وثيق، وبالتالي إذا أردت أن تقلل من حدوث تقلصات البطن فعليك أن تقلل من حالة القلق فلا تهتم أساسا بهذه التقلصات ولا تحاول منع نفسك من بلع ريقك، بل تحاول أن تمارس حالة من الاسترخاء حين تداهمك هذه الأفكار.
وكجزء من هذا العلاج ستكلف بمعاودة ارتياد الأماكن التي تخشاها وتكسر حاجز الخوف والرهبة شيئا فشيئا مستعينا بالله أولا ثم بتأثير العلاج الدوائي ودعم المعالج النفسي لك، ونسأل الله لك الشفاء.
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الابن العزيز أهلا وسهلا بك على مجانين، وأعتذر لك بالنيابة عن مجيبك أخي الدكتور محمد المهدي الذي شغلته أمور طارئة عن الرد على استشارتك رغم أننا أرسلناها له في نفس يوم وصولها لاستشارات مجانين، وأود فقط التأكيد على أهمية أن تلجأ بعد الله إلى أقرب طبيب نفسي ذي خبرة في العلاج المعرفي السلوكي، وذلك لأن تركك نفسك بهذا الشكل قد يؤدي إلى ورطات أكبر واقرأ ما ظهر على الصفحة من قبل تحت عنوان: رهاب الساحة أم وسواس قهري؟، ولا أقول أنك مصاب برهاب الساحة ولكن أخاف من تطور الأمور في ذلك الاتجاه إذا استمرت استجابتك التجنبية تلك، خاصة وأنني أراك تسرف في اعتبار الأمر تافها وقد قابلت حالات كحالتك في بدايتها ووفقنا الله إلى العلاج، لكن الأمور إذا تركت فإنها تصبح أعقد، ويصبح العلاج أصعب، إذن استخر ربك وصارح أحد أفراد أسرتك ولا تهملن نفسك، وتابعنا بالتطورات.